الدراما السورية بعد الحرب.. نافذة مشرعة للحرية تغلق أحيانا في الحلقات الأخيرة
من حاتم علي إلى علي وجيه ويامن الحجلي.. تجارب اهتمت بـ"الربيع السوري".
السبت 2024/10/19
دراما تعكس حكايات من الواقع السوري
الدراما لا تنفصل عن الواقع بل هي في الكثير من الأحيان انعكاس وتأريخ له أو أيضا استشراف له، كما هو حال الدراما السورية التي اهتمت بهواجس المجتمع السوري منذ ما قبل 2011 وما بعدها، وصورت لنا الرغبة في الحرية والتغيير التي تنتهي في الحلقة الأخيرة.
الفن أساسه الحرية. بغيرها لا يمكن أن ينجح أو تقوم له قائمة. هذه معادلة بسيطة، ثابتة، يقول المبدع بمقتضاها ما يريده ويرى المتلقي ما يراه. والمُشاهد بمجرد استشعار أي توجيه بسيط في عمل فني، أو رسالة محددة يتم إملاؤها والإرشاد بوضوح إليها، فإن نفسه تنفر، وعقله يُستنفر، ويبني حول ذاته أسوارا وجُدُرا، تعمل كمصدات الريح، ضد الفرض والإملاء والتوجيه، ويعزف عن مشاهدة العمل أو التأثر به إن شاهده، مهما كتبت مئات الأقلام المغموسة في مباخر التبجيل، مشيدة بالعمل الفني الكبير.
لكن تظل للواقع أحكام، فالإبداع ليس شجرة تنمو وحدها بحريتها في الجنة، والأرض ليست مدينة فاضلة، لم تكن يوما ولن تكون. هناك أحداث ووقائع وظروف، هناك سياسات تحكم، واقتصاديات تفرض، وأسواق تُفتح وتغلق، وعاملون في الفن لهم أفكار وأحلام، وأبناء يريدون الطعام.
فما العمل؟ قد يسأل المبدع نفسه، أيقول كلَّ ما يريد فلا يجد من يعرض له – أو ينشر – فنه، أم يتحايل؛ يلف ويدور، سعيا إلى بلوغ أقصى حد ممكن من هامش الحرية. قد تختلف الإجابات وتتباين، وقد يتراشق بالاتهامات أصحاب الأجوبة المختلفة، “أنتم مداهنون للسلطات.. وأنتم مزايدون أصحاب شعارات”، يبقى الَحكَم ضمير المبدع ووعي وإحساس المشاهدين.
مع إشراقة شمس الخامس عشر من مارس عام 2011، تغير وجه الحياة في سوريا، اختلف اختلافا جذريا، فما حدث يومها لم يكن أمرا عابرا أو استثنائيا، سواء اختار البعض تسميته ثورة الحرية أم المؤامرة الكبرى – فليس هذا موضوعنا هنا – فإن ما بعد هذا اليوم ليس كما قبله أبدا.
كان طبيعيا أن ينعكس ذلك على الفن، فالفن في هذا البلد الكبير كما الطعام والشراب، كما الهواء الذي يتنفسه الناس، لكن السؤال الكبير الذي كان لا بد أن يطرح نفسه هو: كيف يمكن التعبير عما جرى وفي أي وجهة، في ظل نظام حاكم، قائم، ما زال ممسكا في الداخل بكل أطراف اللعبة، وكل مفاصل الألعاب المختلفة، ولا يتوقف خطابه السياسي عن التأكيد على أنه يواجه حربا كونية ضده دون أن يحمل نفسه أي مسؤولية عما جرى، فكيف إذا يسمح بفن مستقل يناقش قصة “الأحداث” بحرية؟
يبدو السؤال منطقيا، والإجابات المحتملة بالنسبة لطبيعة الأنظمة السياسية المشابهة سلبية في مجال الحرية، لكن نجد الواقع قدم إجابات أخرى، نستعرضها هنا ونناقشها، من خلال بعض الأعمال الفنية التي أنتجتها بعد عام 2011 شركات سورية وقدمها فنانون يقيم أغلبهم داخل سوريا، لنبحث إجابة السؤال: إلى أي مدى ظلت نافذة الحرية مشرعة؟
مال القبان.. اسم أم فعل؟
◙ بعض المسلسلات السورية تحمل دلالات عميقة
سوف نتنقل هنا عبر الزمن بمسار غير منتظم لننظر بعين طائر إلى بعض المسلسلات السورية التي تحمل دلالات رأيناها مهمة في إطار عملية بحثنا، مع تأكيد وجود أعمال أخرى مهمة في ذات الإطار، لكن كلا من هذه وتلك تستلزم كتابات مطولة لا تتيحها المساحات الصحفية مهما تمتد.
ولنبدأ من الأقرب زمنيا، “مال القبان”، مسلسل سوري أذيع في شهر رمضان الماضي، بطولة الفنان الكبير بسام كوسا وسلاف فواخرجي، تأليف الثنائي علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج سيف الدين السبيعي. تدور أحداثه في سوق الخضراوات بدمشق وصراعات التجار فيه على الزعامة والاحتكار، استنادا إلى دعم ضابط كبير في جهاز أمني مهم، بينما تلعب فواخرجي دور الطبيبة رغد التي تم اعتقالها لمشاركتها في إحدى التنسيقيات خلال “الأحداث” في 2011.
اللافت هنا أن مسألة دعم الضباط في الأجهزة الأمنية لممارسات الفساد أو الأعمال الخارجة على القانون أمر متكرر يشار إليه علنا في المسلسلات السورية، بما في ذلك تسهيل عمل بيت مشبوه في حارة صغيرة يدار كصالة خفية للعب القمار، أو متجر صغير يدير شبكة للأعمال المنافية للآداب، مقابل حصول الضباط الرعاة على حصة من المكاسب بالطبع، كما يشير المسلسل.
◙ الحلقة الأخيرة في الدراما السورية لا تهم، فالمهم هو ما ترسخ على مدى الحلقات حول الظلم والقهر والفساد والدكتاتورية
ليس ذلك فحسب، إنما يناقش “مال القبان” مسار حياة الطبيبة رغد بعد خروجها من المعتقل وعجزها عن ممارسة حقوقها المدنية من حرية العمل أو السفر وتعرضها الدائم للمراقبة برغم الإفراج عنها، فضلا عن فساد القضاء من خلال شخصية أحد القضاة المرتشين الذي يترقى في العمل في مقابل القاضي الشريف، ولعب دوره الممثل خالد القيش، الذي يتعجب كل من حوله من عدم تحقيقه مكاسب مادية من خلال وظيفته بفعل الرشوة، في إشارة إلى انتشار الأمر كأنه معتاد وعادي.
لا شيء أوضح من هذا في الكشف عن استشراء الفساد، ولا شيء أكثر حرية في مسعى محاصرة ناره الممتدة، هذا ما يخرج به المشاهد خلال متابعته الحلقات الثلاثين للمسلسل، حتى أنه يتساءل حول مسمى “مال القبان”، فهل المقصود هو المال الذي يتحصل عليه التاجر الفاسد نعمان، بسام كوسا، من التلاعب في ميزان الخضراوات “القبان” أم أن كلمة “مال” هي فعل وليس اسما، ليقصد المسلسل بذلك أن يخبرنا بوضوح بأن ميزان المجتمع قد مال، ومقياس العدل اختل؟
يفاجأ المشاهد في الحلقة الأخيرة بأن ميزان الدراما أيضا قد يكون عرضة للاضطراب، إذ يقتحم ضباط مكتب الضابط الكبير المنحرف الذي رعى مظاهر الفساد بهدف القبض عليه، لكنهم يجدونه قد انتحر، ليوحي المسلسل بأن رعاية الفساد مجرد سلوك فردي، فهل يقنع ذلك المشاهد السوري؟ الأغلب أن هذا المشاهد بعد أن وجد ما يعبر عما يدور بداخله طوال 29 حلقة يقرر، بلهجة السوريين، أن “يمرِّقها”، يمررها وهو يبتسم.
على أي شيء يكون "الندم"
◙ دراما الواقع تنتصر دائما
تعود بنا عين الطائر سريعا إلى الوراء لثماني سنوات، لنصل إلى مسلسل آخر مهم، هو مسلسل “الندم”، إنتاج عام 2016، بطولة سلوم حداد وباسم ياخور ومحمود نصر ودانا مارديني وسمر سامي وأحمد الأحمد، تأليف الكاتب حسن سامي يوسف، وإخراج الليث حجو.
في المسلسل يبدو البطل، الكاتب الروائي عروة، كما اسمه عروة وثقى تربط بين زمنين، ما قبل الحرب في سوريا وما بعدها، محاولا فهم أسباب ما جرى، وتشريحه لمعالجته، إذ يتنقل السيناريو بين الزمنين، مستعيدا قصة عائلة أبوعبده الغول والد عروة، وانتقالها من عصر الرفاه والاستقرار إلى مرحلة وراثة ابنه عبدالكريم الغول، باسم ياخور، تجارته ليديرها بشكل جشع لا يلتزم بالقيم، كما يستعين بعلاقاته بأجهزة الأمن أيضا ليكون نائبا في مجلس الشعب السوري.
"الندم" ينتقد وقائع لا تمّحي من ذاكرة السوريين منها الظلم والقهر والفساد
لكن الأب لم يكن قديسا أيضا، فقد كان شديد القسوة على ابنه سهيل، أحمد الأحمد، يقهره، يضربه، يطرده من جنته، ربما لأنه كان مستقلا ولا يريد أن يكون تابعا داخل عباءة والده، حتى اضطر أخيرا إلى مغادرة البلاد والهرب. كما أن الابنة الطبيبة ندى، الممثلة رنا كرم، فقدت حب عمرها بعد القبض على خطيبها لأسباب سياسية ليختفي بعدها في غياهب السجون.
تلعب الفنانة دانا مارديني دور هناء، لتكون في حياة عروة كما اسمها، هناءً وواحة للحب والحرية، لكنها مؤقتة، إذ سرعان ما تصاب بمرض غريب يجعل جسدها يذوي شيئا فشيئا، تغيب ببطء حتى تموت، ربما كتلك الفترة الزمنية القصيرة التي شهدتها سوريا في بدايات الألفية وسميت بـ”ربيع دمشق”، عندما لوحت السلطات بإجراءات إصلاحية خلال عام 2000 بعد وراثة بشار الأسد حكم والده، كما ورث عبدالكريم الغول تجارة أبيه.
الكل ساهم في تعبيد الطريق نحو ما جرى في 2011، الكل كان مسؤولا في سوريا حتى الكاتب عروة ذاته (رمز المثقف العربي) الذي كان ينأى بنفسه عن كل شيء غارقا في كتاباته الحالمة بعيدا عما يهم الناس، ذلك ما يمكن أن يخرج به المشاهد من مجمل العمل، ما يستدعي الندم.
تأتي الحلقة الأخيرة أيضا من المسلسل، لتطرح مفهوما جديدا للندم، مغايرا لكل ما سبق، فالطبيبة الرقيقة ندى التي قاطعت شقيقها النائب عبدالكريم الغول لطمعه وتجبره، تلجأ إليه ليحل لها بنفوذه مشاكلها مع زوجها الجديد، فيفتح الأخ الأكبر ذراعيه لها، ليبيت الندى أخيرا في حضن السلطة وإن تكن فاسدة.
كررها مرة أخرى، لا تهم الحلقة الأخيرة في الدراما السورية، فالمهم هو ما ترسخ في وعي الناس على مدى تسع وعشرين حلقة، حول مسببات ودوافع ما جرى، حول الظلم والقهر والفساد والدكتاتورية.
زمن حاتم علي
◙ "العراب" لحاتم علي تأريخ درامي كامل لما جرى في سوريا قبل الحرب وما أوصلها إليها
كلما امتلك المبدع أدواته زاد رسوخه وتمكنه، وقدرته على أن يقول كل ما يريد بلغة الفن وحده، دون أن يلحق به أحد أو يُمسَك عليه شيء. ذلك هو المبدع الراحل المخرج حاتم علي، الذي قال بالفن كل ما يريد. لم تكد تمر ثلاث سنوات على الحدث السوري الكبير في 2011 حتى استعرض الفنان الكبير “قلم حمرة”، إنتاج عام 2014، بطولة سلافة معمار وعابد فهد وكاريس بشار ورامي حنا وأحمد الأحمد ودانا مارديني، قصة الكاتبة يم مشهدي، وإخراج حاتم علي.
ورد – يا لجمال الاسم – كاتبة مسلسلات حائرة فيما تكتبه، انعكاسا ربما لحيرتها الشخصية وتمزقها بين حياة باردة مع زوجها غسان والد ابنها، الممثل جلال شموط، وقصة حب خافتة تنمو على مهل مع الطبيب النفسي تيم، الفنان عابد فهد الذي يحتاج إلى من يعالجه بعد رحيل زوجته اللبنانية.
فجأة، تقع الواقعة، يتم القبض على ورد، الفنانة سلافة معمار، دون أي شبهة أو جريمة، إنما لتوقيفها عند أحد الحواجز الأمنية بعد بدء الأحداث واقتيادها إلى زنزانة لا تزيد مساحتها عن مترين، بعد أن كانت في طريقها لشراء “قلم حمرة”، برغم أنها لا تحب الزينة أو الماكياج، لكن هذا ما جرى معها، بكل عبثية.
أراد المجتمع أن يتزين بالحرية، لكن هذا ما حدث: انهارت حياة ورد، وفي زنزانتها صارت تتوزع مشاعرها بين زوجها الذي سبق أن طلبت الطلاق منه برغم حياتها التي تبدو في الظاهر مستقرة، وتيم الذي أحبته وحلمت معه بحياة حالمة في سماوات المحبة والتفهم والقبول، لكنها لا تتذكر زميلها كاتب السيناريو حازم، الفنان رامي حنا، الذي اقتحم حياتها في فترة حيرتها، وانتهى به الحال بعد الارتماء في حضن أجهزة الدولة ليصبح معارضا من الخارج يتربح بالظهور محللا في القنوات الفضائية.
وكما تم إلقاء القبض على ورد بعبثية، يتم الإفراج عنها دون سبب، وتسافر إلى لبنان بعد تدهور الأحوال، كما فعل كل الأصدقاء من مرتادي مقهى “روج” الذي تملكه صديقتها هيفاء، الفنانة كاريس بشار، ولكن يبقى السؤال الذي تكشف إجابته عن الرؤية والمسار، هل تعود ورد إلى حياتها المستقرة ظاهريا مع زوجها غسان أم تبدأ حياة جديدة مع الطبيب تيم الذي تعرض هو الآخر للاعتقال ولكن على يد جماعات إرهابية؟
لا يخذلنا حاتم علي في الحلقة الأخيرة، فيها يدور حوار حالم وواقعي في آن بين ورد التي طلقت من زوجها وحبيبها تيم، الذي يطلب أن يكون له منها ولد، فتسأله بإحباط “بها الأوضاع (في هذه الأحوال) كيف؟ وأين؟ كل شي اتغير”، ليخبرها بأنه لا شيء قد تغير وأن أغلب الناس يعرفون ما يريدونه، “بدنا حياة.. لنسعى.. بنفس المكان.. بدنا نحاول”، إنه مكان واحد فقط لا غير سوف يعودان إليه معا ويبدآن حياتهما، “بالبلد.. يا بنت البلد".
العراب.. ما أوصلنا إلى هنا
◙ روائع خالدة في مونتاج الأعمال وتصويرها
في العامين التاليين لمسلسل “قلم حمرة” أتحفنا حاتم علي برائعة جديدة من جزأين في 2015 و2016، مسلسل “العراب” الذي يعد تأريخا دراميا كاملا لما جرى في سوريا قبل الحرب، ما أوصلها إليها، في أجرأ عمل فني في هذا الإطار.
يلعب الفنان جمال سليمان بطولة الجزء الأول، قائما بشخصية "أبوعلياء" الرجل النافذ الكبير الذي يتمنى الكل مجرد مصافحته، لكن التحولات السياسية في سوريا بعد وصول الأسد الابن إلى السلطة، وظهور جيل جديد من الشباب في مواقع المسؤولية، تزعزع شيئا فشيئا نفوذه.
تضطرب الأرض تحت أقدام عائلته التي وزع أفرادها على جهات الدولة ليخدموا مصالحه ومصالحهم، لتبدو العائلة كعصابة كبيرة أقرب ما يكون لعائلة كورليوني في الفيلم الأجنبي "الأب الروحي" بطولة مارلون براندو.
◙ كلما امتلك المبدع أدواته زادت قدرته على أن يقول كل ما يريد بلغة الفن دون أن يلحق به أحد أو يُمسَك عليه شيء
وبينما تتخلص السلطة من رجلها في نهاية الجزء الأول، بالقتل، يبدأ عصر جديد في الجزء الثاني، بطولة باسل الخياط وباسم ياخور وأمل بوشوشة، والفنانة الكبيرة منى واصف، ليتولى جاد الابن الفنان البعيد عن عمل والده، النظيف من جرائم العائلة، زمام القيادة فيها، ويعاونه شقيقه الأكبر قيصر الذي كان جزءا من سياسات أبيه وذراعا له.
بعد أن كان الصراع في الجزء الأول من المسلسل يدور حول استخراج ترخيص لكازينو (ملهى للعب القمار)، بما لذلك من دلالات، يسعى جاد في الجزء الثاني إلى امتلاك شركة طيران، ليحلق في سماء العصر الجديد، ثائرا على سلوكيات شقيقه، ليحقق “ربيع العائلة” كما ربيع دمشق، لكنه شيئا فشيئا يرضخ، يضطر، يتلوث، يغض الطرف عن جرائم قيصر، ويقول له دون أن ينظر إلى عينيه “خليني بره الموضوع".
في المقابل، يفشل نورس الكاتب الحالم المغرد كما اسمه، ولعب دوره حاتم علي نفسه، في التعبير عن آرائه أو تحقيق ذاته، ويتم القبض عليه ظلما برغم أنه آوى الصبية الصغيرة التائهة لونا، ابنة “أبوعلياء”، الصامتة دوما، المصابة بما يشبه التوحد، التي لا تبتسم إلا مع نورس، فيضطر إلى الكتابة خارج البلد باسم مستعار هو “طروادة عبدالحق”، تعبيرا عن الحلم بأن تكون الكلمة هي حصان طروادة الذي يسقط قلعة الظلم ويرفع رايات الحق.
لا يخذلنا حاتم مجددا في الحلقة الأخيرة، ولا يخدعنا المسلسل بأحلام واهمة، إنما يكتشف أمر نورس/ طروادة، ويلقى القبض عليه في يوم زفافه، تفشل مهمته، ليأتي المشهد الأخير من الجزء الثاني معبرا عن بدايات ما جرى في 2011، مهما تختلف حوله التسميات والرؤى، ثورة أم مؤامرة، لكن تلك قصة ما جرى، وما أوصل الوطن إلى هنا، لتظل سوريا مثل الصبية لونا، صامتة، مراقبة، شاهدة على الكل في أسى.
محمد شعير
كاتب مصري
من حاتم علي إلى علي وجيه ويامن الحجلي.. تجارب اهتمت بـ"الربيع السوري".
السبت 2024/10/19
دراما تعكس حكايات من الواقع السوري
الدراما لا تنفصل عن الواقع بل هي في الكثير من الأحيان انعكاس وتأريخ له أو أيضا استشراف له، كما هو حال الدراما السورية التي اهتمت بهواجس المجتمع السوري منذ ما قبل 2011 وما بعدها، وصورت لنا الرغبة في الحرية والتغيير التي تنتهي في الحلقة الأخيرة.
الفن أساسه الحرية. بغيرها لا يمكن أن ينجح أو تقوم له قائمة. هذه معادلة بسيطة، ثابتة، يقول المبدع بمقتضاها ما يريده ويرى المتلقي ما يراه. والمُشاهد بمجرد استشعار أي توجيه بسيط في عمل فني، أو رسالة محددة يتم إملاؤها والإرشاد بوضوح إليها، فإن نفسه تنفر، وعقله يُستنفر، ويبني حول ذاته أسوارا وجُدُرا، تعمل كمصدات الريح، ضد الفرض والإملاء والتوجيه، ويعزف عن مشاهدة العمل أو التأثر به إن شاهده، مهما كتبت مئات الأقلام المغموسة في مباخر التبجيل، مشيدة بالعمل الفني الكبير.
لكن تظل للواقع أحكام، فالإبداع ليس شجرة تنمو وحدها بحريتها في الجنة، والأرض ليست مدينة فاضلة، لم تكن يوما ولن تكون. هناك أحداث ووقائع وظروف، هناك سياسات تحكم، واقتصاديات تفرض، وأسواق تُفتح وتغلق، وعاملون في الفن لهم أفكار وأحلام، وأبناء يريدون الطعام.
فما العمل؟ قد يسأل المبدع نفسه، أيقول كلَّ ما يريد فلا يجد من يعرض له – أو ينشر – فنه، أم يتحايل؛ يلف ويدور، سعيا إلى بلوغ أقصى حد ممكن من هامش الحرية. قد تختلف الإجابات وتتباين، وقد يتراشق بالاتهامات أصحاب الأجوبة المختلفة، “أنتم مداهنون للسلطات.. وأنتم مزايدون أصحاب شعارات”، يبقى الَحكَم ضمير المبدع ووعي وإحساس المشاهدين.
مع إشراقة شمس الخامس عشر من مارس عام 2011، تغير وجه الحياة في سوريا، اختلف اختلافا جذريا، فما حدث يومها لم يكن أمرا عابرا أو استثنائيا، سواء اختار البعض تسميته ثورة الحرية أم المؤامرة الكبرى – فليس هذا موضوعنا هنا – فإن ما بعد هذا اليوم ليس كما قبله أبدا.
كان طبيعيا أن ينعكس ذلك على الفن، فالفن في هذا البلد الكبير كما الطعام والشراب، كما الهواء الذي يتنفسه الناس، لكن السؤال الكبير الذي كان لا بد أن يطرح نفسه هو: كيف يمكن التعبير عما جرى وفي أي وجهة، في ظل نظام حاكم، قائم، ما زال ممسكا في الداخل بكل أطراف اللعبة، وكل مفاصل الألعاب المختلفة، ولا يتوقف خطابه السياسي عن التأكيد على أنه يواجه حربا كونية ضده دون أن يحمل نفسه أي مسؤولية عما جرى، فكيف إذا يسمح بفن مستقل يناقش قصة “الأحداث” بحرية؟
يبدو السؤال منطقيا، والإجابات المحتملة بالنسبة لطبيعة الأنظمة السياسية المشابهة سلبية في مجال الحرية، لكن نجد الواقع قدم إجابات أخرى، نستعرضها هنا ونناقشها، من خلال بعض الأعمال الفنية التي أنتجتها بعد عام 2011 شركات سورية وقدمها فنانون يقيم أغلبهم داخل سوريا، لنبحث إجابة السؤال: إلى أي مدى ظلت نافذة الحرية مشرعة؟
مال القبان.. اسم أم فعل؟
◙ بعض المسلسلات السورية تحمل دلالات عميقة
سوف نتنقل هنا عبر الزمن بمسار غير منتظم لننظر بعين طائر إلى بعض المسلسلات السورية التي تحمل دلالات رأيناها مهمة في إطار عملية بحثنا، مع تأكيد وجود أعمال أخرى مهمة في ذات الإطار، لكن كلا من هذه وتلك تستلزم كتابات مطولة لا تتيحها المساحات الصحفية مهما تمتد.
ولنبدأ من الأقرب زمنيا، “مال القبان”، مسلسل سوري أذيع في شهر رمضان الماضي، بطولة الفنان الكبير بسام كوسا وسلاف فواخرجي، تأليف الثنائي علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج سيف الدين السبيعي. تدور أحداثه في سوق الخضراوات بدمشق وصراعات التجار فيه على الزعامة والاحتكار، استنادا إلى دعم ضابط كبير في جهاز أمني مهم، بينما تلعب فواخرجي دور الطبيبة رغد التي تم اعتقالها لمشاركتها في إحدى التنسيقيات خلال “الأحداث” في 2011.
اللافت هنا أن مسألة دعم الضباط في الأجهزة الأمنية لممارسات الفساد أو الأعمال الخارجة على القانون أمر متكرر يشار إليه علنا في المسلسلات السورية، بما في ذلك تسهيل عمل بيت مشبوه في حارة صغيرة يدار كصالة خفية للعب القمار، أو متجر صغير يدير شبكة للأعمال المنافية للآداب، مقابل حصول الضباط الرعاة على حصة من المكاسب بالطبع، كما يشير المسلسل.
◙ الحلقة الأخيرة في الدراما السورية لا تهم، فالمهم هو ما ترسخ على مدى الحلقات حول الظلم والقهر والفساد والدكتاتورية
ليس ذلك فحسب، إنما يناقش “مال القبان” مسار حياة الطبيبة رغد بعد خروجها من المعتقل وعجزها عن ممارسة حقوقها المدنية من حرية العمل أو السفر وتعرضها الدائم للمراقبة برغم الإفراج عنها، فضلا عن فساد القضاء من خلال شخصية أحد القضاة المرتشين الذي يترقى في العمل في مقابل القاضي الشريف، ولعب دوره الممثل خالد القيش، الذي يتعجب كل من حوله من عدم تحقيقه مكاسب مادية من خلال وظيفته بفعل الرشوة، في إشارة إلى انتشار الأمر كأنه معتاد وعادي.
لا شيء أوضح من هذا في الكشف عن استشراء الفساد، ولا شيء أكثر حرية في مسعى محاصرة ناره الممتدة، هذا ما يخرج به المشاهد خلال متابعته الحلقات الثلاثين للمسلسل، حتى أنه يتساءل حول مسمى “مال القبان”، فهل المقصود هو المال الذي يتحصل عليه التاجر الفاسد نعمان، بسام كوسا، من التلاعب في ميزان الخضراوات “القبان” أم أن كلمة “مال” هي فعل وليس اسما، ليقصد المسلسل بذلك أن يخبرنا بوضوح بأن ميزان المجتمع قد مال، ومقياس العدل اختل؟
يفاجأ المشاهد في الحلقة الأخيرة بأن ميزان الدراما أيضا قد يكون عرضة للاضطراب، إذ يقتحم ضباط مكتب الضابط الكبير المنحرف الذي رعى مظاهر الفساد بهدف القبض عليه، لكنهم يجدونه قد انتحر، ليوحي المسلسل بأن رعاية الفساد مجرد سلوك فردي، فهل يقنع ذلك المشاهد السوري؟ الأغلب أن هذا المشاهد بعد أن وجد ما يعبر عما يدور بداخله طوال 29 حلقة يقرر، بلهجة السوريين، أن “يمرِّقها”، يمررها وهو يبتسم.
على أي شيء يكون "الندم"
◙ دراما الواقع تنتصر دائما
تعود بنا عين الطائر سريعا إلى الوراء لثماني سنوات، لنصل إلى مسلسل آخر مهم، هو مسلسل “الندم”، إنتاج عام 2016، بطولة سلوم حداد وباسم ياخور ومحمود نصر ودانا مارديني وسمر سامي وأحمد الأحمد، تأليف الكاتب حسن سامي يوسف، وإخراج الليث حجو.
في المسلسل يبدو البطل، الكاتب الروائي عروة، كما اسمه عروة وثقى تربط بين زمنين، ما قبل الحرب في سوريا وما بعدها، محاولا فهم أسباب ما جرى، وتشريحه لمعالجته، إذ يتنقل السيناريو بين الزمنين، مستعيدا قصة عائلة أبوعبده الغول والد عروة، وانتقالها من عصر الرفاه والاستقرار إلى مرحلة وراثة ابنه عبدالكريم الغول، باسم ياخور، تجارته ليديرها بشكل جشع لا يلتزم بالقيم، كما يستعين بعلاقاته بأجهزة الأمن أيضا ليكون نائبا في مجلس الشعب السوري.
"الندم" ينتقد وقائع لا تمّحي من ذاكرة السوريين منها الظلم والقهر والفساد
لكن الأب لم يكن قديسا أيضا، فقد كان شديد القسوة على ابنه سهيل، أحمد الأحمد، يقهره، يضربه، يطرده من جنته، ربما لأنه كان مستقلا ولا يريد أن يكون تابعا داخل عباءة والده، حتى اضطر أخيرا إلى مغادرة البلاد والهرب. كما أن الابنة الطبيبة ندى، الممثلة رنا كرم، فقدت حب عمرها بعد القبض على خطيبها لأسباب سياسية ليختفي بعدها في غياهب السجون.
تلعب الفنانة دانا مارديني دور هناء، لتكون في حياة عروة كما اسمها، هناءً وواحة للحب والحرية، لكنها مؤقتة، إذ سرعان ما تصاب بمرض غريب يجعل جسدها يذوي شيئا فشيئا، تغيب ببطء حتى تموت، ربما كتلك الفترة الزمنية القصيرة التي شهدتها سوريا في بدايات الألفية وسميت بـ”ربيع دمشق”، عندما لوحت السلطات بإجراءات إصلاحية خلال عام 2000 بعد وراثة بشار الأسد حكم والده، كما ورث عبدالكريم الغول تجارة أبيه.
الكل ساهم في تعبيد الطريق نحو ما جرى في 2011، الكل كان مسؤولا في سوريا حتى الكاتب عروة ذاته (رمز المثقف العربي) الذي كان ينأى بنفسه عن كل شيء غارقا في كتاباته الحالمة بعيدا عما يهم الناس، ذلك ما يمكن أن يخرج به المشاهد من مجمل العمل، ما يستدعي الندم.
تأتي الحلقة الأخيرة أيضا من المسلسل، لتطرح مفهوما جديدا للندم، مغايرا لكل ما سبق، فالطبيبة الرقيقة ندى التي قاطعت شقيقها النائب عبدالكريم الغول لطمعه وتجبره، تلجأ إليه ليحل لها بنفوذه مشاكلها مع زوجها الجديد، فيفتح الأخ الأكبر ذراعيه لها، ليبيت الندى أخيرا في حضن السلطة وإن تكن فاسدة.
كررها مرة أخرى، لا تهم الحلقة الأخيرة في الدراما السورية، فالمهم هو ما ترسخ في وعي الناس على مدى تسع وعشرين حلقة، حول مسببات ودوافع ما جرى، حول الظلم والقهر والفساد والدكتاتورية.
زمن حاتم علي
◙ "العراب" لحاتم علي تأريخ درامي كامل لما جرى في سوريا قبل الحرب وما أوصلها إليها
كلما امتلك المبدع أدواته زاد رسوخه وتمكنه، وقدرته على أن يقول كل ما يريد بلغة الفن وحده، دون أن يلحق به أحد أو يُمسَك عليه شيء. ذلك هو المبدع الراحل المخرج حاتم علي، الذي قال بالفن كل ما يريد. لم تكد تمر ثلاث سنوات على الحدث السوري الكبير في 2011 حتى استعرض الفنان الكبير “قلم حمرة”، إنتاج عام 2014، بطولة سلافة معمار وعابد فهد وكاريس بشار ورامي حنا وأحمد الأحمد ودانا مارديني، قصة الكاتبة يم مشهدي، وإخراج حاتم علي.
ورد – يا لجمال الاسم – كاتبة مسلسلات حائرة فيما تكتبه، انعكاسا ربما لحيرتها الشخصية وتمزقها بين حياة باردة مع زوجها غسان والد ابنها، الممثل جلال شموط، وقصة حب خافتة تنمو على مهل مع الطبيب النفسي تيم، الفنان عابد فهد الذي يحتاج إلى من يعالجه بعد رحيل زوجته اللبنانية.
فجأة، تقع الواقعة، يتم القبض على ورد، الفنانة سلافة معمار، دون أي شبهة أو جريمة، إنما لتوقيفها عند أحد الحواجز الأمنية بعد بدء الأحداث واقتيادها إلى زنزانة لا تزيد مساحتها عن مترين، بعد أن كانت في طريقها لشراء “قلم حمرة”، برغم أنها لا تحب الزينة أو الماكياج، لكن هذا ما جرى معها، بكل عبثية.
أراد المجتمع أن يتزين بالحرية، لكن هذا ما حدث: انهارت حياة ورد، وفي زنزانتها صارت تتوزع مشاعرها بين زوجها الذي سبق أن طلبت الطلاق منه برغم حياتها التي تبدو في الظاهر مستقرة، وتيم الذي أحبته وحلمت معه بحياة حالمة في سماوات المحبة والتفهم والقبول، لكنها لا تتذكر زميلها كاتب السيناريو حازم، الفنان رامي حنا، الذي اقتحم حياتها في فترة حيرتها، وانتهى به الحال بعد الارتماء في حضن أجهزة الدولة ليصبح معارضا من الخارج يتربح بالظهور محللا في القنوات الفضائية.
وكما تم إلقاء القبض على ورد بعبثية، يتم الإفراج عنها دون سبب، وتسافر إلى لبنان بعد تدهور الأحوال، كما فعل كل الأصدقاء من مرتادي مقهى “روج” الذي تملكه صديقتها هيفاء، الفنانة كاريس بشار، ولكن يبقى السؤال الذي تكشف إجابته عن الرؤية والمسار، هل تعود ورد إلى حياتها المستقرة ظاهريا مع زوجها غسان أم تبدأ حياة جديدة مع الطبيب تيم الذي تعرض هو الآخر للاعتقال ولكن على يد جماعات إرهابية؟
لا يخذلنا حاتم علي في الحلقة الأخيرة، فيها يدور حوار حالم وواقعي في آن بين ورد التي طلقت من زوجها وحبيبها تيم، الذي يطلب أن يكون له منها ولد، فتسأله بإحباط “بها الأوضاع (في هذه الأحوال) كيف؟ وأين؟ كل شي اتغير”، ليخبرها بأنه لا شيء قد تغير وأن أغلب الناس يعرفون ما يريدونه، “بدنا حياة.. لنسعى.. بنفس المكان.. بدنا نحاول”، إنه مكان واحد فقط لا غير سوف يعودان إليه معا ويبدآن حياتهما، “بالبلد.. يا بنت البلد".
العراب.. ما أوصلنا إلى هنا
◙ روائع خالدة في مونتاج الأعمال وتصويرها
في العامين التاليين لمسلسل “قلم حمرة” أتحفنا حاتم علي برائعة جديدة من جزأين في 2015 و2016، مسلسل “العراب” الذي يعد تأريخا دراميا كاملا لما جرى في سوريا قبل الحرب، ما أوصلها إليها، في أجرأ عمل فني في هذا الإطار.
يلعب الفنان جمال سليمان بطولة الجزء الأول، قائما بشخصية "أبوعلياء" الرجل النافذ الكبير الذي يتمنى الكل مجرد مصافحته، لكن التحولات السياسية في سوريا بعد وصول الأسد الابن إلى السلطة، وظهور جيل جديد من الشباب في مواقع المسؤولية، تزعزع شيئا فشيئا نفوذه.
تضطرب الأرض تحت أقدام عائلته التي وزع أفرادها على جهات الدولة ليخدموا مصالحه ومصالحهم، لتبدو العائلة كعصابة كبيرة أقرب ما يكون لعائلة كورليوني في الفيلم الأجنبي "الأب الروحي" بطولة مارلون براندو.
◙ كلما امتلك المبدع أدواته زادت قدرته على أن يقول كل ما يريد بلغة الفن دون أن يلحق به أحد أو يُمسَك عليه شيء
وبينما تتخلص السلطة من رجلها في نهاية الجزء الأول، بالقتل، يبدأ عصر جديد في الجزء الثاني، بطولة باسل الخياط وباسم ياخور وأمل بوشوشة، والفنانة الكبيرة منى واصف، ليتولى جاد الابن الفنان البعيد عن عمل والده، النظيف من جرائم العائلة، زمام القيادة فيها، ويعاونه شقيقه الأكبر قيصر الذي كان جزءا من سياسات أبيه وذراعا له.
بعد أن كان الصراع في الجزء الأول من المسلسل يدور حول استخراج ترخيص لكازينو (ملهى للعب القمار)، بما لذلك من دلالات، يسعى جاد في الجزء الثاني إلى امتلاك شركة طيران، ليحلق في سماء العصر الجديد، ثائرا على سلوكيات شقيقه، ليحقق “ربيع العائلة” كما ربيع دمشق، لكنه شيئا فشيئا يرضخ، يضطر، يتلوث، يغض الطرف عن جرائم قيصر، ويقول له دون أن ينظر إلى عينيه “خليني بره الموضوع".
في المقابل، يفشل نورس الكاتب الحالم المغرد كما اسمه، ولعب دوره حاتم علي نفسه، في التعبير عن آرائه أو تحقيق ذاته، ويتم القبض عليه ظلما برغم أنه آوى الصبية الصغيرة التائهة لونا، ابنة “أبوعلياء”، الصامتة دوما، المصابة بما يشبه التوحد، التي لا تبتسم إلا مع نورس، فيضطر إلى الكتابة خارج البلد باسم مستعار هو “طروادة عبدالحق”، تعبيرا عن الحلم بأن تكون الكلمة هي حصان طروادة الذي يسقط قلعة الظلم ويرفع رايات الحق.
لا يخذلنا حاتم مجددا في الحلقة الأخيرة، ولا يخدعنا المسلسل بأحلام واهمة، إنما يكتشف أمر نورس/ طروادة، ويلقى القبض عليه في يوم زفافه، تفشل مهمته، ليأتي المشهد الأخير من الجزء الثاني معبرا عن بدايات ما جرى في 2011، مهما تختلف حوله التسميات والرؤى، ثورة أم مؤامرة، لكن تلك قصة ما جرى، وما أوصل الوطن إلى هنا، لتظل سوريا مثل الصبية لونا، صامتة، مراقبة، شاهدة على الكل في أسى.
محمد شعير
كاتب مصري