ريشة وقلم".. مبادرة مصرية تكتشف 21 مبدعا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ريشة وقلم".. مبادرة مصرية تكتشف 21 مبدعا

    
    "ريشة وقلم".. مبادرة مصرية تكتشف 21 مبدعا


    محمد شعير
    الأربعاء 2024/10/16


    دعم المواهب الناشئة

    هناك الكثير من المواهب الشابة التي تحتاج إلى الدعم والتأطير والتوجيه، وهو ما لا يتوفر بسهولة، خاصة في غياب المتطوعين لهذه المهمة غير الربحية ولكن مردودها طويل الأمد وبالغ التأثير. وفي مصر تولد بين حين وآخر مبادرات داعمة للمواهب الشابة ومنها نذكر "ريشة وقلم".

    القاهرة - حوار قصير قاد إلى فكرة، دعت مدربة في التنمية الذاتية الحاضرين في إحدى محاضراتها إلى ضرورة أن يكتشف كل منهم موهبته الخاصة كي يحقق من خلالها ذاته، لكنها فوجئت بالبعض يرد عليها بأنهم يعرفون بالفعل مواهبهم لكنهم لا يعرفون كيفية تنميتها أو إظهارها والتعبير عنها.

    عندئذ، فكرت المدربة نبيلة حسن، استشاري التدريب بالنقابة العامة لمدربي التنمية البشرية في مصر والأخصائية النفسية، ووجدت أن عليها أن تفعل شيئا لتقديم دعم حقيقي لأصحاب المواهب من الشباب والأطفال خصوصا، فوُلدت بداخلها فكرة مبادرة “كنوز المواهب” وبدأت فعليا في تنفيذها حتى جاءت أولى ثمارها بصدور كتاب مجمع بعنوان “ريشة وقلم” يضم رسوما وكتابات 21 موهبة جديدة، أغلبهم من الشباب واليافعين، وبعضهم في سن الستين، ممن لم ينشروا من قبل، وتُسمّيهم “شباب القلم".
    أصحاب مواهب



    ◙ "ريشة وقلم" عن دار "كُتبنا" يضم إبداعات متنوعة في مجالات الشعر والقصة القصيرة والمقالات


    للمبادرة قصة إيجابية ملهمة، روتها نبيلة حسن بحماس لـ”العرب”، ففي منتصف عام 2020 بدأت تأسيس مجموعات على تطبيق واتساب يختص كل منها بمجال إبداعي محدد، كمجموعة “أدباء المستقبل” التي تضم أصحاب المواهب في مجال الكتابة، ومجموعة “دافنشي المستقبل” لأصحاب المواهب الفنية في الرسم والفنون التشكيلية.

    وقبل إنشاء مجموعة الرسم، تم تشجيع الصغار على نشر رسوماتهم على صفحة مؤسسة المبادرة على موقع فيسبوك، وبدأ الناس يشيدون بها ويشجعون أصحابها في تعليقاتهم، ما كان وسيلة ساعدت على الدعم النفسي لبعض أصحاب المشكلات الذين عبّروا عمّا بداخلهم بالرسم.

    الهدف من مجموعات الواتساب تمثل في السعي إلى تجميع أصحاب المواهب لتطوير مواهبهم وإرشادهم وتوجيه النصح لهم من خلال المتخصصين في المجالات الأدبية والفنية، وهو ما تحقق من خلال متطوعين كبار أخلصوا للفكرة وقدموا من جهدهم ووقتهم لها.

    الكاتب الصحافي المصري إيهاب الحضري أقام صالونات ثقافية التقى خلالها بالموهوبين في مجال الكتابة، واطلع على أعمالهم، ووجه إرشاداته بشأنها، مع متابعة التعديلات المقترحة عليها من خلال مجموعة “أدباء المستقبل”، كما نشر بعض القصص القصيرة لصغار الموهوبين في جريدة “أخبار الأدب”، ما مثّل دعما كبيرا ودفعة معنوية هائلة لهم.

    وانضم إلى المبادرة الأكاديمي سمير عبدالفضيل أستاذ الفنون الجميلة في إحدى جامعات ألمانيا، واهتم بدعم الموهوبين على مجموعة “دافنشي المستقبل” ومتابعة أعمالهم والعمل على تطويرها، وجيهان مصطفى درويش معلمة الرسم التي قامت بشرح بعض الفنيات الخاصة بالرسم وإدخال بعض التعديلات على الرسومات، كما انضم إلى كل المجموعات الفنية ناير محمد الكاتب والمصحح والمدقق اللغوي لتقديم الإرشادات ووضع التعديلات.

    توجت الجهود بصدور كتاب “ريشة وقلم” عن دار “كُتبنا” في مصر، على نفقة أصحاب المواهب، ويضم إبداعات متنوعة في مجالات الشعر والقصة القصيرة والمقالات بالإضافة إلى اللوحات.

    والمبدعون الجدد وعددهم واحد وعشرون من مختلف الأعمار هم إبراهيم رشدي، وعبدالله أحمد فوزي، وألين عبدالباقي محسن، وعبدالمنعم الألفي، وإياد بدر، وعبير مصطفى، وحبيبة مشهور، وغدير عبدالكريم، ودنيا شريف عباس، وغيث السيد، وريتال فوزي، وكنان السيد، وريحان خالد، ومحمد أكسم، وسلوى عبدالستار الشامي، ونبيلة ثروت، وسميرة داوود، ونور الهدى السيد، وسهيلة سيد علي، وهبة محمد كامل، ويحيى رفعت.

    ◙ الهدف من مجموعات الواتساب تمثل في السعي إلى تجميع أصحاب المواهب لتطوير مواهبهم وإرشادهم وتوجيه النصح لهم

    ضمن نصوص الكتاب، قصيدة بعنوان “إلى شاعرة” لعبدالمنعم الألفي، وفيها كتب “يا شاعرة../ يا شاعرة/ أنا عاشق الكلمات لكن../ إن تكن بين القلوب/ كما الطيور/ مهاجرة/ أنا لستُ أرغب في حروفٍ عابرة/ أنا لي فؤادٌ مغرمٌ/ عصفت به/ لغةٌ بدت متحجرة/ لا تعزفي بالحرف/ فوق جراحه/ فجراح قلبي غائرة/ إن كان ظنك أن شِعرك../ قد يخفف وطأها/ فلتمنحي اللفظ الرقيق/ لبعض أطفال الشوارع/ والباحثين عن التعاطف../ عند أبواب الجوامع../ وذوي القلوب الشاغرة/ أما أنا../ فلستُ أبحث عن مواد مخدرة/ أنا لست أبحث/ عن مواد مخدرة".

    وفي باب الشعر، كتب غيث السيد وعمره 12 عاما، تحت عنوان “بلاد الله”، قائلا “سوريا يا أم الشرف حلو فيكِ المكان/ ما أحلى فيكِ البستان يزهو مهما كان/ سوريا يا ما أحلاها/ فيها نهر بردى/ ومصر أم البلاد/ توارث عندك العلم والآثار/ فيكِ أبوالهول والأهرامات/ ونيلك جماله كالأحلام/ مصر أمّ البلاد/ نيلك كالكوثر له بستان/ ونحن لك حراس/ وسعودية حضر فيكِ الإسلام/ فيكِ الكعبة والمدينة/ والصحابة الكرام/ والنبي الذي أحبه الله/ سعودية أمّ السلام/ الكعبة لها مصباح/ فلسطين أمّ الكرم/ احتُلّت ولكن لا يزال يوجد الشرف/ يوجد المسجد الأقصى المبارك/ ومدفون تحته خاتم سيدنا سليمان/ عز الله البلاد تحت راية والسلام".

    وبينما وجدت المبادرة اهتماما من المتخصصين الداعمين للموهوبين في مجالي الكتابة والرسم، فإن مجموعات الواتساب المتخصصة في الشعر والتصوير الفوتوغرافي ما زالت تحتاج إلى متطوعين من الشعراء والمصورين لدعم الشباب أصحاب المواهب الذين يحتاجون إلى توجيه وتدريب وتعديل، وهو ما تأمل مؤسسة المبادرة نبيلة حسن أن تسهم تصريحاتها لـ”العرب” في لفت الأنظار إليه وجذب كبار الكتاب والفنانين لأن هناك مواهب تستحق.

    وفي باب القصة القصيرة ضمن كتاب “ريشة وقلم”، هناك مساهمات متنوعة من عوالم مختلفة، تثير التعجب أحيانا لدى القارئ عندما تقع عينه على سن الكاتب، ففي نص يندرج في إطار فن “القصة القصيرة جدا” كتب كنان السيد وعمره 15 عاما تحت عنوان “مجهول” ما يلي:

    "بحلول ليلة شديدة السواد، كنا مجتمعين في توتر، زملائي خائفون عليَّ، انتهت محاولاتي، لديَّ خياران أحلاهما مر، أتقدم محاولا الحفاظ على هدوء المكان، أصابعي ترتجف، جسمي يتصبّب منه العرق، يكاد الخوف يقتلني، لكني عازم على قراري، سأفتحه. فجأة رأيت امرأتي تجري نحوي، أرمقها بنظرة أسف، ثم فتحته متجاهلا صرخاتها وهي تقول: النيش لا".
    قصة قصيرة بأصوات



    ◙ "إشراقة أمل" نص آخر مدهش


    "إشراقة أمل" نص آخر مدهش، كتبته حبيبة مشهور التي تبلغ 16 عاما، وتنبع الدهشة فيه من كونه قصة قصيرة بثلاثة أصوات، ترويها ليلى وفيروز والطبيبة النفسية ياسمين، فالأولى تم طلاقها للتو بعد زواج فاشل أجبرها عليه والدها، وتحضر جلسات أسبوعية للعلاج النفسي لدى الطبيبة التي تنصحها بالعودة إلى العمل، وتقوم بتوجيهها إلى حضانة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مديرتها هي فيروز، التي تزور الطبيبة النفسية ياسمين أيضا، إذ تعاني مشكلة تأخر الإنجاب ومعايرة حماتها لها بسبب ذلك. وعند الطبيبة تلتقي ليلى بمديرتها في الحضانة فيروز، وتتغير مصائر الشخصيات.

    ومن أجواء قصة “إشراقة أمل” بأصوات الشخصيات، على لسان ليلى “نزلتُ على درجات السلم، تطأ قدماي كل درجة كأنها مفتاح لذكرى أليمة، هشمتْ قلبي وبعثرته حتى أصبحتُ لا أريد الحياة”، وعلى لسان فيروز “خرجت من عند الطبيبة قلبي مبتور، أشعر كأن هناك ضلعا لم ينمُ بداخلي بعد.. بدأت دموعي تتساقط كتساقط الندى على الأوراق ببطء”.

    حبيبة مشهور، التي تدرس في الثانوية العامة حاليا، بدأت الكتابة قبل حوالي عامين، كما قالت لـ”العرب”، وكانت تنشر أشياء بسيطة على صفحتها في موقع فيسبوك فقط، حتى عرفت بمبادرة “كنوز المواهب” من خلال الكاتب ناير محمد، فتواصلت مع مؤسستها نبيلة حسن، وانتظمت مع المجموعة حتى صدر كتاب “ريشة وقلم” المجمع والذي يعد أول نشر ورقي لها.

    ◙ في باب القصة القصيرة ضمن كتاب "ريشة وقلم"، هناك مساهمات متنوعة من عوالم مختلفة، تثير التعجب أحيانا لدى القارئ

    وبينما تعبّر حبيبة عن سعادتها بالنشر وإصرارها على مواصلة طريق الكتابة إلا أنها تكشف عن حلم آخر قد يبدو غريبا كما تقول لكنها تحبّه، هو أن تصبح مهندسة في ميكانيكا السيارات، وهي تعمل الآن على تحقيق حلمها من خلال الدراسة بجِد في الشعبة العلمية (رياضيات) في الثانوية العامة.

    وتضحك قائلة “أعرف أن البعض يستغرب ذلك لكنني أحب التحديات، وأريد التميز في هذا المجال بالإضافة إلى التميز في الكتابة، ولا أرى تعارضا بين المجالين، وهناك مهندسون وأدباء أيضا".

    وفي باب المقالات ضمن الكتاب، كتبت سلوى عبدالستار الشامي مقالا بعنوان “شيرين أبوعاقلة أيقونة الصحافة الفلسطينية”، التي استشهدت يوم 11 مايو 2022 إثر إصابتها بطلق ناري في الرأس خلال تغطيتها اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم جنين.

    وفي المقال "انطفأت شعلة الصحافة الفلسطينية، لكنها سلمت الراية لكل من يحمل همّ القضية الفلسطينية.. رحلت ملكة الكلمة وصوت الحقيقة، لكن الرصاصة لا تقتل القضية، فسيأتي من بعدها مليون شيرين ومليون شهيد للمناصرة والدفاع عن القضية الفلسطينية".

    وقالت نبيلة حسن مؤسسة مبادرة “كنوز المواهب” لـ"العرب" إن بداخلها أحلاما كثيرة لتطوير المبادرة، منها التنسيق بين الموهوبين في الكتابة والرسم لعمل فرق ثنائية مصغرة “دويتو” تجمع كاتب القصة بالفنان الذي يرسم اللوحة المصاحبة لها.

    وكشفت أنه تم الإعلان بالفعل عن مسابقة للتقدم بأعمال للنشر ضمن الكتاب الثاني للمبادرة، لكن ارتفاع تكاليف النشر الورقي التي يتحملها أصحاب المواهب تبطئ إيقاع الحركة في هذا المسار، ما يستلزم وجود ممولين أو رعاة يدعمون هذه المواهب الشابة لأنهم كنوز بالفعل، وهم أدباء وفنانو المستقبل الذين يستحقون الاهتمام منذ الآن.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    محمد شعير
    كاتب مصري
يعمل...
X