تغطيتي لمهرجان نامور السينمائي في بلجيكا في جريدة القدس العربي:
تونس تحصد الذهب في مهرجان «نامور» السينمائي 2024
أقيمت الدورة 39 لمهرجان «نامور» الدولي للسينما الفرنكوفونية «FIFF» في الفترة من 27 أيلول/سبتمبر إلى 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024 في مدينة نامور عاصمة إقليم والون البلجيكي. واشترك في هذه الدورة حوالي مئة فيلم من 88 دولة من دول العالم ذوات الثقافة الفرنكوفونية، والتي تجمع بين مناطق متنوعة مثل فرنسا ولوكسمبورغ وإقليم كيبيك في كندا والمغرب وتونس، وبوركينا فاسو، والكاميرون، والكونغو، وساحل العاج، وغينيا، ومالي، والنيجر، ورواندا، والسنغال، وكمبوديا، ولاوس، وفيتنام، وهايتي وبلجيكا. وعلى مدى قرابة أربعة عقود أصبح المهرجان حدثًا لا يمكن تفويته للسينما الناطقة بالفرنسية، حيث يرحب بجمهور متزايد باستمرار من المتفرجين ومئات المحترفين في الفن السابع، سواء في قاعات العرض السينمائي أو الاجتماعات وورش العمل.
تم إنشاء «مهرجان والون السينمائي» في عام 1986 من قبل جان لوي كلوز، وأندريه سيوتيريك، ورينيه فاوفيل، بالإضافة إلى لوك وراؤول هيميلير، في أعقاب التحدي الثقافي الذي أطلقه رؤساء مجموعة الدول الفرنكوفونية خلال قمة باريس. كان الهدف هو تقديم مجموعة مختارة من أفلام الثقافة الفرنكوفونية، وقد حمل المهرجان شعلة الثقافة السينمائة الناطقة بالفرنسية لرغبته في إظهار ذلك من ناحية، وليقول للعالم أن السينما الأنكلو أمريكية لم تكن هي النشاط السينمائي الوحيد في العالم من ناحية أخرى، وليثبت للعالم أن السينما الناطقة بالفرنسية لا توجد في فرنسا فقط.
وفي عام 1989 تم تغيير اسم المهرجان من «مهرجان والون السينمائي» ليحمل اسمه الحالي «المهرجان الدولي للسينما الفرنكوفونية». وتم الاعتراف به من الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام «FIAPF» كمهرجان تنافسي متخصص، وقد اكتسب الحق في منح جائزة Bayard d’Or الشهيرة لأفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وشهد عام 2004 التطبيقات الأولى لورش العمل «من الكتابة إلى الشاشة» و«منتدى الإنتاج الفرانكفوني»؛ وبات هناك العديد من أماكن العمل والخبرة المخصصة للمؤلفين والمنتجين الناطقين بالفرنسية. وقد حددت دراسة أجريت في ذلك العام جمهورًا يبلغ 30 ألف متفرج. وفي عام 2005 احتفل المهرجان بالذكرى العشرين لتأسيسه واغتنم الفرصة للموافقة على «إعلان نامور» الذي يهدف إلى دعم «اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي» التي تم اعتمادها يوم الخميس 20 تشرين الأول/أكتوبر 2005 في اليونسكو. إذ قام 500 شخص، بينهم كوستا جافراس وكارول لور، بالتوقيع على هذا النص في نامور.
وفي عام 2007 قرر المهرجان وضع الأفلام الوثائقية على قدم المساواة مع الأفلام الدرامية من خلال دمجها في المسابقة الرسمية. وفي عام 2008 أفتتح المهرجان برامجه للأفلام القصيرة، وهي أرض خصبة تخرج منها بانتظام أجيال جديدة من صانعي الأفلام، الذين غالبًا ما يجربون أولى أعمالهم في هذا القطاع السينمائي المهم. وقد وجدوا موضع منافستهم الخاصة في المهرجان منذ عام 2009. وفي عام 2009 ترك دومينيك جمار منصبه، ثم عادت إدارة المهرجان إلى نيكول جيليه، المديرة الفنية السابقة للمهرجان.
لجنة تحكيم من الشباب
تجربة فريدة قدمها مهرجان «نامور» في دورته الاخيرة لهذا العام عبر الاختيار الأولي للجنة تحكيم المبتدئين لعام 2024. وهي تجربة تقدم الفرصة لسبعة من هواة السينما الصغار في المدارس الثانوية ليكونوا لجنة تحكيم في المهرجان تضم الشباب في أعمار 13 عاما. وبدعم وإشراف من فريق المهرجان، عاش أعضاء لجنة التحكيم الصغار أسبوعًا مكثفًا اتيحت لهم خلاله فرصة مشاهدة مجموعة مختارة من الأفلام الناطقة بالفرنسية، ومقابلة الممثلين ومحترفي السينما، كما تعلموا تبادل الآراء حول الأفلام المشاركة. وفي نهاية المهرجان منحت الجائزة من قبل لجنة تحكيم مكونة من 7 شباب بلجيكيين (أعمارهم بين12/13 سنة)خلال حفل الختام، حيث حصل فيلم «اولي» للمخرج أنطوان بيس على جائزة لجنة تحكيم الشباب.
تونس تحصد الذهب
المشاركات العربية في الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان «نامور» لهذا العام تمثلت بفيلمين من تونس وفيلمين من المغرب، وقد تركزت ثيمات الأفلام العربية حول الهم السياسي وتداعيات تحديات الإرهاب التي تعيشها مجتمعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفاز الفيلم التونسي «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور بجائزة أفضل تصوير، كما حاز على الجائزة الذهبية في المهرجان.
«الذراري الحمر» فيلم إنتاج تونسي فرنسي بلجيكي، تقوم قصته على سرد وقائع حادثة حقيقية جرت في قرية نائية في المنطقة الجبلية في تونس عام 2015 حولها لطفي عاشور إلى فيلم روائي يستذكرمهاجمة إرهابيين لإثنين من الرعاة وقطعهم لرأس أحدهم في منطقة جبل المغيلة شمال غرب البلاد.
يروي الفيلم قصة مأساوية حدثت للراعي أشرف البالغ من العمر 13 سنة والذي وجد نفسه مجبرا على إيصال رسالة الإرهابيين لعائلة إبن عمه نزار، وكشفت القصة هشاشة تعاطي السلطات التونسية الرسمية مع الحدث حيث أعاد لطفي عاشور للأذهان مرحلة سوداء من تاريخ تونس التي تخللتها الاغتيالات والعمليات الإرهابية وما زالت تحمل أسئلة كثيرة تنتظر جوابا بالرغم من مرور قرابة العشر سنوات، إلا أن المخرج نفسه لم يقدم أية إجابة في فيلمه عمن كان وراء هذه العملية أو عن مصير منفذيها، واكتفى في قصته بتصوير الساعات التي سبقت وتلت قطع رأس الراعي نزار.
أما الفيلم الثاني فكان للمخرجة التونسية مريم جعبر «ماء العين» الذي حصل على جائزة أفضل فيلم أول. الفيلم يمثل عودة مريم جعبر إلى مهرجان «نامور» حيث قدمت فيلمها القصير «أخوة» في المهرجان عام 2019. وقامت المخرجة التونسية المقيمة في مونتريال، مريم جعبر، بإخراج عدة أفلام قصيرة وتم ترشيح فيلمها القصير «الأخوة» (2018) لجائزة الأوسكار، وتم عرضه في أكثر من 150 مهرجانًا. وقد استوحت جعبر فيلمها الجديد من هذا الفيلم القصير. و«ماء العين» هو فيلمها الطويل الأول. وتم اختيار الفيلم في المنافسة الرسمية في مهرجان برلين السينمائي لهذا العام، كما عُرض في مهرجان إسطنبول السينمائي ومهرجان روتردام للسينما العربية، وفاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان هونغ كونغ السينمائي والجائزة الكبرى في مهرجان هونغ كونغ السينمائي.
تتذكر مريم جعبر قائلة: «اكتشفت في قرى تونس النائية، وخاصة بعد الثورة التونسية، إن عددًا كبيرًا من الرجال رحلوا إلى سوريا للانضمام إلى داعش. لقد فاجأتني هذه المعلومة، لأنه كان من الصعب أن أتخيل أن الرجال من هذه البيئة الريفية سيختارون المشاركة في حرب بعيدة عن وطنهم. بدأت أفكر في عائلات الشباب الذين يغادرون، والحسرة والعار والارتباك الهائل الذي يشعر به الآباء عندما يقوم أبناؤهم بمثل هذه التصرفات المتطرفة والعنيفة. في ذلك الوقت، كان الموضوع من المحرمات، إذ كنا نعرف الكثير عن ضحايا داعش، ولكننا لا نعرف إلا القليل عن عائلات الرجال الذين تورطوا بالانضمام للإرهابيين. بدافع من هذه الأفكار، كتبت سيناريو فيلم قصير يستكشف هذا المنظور ثم تطور الأمر لاحقا إلى فيلم ماء العين».
يحكي الفيلم قصة عائشة، الأم التونسية البسيطة التي تحلم بفعل الخير في كل تفصيلة من تفاصيل حياتها، تعيش في مزرعة ريفية مع زوجها إبراهيم وثلاثة أبناء. تنقلب حياة عائشة وإبراهيم رأسًا على عقب تمامًا بعد رحيل ابنيهما الأكبر، مهدي والأوسط أمين إلى أحضان الحرب العنيفة. بعد أن عاشا حياتهما من أجل أطفالهما فقط، تجد عائشة وإبراهيم نفسيهما في مهب الريح وهما يحاولان فهم واقعهم الجديد المؤلم.
بعد بضعة أشهر، يعود الابن الأكبر مهدي إلى المنزل مع مريم زوجته الحامل. النقاب وصمت ريم يزعج إبراهيم بشدة. عائشة، من جانبها، ترحب بمهدي وريم في المنزل وتقسم على حمايتهما بأي ثمن. عودة مهدي تثير أحداثًا غريبة في القرية. وقد بقيت عائشة مشغولة للغاية بحماية ابنها لدرجة أنها بالكاد تلاحظ الخوف المتزايد داخل مجتمع القرية، حيث يجب على عائشة أن تواجه حدود حبها الأمومي من أجل وضع حد للظلم المتزايد في مجتمع قريتها. الفيلم إنتاج دولي مشترك بين عدة شركات وجهات مانحة وقد اشترك في تمثيله صالحة النصراوي، محمد حسين جرايعة، ومالك شرقي، وآدم بيسا، وديا ليان، وراين شرقي، وشاكر شرقي.
أما الفيلم المغربي «أرض الله» للمخرج عماد بنعمر فقد حاز على جائزة أفضل فيلم قصير في الدورة الحالية لمهرجان «نامور». الفيلم يحكي قصة كل من حسن، الموظف الحكومي، ومليكة، الشرطية تحت التدريب، اللذان يتعين عليهما توصيل توابيت لعائلتين. تتعقد الأحداث عندما يدرك حسن أنه أخطأ في توزيع الجثث، فيصاب بالذعر ويخفي الخطأ، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تحول دراماتيكي في مهمتهم.
وتنافس الفيلم المغربي الطويل «أبي لم يمت» للمخرج عادل الفاضلي على جائزة اغنس للأعمال الأولى للمخرجين الشباب، لكنه لم يفز بها مع الأسف. الفيلم يتناول بطريقة فنتازية سنوات عقد السبعينات من القرن الماضي وما شهده من محنة سياسية شهدت الكثير من الاعتقالات والعنف السياسي في المغرب إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني.
.
.
#صادق_الطائي
تونس تحصد الذهب في مهرجان «نامور» السينمائي 2024
أقيمت الدورة 39 لمهرجان «نامور» الدولي للسينما الفرنكوفونية «FIFF» في الفترة من 27 أيلول/سبتمبر إلى 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024 في مدينة نامور عاصمة إقليم والون البلجيكي. واشترك في هذه الدورة حوالي مئة فيلم من 88 دولة من دول العالم ذوات الثقافة الفرنكوفونية، والتي تجمع بين مناطق متنوعة مثل فرنسا ولوكسمبورغ وإقليم كيبيك في كندا والمغرب وتونس، وبوركينا فاسو، والكاميرون، والكونغو، وساحل العاج، وغينيا، ومالي، والنيجر، ورواندا، والسنغال، وكمبوديا، ولاوس، وفيتنام، وهايتي وبلجيكا. وعلى مدى قرابة أربعة عقود أصبح المهرجان حدثًا لا يمكن تفويته للسينما الناطقة بالفرنسية، حيث يرحب بجمهور متزايد باستمرار من المتفرجين ومئات المحترفين في الفن السابع، سواء في قاعات العرض السينمائي أو الاجتماعات وورش العمل.
تم إنشاء «مهرجان والون السينمائي» في عام 1986 من قبل جان لوي كلوز، وأندريه سيوتيريك، ورينيه فاوفيل، بالإضافة إلى لوك وراؤول هيميلير، في أعقاب التحدي الثقافي الذي أطلقه رؤساء مجموعة الدول الفرنكوفونية خلال قمة باريس. كان الهدف هو تقديم مجموعة مختارة من أفلام الثقافة الفرنكوفونية، وقد حمل المهرجان شعلة الثقافة السينمائة الناطقة بالفرنسية لرغبته في إظهار ذلك من ناحية، وليقول للعالم أن السينما الأنكلو أمريكية لم تكن هي النشاط السينمائي الوحيد في العالم من ناحية أخرى، وليثبت للعالم أن السينما الناطقة بالفرنسية لا توجد في فرنسا فقط.
وفي عام 1989 تم تغيير اسم المهرجان من «مهرجان والون السينمائي» ليحمل اسمه الحالي «المهرجان الدولي للسينما الفرنكوفونية». وتم الاعتراف به من الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام «FIAPF» كمهرجان تنافسي متخصص، وقد اكتسب الحق في منح جائزة Bayard d’Or الشهيرة لأفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وشهد عام 2004 التطبيقات الأولى لورش العمل «من الكتابة إلى الشاشة» و«منتدى الإنتاج الفرانكفوني»؛ وبات هناك العديد من أماكن العمل والخبرة المخصصة للمؤلفين والمنتجين الناطقين بالفرنسية. وقد حددت دراسة أجريت في ذلك العام جمهورًا يبلغ 30 ألف متفرج. وفي عام 2005 احتفل المهرجان بالذكرى العشرين لتأسيسه واغتنم الفرصة للموافقة على «إعلان نامور» الذي يهدف إلى دعم «اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي» التي تم اعتمادها يوم الخميس 20 تشرين الأول/أكتوبر 2005 في اليونسكو. إذ قام 500 شخص، بينهم كوستا جافراس وكارول لور، بالتوقيع على هذا النص في نامور.
وفي عام 2007 قرر المهرجان وضع الأفلام الوثائقية على قدم المساواة مع الأفلام الدرامية من خلال دمجها في المسابقة الرسمية. وفي عام 2008 أفتتح المهرجان برامجه للأفلام القصيرة، وهي أرض خصبة تخرج منها بانتظام أجيال جديدة من صانعي الأفلام، الذين غالبًا ما يجربون أولى أعمالهم في هذا القطاع السينمائي المهم. وقد وجدوا موضع منافستهم الخاصة في المهرجان منذ عام 2009. وفي عام 2009 ترك دومينيك جمار منصبه، ثم عادت إدارة المهرجان إلى نيكول جيليه، المديرة الفنية السابقة للمهرجان.
لجنة تحكيم من الشباب
تجربة فريدة قدمها مهرجان «نامور» في دورته الاخيرة لهذا العام عبر الاختيار الأولي للجنة تحكيم المبتدئين لعام 2024. وهي تجربة تقدم الفرصة لسبعة من هواة السينما الصغار في المدارس الثانوية ليكونوا لجنة تحكيم في المهرجان تضم الشباب في أعمار 13 عاما. وبدعم وإشراف من فريق المهرجان، عاش أعضاء لجنة التحكيم الصغار أسبوعًا مكثفًا اتيحت لهم خلاله فرصة مشاهدة مجموعة مختارة من الأفلام الناطقة بالفرنسية، ومقابلة الممثلين ومحترفي السينما، كما تعلموا تبادل الآراء حول الأفلام المشاركة. وفي نهاية المهرجان منحت الجائزة من قبل لجنة تحكيم مكونة من 7 شباب بلجيكيين (أعمارهم بين12/13 سنة)خلال حفل الختام، حيث حصل فيلم «اولي» للمخرج أنطوان بيس على جائزة لجنة تحكيم الشباب.
تونس تحصد الذهب
المشاركات العربية في الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان «نامور» لهذا العام تمثلت بفيلمين من تونس وفيلمين من المغرب، وقد تركزت ثيمات الأفلام العربية حول الهم السياسي وتداعيات تحديات الإرهاب التي تعيشها مجتمعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفاز الفيلم التونسي «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور بجائزة أفضل تصوير، كما حاز على الجائزة الذهبية في المهرجان.
«الذراري الحمر» فيلم إنتاج تونسي فرنسي بلجيكي، تقوم قصته على سرد وقائع حادثة حقيقية جرت في قرية نائية في المنطقة الجبلية في تونس عام 2015 حولها لطفي عاشور إلى فيلم روائي يستذكرمهاجمة إرهابيين لإثنين من الرعاة وقطعهم لرأس أحدهم في منطقة جبل المغيلة شمال غرب البلاد.
يروي الفيلم قصة مأساوية حدثت للراعي أشرف البالغ من العمر 13 سنة والذي وجد نفسه مجبرا على إيصال رسالة الإرهابيين لعائلة إبن عمه نزار، وكشفت القصة هشاشة تعاطي السلطات التونسية الرسمية مع الحدث حيث أعاد لطفي عاشور للأذهان مرحلة سوداء من تاريخ تونس التي تخللتها الاغتيالات والعمليات الإرهابية وما زالت تحمل أسئلة كثيرة تنتظر جوابا بالرغم من مرور قرابة العشر سنوات، إلا أن المخرج نفسه لم يقدم أية إجابة في فيلمه عمن كان وراء هذه العملية أو عن مصير منفذيها، واكتفى في قصته بتصوير الساعات التي سبقت وتلت قطع رأس الراعي نزار.
أما الفيلم الثاني فكان للمخرجة التونسية مريم جعبر «ماء العين» الذي حصل على جائزة أفضل فيلم أول. الفيلم يمثل عودة مريم جعبر إلى مهرجان «نامور» حيث قدمت فيلمها القصير «أخوة» في المهرجان عام 2019. وقامت المخرجة التونسية المقيمة في مونتريال، مريم جعبر، بإخراج عدة أفلام قصيرة وتم ترشيح فيلمها القصير «الأخوة» (2018) لجائزة الأوسكار، وتم عرضه في أكثر من 150 مهرجانًا. وقد استوحت جعبر فيلمها الجديد من هذا الفيلم القصير. و«ماء العين» هو فيلمها الطويل الأول. وتم اختيار الفيلم في المنافسة الرسمية في مهرجان برلين السينمائي لهذا العام، كما عُرض في مهرجان إسطنبول السينمائي ومهرجان روتردام للسينما العربية، وفاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان هونغ كونغ السينمائي والجائزة الكبرى في مهرجان هونغ كونغ السينمائي.
تتذكر مريم جعبر قائلة: «اكتشفت في قرى تونس النائية، وخاصة بعد الثورة التونسية، إن عددًا كبيرًا من الرجال رحلوا إلى سوريا للانضمام إلى داعش. لقد فاجأتني هذه المعلومة، لأنه كان من الصعب أن أتخيل أن الرجال من هذه البيئة الريفية سيختارون المشاركة في حرب بعيدة عن وطنهم. بدأت أفكر في عائلات الشباب الذين يغادرون، والحسرة والعار والارتباك الهائل الذي يشعر به الآباء عندما يقوم أبناؤهم بمثل هذه التصرفات المتطرفة والعنيفة. في ذلك الوقت، كان الموضوع من المحرمات، إذ كنا نعرف الكثير عن ضحايا داعش، ولكننا لا نعرف إلا القليل عن عائلات الرجال الذين تورطوا بالانضمام للإرهابيين. بدافع من هذه الأفكار، كتبت سيناريو فيلم قصير يستكشف هذا المنظور ثم تطور الأمر لاحقا إلى فيلم ماء العين».
يحكي الفيلم قصة عائشة، الأم التونسية البسيطة التي تحلم بفعل الخير في كل تفصيلة من تفاصيل حياتها، تعيش في مزرعة ريفية مع زوجها إبراهيم وثلاثة أبناء. تنقلب حياة عائشة وإبراهيم رأسًا على عقب تمامًا بعد رحيل ابنيهما الأكبر، مهدي والأوسط أمين إلى أحضان الحرب العنيفة. بعد أن عاشا حياتهما من أجل أطفالهما فقط، تجد عائشة وإبراهيم نفسيهما في مهب الريح وهما يحاولان فهم واقعهم الجديد المؤلم.
بعد بضعة أشهر، يعود الابن الأكبر مهدي إلى المنزل مع مريم زوجته الحامل. النقاب وصمت ريم يزعج إبراهيم بشدة. عائشة، من جانبها، ترحب بمهدي وريم في المنزل وتقسم على حمايتهما بأي ثمن. عودة مهدي تثير أحداثًا غريبة في القرية. وقد بقيت عائشة مشغولة للغاية بحماية ابنها لدرجة أنها بالكاد تلاحظ الخوف المتزايد داخل مجتمع القرية، حيث يجب على عائشة أن تواجه حدود حبها الأمومي من أجل وضع حد للظلم المتزايد في مجتمع قريتها. الفيلم إنتاج دولي مشترك بين عدة شركات وجهات مانحة وقد اشترك في تمثيله صالحة النصراوي، محمد حسين جرايعة، ومالك شرقي، وآدم بيسا، وديا ليان، وراين شرقي، وشاكر شرقي.
أما الفيلم المغربي «أرض الله» للمخرج عماد بنعمر فقد حاز على جائزة أفضل فيلم قصير في الدورة الحالية لمهرجان «نامور». الفيلم يحكي قصة كل من حسن، الموظف الحكومي، ومليكة، الشرطية تحت التدريب، اللذان يتعين عليهما توصيل توابيت لعائلتين. تتعقد الأحداث عندما يدرك حسن أنه أخطأ في توزيع الجثث، فيصاب بالذعر ويخفي الخطأ، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تحول دراماتيكي في مهمتهم.
وتنافس الفيلم المغربي الطويل «أبي لم يمت» للمخرج عادل الفاضلي على جائزة اغنس للأعمال الأولى للمخرجين الشباب، لكنه لم يفز بها مع الأسف. الفيلم يتناول بطريقة فنتازية سنوات عقد السبعينات من القرن الماضي وما شهده من محنة سياسية شهدت الكثير من الاعتقالات والعنف السياسي في المغرب إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني.
.
.
#صادق_الطائي