مُختار الصّحَاح Selected Correct
مختصر في علم اللغة
تأليف محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي
خطبة المؤلف
بسم الله ارحمن الرحيم
الحمد لله بجميع المحامد على جميع النعم. والصلاة والسلام على خير خلقه محمد المبعوث إلى خير الأمم ، وعلى آله وصحبه مفاتيح الحكم ومصابيح الظلم . قال العبد المفتقر إلى رحمة ربه ومغفرته محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي رحمه الله تعالى : هذا مختصر في علم اللغة جمعته من كتاب الصحاح للإمام العالم العلامة أبي نصر إسمعيل ابن حماد الجوهري رحمه الله تعالى ، لما رأيته أحسن أصول اللغة ترتيبا وأوفرها تهذيبا وأسهلها تناولا وأكثرها تداولا وسميته ( مختار الصحاح) وأقتصرتُ فيه على ما لا بد لكلِّ عالم فقيه ، أو حافظ ، أو محدث ، أو أديب من معرفته وحفظه : لكثرة استعماله وجريانه على الألسن مما هو الأهم فالأهم خصوصًا ألفاظ القرآن العزيز والأحاديث النبوية ، واجتنبت فيه عويص اللغة وغريبها طلبا للاختصار وتسهيلا للحفظ . وضممت إليه فوائد كثيرة من تهذيب الأزهري وغيره من أصول اللغة الموثوق بها ومما فتح الله تعالى به علي فكل موضع مكتوب فيه (قلت) فإنه من الفوائد التي زدتها على الأصل. وكلُّ ما أهمله الجوهري من أوزان مصادر الأفعال الثلاثية التي ذكر أفعالها ومن أوزان الأفعال الثلاثية التي ذكر مصادرها فإني ذكرته إما بالنص على حركاته أو برده إلى واحد من الموازين العشرين التي أذكرها الآن إن شاء الله تعالى . إلا ما لم أجده من هذين النوعين في أصول اللغة الموثوق بها والمعتمد عليها فإِنِّي قَفُوتُ أثره رحمه الله تعالى في ذكرِهِ مُهملاً لثلا أكون زائدا على الأصل شيئًا بطريق القياس بل كل ما زدته فيه نقلته من أصول اللغة الموثوق بها. وأبواب الأفعال الثلاثية محصورة في ستة أنواع لا غير :
الباب الأول : فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع . والمذكور منه سبعة موازين : نصر ينصر نصرا ، دخل يدخل دخولا ، كتب يكتب كتابة ، رد يرد ردا ، قال يقُولُ قولا ، عدا يَعْدُو عدُوا ، سما يسمو سُمُوا .
الباب الثاني : فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع . والمذكور منه خمسة موازين : ضرب يضرب ضربا ، جلس يجلس جلوسا ، باع يبيع بيعا ، وعد يعد وعدا ..رمى يرمي رميا .
الباب الثالث : فعل يفعل بفتح العين في الماضي والمضارع . والمذكور منه ميزانان : قطع يقطع قطعا ، خضع يخضع خضوعا .
الباب الرابع : فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع . والمذكور منه أربعة موازين : طَرِب يطرب طربا ، فهم يفهم فهما ، سلم يسلم سلامة ، صَدِي يَصْدَى صَدَى .
الباب الخامس : فعل يفعل بضم العين في الماضي والمضارع . والمذكور منه ميزانان : ظرف يظرف ظرافةً ، سَهُل يسهل سُهولة .
الباب السادس : فعل يفعل بكسر العين في الماضي والمضارع . كوثق يثق وثوقا ونحوه ، وهو قليل فلذلك لم نذكر منه ميزانا نرده إليه بل حيث جاء في الكتاب ننص على وزانه ووزان مصدره. وإنما خصصت هذه الموازين العشرين بالذكر دون غيرها لأني اعتبرتها فوجدتها أكثر الأوزان التي يشتمل عليها هذا المختصر.
قاعدة : اعلم أن الأصل والقياس الغالب في أوزان مصادر الأفعال الثلاثية أَنَّ فَعَل منى كان مفتوح العين كان مصدره على وزن فَعْل بسكون العين إن كان الفعل متعديا وعلى وزن فعول إن كان الفعل لازماً . مثاله من الباب الأول نصر نصراً ، قعد قُعُودًا . ومن الباب الثاني ضرب ضربا ، جلس جلوساً . ومن الباب الثالث قطع قطعا ، خضع خضوعاً. ومتى كان فعل مكسور العين ويفعل مفتوح العين كان مصدره على وزن فعل أيضًا إن كان الفعل متعديا وعلى وزن فعل بفتحتين إن كان لازما . مثاله فهم فَهُمَا ، طَرب طربا . ومتى كان فعل مضموم العين كان مصدره على وزن فَعالة بالفتح أو فعولة بالضم أو فعل بكسر الفاء وفتح العين ، وفعالة هي الأغلب . مثاله ظرف ظرافة ، سهل سهولة ، عظم عظما ، هذا هو القياس في الكل . وأما المصادر السماعية فلا طريق لضبطها إلا السماع والحفظ والسماع مقدم على القياس فلا يُصار إلى القياس إلا عند عدم السماع .
قاعدة ثانية : إعلم أنَّ الأبواب الثلاثة الأول لا يكفي فيها النص على حركة الحرف الأوسط من الماضي في معرفة وزن المضارع لاختلاف وزن المضارع مع اتحاد الماضي فلا بد من النص على المضارع أيضًا أو ردّه إلى بعض الموازين المذكورة . وأما الباب الرابع والخامس فيكفي فيهما النص على حركة الحرف الأوسط من الماضي في معرفة وزن المضارع . لأنَّ مُضارع فعل بالكسر عند الإطلاق لا يكون إلا يفعل بالفتح كذا أصطلاح أئمة اللغة في كتبهم . لأن اجتماع الكسر في الماضي والمضارع قليل وكذا اجتماع الكَسْرِ في الماضي مع الضم في المضارع قليل أيضًا لأنه من تداخل اللغتين مثل فضل يفضل ونحوه ، فمتى أتفق نصوا عليه فيهما . ومضارع فعل بالضم لا يكون إلا يفعل بالضم ففي الباب الرابع والخامس لا نذكر إلا الماضي المقيد والمصدر فقط طلبا للإيجاز. ومتى قلنا في فعل مضارع بالضم أو بالكسر فاعلم أن ماضيه مفتوح الوسط لا محالة . وكذا أيضًا لا نذكر مصدر الفعل الرباعي مع ذكر الفعل إلا نادرا لأن مصدره مطرد على وزن الإفعال بالكسر لا يختلف. وكذا نسيد كل فعل نذكره إلى ضمير الغائب غالباً لأنه أخصَرُ في الكتابة إلا في موضع يُفضي إلى اشتباه الفعل المتعدي باللازم اشتباها لا يزول من اللفظ الذي نفسر به الفعل. أو يكون في إسناده إلى ضمير المتكلم فائدة معرفة كونه واويًا أو يائيا نحو غَزَوْتُ ورميت فيكون إسناده إلى ضمير المتكلم دالا على مُضَارِعه . أو يكون مُضَاعَفًا فيكون إسناده إلى ضمير المتكلم مع النص على حركة عين الفعل دالا على بابه نحو صَدَدْتُ ومَسِسْتُ ونحوهما ، أو فائدة أخرى إذا طلبها الحاذق وجدها فحينئذ نسيده إلى ضمير المتكلم ونترك الأختصار دفعا للاشتباه أو تحصيلاً للفائدة الزائدة . وإنما نذكر في أثناء المختصر لفظ الماضي مع قولنا : إنه من باب كذا لفائدة زائدة على معرفة بابه وهي كونه متعديا بنفسه أو بواسطة حرف الجر وأي حرف هو. وأما ما عدا الثلاثي من الأفعال فإنا لم نذكر له ميزانا لأنه جار على القياس في الغالب فمتى عُرف ماضيه عُرف مضارعه ومصدره إلا ما خرج مضارعه أو مصدره عن قياس ماضيه فإنا ننبه عليه . وكذا أيضًا لم نذكر الفعل المتعدي بالهمزة أو بالتضعيف بعد ذكر لازمه لأن لازمه متى عُرف فقد عُرف تعديه بالهمزة والتضعيف من قاعدة العربية ، كيف وإن تلك القاعدة مذكورة أيضًا في حرف الباء الجارة من باب الألف اللينة في هذا المختصر . فإن أتفق ذكر الفعل لازما أو متعديا بواسطة فذلك الفائدة زائدة تختص بذلك الموضع غالبا .
قاعدة ثالثة : إعلم انا متى ذكرنا مع الفعل مصدرًا بوزن التفعيل أو التفعل أو التَّفْعلة أو ذكرنا مصدرًا من هذه الأوزان الثلاثة وحده أو قلنا فعله فتفعل كان ذلك كله نصا على أن الفعل مُشَدِّد إذ هو القاعدة فيُؤمن الاشتباه فيه مع ذلك ، والتزمنا في الموازين أنا متى قلنا في فعل من الأفعال إنه من باب ضرب أو نصر أو قطع أو غير ذلك من الموازين المعدودة فإنه يكون موازنا له في حركات ماضيه ومضارعه ومصدره أيضًا على التصريف المذكور عند ذكر الموازين لا على غيره إن كان للميزان تصريف آخر غير التصريف الذي ذكرناه . وأما الأسماء فإِنَّا ضبطنا كل أسم يشتبه على الأعم الأغلب إما بذكر مثال مشهور عقيبه ، وإما بالنص على حركات حروفه التي يقع فيها اللبس ، وإن كان كثير مما قيدناه يستغني عن تقييده الخواص ولهذا أهمله الجوهري رحمه الله تعالى لظهوره عنده . ولكنا قصدنا بزيادة الضبط بالميزان أو بالنص عُموم الانتفاع به وألا يتطرق إليه بمرور الأيام تحريف النساخ وتصحيفهم فإن أكثر أصول اللغة إنما يقل الانتفاع بها ويَعْمُرُ لِعِلَّتين : إحداهما عُسر الترتيب بالنسبة إلى الأعم الأغلب ، والثانية قلة الضبط فيها بالموازين المشهورة وقلة التنصيص على أنواع الحركات اعتمادًا من مصنفيه على ضبطها بالشكل الذي يعكسه التبديل والتحريف عن قريب ، أو اعتمادا على ظهورها عندهم فيهملونها من أصل التصنيف . وأنا أسأل الله تعالى أن يجعل علمي وعملي خالصا لوجهه الكريم، وينفعني وإياكم به إنه هو البر الرحيم .
مختصر في علم اللغة
تأليف محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي
خطبة المؤلف
بسم الله ارحمن الرحيم
الحمد لله بجميع المحامد على جميع النعم. والصلاة والسلام على خير خلقه محمد المبعوث إلى خير الأمم ، وعلى آله وصحبه مفاتيح الحكم ومصابيح الظلم . قال العبد المفتقر إلى رحمة ربه ومغفرته محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي رحمه الله تعالى : هذا مختصر في علم اللغة جمعته من كتاب الصحاح للإمام العالم العلامة أبي نصر إسمعيل ابن حماد الجوهري رحمه الله تعالى ، لما رأيته أحسن أصول اللغة ترتيبا وأوفرها تهذيبا وأسهلها تناولا وأكثرها تداولا وسميته ( مختار الصحاح) وأقتصرتُ فيه على ما لا بد لكلِّ عالم فقيه ، أو حافظ ، أو محدث ، أو أديب من معرفته وحفظه : لكثرة استعماله وجريانه على الألسن مما هو الأهم فالأهم خصوصًا ألفاظ القرآن العزيز والأحاديث النبوية ، واجتنبت فيه عويص اللغة وغريبها طلبا للاختصار وتسهيلا للحفظ . وضممت إليه فوائد كثيرة من تهذيب الأزهري وغيره من أصول اللغة الموثوق بها ومما فتح الله تعالى به علي فكل موضع مكتوب فيه (قلت) فإنه من الفوائد التي زدتها على الأصل. وكلُّ ما أهمله الجوهري من أوزان مصادر الأفعال الثلاثية التي ذكر أفعالها ومن أوزان الأفعال الثلاثية التي ذكر مصادرها فإني ذكرته إما بالنص على حركاته أو برده إلى واحد من الموازين العشرين التي أذكرها الآن إن شاء الله تعالى . إلا ما لم أجده من هذين النوعين في أصول اللغة الموثوق بها والمعتمد عليها فإِنِّي قَفُوتُ أثره رحمه الله تعالى في ذكرِهِ مُهملاً لثلا أكون زائدا على الأصل شيئًا بطريق القياس بل كل ما زدته فيه نقلته من أصول اللغة الموثوق بها. وأبواب الأفعال الثلاثية محصورة في ستة أنواع لا غير :
الباب الأول : فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع . والمذكور منه سبعة موازين : نصر ينصر نصرا ، دخل يدخل دخولا ، كتب يكتب كتابة ، رد يرد ردا ، قال يقُولُ قولا ، عدا يَعْدُو عدُوا ، سما يسمو سُمُوا .
الباب الثاني : فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع . والمذكور منه خمسة موازين : ضرب يضرب ضربا ، جلس يجلس جلوسا ، باع يبيع بيعا ، وعد يعد وعدا ..رمى يرمي رميا .
الباب الثالث : فعل يفعل بفتح العين في الماضي والمضارع . والمذكور منه ميزانان : قطع يقطع قطعا ، خضع يخضع خضوعا .
الباب الرابع : فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع . والمذكور منه أربعة موازين : طَرِب يطرب طربا ، فهم يفهم فهما ، سلم يسلم سلامة ، صَدِي يَصْدَى صَدَى .
الباب الخامس : فعل يفعل بضم العين في الماضي والمضارع . والمذكور منه ميزانان : ظرف يظرف ظرافةً ، سَهُل يسهل سُهولة .
الباب السادس : فعل يفعل بكسر العين في الماضي والمضارع . كوثق يثق وثوقا ونحوه ، وهو قليل فلذلك لم نذكر منه ميزانا نرده إليه بل حيث جاء في الكتاب ننص على وزانه ووزان مصدره. وإنما خصصت هذه الموازين العشرين بالذكر دون غيرها لأني اعتبرتها فوجدتها أكثر الأوزان التي يشتمل عليها هذا المختصر.
قاعدة : اعلم أن الأصل والقياس الغالب في أوزان مصادر الأفعال الثلاثية أَنَّ فَعَل منى كان مفتوح العين كان مصدره على وزن فَعْل بسكون العين إن كان الفعل متعديا وعلى وزن فعول إن كان الفعل لازماً . مثاله من الباب الأول نصر نصراً ، قعد قُعُودًا . ومن الباب الثاني ضرب ضربا ، جلس جلوساً . ومن الباب الثالث قطع قطعا ، خضع خضوعاً. ومتى كان فعل مكسور العين ويفعل مفتوح العين كان مصدره على وزن فعل أيضًا إن كان الفعل متعديا وعلى وزن فعل بفتحتين إن كان لازما . مثاله فهم فَهُمَا ، طَرب طربا . ومتى كان فعل مضموم العين كان مصدره على وزن فَعالة بالفتح أو فعولة بالضم أو فعل بكسر الفاء وفتح العين ، وفعالة هي الأغلب . مثاله ظرف ظرافة ، سهل سهولة ، عظم عظما ، هذا هو القياس في الكل . وأما المصادر السماعية فلا طريق لضبطها إلا السماع والحفظ والسماع مقدم على القياس فلا يُصار إلى القياس إلا عند عدم السماع .
قاعدة ثانية : إعلم أنَّ الأبواب الثلاثة الأول لا يكفي فيها النص على حركة الحرف الأوسط من الماضي في معرفة وزن المضارع لاختلاف وزن المضارع مع اتحاد الماضي فلا بد من النص على المضارع أيضًا أو ردّه إلى بعض الموازين المذكورة . وأما الباب الرابع والخامس فيكفي فيهما النص على حركة الحرف الأوسط من الماضي في معرفة وزن المضارع . لأنَّ مُضارع فعل بالكسر عند الإطلاق لا يكون إلا يفعل بالفتح كذا أصطلاح أئمة اللغة في كتبهم . لأن اجتماع الكسر في الماضي والمضارع قليل وكذا اجتماع الكَسْرِ في الماضي مع الضم في المضارع قليل أيضًا لأنه من تداخل اللغتين مثل فضل يفضل ونحوه ، فمتى أتفق نصوا عليه فيهما . ومضارع فعل بالضم لا يكون إلا يفعل بالضم ففي الباب الرابع والخامس لا نذكر إلا الماضي المقيد والمصدر فقط طلبا للإيجاز. ومتى قلنا في فعل مضارع بالضم أو بالكسر فاعلم أن ماضيه مفتوح الوسط لا محالة . وكذا أيضًا لا نذكر مصدر الفعل الرباعي مع ذكر الفعل إلا نادرا لأن مصدره مطرد على وزن الإفعال بالكسر لا يختلف. وكذا نسيد كل فعل نذكره إلى ضمير الغائب غالباً لأنه أخصَرُ في الكتابة إلا في موضع يُفضي إلى اشتباه الفعل المتعدي باللازم اشتباها لا يزول من اللفظ الذي نفسر به الفعل. أو يكون في إسناده إلى ضمير المتكلم فائدة معرفة كونه واويًا أو يائيا نحو غَزَوْتُ ورميت فيكون إسناده إلى ضمير المتكلم دالا على مُضَارِعه . أو يكون مُضَاعَفًا فيكون إسناده إلى ضمير المتكلم مع النص على حركة عين الفعل دالا على بابه نحو صَدَدْتُ ومَسِسْتُ ونحوهما ، أو فائدة أخرى إذا طلبها الحاذق وجدها فحينئذ نسيده إلى ضمير المتكلم ونترك الأختصار دفعا للاشتباه أو تحصيلاً للفائدة الزائدة . وإنما نذكر في أثناء المختصر لفظ الماضي مع قولنا : إنه من باب كذا لفائدة زائدة على معرفة بابه وهي كونه متعديا بنفسه أو بواسطة حرف الجر وأي حرف هو. وأما ما عدا الثلاثي من الأفعال فإنا لم نذكر له ميزانا لأنه جار على القياس في الغالب فمتى عُرف ماضيه عُرف مضارعه ومصدره إلا ما خرج مضارعه أو مصدره عن قياس ماضيه فإنا ننبه عليه . وكذا أيضًا لم نذكر الفعل المتعدي بالهمزة أو بالتضعيف بعد ذكر لازمه لأن لازمه متى عُرف فقد عُرف تعديه بالهمزة والتضعيف من قاعدة العربية ، كيف وإن تلك القاعدة مذكورة أيضًا في حرف الباء الجارة من باب الألف اللينة في هذا المختصر . فإن أتفق ذكر الفعل لازما أو متعديا بواسطة فذلك الفائدة زائدة تختص بذلك الموضع غالبا .
قاعدة ثالثة : إعلم انا متى ذكرنا مع الفعل مصدرًا بوزن التفعيل أو التفعل أو التَّفْعلة أو ذكرنا مصدرًا من هذه الأوزان الثلاثة وحده أو قلنا فعله فتفعل كان ذلك كله نصا على أن الفعل مُشَدِّد إذ هو القاعدة فيُؤمن الاشتباه فيه مع ذلك ، والتزمنا في الموازين أنا متى قلنا في فعل من الأفعال إنه من باب ضرب أو نصر أو قطع أو غير ذلك من الموازين المعدودة فإنه يكون موازنا له في حركات ماضيه ومضارعه ومصدره أيضًا على التصريف المذكور عند ذكر الموازين لا على غيره إن كان للميزان تصريف آخر غير التصريف الذي ذكرناه . وأما الأسماء فإِنَّا ضبطنا كل أسم يشتبه على الأعم الأغلب إما بذكر مثال مشهور عقيبه ، وإما بالنص على حركات حروفه التي يقع فيها اللبس ، وإن كان كثير مما قيدناه يستغني عن تقييده الخواص ولهذا أهمله الجوهري رحمه الله تعالى لظهوره عنده . ولكنا قصدنا بزيادة الضبط بالميزان أو بالنص عُموم الانتفاع به وألا يتطرق إليه بمرور الأيام تحريف النساخ وتصحيفهم فإن أكثر أصول اللغة إنما يقل الانتفاع بها ويَعْمُرُ لِعِلَّتين : إحداهما عُسر الترتيب بالنسبة إلى الأعم الأغلب ، والثانية قلة الضبط فيها بالموازين المشهورة وقلة التنصيص على أنواع الحركات اعتمادًا من مصنفيه على ضبطها بالشكل الذي يعكسه التبديل والتحريف عن قريب ، أو اعتمادا على ظهورها عندهم فيهملونها من أصل التصنيف . وأنا أسأل الله تعالى أن يجعل علمي وعملي خالصا لوجهه الكريم، وينفعني وإياكم به إنه هو البر الرحيم .
تعليق