تأملك بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي سترسم صاروخ.بأحدث ادوات الذكاء الاصطناعى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأملك بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي سترسم صاروخ.بأحدث ادوات الذكاء الاصطناعى





    أحدث ما وصل إليه الذكاء الاصطناعى
    حضرة الفيلسوف الروبوت!

    11 أكتوبر 2024م
    رانيا رفاعى

    إذا تأملت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative Artificial Intelligence ، فيمكنك بضمير مرتاح أن ترسم له في ذهنك صورة صاروخ صاعد في فضاء جديد لا يعلم أحد ماذا سيسجل من مشاهدات… عوالم جديدة تفتح أبوابها في كل المجالات في آفاق لم يطرق أحد أبوابها من قبل.



    وبينما نحن نتخيل كيف يسبر الذكاء الاصطناعي أغوار المستقبل، إذ به يفاجئنا بالغوص في أعماق الماضي وينفض عن رموزه تراب زمن قديم عاشت فيه ويصنع منها نسخة جديدة حية تعيش بيننا وتتفاعل معنا. هذا هو بالضبط ما فعلته الشركة البريطانية التي يديرها د. خالد صقر أستاذ الهندسة الحيوية بجامعة توهوكو باليابان في أحدث مشروعاتها الذي أطلقت عليه اسم all mind. حيث صنعت مجموعة روبوتات محادثة تحاكي تفكير كبار الفلاسفة مثل ماركس ومينسكي وبيرنيز.

    فلم يعد طالب العلم بحاجة إلى الكتب والمراجع عن كارل ماركس على سبيل المثال لأن هناك نسخة من كارل ماركس موجودة بالفعل يمكنه توجيه السؤال إليها والتفاعل معها ومناقشة نظيراتها معها شخصيا.

    ويوضح د. خالد صقر أن النتائج الأولية مذهلة، ويقول إنه تم استنساخ روبوتات المحادثة التي تحاكي كبار الفلاسفة بالتعاون مع OpenAI من خلال تدريب نموذج على بيانات ضخمة تضم الإنتاج العلمي لهؤلاء الفلاسفة بالكامل بجانب مذكراتهم الشخصية وسيرتهم الذاتية.

    وأشار إلى أن الروبوت الواحد يستغرق في المتوسط ثلاثة أيام تدريبا، حتى يكون جاهزا للعمل، وأضاف أن هامش الخطأ يكون مرتفعا في استنساخ الفلاسفة الذين لا توجد فيديوهات مسجلة لهم مثل ماركس وفتجنشتين، حيث قد يصل هامش الخطأ لديهم إلى 40% .. بينما الفلاسفة والعلماء الذين تتوافر لهم فيديوهات يظهرون فيها وهم يتناقشون مثل مينسكي، فإن هامش الخطأ فيها لا يتجاوز 10%.

    ويحكي العالم المصري د. خالد صقر كيف أن أحد أساتذة الفلسفة الأمريكيين يقضي ساعات من الوقت وهو يتحدث مع روبوت ماركس في مشاكل حديثة ويتفاجأ من مدى اتساق ردوده وتحليلاته مع ديالكتيك ماركس و قدرته على تفكيك الظواهر الاقتصادية.

    كما أخبره أستاذ تسويق في جامعة في الإمارات أنه لم يعد بحاجة لدراسة أعمال بيرنيز بعد الآن، وأنه سيطلب من طلاب الدراسات العليا إجراء مناقشات مع روبوت بيرنيز في موضوعات المقرر ثم يخبرهم فيها مباشرة.




    د. خالد صقر
    التجربة الثرية دفعت الشركة لاستنساخ عقول أشخاص على قيد الحياة لهم محتوى مرئي غني ومتاح مما يجعل التجربة أكثر ثراء. وكان من بين المقترحات على سبيل المثال المرشحون لانتخاب الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وكامالا هاريس.

    لكن في حالة استنساخ «روبوت دردشة» لشخصيات سياسية على قيد الحياة وتدخل في صراع انتخابي ضخم كرئاسة الولايات المتحدة ( نموذج ترامب وهاريس)، هل من المنتظر أن تكون مساحة التكنولوجيا أكبر في التأثير على قرارات الناخبين مثلما فعلت السوشيال ميديا من قبل والإعلام من قبلها والدراما والسينما من قبلهما. د. خالد صقر يرد على هذه النقطة قائلاً: بالطبع هذا أمر محتمل، لكنه خارج نطاق مسئولية الباحثين الذين عملوا على تطوير هذه الروبوتات.

    ويقول د.صقر إننا دخلنا بذلك مرحلة ذوبان الحدودِ بين عقل الإنسان والذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أننا أمام لحظةٍ فارقة في تطوّر كل منهما… فما كان يومًا مستحيلًا أو مجرد خيالات أصبح الآن حقيقة. ويوضح قائلا: تطوير هذه الروبوتات تم باستخدام تقنيات الحوسبة المعرفية المتقدمة، وذلك بالتعاون مع شركة OpenAI الأمريكية صاحبة نموذج GPT-4o الذي يتيح محاكاة عمليات التفكير البشري بأعماقها المختلفة. وقال إن الاعتماد على نموذج لغة يحتوي على 1.8 تريليون متغير أتاح للقائمين على هذا المشروع بناءَ نماذج معرفية تُحاكِي الفكر الإنساني بعمقٍ غير مسبوق. هذه النماذج ليست فقط برنامج كومبيوتر ذا إمكانات محدودة، بل يُمكن اعتبارها كيانات ذكيةٌ تفاعلية تستطيع استيعاب المعارف وتوليد الأفكار تمامًا كما يفعل البشر، لكن كل منها تم تدريبه على الإنتاج الفلسفي لكل شخصية من شخصيات هؤلاء الفلاسفة، وتم تدعيمه بالسياقات التاريخية والحياتية لكل فيلسوف، بحيث أصبح قادرا على محاكاة تفكير كل من هؤلاء بدقة عالية، لم يعُد الذكاء الاصطناعي هنا فقط أداةٍ تحليلية، بل أصبح مؤهلاً ليكون شريكٌا في التفكير وصنع القرار.

    ويُعلّق د. صقر قائلًا: «نحن نشهد تداخلاً غير مسبوق بين عقل الإنسان والآلة. هذه النماذج التي بُنيت على عقول الفلاسفة والمفكرين الكبار تُقدّم للإنسان الحديث فرصةً نادرةً للحوار مع عقول الماضي واستشراف المستقبل». ويبدو أن المشروع لا يقف عند حدود نقل المعرفة التاريخية، بل يعيد بناءها بطرقٍ جديدة تُلائم العصر الحالي، ما يفتح آفاقًا غير محدودةٍ أمام نُظُم دعم اتخاذ القرار والتخطيط الإستراتيجي.

    فمع استخدام نماذج مثل التي يقدمها مشروع AllMind يُمكن لهذه العقول الاصطناعية استيعاب المواقف المعقدة والبيانات الضخمة ومعالجتها بسرعة ودقة تفوق القدرات البشرية، ما يجعلها أدواتٍ لا غنى عنها في القطاعات المختلفة، من الاقتصاد إلى الإعلام إلى الفلسفة.

    ويضيف العالم المصري أن الحديث مع الروبوت الفيلسوف لا يتوقف عند الماضي فقط بل يُمكنك أن تتحدث مع عقل ماركس عن التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين أو تناقش فتجنشتين حول اللغة والمعرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتكتشف ماذا كان يُمكن لهؤلاء العِظام أن يُقدّموا لنا إن كانوا على قيْدِ الحياة!
يعمل...
X