نادية شراق تعيد استكشاف أصول التراث الثقافي الجزائري
معرض "أرض ونور" يقدم 27 لوحة تترجم اشتغال الفنانة الجزائرية على تنفيذ تقنيات متنوعة على مادة النحاس والزجاج والمرايا والخزفيات.
الخميس 2024/10/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
رموز وألوان أمازيغية
الجزائر - تحت عنوان “أرض ونور” تعرض الفنانة التشكيلية الجزائرية نادية شراق آخر إبداعاتها الفنية بالجزائر العاصمة، حيث تعيد استكشاف أصول التراث الثقافي الجزائري بكل ما يحمله من رموز وألوان تعكس روح الإبداع التي تحلى بها المجتمع الجزائري منذ القدم.
ويقدم هذا المعرض الذي يستمر إلى غاية 24 أكتوبر الجاري، 27 لوحة برواق “الزوار آرت” تترجم اشتغال الفنانة شراق على تنفيذ تقنيات متنوعة على مادة النحاس والزجاج والمرايا والخزفيات، بحيث يتصالح المضمون مع الأسلوب الفني لينتجا عملا إبداعيا يحاكي مرجعيات ثقافية جزائرية أصيلة.
ولا تخلو اللوحات من عنصرين أساسيين في المجتمع، وهما الرجل والمرأة، بصفتهما شريكين في الحياة، وهو ما نجده في لوحات حملت اسم “آرقاز” (رجل) و”تماتوث” (امرأة)، باللغة الأمازيغية، وحولهما لوحات أخرى تعبر عن جمال النجوم والشمس، وتحمل أيضا رموزا مستوحاة من الأواني الفخارية القديمة ووشم الجدات ورسم الحناء على أيدي العروس وغيرها، وتنبعث من الأعمال المعروضة رائحة الماضي وذكريات الأجداد إذ استطاعت الفنانة بحسها الفني أن تعيد تشكيل شاعرية الأجواء الأصيلة والتقليدية في أشكال فنية دقيقة وألوان زاهية.
وشراق تفرد في لوحاتها دائما مكانة للمرأة في المجتمع الأمازيغي حيث تعد الركيزة الأساسية للأسرة داخل وخارج البيت أيضا، كما فعلت في معرض عنونته بـ”كان ذات يوم” ونظمته في العام 2021.
تقنيات متنوعة بحيث يتصالح المضمون مع الأسلوب الفني لينتج عملا إبداعيا يحاكي مرجعيات ثقافية جزائرية أصيلة
وقدمت هذه الفنانة التشكيلية خلاصة أعمالها في مجال الرسم بالحفر على أوراق ملساء من النحاس الأبيض والأصفر، حيث يظهر تحكمها في تقنية الحفر، بهدف إيجاد أشكال هندسية متنوعة، وأحيانا تخرج شراق من الأشكال الاعتيادية للوحة فتجرب أحجاما كبيرة وصغيرة قادرة على استيعاب هواجسها الفنية.
وتعمقت التجربة التشكيلية لشراق، وهي من مواليد 1965 بولاية تيزي وزو، من خلال دورات تدريبية وتكوين متخصص في مجال الرسم والتشكيل، وقد تعمقت خبرتها الفنية بالبحث عن تقنيات حديثة للإبداع لتعثر في الأخير على نهجها وبصمتها الخاصة.
ولجت الفنانة عالم الفن التشكيلي منذ نحو 25 عاما، وبداياتها كانت من دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو التي تلقت تكوينا فيها، ورغم أنها خريجة كلية العلوم الاقتصادية وزاولت عملها في مجالها إلا أن حبها للفن جعلها تستقيل من منصبها لتتفرغ كليا للفن التشكيلي الذي أكدت أنها تعشقه إلى حد كبير.
على مدار سنوات من امتهان الفن تمكنت شراق من ابتكار العديد من التقنيات وتجسيدها في مختلف اللوحات من رسم على القماش والزجاج وغير ذلك، ناهيك عن فن السيراميك الذي تشكل منه تحفا رائعة تزينها بالرموز والأشكال البربرية التي ترمز في مجملها إلى الحرية والأرض والسماء والمرأة البربرية، كتعبير منها عما يختلج في نفسها من مشاعر تجاه كل ما هو بربري أمازيغي يجسد الهوية التاريخية، وهي دائما ما تشير إلى أن التقنيات المستحدثة هي من وحي إبداعها بعد تطويعها للعديد من التقنيات.
وترى شراق أن الفن التشكيلي يتطلب جهدا ووقتا كبيرين، انطلاقا من صعوبة الحصول على المادة الأولية وغلائها إلى الوقت الذي يستغرقه تشكيل القطعة الواحدة فقط من تحفة السيراميك قبل الرسم عليها، لذا يكون سعرها مرتفعا نوعا ما، لأنها ببساطة تحفة فنية تتحدث عن نفسها وهذا ما تحاول التشكيلية إبرازه من خلال تسويقها لمنتوجها عبر مختلف المعارض التي أكدت أنها تدعمها كثيرا وتفسح لها المجال للتعريف بفنها والتسويق له.
وتواصل شراق استكشاف أساليب فنية مختلفة، إذ تقول إنه لا يمكنها اختيار أسلوب واحد للتخصص فيه. خلال مسيرتها الفنية، كرست ننفسها للتجريد الهندسي، والبورتريه، والتكعيبية، والسريالية، والأشكال والمنحنيات المختلفة، ولكن أيضًا للرمزية البربرية لتراث الجزائر الواسع جدًا، رغم أنها تقول إن إعادة الرموز في الفنون البصرية أمر ليس بالسهل أو المتاح، بل يتطلب بحثا شاقا، وهي ترى أن الجزء الأكثر صعوبة في عملها البحثي هو التأكد من معنى الرموز التي لم توظف بكثرة في التشكيل الجزائري، كما كانت هناك عدة تناقضات في روايات الكتاب وبعض الباحثين حول الرموز الثقافية الأمازيغية ودلالاتها، وقد مكنتها شهادات الناس، والعودة إلى الجذور من فهمها.
وتأتي أغلب معارضها ناطقة بالهوية الأمازيغية التي يعتز بها الكثيرون في الجزائر، وباحثة في أهم مميزاتها وخصوصياتها، وموظفة لأهم رموزها ومنها الألوان الزاهية، والكثير من المكونات التراثية الصالحة لتشكيل لوحات متميزة ومنها: الملابس والحلي بمختلف أشكالها والأثاث إلى جانب الحرف الأمازيغي الذي له مزايا فنية تجعله صالحا لتركيب لوحات تشكيلية مبهرة، وهي تستخدمه في لوحاتها استخداما رمزيا وتراثيا في قالب إبداعي يجعله عنصرا مهما من العناصر المكونة للوحة.
معرض "أرض ونور" يقدم 27 لوحة تترجم اشتغال الفنانة الجزائرية على تنفيذ تقنيات متنوعة على مادة النحاس والزجاج والمرايا والخزفيات.
الخميس 2024/10/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
رموز وألوان أمازيغية
الجزائر - تحت عنوان “أرض ونور” تعرض الفنانة التشكيلية الجزائرية نادية شراق آخر إبداعاتها الفنية بالجزائر العاصمة، حيث تعيد استكشاف أصول التراث الثقافي الجزائري بكل ما يحمله من رموز وألوان تعكس روح الإبداع التي تحلى بها المجتمع الجزائري منذ القدم.
ويقدم هذا المعرض الذي يستمر إلى غاية 24 أكتوبر الجاري، 27 لوحة برواق “الزوار آرت” تترجم اشتغال الفنانة شراق على تنفيذ تقنيات متنوعة على مادة النحاس والزجاج والمرايا والخزفيات، بحيث يتصالح المضمون مع الأسلوب الفني لينتجا عملا إبداعيا يحاكي مرجعيات ثقافية جزائرية أصيلة.
ولا تخلو اللوحات من عنصرين أساسيين في المجتمع، وهما الرجل والمرأة، بصفتهما شريكين في الحياة، وهو ما نجده في لوحات حملت اسم “آرقاز” (رجل) و”تماتوث” (امرأة)، باللغة الأمازيغية، وحولهما لوحات أخرى تعبر عن جمال النجوم والشمس، وتحمل أيضا رموزا مستوحاة من الأواني الفخارية القديمة ووشم الجدات ورسم الحناء على أيدي العروس وغيرها، وتنبعث من الأعمال المعروضة رائحة الماضي وذكريات الأجداد إذ استطاعت الفنانة بحسها الفني أن تعيد تشكيل شاعرية الأجواء الأصيلة والتقليدية في أشكال فنية دقيقة وألوان زاهية.
وشراق تفرد في لوحاتها دائما مكانة للمرأة في المجتمع الأمازيغي حيث تعد الركيزة الأساسية للأسرة داخل وخارج البيت أيضا، كما فعلت في معرض عنونته بـ”كان ذات يوم” ونظمته في العام 2021.
تقنيات متنوعة بحيث يتصالح المضمون مع الأسلوب الفني لينتج عملا إبداعيا يحاكي مرجعيات ثقافية جزائرية أصيلة
وقدمت هذه الفنانة التشكيلية خلاصة أعمالها في مجال الرسم بالحفر على أوراق ملساء من النحاس الأبيض والأصفر، حيث يظهر تحكمها في تقنية الحفر، بهدف إيجاد أشكال هندسية متنوعة، وأحيانا تخرج شراق من الأشكال الاعتيادية للوحة فتجرب أحجاما كبيرة وصغيرة قادرة على استيعاب هواجسها الفنية.
وتعمقت التجربة التشكيلية لشراق، وهي من مواليد 1965 بولاية تيزي وزو، من خلال دورات تدريبية وتكوين متخصص في مجال الرسم والتشكيل، وقد تعمقت خبرتها الفنية بالبحث عن تقنيات حديثة للإبداع لتعثر في الأخير على نهجها وبصمتها الخاصة.
ولجت الفنانة عالم الفن التشكيلي منذ نحو 25 عاما، وبداياتها كانت من دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو التي تلقت تكوينا فيها، ورغم أنها خريجة كلية العلوم الاقتصادية وزاولت عملها في مجالها إلا أن حبها للفن جعلها تستقيل من منصبها لتتفرغ كليا للفن التشكيلي الذي أكدت أنها تعشقه إلى حد كبير.
على مدار سنوات من امتهان الفن تمكنت شراق من ابتكار العديد من التقنيات وتجسيدها في مختلف اللوحات من رسم على القماش والزجاج وغير ذلك، ناهيك عن فن السيراميك الذي تشكل منه تحفا رائعة تزينها بالرموز والأشكال البربرية التي ترمز في مجملها إلى الحرية والأرض والسماء والمرأة البربرية، كتعبير منها عما يختلج في نفسها من مشاعر تجاه كل ما هو بربري أمازيغي يجسد الهوية التاريخية، وهي دائما ما تشير إلى أن التقنيات المستحدثة هي من وحي إبداعها بعد تطويعها للعديد من التقنيات.
وترى شراق أن الفن التشكيلي يتطلب جهدا ووقتا كبيرين، انطلاقا من صعوبة الحصول على المادة الأولية وغلائها إلى الوقت الذي يستغرقه تشكيل القطعة الواحدة فقط من تحفة السيراميك قبل الرسم عليها، لذا يكون سعرها مرتفعا نوعا ما، لأنها ببساطة تحفة فنية تتحدث عن نفسها وهذا ما تحاول التشكيلية إبرازه من خلال تسويقها لمنتوجها عبر مختلف المعارض التي أكدت أنها تدعمها كثيرا وتفسح لها المجال للتعريف بفنها والتسويق له.
وتواصل شراق استكشاف أساليب فنية مختلفة، إذ تقول إنه لا يمكنها اختيار أسلوب واحد للتخصص فيه. خلال مسيرتها الفنية، كرست ننفسها للتجريد الهندسي، والبورتريه، والتكعيبية، والسريالية، والأشكال والمنحنيات المختلفة، ولكن أيضًا للرمزية البربرية لتراث الجزائر الواسع جدًا، رغم أنها تقول إن إعادة الرموز في الفنون البصرية أمر ليس بالسهل أو المتاح، بل يتطلب بحثا شاقا، وهي ترى أن الجزء الأكثر صعوبة في عملها البحثي هو التأكد من معنى الرموز التي لم توظف بكثرة في التشكيل الجزائري، كما كانت هناك عدة تناقضات في روايات الكتاب وبعض الباحثين حول الرموز الثقافية الأمازيغية ودلالاتها، وقد مكنتها شهادات الناس، والعودة إلى الجذور من فهمها.
وتأتي أغلب معارضها ناطقة بالهوية الأمازيغية التي يعتز بها الكثيرون في الجزائر، وباحثة في أهم مميزاتها وخصوصياتها، وموظفة لأهم رموزها ومنها الألوان الزاهية، والكثير من المكونات التراثية الصالحة لتشكيل لوحات متميزة ومنها: الملابس والحلي بمختلف أشكالها والأثاث إلى جانب الحرف الأمازيغي الذي له مزايا فنية تجعله صالحا لتركيب لوحات تشكيلية مبهرة، وهي تستخدمه في لوحاتها استخداما رمزيا وتراثيا في قالب إبداعي يجعله عنصرا مهما من العناصر المكونة للوحة.