هل تكسر نوبل للآداب الهيمنة الغربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل تكسر نوبل للآداب الهيمنة الغربية


    هل تكسر نوبل للآداب الهيمنة الغربية
    الأربعاء 2024/10/09


    يون فوسه الفائز بنوبل للآداب 2023
    لا يفصلنا سوى يوم واحد عن إعلان جوائز نوبل للآداب، وتتباين الآراء والتكهنات حولها، ففي ما يتوقع نقاد غربيون أن تكون الجائزة من نصيب الصين أو أوروبا، يطرح البعض الآخر استفهامات حول غياب الأدب الروسي والعربي والهندي والفارسي، ومدى قدرة اللجنة على مواكبة كل ما ينشر حول العالم، أم أنها لا تزال تنظر إلى الأدب الغربي على أنه الأعلى شأنا.

    ستوكهولم - بعد أن هيمن عليها كتاب غربيون منذ نشأتها في العام 1901، يتوقّع خبراء أن يفوز أديب غير غربي لا يكتب بالفرنسية أو الإنجليزية بجائزة نوبل للآداب المرموقة التي سيعلن عنها الخميس. ويظهر اسم الكاتبة الصينية كان تشوي بشكل متكرر في قوائم الكتاب المفضلين لدى نقاد الأدب.

    وتتم مقارنة هذه الكاتبة الطليعية بكافكا بسبب الجو غير الواقعي والقاتم في رواياتها وقصصها القصيرة، كما أنّ أسلوبها التجريبي يتأرجح بين اليوتوبيا والديستوبيا ويحوّل الأحداث اليومية إلى منحى سريالي.

    ويقول رئيس القسم الثقافي في صحيفة “داغنز نيهيتر” السويدية بيورن فيمان إنّ اختيار الفائز هذه السنة “سيكون مخالفا لتوقعات النخبة الثقافية”. وليست المرة الأولى التي يتصدر فيها اسم الكاتبة الصينية قوائم الترشيحات، إذ تتصدر الكاتبة الصينية “كان شيويه”، البالغة من العمر 70 عامًا، المشهد الثقافي الغربي في الوقت الحالي، ودائما ما تحتل موقعا متقدما على قائمة المرشحين المحتملين لدى المراهنين.

    وفي عام 2015، فازت روايتها “العاشق الأخير” بجائزة أفضل كتاب مترجم عن فئة الخيال، كما سبق أن وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية عن روايتها “الحب في الألفية الجديدة”، وفي حالة فوزها، ستكون كان شيويه ثاني صيني يحصل على جائزة نوبل في الأدب، بعد الروائي مو يان الذي فاز بالجائزة في عام 2012.

    الوضع مشابه إلى حد ما لما حدث عام 2021 عندما اختارت اللجنة الروائي البريطاني عبدالرزاق قرنح المولود في زنجبار في تنزانيا، والذي تمحور عمله على عذاب المنفى ومناهضة الاستعمار. ومنحت لجنة نوبل قرنح الجائزة وذلك نظرا لما أظهره من «حُسنِ استبصارٍ خالٍ من أي مساومة لآثار الاستعمار، ولتعاطفه مع قدر اللاجئ العالق في هُوَّة الاختلافات بين الثقافات والقارات”.

    ويشير فيمان إلى أنّ اللجنة تحب دائما المفاجأة، متوقعا فوز روائية مكسيكية أو أرجنتينية أو كاتب من القارة الأفريقية بالجائزة هذه السنة. ويقول “أعتقد أنها ستكون امرأة من منطقة لغوية غير أوروبية”. إلا أنّ الصحافي يميل شخصيا إلى سلمان رشدي الذي استحال رمزا قويا لحرية التعبير بعد تعرضه للطعن عام 2022، في حادثة تطرّق إلى تفاصيلها في كتابه “السكين” الذي صدر في أبريل.

    ♦ اسم الكاتبة الصينية كان تشوي يظهر بشكل متكرر في قوائم الكتاب المفضلين لدى نقاد الأدب
    ♦ اسم الكاتبة الصينية كان تشوي يظهر بشكل متكرر في قوائم الكتاب المفضلين لدى نقاد الأدب
    يقول فيمان “لكنّ الأكاديمية ستُنتقد في حال اختارت رجلا مرة جديدة”. وفي العام الفائت، مُنحت جائزة نوبل الآداب للكاتب المسرحي النرويجي يون فوسه، واختارت الأكاديمية الكاتب البالغ من العمر 64 عاما نظرا إلى “مسرحياته المبتكرة ونثره المجدد الذي أعطى صوتا لما لا يوصف”.

    وصفت الأكاديمية الروائي والكاتب فوسه بأنه “واحد من أكثر الكتاب المسرحيين شهرة وعرضا لأعمالهم على نطاق واسع في عصرنا”، كما أشادت بكتاباته النثرية. وقالت إن كتاباته تكشف “فقدان الإنسان لتوجهه”.

    ومعظم الفائزين بجائزة نوبل للآداب منذ إنشائها هم أوروبيون ورجال، فمن بين 120 فائزا، لم يظفر بالجائزة سوى 17 امرأة فقط. ومن بين 16 فائزا ناطقا بالفرنسية، كاتب واحد فقط ناطق باللغة العربية هو المصري نجيب محفوظ الذي فاز بنوبل للآداب عام 1988.

    ومنذ ذلك الحين، يتجدد مع اقتراب موعد الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب من قبل أكاديمية ستوكهولم، ترقب النخب العربية من قراء وكتاب ومبدعين لنتائج الجائزة لعلها تكون عربية مرة ثانية، خاصة وأن الأدب العربي شعرا ورواية يتمتع بأعمال تضاهي الأعمال العالمية في معالجاتها للقضايا والإشكاليات الإنسانية.

    وتشير الأستاذة في الأدب في جامعة ستوكهولم كارين فرانزين إلى أنّ “الأدب الصيني واسع جدا”، لكنّ ذلك لا ينعكس في تاريخ جوائز نوبل. وتعود آخر مرة حصل فيها كاتب صيني على الجائزة إلى سنة 2012، عندما كوفئ مو يان. قالت عنه لجنة نوبل للأدب “الذي يدمج الهلوسة الواقعية بالحكايات الشعبية، والتاريخ والمعاصرة”. وأصبح مو يان أول كاتب الصيني يفوز بجائزة نوبل للآداب لجمهورية الصين الشعبية.

    وقد يكون الفوز المحدود لأسماء غير ناطقة بالإنجليزية أو الفرنسية، عائدا إلى أنّ أعضاء الأكاديمية يفتقرون إلى المعرفة بالأدب الأجنبي، على ما يعتبر فيكتور مالم، رئيس القسم الثقافي في صحيفة “إكسبرسن” اليومية.

    ويتوقّع مالم فوز الكاتبة الأميركية الأنتيغوية جامايكا كينكيد هذا العام. وهي من مواليد 1949 ويرتبط اسمها بالسيرة الذاتية في روايتَيْها “آني جون” (1985) و”لوسي” (1991)، وهي تعود مرارا في سردياتها إلى علاقتها المبتورة بوالدتها التي تناولت حياتها في السيرة الذاتية بعنوان “لوالدتي” (1996).

    ويقول فيكتور مالم “من الصعب الاعتقاد أنّ اسم كاتب هندي سيظهر فجأة. لا أحد في الأكاديمية يتحدث الهندية، كيف سيكونون قادرين على التعليق بمصداقية على العمل؟”، مشددا على أنّ الأعضاء “يعتمدون على نسخ مترجمة في مثل هذه الحالات”.

    ◙ الوضع يبدو مشابها لما حدث عام 2021 عندما اختارت اللجنة الروائي البريطاني عبدالرزاق قرنح المولود في زنجبار والذي تمحور عمله على عذاب المنفى

    ودأبت الأكاديمية على استشارة خبراء في الأدب. ومنذ العام 2021، أصبح هذا النهج معتمدا بشكل تلقائي في اللغات التي لا يتقنها الأعضاء. وتقول الصحافية الأدبية في الإذاعة العامة السويدية لينا كالمتيغ “إنّ الأمر بالتأكيد ليس كالقراءة باللغة الأصلية”. وتوضح أنه من النادر جدا ألا تكون أعمال الكتاب المتنافسين “مُترجمة إلى السويدية”.

    لماذا إذا هذا الفوز المحدود لكتّاب غير ناطقين بالإنجليزية أو الفرنسية في جائزة تُعتبر مرجعا عالميا للأدب؟ يرى الناقد الأدبي في صحيفة “أفتونبلادت” السويدية راسموس لاندستروم أنّ السبب يعود إلى أنّ الثقافة الغربية كانت تاريخيا تُعتبر أعلى شأنا. ويضيف “كان يتم التداول بهذه الفكرة بوضوح كبير” آنذاك “لكنني لا أعتقد أن الحال يزال كذلك اليوم”. ويضيف لاندستروم أنه مع الإعلان عن مداولات اللجنة التي تبقى سرية لخمسين سنة، “أدركنا أنّه موضوع نوقش بشكل كبير” على مرّ العصور.

    ومنذ فضيحة “مي تو” عام 2018 التي شوّهت سمعتها، ترغب اللجنة في توسيع نطاق هذه الجائزة جغرافيا ولغويا. وتقول فرانزين التي تفضّل الشاعرة الكندية آن كارسون “سيكون من المثير للاهتمام الانفتاح على منظور غير أوروبي”. ومن جانبه، يراهن المسؤول عن القسم الثقافي في صحيفة “يوتيبورس بوستن” يوهان هيلتون، على فوز كاتب من أوروبا الوسطى أو الشرقية.

    ويشير إلى أن “فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة فازت مرات كثيرة خلال السنوات الأخيرة”. لكنّه يستبعد فوز كاتب روسي، حتى لو كان منتقدا للنظام. ويقول “إنه أمر مستحيل سياسيا. إذا فاز كاتب روسي هذا العام، فستخسر الجائزة أهميتها” ومصداقيتها. ولا يوافقه الرأي فيكتور مالم، الذي يعتبر أنّ منتقدا للنظام لا يمكن للكرملين استخدامه كأداة دعائية.

    على غرار كل عام، يتم تداول أسماء مرشحين “معتادين” لجوائز نوبل، كالمجري لازلو كراسزناوركي، والروماني ميرسيا كيرتاريسكو، والكيني نغوغي وا ثيونغو، والأسترالي جيرالد مورنان، والياباني هاروكي موراكامي. وستُعلن الأكاديمية السويدية الخميس عند الساعة 11,00 بتوقيت غرينتش اسم الفائز الذي سيحصل على شيك بقيمة 11 مليون كرونة سويدية (أكثر من 1.06 مليون دولار).


يعمل...
X