لوحات فنيّة تستحضر تاريخ بيت ديكسون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لوحات فنيّة تستحضر تاريخ بيت ديكسون



    لوحات فنيّة تستحضر تاريخ بيت ديكسون


    حجاج سلامة
    الخميس 2024/10/10

    لوحة تؤرخ للمعمار الكويتي

    بيت ديكسون ليس مجرد بيت تقليدي قديم وإنما هو معلم كويتي أثري وشاهد على جزء من تاريخ الكويت المعاصر، أعادت تصويره الفنانة ابتسام العصفور لتذكر أمجاد الأجداد وللوقوف على جمال المعمار الكويتي واسترجاع محطات مهمة من تاريخ بلادها، وكيف أصبح هذا البيت ذا رمزية في تاريخ وطنها.

    الكويت - كان بيت ديكسون التاريخي بالكويت موضوعا لمجموعة من اللوحات التشكيلية العديدة التي أبدعها فنانون كويتيون، وجرى جمعها في معرض أقيم بالبيت عام 2020. شارك في المعرض آنذاك، باحثون في التراث الكويتي من أمثال الأساتذة فهد العبدالجليل وصالح المسباح، و4 فنانين تشكيليين بينهم الفنانة التشكيلية الكويتية ابتسام العصفور التي اختارت تراث وعمارة الكويت ومنطقة الخليج العربي، كموضوع للكثير من لوحاتها التي تؤرخ من خلالها للكثير من المباني التاريخية، ولعادات وتقاليد ومشاهد من الموروث الكويتي، ساعية إلى توثيق هذه المعالم وتلك العادات والتقاليد ونقلها من جيل إلى جيل، باعتبار أن التراث جزء أصيل من الهويّة الوطنية للشعوب.

    وبيت ديكسون من المباني القديمة التي ارتبطت بمحطات مُهمة في تاريخ الكويت، والتي عملت الفنانة ابتسام العصفور على رسمها وتوثيقها من خلال أعمالها الفنية، وصار اليوم مركزا ثقافيا معروفا في الكويت ومنطقة الخليج العربي.

    وإذا كانت ابتسام العصفور قد وثّقت عبر لوحاتها الكثير من المباني التي تُعد شاهدة على عراقة العمارة الكويتية والخليجية، وكذلك الكثير من الفنون التراثية والعادات الشعبية، والشخصيات البارزة في تاريخ الكويت من ساسة وفنانين وغيرهم، إلا أن توثيقها لـبيت ديكسون، ربما اكتسب أهمية خاصة لديها، لكون أن هذا المبنى كان منزلا لأحد رموز عائلتها “عائلة العصفور”، وهو مبنى له مكانته ورمزيته في تاريخ الكويت.


    بيت ديكسون من المباني المرتبطة بمحطات مُهمة في تاريخ الكويت والتي عملت الفنانة ابتسام العصفور على رسمها وتوثيقها


    وقد وثقت الفنانة المبني بعدة لوحات وثقت عمارة البيت عبر السنوات والتعديلات التي تمت إضافتها على المبني مثل السلالم اللولبية والشرفة والمباني التي تم إضافتها تبعا لاستخدامات المبني كدار اعتماد سياسي ومركز بريد ومستوصف.

    وتوالى على البيت الأثري عدد من المعتمدين البريطانيين إلى أن تم تعيين الكولونيل “هارولد ديكسون عام 1929 وأقام بالمنزل مع زوجته فيوليت “أم سعود “التي سكنت في البيت إلى حدود عام 1990. ما بعد تحرير الكويت عام 1991 أصبح المنزل متحفا للعلاقات البريطانية برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى يومنا هذا، وقد انضم بيت ديكسون إلى المجموعة الفنية التي وثّقت من خلالها ابتسام العصفور عمارة الكويت القديمة في تأكيد على أهمية دور الفنون في خدمة الأوطان وصون تراثها.

    وقالت الفنانة العصفور بأن المالك الأصلي لهذا البيت هو تاجر اللؤلؤ محمد بن علي موسى العصفور، الأخ الأصغر لجدها الأكبر النوخذة عبدالعزيز بن علي موسى العصفور، الذي توفي سنة 1872 فيما يُعرف بسنة “الطبعة”، كما جاء في كتاب “صفحات من تاريخ الكويت” للمؤرخ يوسف بن عيسى القناعي، والطبعة هو طوفان عظيم ضرب بحر العرب عند مدخل المحيط الهندي، وأدى إلى غرق سفن كثيرة.

    وقد أكدت عدة مصادر على ذلك آخرها كتاب “معالم الكويت القديمة” الجزء السابع الصادر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية الذي تقدم فريق تأليفه وتحريره الباحث المهندس صلاح الفاضل، حيث أوضحت صفحات الكتاب صحة ما جاء في عدة مصادر حول ملكية البيت لتاجر اللؤلؤ محمد بن علي موسى العصفور مستندا على ما جاء بعدة مصادر تاريخية موثقه مثل كتاب “بيان الكويت: سيرة حياة الشيخ مبارك الصباح”، للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وقد تضمن الكتاب نص رسالة بعث بها حاكم الكويت في الأول من ديسمبر سنة 1904، إلى رئيس الأركان في الجيش السادس في بغداد حسين فخري باشا، وجاء من بين سطور الرسالة أنه تم تأجير البيت ليكون مكتب وسكن للمعتمد السياسي البريطاني “نوكس”.

    وفي كتاب “بدايات الخدمة البريدية في الكويت”، لمؤلفه خالد عبدالرحمن العبدالمغني، تم نشر صورة لعقد الإيجار طبقا لوثيقة من الأرشيف البريطاني تعود للعم 1904، وهي رسالة من النقيب “نوكس” المعتمد البريطاني في الكويت يبين فيها توقيع عقد لتأجير بيت العصفور كمقر لدار الاعتماد البريطانية، كما نشر صورة للمبني عام 1904 كانت قد نشرت في مجلة “تايم أوف أنديا”.


    بيت ديكسون له أهمية كبرى في لوحات ابتسام العصفور


    وكتاب “تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي” لمؤلفه المؤرخ سيف مرزوق الشملان ذكر أن الطواش محمد بن على بن موسى العصفور، الذي كان يملك بيت ديكسون هو شخصية كبيرة، ورجل من رجالات الكويت، وأكبر تاجر لؤلؤ ظهر في الكويت بعد أحمد بن رزق و أول تاجر كويتي يسافر إلى الهند لبيع اللؤلؤ وهي مركز تجارة اللؤلؤ آنذاك، كان لمحمد بن عصفور ديوان كبير على ساحل البحر يجلس فيه، وكان ديوانه يحفل بالحاكم والأعيان والتجار وأفراد الشعب حتى أن الحاكم الشيخ محمد الصباح كان يسمي ابن عصفور “أخوي محمد”، وكان الحاكم وأخوه الشيخ جراح وغيرهما يودعان “ابن عصفور” عندما يريد السفر إلى الهند.

    وقد بلغت ثروة محمد بن عصفور نحو أربعمائة ألف روبية، وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت، أي في آخر القرن التاسع عشر للميلاد.

    كما أن الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، في كتابه “صفحات من تاريخ الكويت” ذكر بعد الشيخ أحمد بن رزق أن محمدً بن عصفور اشتهر بتجارة اللؤلؤ، وقدرت وثيقة من الأرشيف البريطاني في مكتبة قطر الرقمية سنة بناء بيت وديوان محمد علي بن موسى العصفور (مركز بيت ديكسون الثقافي حاليا) عام 1860 تقريبا.

    وبحسب المجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، فقد بُني بيت ديكسون في القرن التاسع عشر على موقع مطل على البحر قرب قصر السيف، وعقب الاتفاقية التاريخية التي تمت بين الشيخ مبارك الكبير وبريطانيا عام 1899، أصبح هذا البيت – كما أوردنا سابقا – مكتبا وسكنا للمعتمد السياسي البريطاني في الكويت خلال الفترة من سنة 1904 وحتى سنة 1935، وكما أسلفنا فإن البيت يستخدم حاليا كمركز ثقافي، ومتحف لتاريخ العلاقة الكويتية البريطانية تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالبلاد.


    حجاج سلامة
يعمل...
X