معارض صفحة الفن والنقد التشكيلي
المعرض التاسع والخمسون
الفنان د. مرتضى حداد
بوست رقم 7
إيقونات مرتضى حداد..
مؤيد داود البصام
أقام الفنان مرتضى حداد في معرضه الشخصي الأخير ( بورتريت ) في قاعة ألق في بغداد، يعيد أنتاج عصر النهضة من جهة، وما تمثله الانطباعيون في العلاقة بين الضوء واللون مع الروح الرومانسية التي سادت تلك الحقبة من جهة أخرى، في إعمال البورتريت التي قدمها في معرضه الأخير، ليقدم مجموعة أعمال من البورتريت المنتقاة، قد يكون الزمن الذي اشتغلوا عليه في العصور السابقة الكلاسيكية والرومانية بالأخص، ومن ثم استفاد الرومانسيين لما توصل إليه الانطباعيون في علاقة الضوء باللون وانعكاساته وتغيراته الزمنية والمكانية على سطح الوجه، كان ذلك زمنا ً مؤهلاً لمثل هذه الاعمال الفنية، بغياب الكاميرا وما وصلت إليه التقنيات المسارعة، في فن التصوير والرقمي، ولكن الفنان مرتضى بعد أن قطع شوطا ً في البناء الأكاديمي لإعماله عبر عدة عقود من ممارسة النحت بمختلف مدارسه ومناهجه، واستفاد من كل التقنيات العالمية، ومواصلا ًالارتباط بما قدمته الفنون السومرية والبابلية والآشورية ، يعود ليقدم لنا معرضا متكاملا ً إلا من تمثالين بالحجم الطبيعي، لإعمال البورتريت، فما هي الرؤى الإبداعية التي تجعل نحاتا بقامة مرتضى حداد في عالم النحت والفن التشكيلي، يبقي علاقته وارتباطه بمنهاج الواقعية التعبيرية، في الوقت الذي أخذت المذاهب الفنية في عصر الحداثة وما بعد الحداثة، تنح مناحي مختلفة وتبتعد بخطوات عن المنهاج الواقعي، ؟ على الرغم من عودة الكثير من الفنانين في العالم نهاية القرن العشرين، إلى الواقعية المفرطة، ردا على قدرات الكاميرا وتطورات التصوير الرقمي... ولعل التفسير الذي قدمه لنا في تحليله لإعماله، في كتيب التقديم للمعرض ( الفولدر )، يوضح بشكل جلي فلسفته ووجهة نظره في عمل البورتريت، وكيفية تعامله، لإظهار القيم الجمالية في إعماله النحتية ( البورتريت )، الواقعية والواقعية التعبيرية، بالرؤيا الشخصية مع عدم إغفال الرؤية البصرية للنموذج الأصلي، إلا إننا سنقف إمام أعمال لها سمات خاصة، تبتعد أحيانا ً من شكل النموذج كترجمة حرفية، بصفة الكاميرا أو الشكل المباشر للملامح الأساسية، إلى عالم آخر يترجم أعماق الشخصية، (حسب تعبير النحات )، من خلال حركة أصابع النحات وبنائه الفكري، ومشاعره المباشرة تجاه الشخص الواقف أو الجالس أمامه، وهنا تكمن معالم وطبيعة المنطقة التي يشتغل عليها مرتضى حداد، إنها عملية بناء الصلة بين النحات والشخص الجالس إمامه، و يتبادر في الذهن السؤال التالي: هل هي علاقة نفعية ؟ ‘ أم علاقة جمالية ؟، فإذا كانت العلاقة نفعية كان من الممكن أن يقدم عملا تشخيصيا متكامل الملامح ليثير أعجاب ودهشة الآخر، وهو المتمرس عبر عقود في تدريس مادة النحت في كلية الفنون الجميلة، حتى تتم الاستفادة المادية، ولكن في أعمال مرتضى، إلغاء للآخر كمصدر نفعي والإبقاء على المستوى الجمالي وامتلاء الشعور الذاتي، وأيضا ً ليس للآخر دور مؤثر في الرؤية البصرية، أو الرؤيا الخاصة في ذهن الفنان للعمل الفني، تتركز القيمة الأساس للإظهار في رؤية الفنان الجمالية للشكل الذي إمامه، وهو كيفية بناء الصلة التي تتركز بين الإحساس الجمالي في الرؤية البصرية، ومشاعر الفنان الخاصة أو ( الجوانية ) للموديل، وبناء هذه العلاقة من خلال رؤيته المتداخلة بين عنصرين رئيسيين، أولها: مادة الاشتغال ، وثانيا ً: تفكيره المتحرر من النفعية، وهذا بالمحصلة الأخيرة، سيؤدي به للانزياح نحو المنطقة الجمالية، وصياغة التعبير الذي تجسده الفكرة أو الموضوع، المحرر نصه في ذهنه، أو خياله.
عناصر الإبداع المتداخلة ....
في البداية لابد من التركيز على المادة التي يشتغل بها الفنان، لان العنصر المادي الذي يتعامل معه الفنان، له خصائص الدوافع الشعورية والذهنية، والفنان مرتضى حداد، يتعامل في أعماله مع مادة ( الطين ) والطين يمتلك خصائص لا تمتلكها عناصر مادية أخرى، فهو عنصر حيوي متفاعل مع الإحساس المباشر بين النقطة المركزية في الرؤيا الباطنية لفهم المشخص والرؤية البصرية للمشخص، وبين أصابع الفنان، التي سوف تعمل على نقل المشاعر الباطنية إلى عجينة الطين، الأوامر واحدة، لا انفصال بين الحركتين، الحركة المادية للأصابع والحركة المجردة للتفكير والرؤيا لصياغة الفكرة المجردة، وهذه الصيغة التي يمنحها عنصر الطين لا يمكن الإحساس بها إلا للذين غمسوا أيديهم في ثناياه، وأدركوا هذا الشعور المتدفق في عملية الالتحام، وهو ما يجعلنا نقف عند التصور، فيما يريده الفنان، هو قيمة معنوية لإظهار القيم الجمالية التي يدركها ويعيها، هو وحده، والتي قد لا يعرفها أو يحسها الآخر، فيتداخل العنصران اللذان يشتغل عليهما، الطين وحميمية النص في ذهنه، لتشكلا الرؤيا المنبثقة من الإحساس بذات الشئ إمامه، فكيف تعامل مع الوجوه، وما هو الإحساس الأساس ؟.
التقنية بالتلاعب في السطوح والضربات الحادة...
الرؤية البصرية للانطباع الأول، لإعمال البورتريت التي قدمها مرتضى حداد، توحي أن العمل غير مكتمل، وهذا ما سعى له الفنان، فهو يعي أن أكمال العمل هو عدم الانتهاء منه، لان اللحظة المتدفقة في الإحساس لتلك الهنيهة، كما أثبتت علميا، تختلف عن مشاعر اللحظة في زمان ومكان آخر، بمؤثرات العوامل المتعددة النفسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، وهو يغوص لاقتناص اللحظات المختلفة في الرؤية البصرية للوجه في تحولاته، والإحساس الداخلي للمتلقي، كما حدث معه عند الاشتغال في أية عمل من لحظات المتغير. لأنه يتحدد بحركة الأصابع المكتسبة للتجربة وبين العمل الذهني، بين الناظر والمنظور، " أحاول أن أغور ما استطعت إلى أعماق الشخص وأقتنص كوامن أشياءه، فحينما أنظر إليه فأني في الحقيقة، أتخيله أتأمله. " تجربتي في النحت. مرتضى حداد. وهكذا نجد أن تمثال ( الفنان ماهر السامرائي . 2009 / فخار . حجم طبيعي ) لم تصبه تجات أو ضربات السكين، أو إضافات اليد بقطع أضافية على السطح من الطين، لما يحمله وجه الموديل من مساحة، تمنح الفنان الرؤية البصرية، لانعكاسات الضوء والظل، مع انفتاح الشخصية على أبعاد نفسية وفكرية واضحة المعالم في تعاملها المباشر مع الآخر ، " غير إن قيمة العمل الفني لا تتمثل في التنظيم الشكلي لعناصره، وما ينتج عنها من علاقات بل بما تنطوي عليه من انفعالات وحوارات فكرية ودلالات " ص8 تجربتي في نحت ( البورتريت ) فولدر معرض شخصي " وهذا الرأي سنجده يتكرر مع بورتريت ( الفنان هادي حمزة / 1987/ جبس حجم طبيعي ) ولو بمساحة أقل أذا أخذنا البعد الزمني، بين بورتريت ماهر وهادي, وكذلك سعد البصري واسماعيل الشيخلي، ولكننا لا نجد هذا البعد التعبيري، على الرغم من وجود المساحة وقرب العلاقة الحجمية للوجه، في بورتريت أكرم جرجيس، وسينقلنا لإعادة مجد نحت البورتريت على الطريقة الرومانية، صلابة الملامح، وسكونية التعبير مع حدية وقوة الشخصية الداخلية في عمل ( الفنان الدكتور صلاح القصب/ 1991/ برونز- حجم طبيعي )، والتعبير بالشموخ والاستطالة والارتفاع نحو الأعلى، الذي حملته لنا أعمال الفنانين الروس في بورتريت ( الفنان هادي نفل/ 2004 / برونز – حجم طبيعي )، ونجده ولو بدرجة أقل في بورتريت،(الدكتور طارق حسون فريد. 2006/ برونز. حجم طبيعي ). ولكننا نقف أمام إصراره، في التحدث عن عملين خصهما بالتحليل في مقاله عن فنه، ( الفنان محمد الكتاني/ 2006/ برونز – حجم طبيعي ) و ( الفنان بلاسم محمد / 2010 / برونز – حجم طبيعي )، والفارق الزمني أربعة سنوات، بين أنجاز الأول وبين أنجاز الثاني، ضمن مفاهيم الرؤية الحداثوية لكل عمل من العملين، ففي الوقت الذي يعطي إبعاد ما بعد الحداثة لعمله في بورتريت محمد الكتاني، يعود في بورتريت بلاسم محمد إلى الرؤية الرومانية في بناء ملامح البورتريت، بالصيغة التعبيرية التي يخضعهما لرأياه، ويمنح لكلا العملين البعد التعبيري الذي سلط عليهما شعوره ، ومدى معرفته بما إمامه، فينزاح نحو أقصى بُعد ما بعد الحداثة، في بورتريت محمد الكناني كما في بورتريت صديقة من ايطاليا أيضا ً ، وبين المزاوجة في العودة لروح البحث التي اتسمت بها أعمال البورتريت لمفكري وفلاسفة اليونان في بورتريت ( بلاسم )، ومن هذه الرؤية يمكننا تفسير، كيف يضع مرتضى حداد قدراته التقنية ومهارته الأكاديمية، في صياغة أعمال البورتريت، من السهولة القول أن حداد لا يشتغل لإرضاء نزوة الآخر، إنما لإشباع رغبة جمالية تتخطى مرحلة اللحظة، إلى تكريس الصورة الانطباعية في فهمه للمشخص والتعبير عن الداخل والعزوف عن الرؤية الخارجية.
المعرض التاسع والخمسون
الفنان د. مرتضى حداد
بوست رقم 7
إيقونات مرتضى حداد..
مؤيد داود البصام
أقام الفنان مرتضى حداد في معرضه الشخصي الأخير ( بورتريت ) في قاعة ألق في بغداد، يعيد أنتاج عصر النهضة من جهة، وما تمثله الانطباعيون في العلاقة بين الضوء واللون مع الروح الرومانسية التي سادت تلك الحقبة من جهة أخرى، في إعمال البورتريت التي قدمها في معرضه الأخير، ليقدم مجموعة أعمال من البورتريت المنتقاة، قد يكون الزمن الذي اشتغلوا عليه في العصور السابقة الكلاسيكية والرومانية بالأخص، ومن ثم استفاد الرومانسيين لما توصل إليه الانطباعيون في علاقة الضوء باللون وانعكاساته وتغيراته الزمنية والمكانية على سطح الوجه، كان ذلك زمنا ً مؤهلاً لمثل هذه الاعمال الفنية، بغياب الكاميرا وما وصلت إليه التقنيات المسارعة، في فن التصوير والرقمي، ولكن الفنان مرتضى بعد أن قطع شوطا ً في البناء الأكاديمي لإعماله عبر عدة عقود من ممارسة النحت بمختلف مدارسه ومناهجه، واستفاد من كل التقنيات العالمية، ومواصلا ًالارتباط بما قدمته الفنون السومرية والبابلية والآشورية ، يعود ليقدم لنا معرضا متكاملا ً إلا من تمثالين بالحجم الطبيعي، لإعمال البورتريت، فما هي الرؤى الإبداعية التي تجعل نحاتا بقامة مرتضى حداد في عالم النحت والفن التشكيلي، يبقي علاقته وارتباطه بمنهاج الواقعية التعبيرية، في الوقت الذي أخذت المذاهب الفنية في عصر الحداثة وما بعد الحداثة، تنح مناحي مختلفة وتبتعد بخطوات عن المنهاج الواقعي، ؟ على الرغم من عودة الكثير من الفنانين في العالم نهاية القرن العشرين، إلى الواقعية المفرطة، ردا على قدرات الكاميرا وتطورات التصوير الرقمي... ولعل التفسير الذي قدمه لنا في تحليله لإعماله، في كتيب التقديم للمعرض ( الفولدر )، يوضح بشكل جلي فلسفته ووجهة نظره في عمل البورتريت، وكيفية تعامله، لإظهار القيم الجمالية في إعماله النحتية ( البورتريت )، الواقعية والواقعية التعبيرية، بالرؤيا الشخصية مع عدم إغفال الرؤية البصرية للنموذج الأصلي، إلا إننا سنقف إمام أعمال لها سمات خاصة، تبتعد أحيانا ً من شكل النموذج كترجمة حرفية، بصفة الكاميرا أو الشكل المباشر للملامح الأساسية، إلى عالم آخر يترجم أعماق الشخصية، (حسب تعبير النحات )، من خلال حركة أصابع النحات وبنائه الفكري، ومشاعره المباشرة تجاه الشخص الواقف أو الجالس أمامه، وهنا تكمن معالم وطبيعة المنطقة التي يشتغل عليها مرتضى حداد، إنها عملية بناء الصلة بين النحات والشخص الجالس إمامه، و يتبادر في الذهن السؤال التالي: هل هي علاقة نفعية ؟ ‘ أم علاقة جمالية ؟، فإذا كانت العلاقة نفعية كان من الممكن أن يقدم عملا تشخيصيا متكامل الملامح ليثير أعجاب ودهشة الآخر، وهو المتمرس عبر عقود في تدريس مادة النحت في كلية الفنون الجميلة، حتى تتم الاستفادة المادية، ولكن في أعمال مرتضى، إلغاء للآخر كمصدر نفعي والإبقاء على المستوى الجمالي وامتلاء الشعور الذاتي، وأيضا ً ليس للآخر دور مؤثر في الرؤية البصرية، أو الرؤيا الخاصة في ذهن الفنان للعمل الفني، تتركز القيمة الأساس للإظهار في رؤية الفنان الجمالية للشكل الذي إمامه، وهو كيفية بناء الصلة التي تتركز بين الإحساس الجمالي في الرؤية البصرية، ومشاعر الفنان الخاصة أو ( الجوانية ) للموديل، وبناء هذه العلاقة من خلال رؤيته المتداخلة بين عنصرين رئيسيين، أولها: مادة الاشتغال ، وثانيا ً: تفكيره المتحرر من النفعية، وهذا بالمحصلة الأخيرة، سيؤدي به للانزياح نحو المنطقة الجمالية، وصياغة التعبير الذي تجسده الفكرة أو الموضوع، المحرر نصه في ذهنه، أو خياله.
عناصر الإبداع المتداخلة ....
في البداية لابد من التركيز على المادة التي يشتغل بها الفنان، لان العنصر المادي الذي يتعامل معه الفنان، له خصائص الدوافع الشعورية والذهنية، والفنان مرتضى حداد، يتعامل في أعماله مع مادة ( الطين ) والطين يمتلك خصائص لا تمتلكها عناصر مادية أخرى، فهو عنصر حيوي متفاعل مع الإحساس المباشر بين النقطة المركزية في الرؤيا الباطنية لفهم المشخص والرؤية البصرية للمشخص، وبين أصابع الفنان، التي سوف تعمل على نقل المشاعر الباطنية إلى عجينة الطين، الأوامر واحدة، لا انفصال بين الحركتين، الحركة المادية للأصابع والحركة المجردة للتفكير والرؤيا لصياغة الفكرة المجردة، وهذه الصيغة التي يمنحها عنصر الطين لا يمكن الإحساس بها إلا للذين غمسوا أيديهم في ثناياه، وأدركوا هذا الشعور المتدفق في عملية الالتحام، وهو ما يجعلنا نقف عند التصور، فيما يريده الفنان، هو قيمة معنوية لإظهار القيم الجمالية التي يدركها ويعيها، هو وحده، والتي قد لا يعرفها أو يحسها الآخر، فيتداخل العنصران اللذان يشتغل عليهما، الطين وحميمية النص في ذهنه، لتشكلا الرؤيا المنبثقة من الإحساس بذات الشئ إمامه، فكيف تعامل مع الوجوه، وما هو الإحساس الأساس ؟.
التقنية بالتلاعب في السطوح والضربات الحادة...
الرؤية البصرية للانطباع الأول، لإعمال البورتريت التي قدمها مرتضى حداد، توحي أن العمل غير مكتمل، وهذا ما سعى له الفنان، فهو يعي أن أكمال العمل هو عدم الانتهاء منه، لان اللحظة المتدفقة في الإحساس لتلك الهنيهة، كما أثبتت علميا، تختلف عن مشاعر اللحظة في زمان ومكان آخر، بمؤثرات العوامل المتعددة النفسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، وهو يغوص لاقتناص اللحظات المختلفة في الرؤية البصرية للوجه في تحولاته، والإحساس الداخلي للمتلقي، كما حدث معه عند الاشتغال في أية عمل من لحظات المتغير. لأنه يتحدد بحركة الأصابع المكتسبة للتجربة وبين العمل الذهني، بين الناظر والمنظور، " أحاول أن أغور ما استطعت إلى أعماق الشخص وأقتنص كوامن أشياءه، فحينما أنظر إليه فأني في الحقيقة، أتخيله أتأمله. " تجربتي في النحت. مرتضى حداد. وهكذا نجد أن تمثال ( الفنان ماهر السامرائي . 2009 / فخار . حجم طبيعي ) لم تصبه تجات أو ضربات السكين، أو إضافات اليد بقطع أضافية على السطح من الطين، لما يحمله وجه الموديل من مساحة، تمنح الفنان الرؤية البصرية، لانعكاسات الضوء والظل، مع انفتاح الشخصية على أبعاد نفسية وفكرية واضحة المعالم في تعاملها المباشر مع الآخر ، " غير إن قيمة العمل الفني لا تتمثل في التنظيم الشكلي لعناصره، وما ينتج عنها من علاقات بل بما تنطوي عليه من انفعالات وحوارات فكرية ودلالات " ص8 تجربتي في نحت ( البورتريت ) فولدر معرض شخصي " وهذا الرأي سنجده يتكرر مع بورتريت ( الفنان هادي حمزة / 1987/ جبس حجم طبيعي ) ولو بمساحة أقل أذا أخذنا البعد الزمني، بين بورتريت ماهر وهادي, وكذلك سعد البصري واسماعيل الشيخلي، ولكننا لا نجد هذا البعد التعبيري، على الرغم من وجود المساحة وقرب العلاقة الحجمية للوجه، في بورتريت أكرم جرجيس، وسينقلنا لإعادة مجد نحت البورتريت على الطريقة الرومانية، صلابة الملامح، وسكونية التعبير مع حدية وقوة الشخصية الداخلية في عمل ( الفنان الدكتور صلاح القصب/ 1991/ برونز- حجم طبيعي )، والتعبير بالشموخ والاستطالة والارتفاع نحو الأعلى، الذي حملته لنا أعمال الفنانين الروس في بورتريت ( الفنان هادي نفل/ 2004 / برونز – حجم طبيعي )، ونجده ولو بدرجة أقل في بورتريت،(الدكتور طارق حسون فريد. 2006/ برونز. حجم طبيعي ). ولكننا نقف أمام إصراره، في التحدث عن عملين خصهما بالتحليل في مقاله عن فنه، ( الفنان محمد الكتاني/ 2006/ برونز – حجم طبيعي ) و ( الفنان بلاسم محمد / 2010 / برونز – حجم طبيعي )، والفارق الزمني أربعة سنوات، بين أنجاز الأول وبين أنجاز الثاني، ضمن مفاهيم الرؤية الحداثوية لكل عمل من العملين، ففي الوقت الذي يعطي إبعاد ما بعد الحداثة لعمله في بورتريت محمد الكتاني، يعود في بورتريت بلاسم محمد إلى الرؤية الرومانية في بناء ملامح البورتريت، بالصيغة التعبيرية التي يخضعهما لرأياه، ويمنح لكلا العملين البعد التعبيري الذي سلط عليهما شعوره ، ومدى معرفته بما إمامه، فينزاح نحو أقصى بُعد ما بعد الحداثة، في بورتريت محمد الكناني كما في بورتريت صديقة من ايطاليا أيضا ً ، وبين المزاوجة في العودة لروح البحث التي اتسمت بها أعمال البورتريت لمفكري وفلاسفة اليونان في بورتريت ( بلاسم )، ومن هذه الرؤية يمكننا تفسير، كيف يضع مرتضى حداد قدراته التقنية ومهارته الأكاديمية، في صياغة أعمال البورتريت، من السهولة القول أن حداد لا يشتغل لإرضاء نزوة الآخر، إنما لإشباع رغبة جمالية تتخطى مرحلة اللحظة، إلى تكريس الصورة الانطباعية في فهمه للمشخص والتعبير عن الداخل والعزوف عن الرؤية الخارجية.