تويت
نظرية كل شيء The Theory of Everything
هادي ياسين
أنظروا الى الأعلى ، إلـى النجوم ، ليس إلى أقدامكم .
" ستيفن هوكينگ "
هذا الفيلم الأخّاذ ، مأخوذٌ عن مذكراتٍ بعنوان ( السفر الى اللانهاية : حياتي مع ستيفن ) التي كتبتها " جين وايلد هوكينگ " الزوجة السابقة للعالم البريطاني المعاصر ، المُعاق تماماً ، الشهير " ستيفن هوكينگ " ( 1942 ــ 2018 ) الذي قلبت نظرياته الكثيرَ من المعادلات الرياضية و الفيزيائية في تفسير الوجود و الكون ، ما جعله موضع استقطابِ و جدلِ العلماء و الجامعات ، بحيث بات أيُّ كتابٍ يشتغل على انجازه مثارَ انتظارِ و اهتمامِ الجامعاتِ و العلماء و الفلاسفة المعاصرين من أجل التوصل الى فهم جديد لتكوين العالم و حركة الوجود .
و كان " ستيفن هوكينگ " قد طرح قبل بضع سنوات من وفاته ــ في برنامج تلفزيوني ــ نظرية ً تنفي الحاجة الى ( الله ) في تفسير الكون ، لأن الكونَ قائمٌ على أسس فيزيائية و يتحرك و يتفاعلُ وفق حسابات رياضية ، ما أثار اللغط و الجدل في كبريات جامعات العالم و بين أوساط العلماء و الفلاسفة المعاصرين .. بين رافض و مناقش أو مجادل أو مؤيد .
في الواقع ، كما هو معروفٌ عنه ، كان " ستيفن " قد أصيب في الحادية و العشرين من عمره بمرض ( التصلب الجانبي ALS ) الذي يعني أن لا معنى لوجوده حياً من ناحية فاعلية فيزياء الجسد ، و هذا ما كان قد طرحه الأطباء المتخصصون ، في سويسرا ، على زوجته " جين " حين ذهبت به الى هناك لغرض معالجته .. مقترحين عليها إنهاء حياته الميئوس منها . ولكن الزوجة الحكيمة رفضت هذا المقترح و طلبت إعادته الى اكسفورد ، و كأن هاجساً في داخلها أوحى لها بسفاهة و تفاهة أولئك الأطباء.
لقد كانت على حق ، و هي تستحق التحية و رفع القبعات لحكمتها و بُعد نظرها ، لأنها حافظت على حياة و وجود عقل خلاّق يسكن جسداً عليلاً عاطلاً تماماً حتى في حالة التبول وقضاء الحاجة و النظر و السمع و الكلام ، و مع ذلك فالرجل ظل مُنتجاً بعقل خلاق قدّم خدمات علمية جلّى للبشرية بطروحاته و نظرياته و تفسيراته للكون و الوجود . غير أن الذي حصل هو أن الزوجين انفصلا بعد أن أنجبا ثلاثة أبناء ، و تزوج " ستيفن " لاحقاً من ممرضته التي انتهى زواجه منها بالطلاق أيضاً .
في تاريخ العلم و طرح نظريات العلم المعاصر يكاد " ستيفن هوكينگ " أن يكون العالِمَ الأهمَّ في عالَم اليوم بعد " آينشتاين " ، و هو يفتخر بأنه احتل كرسي " نيوتن ". و فيلمُ ( نظرية كل شيء ) ، الذي يتناول سيرته ، فيلمٌ مؤثرٌ لا ينطوي على ما يبعثه من تحريك للوجدان حسب ، بل يبعث على التفكر و يحثُّ على الإنتباه الى أن كل كائن في هذا الوجود ، و خاصة ً الوجود الإنساني ، له أثر و تأثير في صياغة معنانا في هذا الكون .
و إذ اعتمد سيناريو الفيلم مذكرات زوجة العالم " ستيفن هوكينگ " فإن عنوان الفيلم هو عنوان أحد كتبه المهمة ( نظرية كل شيء ) ، و يتكون من سبعة فصول ، هي في الأصل سبع محاضرات حول الكون و تفسيره .. سعياً لوضع نظرية شاملة لكل شيء في هذا الوجود الكوني .
مثّل دورَ " ستيفن هوكينگ " الممثلُ البريطاني " ايدي ريدماين " الذي خطف جائزة ( گولدن گلوب ) ثم جائزة الأوسكار عام 2015 كأفضل ممثل عن دوره في هذا الفيلم ، و هو الممثل المولود في لندن عام 1982 و لم يكن لديه تاريخٌ مهمٌ في التمثيل السينمائي ، ولكن دوره هذا و الجوائز المهمة التي نالها دفع المخرجين الى أن يحسبوا حسابه الذي أدارَ اليه الأعناق و لفت الانتباه . فيما مثّلت " فيليسيتي جونز " دور الزوجة " جين وايلد هوكينگ " التي اعتمد الفيلمُ مذكراتها . و هي ممثلة انجليزية ولدت عام 1983 و بدأت مسيرتها الفنية عام 1996 ، أي في الثالثة عشرة من عمرها .
أثناء توزيع جوائز أوسكار 2015 ، كان فيلم ( نظرية كل شيء ) ، الذي أخرجه " جيمس مارش " ، يقف نداً لنظيره الإنجليزي فيلم ( لعبة المُحاكاة ) ــ عرضناه هنا قبل يومين ــ الذي يتناول قصة العالم البريطاني " آلان تورنــگ " ، فكلاهما يعتمد السيرة الذاتية لعالمَين انجليزيين قدّما خدمات جلّى للبشرية . و كلاهما يقدم عرضاً سينمائياً باهراً يبعث على الحيرة في التمييز و الترشيح و الأهلية ، بل أن الممثل " بيندكت كامبرتاش " ، بطل فيلم ( لعبة المُحاكاة ) ، كان نداً و منافساً قوياً على الأوسكار أمام مواطنه البريطاني " ايدي ريدماين " .
و يبدو أن الإنجليز كانوا قد دخلوا مضمار الأوسكار ، عام 2015 ، من باب الإعتزاز بالإرث و المنجزالعلمي البريطاني ، بما وضع لجان التحكيم أمام حيرة : إما التضحية بالوزير أو الإطاحة بالملك .. كما عبر أحد النقاد ، فذهبت الأوسكار الى " ايدي ريدماين" .
و أعتقدُ أن " ستيفن هوكينـگ " ــ بعيداً عن الفيلم ــ أثبت للعالم أن الجسدَ إنْ هو إلاّ صندوقٌ للعقل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/2163575425569
هادي ياسين
أنظروا الى الأعلى ، إلـى النجوم ، ليس إلى أقدامكم .
" ستيفن هوكينگ "
هذا الفيلم الأخّاذ ، مأخوذٌ عن مذكراتٍ بعنوان ( السفر الى اللانهاية : حياتي مع ستيفن ) التي كتبتها " جين وايلد هوكينگ " الزوجة السابقة للعالم البريطاني المعاصر ، المُعاق تماماً ، الشهير " ستيفن هوكينگ " ( 1942 ــ 2018 ) الذي قلبت نظرياته الكثيرَ من المعادلات الرياضية و الفيزيائية في تفسير الوجود و الكون ، ما جعله موضع استقطابِ و جدلِ العلماء و الجامعات ، بحيث بات أيُّ كتابٍ يشتغل على انجازه مثارَ انتظارِ و اهتمامِ الجامعاتِ و العلماء و الفلاسفة المعاصرين من أجل التوصل الى فهم جديد لتكوين العالم و حركة الوجود .
و كان " ستيفن هوكينگ " قد طرح قبل بضع سنوات من وفاته ــ في برنامج تلفزيوني ــ نظرية ً تنفي الحاجة الى ( الله ) في تفسير الكون ، لأن الكونَ قائمٌ على أسس فيزيائية و يتحرك و يتفاعلُ وفق حسابات رياضية ، ما أثار اللغط و الجدل في كبريات جامعات العالم و بين أوساط العلماء و الفلاسفة المعاصرين .. بين رافض و مناقش أو مجادل أو مؤيد .
في الواقع ، كما هو معروفٌ عنه ، كان " ستيفن " قد أصيب في الحادية و العشرين من عمره بمرض ( التصلب الجانبي ALS ) الذي يعني أن لا معنى لوجوده حياً من ناحية فاعلية فيزياء الجسد ، و هذا ما كان قد طرحه الأطباء المتخصصون ، في سويسرا ، على زوجته " جين " حين ذهبت به الى هناك لغرض معالجته .. مقترحين عليها إنهاء حياته الميئوس منها . ولكن الزوجة الحكيمة رفضت هذا المقترح و طلبت إعادته الى اكسفورد ، و كأن هاجساً في داخلها أوحى لها بسفاهة و تفاهة أولئك الأطباء.
لقد كانت على حق ، و هي تستحق التحية و رفع القبعات لحكمتها و بُعد نظرها ، لأنها حافظت على حياة و وجود عقل خلاّق يسكن جسداً عليلاً عاطلاً تماماً حتى في حالة التبول وقضاء الحاجة و النظر و السمع و الكلام ، و مع ذلك فالرجل ظل مُنتجاً بعقل خلاق قدّم خدمات علمية جلّى للبشرية بطروحاته و نظرياته و تفسيراته للكون و الوجود . غير أن الذي حصل هو أن الزوجين انفصلا بعد أن أنجبا ثلاثة أبناء ، و تزوج " ستيفن " لاحقاً من ممرضته التي انتهى زواجه منها بالطلاق أيضاً .
في تاريخ العلم و طرح نظريات العلم المعاصر يكاد " ستيفن هوكينگ " أن يكون العالِمَ الأهمَّ في عالَم اليوم بعد " آينشتاين " ، و هو يفتخر بأنه احتل كرسي " نيوتن ". و فيلمُ ( نظرية كل شيء ) ، الذي يتناول سيرته ، فيلمٌ مؤثرٌ لا ينطوي على ما يبعثه من تحريك للوجدان حسب ، بل يبعث على التفكر و يحثُّ على الإنتباه الى أن كل كائن في هذا الوجود ، و خاصة ً الوجود الإنساني ، له أثر و تأثير في صياغة معنانا في هذا الكون .
و إذ اعتمد سيناريو الفيلم مذكرات زوجة العالم " ستيفن هوكينگ " فإن عنوان الفيلم هو عنوان أحد كتبه المهمة ( نظرية كل شيء ) ، و يتكون من سبعة فصول ، هي في الأصل سبع محاضرات حول الكون و تفسيره .. سعياً لوضع نظرية شاملة لكل شيء في هذا الوجود الكوني .
مثّل دورَ " ستيفن هوكينگ " الممثلُ البريطاني " ايدي ريدماين " الذي خطف جائزة ( گولدن گلوب ) ثم جائزة الأوسكار عام 2015 كأفضل ممثل عن دوره في هذا الفيلم ، و هو الممثل المولود في لندن عام 1982 و لم يكن لديه تاريخٌ مهمٌ في التمثيل السينمائي ، ولكن دوره هذا و الجوائز المهمة التي نالها دفع المخرجين الى أن يحسبوا حسابه الذي أدارَ اليه الأعناق و لفت الانتباه . فيما مثّلت " فيليسيتي جونز " دور الزوجة " جين وايلد هوكينگ " التي اعتمد الفيلمُ مذكراتها . و هي ممثلة انجليزية ولدت عام 1983 و بدأت مسيرتها الفنية عام 1996 ، أي في الثالثة عشرة من عمرها .
أثناء توزيع جوائز أوسكار 2015 ، كان فيلم ( نظرية كل شيء ) ، الذي أخرجه " جيمس مارش " ، يقف نداً لنظيره الإنجليزي فيلم ( لعبة المُحاكاة ) ــ عرضناه هنا قبل يومين ــ الذي يتناول قصة العالم البريطاني " آلان تورنــگ " ، فكلاهما يعتمد السيرة الذاتية لعالمَين انجليزيين قدّما خدمات جلّى للبشرية . و كلاهما يقدم عرضاً سينمائياً باهراً يبعث على الحيرة في التمييز و الترشيح و الأهلية ، بل أن الممثل " بيندكت كامبرتاش " ، بطل فيلم ( لعبة المُحاكاة ) ، كان نداً و منافساً قوياً على الأوسكار أمام مواطنه البريطاني " ايدي ريدماين " .
و يبدو أن الإنجليز كانوا قد دخلوا مضمار الأوسكار ، عام 2015 ، من باب الإعتزاز بالإرث و المنجزالعلمي البريطاني ، بما وضع لجان التحكيم أمام حيرة : إما التضحية بالوزير أو الإطاحة بالملك .. كما عبر أحد النقاد ، فذهبت الأوسكار الى " ايدي ريدماين" .
و أعتقدُ أن " ستيفن هوكينـگ " ــ بعيداً عن الفيلم ــ أثبت للعالم أن الجسدَ إنْ هو إلاّ صندوقٌ للعقل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/2163575425569