سليمان البستاني، سياسي وأديب وشاعر لبناني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سليمان البستاني، سياسي وأديب وشاعر لبناني

    بستاني (سليمان)

    Al-Boustani (Suleiman-) - Al-Boustani (Suleiman-)

    البستاني (سليمان ـ)
    (1856 ـ 1925م)

    سليمان بن خطَّار بن سلّوم البستاني، سياسي وأديب وشاعر لبناني، ولد في بَكْشتين من مديرية الشحيم محافظة الشوف، تلقى مبادئ العربية والسريانية عن جده المطران عبد الله البستاني، وفي السابعة من عمره دخل المدرسة الوطنية التي أسسها عمه بطرس ابن بولس البستاني في بيروت، وبقي فيها ثماني سنوات، وفي السادسة عشرة عاون عمه بطرس في إنشاء مجلة «الجنان» وجريدتي «الجنّة» و«الجُنينة» وكان أحد محرريها.
    ولمّا ذاعت شهرته دعاه وجهاء البصرة في العراق لإنشاء مدرسة وإصدار جريدة فيها، فمضى إليها وهو في العشرين وأسس فيها مدرسة ما لبث أن تخلى عنها لغيره، وعينته الحكومة العثمانية مديراً لشركة المراكب الخديوية العثمانية في بغداد، فاتخذ بغداد مقراً له، وانتُدب قاضياً بمحكمة التجارة البغدادية، وانصرف إلى مزاولة التجارة. وأقام سليمان البستاني في العراق ثمانية أعوام ساح في أثنائها في بلاد العرب والهند، ودرس شؤون العرب وأهل البادية وأحوالهم وعاداتهم وأخلاقهم، وشرع في وضع تاريخ مطوّل لهم.
    وفي سنة 1885 عاد إلى بيروت، وانصرف إلى إتمام دائرة المعارف التي بدأها عمه بطرس البستاني، وأنجز الجزء التاسع منها، ثم سافر إلى مصر وعاد إلى العراق، وأقام سنتين ليتم تأليف كتابه «تاريخ العرب اليوم»، وهناك تزوج. ثم سافر إلى الأستانة، وبقي فيها سبع سنوات، ثم غادرها إلى أمريكة الشمالية وأنشأ في شيكاغو جريدة تركية، لم تعمّر طويلاً، ثم عاد إلى القاهرة وأقام فيها حتى سنة 1908، حيث اشتغل بالأدب والتأليف وترجم إلياذة هوميروس شعراً، ونشر الجزأين العاشر والحادي عشر من دائرة المعارف بالاشتراك مع ابني عمه نسيب ونجيب.
    ولمّا نشر الدستور العثماني سنة 1908 دعته جمعية الاتحاد والترقي إلى بيروت، وانتخب نائباً في مجلس «المبعوثان» ثم عضواً في مجلس الأعيان، فانتقل إلى الأستانة، وكان له نشاط واسع في المجلسين، وانتدب لتمثيل الحكومة العثمانية في العواصم الأوربية في المؤتمرات التي عقدت فيها، ثم عيّن وزيراً للزراعة. ولمّا نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914 استقال من الوزارة وقصد سويسرة وأقام فيها مدة الحرب، ثم عاد إلى مصر، وهناك دعاه أصدقاؤه لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية فكان موضع ترحيب كبير فيها، وفي نيويورك وافته المنيّة فحمل جثمانه إلى بيروت.
    كان سليمان البستاني في أثناء توليه مهامه السياسية يحاول الإصلاح وتقريب وجهات النظر المختلفة بين الدولة العثمانية وبقية الدول، كما حاول إزالة سوء التفاهم بين الترك والعرب والتقريب بينهما. وإلى هذا فقد كان من الذين أيّدوا استعمال اللغة العربية في المحاكم والمدارس الحكومية وبقية الدوائر في بلاد العرب، واستصدر أمراً يمنع توظيف من يجهلها في هذه البلاد، ويمنع غير أبنائها من تدريسها في المدارس، وسعى إلى منع الضرائب غير المشروعة، وقد اشتهر بطول أناته وتروّيه وحلمه وتواضعه وبعده عن التبجح، كما عرف بلين العريكة، والمقدرة على امتلاك القلوب، والقدرة على التحمل، فقد كان يقوم برحلات علمية في بلاد العرب، وكان يسير أحياناً في البوادي أياماً، ممتطياً الإبل حيث لا ظلّ ولا راحة، وهدفه معرفة عادات القبائل وفهم أساليب حياتها. وقد اتصف منذ شبابه بالجديّة وحب المعرفة، وكان يتمتع بذاكرة قوية ساعدته على الحفظ والتوسع بالدرس. وكان متقناً لسبع لغات منها الفرنسية والإنكليزية والتركية، كما كان يلمّ بخمس لغات أخرى منها العبرية والهندية، ولما أراد ترجمة الإلياذة درس لغة اليونان القديمة.
    ترك سليمان البستاني عدة مؤلفات منها: «تاريخ العرب إلى يومنا» وهو تاريخ مطوّل للعرب ولاسيما عرب العراق، وكتاب «عبرة وذكرى» أو «الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده» وألفّه على أثر الانقلاب العثماني، في ثلاثة مجلدات، ورسالة «الاختزال العربي» وكان أول من كتب فيه بالعربية ووضع قواعده. كما دوّن مذكرات أسفاره، وفيها يصف رحلاته وما لاقاه فيها وما حدث أمامه من الأمور. ونشر مجموعة مقالات في الصحف والمجلات العربية والأجنبية، وخاصة الفرنسية والإنكليزية. وله قصائد طويلة في الحكمة والوطنية والأخلاق، ومن أشهر قصائده «الداء» و«الدواء» وهما قصيدتان نظمهما في سويسرة في أثناء الحرب العالمية الأولى.
    أمّا الأثر الأدبي الذي اشتهر به فهو ترجمته للإلياذة[ر] وقد عرّبها عن اليونانية شعراً، ونظمها في أحد عشر ألف بيت، واستغرق ذلك منه سبعة عشر عاماً.
    وقد صدّر البستاني تعريب الإلياذة بمقدمة طويلة تحدّث فيها عن ناظمها ومنزلته لدى القدماء ورأي المتأخرين فيه، كما بحث في موضوع الإلياذة وطرائق نقلها وكتابتها، ثم أتى على تحليلها وشرحها، وتحدّث عن التعريب الشعري ونظمه، كما ألّف معجماً للإلياذة سماه «التراجم الهوميرية». وقد جدّد في نظم ترجمته للإلياذة في قوافي الأبيات، فنظم على المثنّى والمربّع والمثمّن والمسمّط والموشّح وتصريع المتقارب.

    نهلة الحمصي
    الموضوعات ذات الصلة:
    الاختزال ـ الإلياذة ـ البستاني (بطرس ـ).
    مراجع للاستزادة:
    ـ عيسى اسكندر المعلوف، مجلة المجمع العلمي العربي (العدد الخامس).
    ـ الكونت فيليب دي ترازي، تاريخ الصحافة (المكتبة الأدبية، بيروت 1913م).
يعمل...
X