القيود الجديدة تضر بالوضع الاقتصادي للمرأة وصحتها العقلية.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القيود الجديدة تضر بالوضع الاقتصادي للمرأة وصحتها العقلية.

    ماذا بقي للمرأة الأفغانية بعد ملاحقة صوتها في الشارع والإنترنت


    القيود الجديدة تضر بالوضع الاقتصادي للمرأة وصحتها العقلية.


    مستقبل مظلم

    قررت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان أن صوت النساء عورة ولا ينبغي سماعهن وهن يتكلمن أو يقرأن بصوت عال حتى في المنزل، ليخسر العديد منهن مصادر رزقهن خصوصا من لجأن إلى يوتيوب.

    كابول - كانت حسنة تتجول في شوارع كابول كل أسبوع بميكروفون وهاتف محمول في يديها لإجراء مقابلات مع أشخاص لنشرها على موقع يوتيوب. وتحولت هذه الإثارة إلى خوف بعد أن منعت طالبان النساء من التحدث في الأماكن العامة.

    وسنّت طالبان خلال الشهر الماضي رسميا مجموعة من القوانين الأخلاقية في أفغانستان تضمنت اشتراط أن تحجب النساء أنفسهن من الرأس إلى القدمين في الأماكن العامة وحظرا على التحدث خارج منازلهن.

    ووفقا لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أنشأتها طالبان بعد الاستيلاء على الحكم في 2021، لا ينبغي سماعهن وهن يتكلمن أو يقرأن بصوت عال حتى في المنزل.

    وقالت حسنة، وهي مستخدمة على يوتيوب تبلغ من العمر 25 عاما طلبت من مؤسسة تومسون رويترز تعريفها باسم مستعار لحماية هويتها، “أخشى أن تعتقلني طالبان في كل مرة أذهب فيها إلى المدينة لتصوير الناس وإجراء مقابلات معهم. أصبح صوتنا عورة. تريدنا طالبان أن نُسجن في الداخل”.

    وجمعت قناتها على يوتيوب أكثر من 5 آلاف مشترك منذ إطلاقها في يوليو 2023.
    قنوات يوتيوب مصدر مهم للدخل للعديد من النساء حيث يغطي معظمهن نفقات المعيشة من خلال نشر المحتوى

    وكانت حسنة تنشر قبل القوانين الأخيرة حوالي 10 مقاطع فيديو شهريا حول مواضيع تتراوح بين الملابس وإنتاج المنسوجات وصنع المثلجات والمطبخ الأفغاني ونوع الحياة الاجتماعية التي يتمتع بها الناس في بلد مقيّد بشكل متزايد.

    ولا تستهدف القواعد الجديدة يوتيوب أو منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مباشرة. لكنّ صانعي المحتوى يقولون إن قدرتهم على إنشاء مقاطع فيديو في الأماكن العامة وفي المنزل تتراجع.

    وتخشى العشرات من النساء اللاتي لجأن إلى يوتيوب بحثا عن مصدر للدخل بعد أن استولت طالبان على السلطة في2021 وحبستهن في منازلهن خسارة هذا المنفذ.

    وصرّحت حسنة “إذا كنت لا تنتج مقاطع فيديو بنشاط، فكيف يمكنك الكسب؟ أثّر الوضع الحالي سلبا على عملي ودخلي وسلامتي العقلية”. ولم تكشف عن المبلغ الذي كسبته من مقاطع الفيديو التي نشرتها، لكنها قالت إنه كان كافيا لإعالة أسرتها.

    وأضافت “لم يعد بإمكاننا العمل بحرية. أخشى أنني قد لا أتمكن من مواصلة العمل في المستقبل وحتى دفع النفقات الأساسية”.


    يجب على العالم الانتباه


    أثارت القيود التي تفرضها طالبان على النساء وحرية التعبير انتقادات حادة من جماعات حقوقية والعديد من الحكومات الأجنبية.

    وكانت طالبان منعت الفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي كما منعت النساء من الالتحاق بالجامعات وجل الوظائف وقلصت حريتهن في التنقل وأعادت القيود القاسية التي كانت فرضتها عندما استولت على السلطة لأول مرة سنة 1996.

    وأثارت القوانين الأخيرة غضبا دوليا جديدا وتلقت طالبان دعوات إلى إلغائها فورا.

    وتقول طالبان إنها تحترم حقوق المرأة وفقا لتفسيرها للشريعة الإسلامية والعادات المحلية وإن هذه مسائل داخلية يجب معالجتها محليا.

    وقالت مولودا تاوانا، وهي ناشطة أفغانية في مجال حقوق المرأة، إن القيود الأخيرة لا تضرّ فقط بالوضع الاقتصادي للمرأة ، ولكن بصحتها العقلية أيضا. وأخبرتنا عبر واتساب أن “القيود الجديدة تمنع مستخدمي يوتيوب هؤلاء من أداء عملهم، مما يتركهم يعيشون مثل الدمى في زاوية صامتة”.

    وأكدت أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدت النساء على الاحتجاج والتعبير عن أنفسهن ومشاركة “فظائع طالبان” مع العالم. وحذرت من أن الإبلاغ عن الأحداث دون أصواتهن سيكون مستحيلا. وتابعت “يجب أن ينتبه العالم إلى محنة الشعب الأفغاني، وخاصة النساء”.

    ولاحظت حسنة بالفعل تحولا في رغبة النساء في التحدث أمام الكاميرا. وقالت “كان الجميع حريصين على التحدث مع وسائل الإعلام ومشاركة آرائهم في وقت سابق. لكن أصبح من النادر الآن العثور على نساء وفتيات في الأماكن العامة، وهن يرفضن إجراء مقابلات لأنهن يخشين على حياتهن”.


    أمر واقع


    وقال شاداب غولزار نائب رئيس اتحاد مستخدمي يوتيوب الأفغان إن القيود الجديدة قللت بالفعل من النشاط عبر الإنترنت وخلقت تحديات اقتصادية. لكنه حث النساء على عدم التخلي عن المنصة.

    وأوضح “يمكن لمستخدمي يوتيوب مواصلة أنشطتهم باتباع المبادئ الإسلامية. وتستهدف القيود الجديدة على وجه التحديد الأنشطة الصوتية، وليس يوتيوب نفسه. يجب أن يواصل مستخدمو يوتيوب عملهم، لأن منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة هذه تعدّ ضرورية لرفع صوت الشعب الأفغاني. وسوف لن تُسمع أصواتهم إذا توقفوا، وقد تزداد القيود”.

    وقال غولزار إن قنوات يوتيوب أصبحت مصدرا مهما للدخل للعديد من النساء، “حيث يغطي معظمهن نفقات المعيشة” من خلال الأرباح التي يحققها نشر المحتوى.

    وتحدد بيانات يوتيوب أن حوالي 10 إلى 15 في المئة من جميع مستخدمي الموقع الأفغان يكسبون ما بين 1500 و2000 دولار شهريا. ويكسب ما يزيد قليلا عن النصف ما يصل إلى 500 دولار في المتوسط.

    وهذا المبلغ كبير في بلد يذكر البنك الدولي أن دخل الفرد فيه يزيد قليلا عن 350 دولارا.

    وتقول النساء إن مثل هذه الوظائف المنزلية تعدّ مفتاح العيش.

    وطلبت منا مستخدمة اليوتيوب سيتارا استخدام اسم مستعار لحماية هويتها. وهي تبلغ من العمر 24 عاما، وبدأت أحدث القواعد تؤثر على عملها رغم أن محتواها يركز على التعاليم والثقافة الإسلامية.

    مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت النساء على الاحتجاج والتعبير عن أنفسهن، والإبلاغ عن الأحداث دون أصواتهن سيكون مستحيلا

    وقالت سيتارا، خريجة الدراسات الإسلامية التي اكتسبت قناتها على يوتيوب أكثر من 10 آلاف متابع منذ إطلاقها في سبتمبر 2022، “كان بإمكاني في السابق التحدث بحرية، ولم يعد هذا ممكنا الآن”.

    وأضافت “تزعم طالبان أن هذه القيود هي تطبيق للشريعة الإسلامية لكن للمرأة في الإسلام الحق في العمل والتعليم”.

    وتريد سيتارا من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الضغط على طالبان لاستعادة حقوق المرأة وحرياتها. وأكدت “ينتظر المرأة الأفغانية مستقبل مظلم إذا لم يتغير هذا الوضع”.

    وتمنح القوانين وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حق شن حملات على السلوك الشخصي، وأن تفرض عقوبات مثل التحذيرات أو الاعتقالات في حال انتهاكها.

    وينص البند 13 على أنه يفرض على المرأة تغطية جسمها في الأماكن العامة وتغطية وجهها لتجنب الفتنة وإغواء الآخرين. كما يفرض على النساء ارتداء ملابس فضفاضة وطويلة لا تشف ولا تصف.

    وقالت طالبان إنه يتعين على المرأة المسلمة أن تستر نفسها أمام الرجال والنساء لتجنب الفتن. ويعتبر صوت المرأة أمرا له خصوصيته، لذلك لا ينبغي أن يسمع في الغناء، أو إلقاء الشعر، أو القراءة بصوت عال في الأماكن العامة.

    ويحرّم على المرأة النظر إلى الرجال الذين لا ترتبط بهم بعلاقة قرابة أو زواج، وكذلك الرجال.

    طالبان منعت الفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي كما منعت النساء من الالتحاق بجل الوظائف وقلصت حريتهن

    وتحظر المادة 17 نشر صور الكائنات الحية، الأمر الذي يهدد المشهد الإعلامي الأفغاني الهش بالفعل.

    كما تحظر المادة 19 عزف الموسيقى وسفر النساء دون محرم أو اختلاط الرجال بالنساء الأجانب، والعكس. كذلك يلزم القانون المسافرين والسائقين بتأدية الصلاة في أوقاتها.

    وجاء في تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الوزارة تساهم في خلق مناخ من الخوف والترهيب بين الأفغان، من خلال الأوامر، والأساليب المستخدمة لفرض تنفيذها. وذكر أن دور الوزارة توسّع ليشمل مجالات أخرى في الحياة العامة، منها مراقبة وسائل الإعلام، والقضاء على إدمان المخدرات.

    وقالت فيونا فريزر رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أفغانستان “بالنظر إلى المشكلات العديدة التي تضمنها التقرير، فإن الوضع الذي عبّرت عنه سلطات الأمر الواقع بأن هذا الإشراف سوف يتزايد ويتوسع، يثير قلقا بالغا لدى جميع الأفغان، خاصة النساء والفتيات”.

    وفي أواخر يونيو الماضي، شددت سلطات طالبان على أن المطالب المتعلقة بحقوق المرأة هي شأن داخلي يتعين حله في أفغانستان، وذلك عشية اجتماع دولي في قطر لإجراء محادثات تقدمها الأمم المتحدة على أنها خطوة رئيسية في عملية المشاركة، في حين تندد جماعات حقوقية بتغييب المرأة الأفغانية.

    ومنذ استيلائها على السلطة في أغسطس 2021، تطبق حركة طالبان تفسيرها المتشدد للشريعة، مشددة القيود على النساء بصورة خاصة، بينما تندد الأمم المتحدة بسياسات تكرس التمييز و”الفصل القائم على النوع الاجتماعي”.

    هناك الآن نحو 2.5 مليون فتاة حرمن من حقهن في التعليم، وهو ما يمثل 80 في المئة من الفتيات الأفغانيات في سن الدراسة

    وأُغلقت أبواب الثانويات ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المتنزهات وصالات الرياضة وغيرها.

    وانتقدت جماعات حقوقية استبعاد النساء الأفغانيات من الاجتماعات الرئيسية وعدم إدراج قضايا حقوق الإنسان في جدول الأعمال.

    وفي يونيو الماضي، قالت مسؤولة كبيرة في الأمم المتحدة إن استمرار القيود على حقوق النساء يحول دون عودة أفغانستان فعليا إلى المجتمع الدولي.

    ومنذ عودتها إلى الحكم، لم تعترف أيّ دولة رسميا بسلطات طالبان، التي تطبق تفسيرا شديد الصرامة للإسلام، عبر مضاعفة الإجراءات الهادفة إلى القضاء على حرية النساء، في سياسة وصفتها الأمم المتحدة بأنها “فصل عنصري بين الجنسين”.

    وقالت روزا أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة إلى أفغانستان، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، في يونيو الماضي، إن “هذه القيود المفروضة على النساء والفتيات”، خصوصا في مجال التعليم، “تحرم البلاد من رأسمال إنساني حيوي.. وتساهم في هجرة الأدمغة التي تقوض مستقبل أفغانستان”.

    وأضافت “كونها لا تحظى بشعبية كبيرة، فإنها تقوض مزاعم الشرعية لسلطات الأمر الواقع التابعة لطالبان”.

    وأشارت إلى أن هذه القيود “تستمر في منع (التوصل إلى) حلول دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى إعادة دمج أفغانستان في المجتمع الدولي”.


    وكان المجتمع الدولي أطلق عملية العام الماضي لمناقشة تعزيز التزامه تجاه أفغانستان، من خلال اجتماعات مبعوثين إلى أفغانستان في الدوحة برعاية الأمم المتحدة وبحضور ممثلين للمجتمع المدني الأفغاني بينهم نساء.

    وأفادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في أغسطس الماضي، أن ما لا يقل عن 1.4 مليون فتاة بأفغانستان حُرمن من التعليم الثانوي منذ عودة طالبان إلى السلطة عام 2021، ما يعرّض مستقبل جيل كامل للخطر.

    وقالت اليونسكو في بيان إن الوصول إلى التعليم الأساسي تراجع أيضا بشكل حاد، إذ انخفض عدد الفتيات والفتيان الملتحقين بالمدارس بنحو 1.1 مليون، بينما احتفلت سلطات طالبان بمرور 3 سنوات على استعادتها السلطة في 15 أغسطس 2021.

    وأعربت المنظمة الأممية عن قلقها “إزاء العواقب الضارة لهذا المعدل المتزايد لعدم الالتحاق بالمدارس الذي قد يؤدي إلى زيادة عمالة الأطفال والزواج المبكر”.

    وأضافت “في غضون 3 سنوات فقط، قضت سلطات الأمر الواقع تقريبا على عقدين من التقدم المطرد للتعليم في أفغانستان، ومستقبل جيل كامل أصبح الآن في خطر”.

    وأشارت المنظمة إلى أن هناك الآن نحو 2.5 مليون فتاة حرمن من حقهن في التعليم، وهو ما يمثل 80 في المئة من الفتيات الأفغانيات في سن الدراسة.

    وأفغانستان هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع الفتيات والنساء من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات.
يعمل...
X