الباليه عالم سحر وفن ورياضة عالية الأداء
الباليه أصبح يميل إلى المجال الرياضي بدرجة أكبر، وصار يشمل مزيدا من العمل البدني، لقد أصبح نوعا من الرياضة عالية الأداء.
مبطن بالضغوط
عند النظرة الأولى قد يعتقد المتفرج أن الفتيات النحيفات ممشوقات القوام، اللاتي يقمن بحركات دوران رائعة على خشبة المسرح، بخفة وبرشاقة على نغمات الموسيقى وهن مرتديات تنورات قصيرة، يؤدين هذه الرقصات المذهلة بسهولة فائقة وتلقائية كبيرة، ولكن هذا المشهد في حقيقة الأمر هو نتاج سيمفونية جبارة من العرق والعمل الشاق.
ميونيخ - يكتشف العالم بخفايا عالم الباليه أن هناك وجها آخر له، يختلف عما يراه المتفرج أمامه على خشبة المسرح. حقيقة أن هذا العالم حافل بالسحر والفن، ولكنه أيضا مبطن بالضغوط التي تمارس على أفراد الفرقة ليحققوا أداء مبهرا، كما أنه تسوده التصورات النمطية عن راقصات الباليه.
وإحدى هذه التصورات هي أن جميع الراقصات، يخترن الحد من تناول الطعام إلى حد كبير لخفض أوزانهن، وهو ما تصفه ماريا بارانوفا البالرينا الأولى في فرقة باليه ولاية بافاريا بميونيخ، بأنه صورة نمطية شائعة.
وتقول إن تحقيق النحافة يتم بدرجة أكبر عن طريق التدريبات، وتؤكد أن رقص الباليه هو نوع من الرياضة التنافسية، ولكنه يتخفى وراء ستار فني. يبدأ يوم التدريب العادي لبارانوفا في الساعة العاشرة صباحا، وتظل تمارس الرقص حتى السادسة مساء. وتصف بارانوفا الراقصات بقولها، “إننا من كبار الرياضيين، وكل أداء نقوم به على المسرح يمثل لنا بطولة أوليمبية، ونحن نحسن من قدراتنا كل يوم”.
وتضيف إن العمل شاق ويتطلب كثيرا من الانضباط، “وليس هناك مخرج سهل يريح الراقصات، فنحن نقدم عروضا حية كل يوم أمام الجمهور، ولا تستطيع أيا منا أن تدخل تحسينات على صورتها مثلما يفعل مستخدمو تطبيق الفوتوشوب، فكل أداء لنا يكون بصورة حية مباشرة”. بينما يقول لوران هيلير مدير فرقة باليه ولاية بافاريا، إن الراقصين والراقصات رياضيون من أعلى طراز، وهم يحترمون فنهم طوال عقود.
ويشير هيلير إلى أن شركات الباليه تدرك، مخاطر اضطرابات الأكل وحتى فقدان الشهية، ويقول إنه مع ذلك فهذه الصورة أصبحت متقادمة ولم يعد لها وجود في معظم الشركات، وكان هيلير في السابق راقصا شهيرا في فرقة باليه أوبرا باريس طوال نحو عشرين عاما.
ويؤكد مدير فرقة الباليه قائلا، “نحن نتحدث عن متاعب اضطرابات الأكل ولجوء الراقصات إلى النحافة، ونحن نشعر بالقلق إزاء هذا الاتجاه، وأنا لا أؤيد على الإطلاق الراقصة التي تتجه إلى إنقاص وزنها بعدم تناول الأطعمة”.
تركز أكاديميات الباليه أيضا على تدريس برامج الصحة، وعلى سبيل المثال عينت جامعة ميونيخ للموسيقى والمسرح محاضرا في استشارات التغذية.
وتم تعيين دوروثي ماير خصيصا لبرنامج شهادة الرقص، وتوضح أن عادات الأكل غير الصحية منتشرة في عالم الباليه وأصبحت طبيعية، وأن الراقصات أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة باضطراب الأكل مقارنة بعموم السكان.
وتقول ماير إن “الدراسات تشير إلى أن الراقصات الشابات بشكل عام، يتناولن ما نسبته 70 بالمئة فقط من السعرات الحرارية الموصى بها، كما أن وزن الجسم وكتلة الدهون لديهن أقل من المتوسط.
ولمنع ذلك تنظم ماير بالجامعة ورش عمل وحلقات دراسية في الطهي، وجلسات استشارة فردية. وتقدم ماير مرتين في العام لطلابها توصيات غذائية، وتعمل مع كل طالب على حده لوضع برنامج غذائي، مصمم خصيصا لنمط حياة كل منهم.
وهناك أيضا حد أدنى للوزن في جامعة ميونيخ للموسيقى والمسرح، وتقول ماير “من المهم أن تدرك الراقصات أنهن فنانات وفي نفس الوقت رياضيات، وبدون الغذاء الصحيح من المحتم أن يعاني الأداء”. كما تؤيد البالرينا بارانوفا الحفاظ على النظام الغذائي الصحي، وتقول مازحة “لا يستطيع أحد أن يأكل الهواء، ولا يستطيع جسمه أن يؤدي وظائفه بدون وقود”.
وهي ترى أنه يجب على من تريد أن تصبح راقصة باليه، أن تبدأ التدريب في وقت مبكر، وتقول بارانوفا إنها بدأت الرقص وهي في الثالثة من عمرها، وتضيف إنه في سن 12 أو 13 عاما ينتظم الأطفال في التدريب يوميا، ويمارسون الكثير من العمل البدني.
وتوضح بارانوفا وهي تصف تجربتها قائلة، “في مرحلة ما يصبح هذا التدريب اليومي هو البرنامج المألوف، فستعتاد عليه ويصير هو المسار الطبيعي، لأن الجسم يتعين عليه أن يحتمل الضغط، ومن هنا يصبح الباليه هو هويتك”.
غير أن التغيرات التي طرأت على عالم الباليه، لا تتعلق فقط بمثاليات شكل الجسم وما يتمتع به من رشاقة، ويقول مدير فرقة الرقص هيلير إن المعايير ارتفعت خلال الأعوام الخمسين الماضية، كما تغيرات أساليب الرقص الفنية.
ويضيف إن الباليه أصبح يميل إلى المجال الرياضي بدرجة أكبر، وصار يشمل مزيدا من العمل البدني، أو لنقل إنه أصبح نوعا من الرياضة عالية الأداء.
وتصف بارانوفا الباليه بأنه أصبح “مجالا تنافسيا، فعلى الجانب الرياضي يحاول كل فرد أن يحقق أعلى أداء”، وهي ترى أن مهنتها أكثر من مجرد منافسة، وإنها “تجعل الراقصين يجيدون رواية الحكايات”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الباليه أصبح يميل إلى المجال الرياضي بدرجة أكبر، وصار يشمل مزيدا من العمل البدني، لقد أصبح نوعا من الرياضة عالية الأداء.
مبطن بالضغوط
عند النظرة الأولى قد يعتقد المتفرج أن الفتيات النحيفات ممشوقات القوام، اللاتي يقمن بحركات دوران رائعة على خشبة المسرح، بخفة وبرشاقة على نغمات الموسيقى وهن مرتديات تنورات قصيرة، يؤدين هذه الرقصات المذهلة بسهولة فائقة وتلقائية كبيرة، ولكن هذا المشهد في حقيقة الأمر هو نتاج سيمفونية جبارة من العرق والعمل الشاق.
ميونيخ - يكتشف العالم بخفايا عالم الباليه أن هناك وجها آخر له، يختلف عما يراه المتفرج أمامه على خشبة المسرح. حقيقة أن هذا العالم حافل بالسحر والفن، ولكنه أيضا مبطن بالضغوط التي تمارس على أفراد الفرقة ليحققوا أداء مبهرا، كما أنه تسوده التصورات النمطية عن راقصات الباليه.
وإحدى هذه التصورات هي أن جميع الراقصات، يخترن الحد من تناول الطعام إلى حد كبير لخفض أوزانهن، وهو ما تصفه ماريا بارانوفا البالرينا الأولى في فرقة باليه ولاية بافاريا بميونيخ، بأنه صورة نمطية شائعة.
وتقول إن تحقيق النحافة يتم بدرجة أكبر عن طريق التدريبات، وتؤكد أن رقص الباليه هو نوع من الرياضة التنافسية، ولكنه يتخفى وراء ستار فني. يبدأ يوم التدريب العادي لبارانوفا في الساعة العاشرة صباحا، وتظل تمارس الرقص حتى السادسة مساء. وتصف بارانوفا الراقصات بقولها، “إننا من كبار الرياضيين، وكل أداء نقوم به على المسرح يمثل لنا بطولة أوليمبية، ونحن نحسن من قدراتنا كل يوم”.
وتضيف إن العمل شاق ويتطلب كثيرا من الانضباط، “وليس هناك مخرج سهل يريح الراقصات، فنحن نقدم عروضا حية كل يوم أمام الجمهور، ولا تستطيع أيا منا أن تدخل تحسينات على صورتها مثلما يفعل مستخدمو تطبيق الفوتوشوب، فكل أداء لنا يكون بصورة حية مباشرة”. بينما يقول لوران هيلير مدير فرقة باليه ولاية بافاريا، إن الراقصين والراقصات رياضيون من أعلى طراز، وهم يحترمون فنهم طوال عقود.
ويشير هيلير إلى أن شركات الباليه تدرك، مخاطر اضطرابات الأكل وحتى فقدان الشهية، ويقول إنه مع ذلك فهذه الصورة أصبحت متقادمة ولم يعد لها وجود في معظم الشركات، وكان هيلير في السابق راقصا شهيرا في فرقة باليه أوبرا باريس طوال نحو عشرين عاما.
ويؤكد مدير فرقة الباليه قائلا، “نحن نتحدث عن متاعب اضطرابات الأكل ولجوء الراقصات إلى النحافة، ونحن نشعر بالقلق إزاء هذا الاتجاه، وأنا لا أؤيد على الإطلاق الراقصة التي تتجه إلى إنقاص وزنها بعدم تناول الأطعمة”.
تركز أكاديميات الباليه أيضا على تدريس برامج الصحة، وعلى سبيل المثال عينت جامعة ميونيخ للموسيقى والمسرح محاضرا في استشارات التغذية.
وتم تعيين دوروثي ماير خصيصا لبرنامج شهادة الرقص، وتوضح أن عادات الأكل غير الصحية منتشرة في عالم الباليه وأصبحت طبيعية، وأن الراقصات أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة باضطراب الأكل مقارنة بعموم السكان.
وتقول ماير إن “الدراسات تشير إلى أن الراقصات الشابات بشكل عام، يتناولن ما نسبته 70 بالمئة فقط من السعرات الحرارية الموصى بها، كما أن وزن الجسم وكتلة الدهون لديهن أقل من المتوسط.
ولمنع ذلك تنظم ماير بالجامعة ورش عمل وحلقات دراسية في الطهي، وجلسات استشارة فردية. وتقدم ماير مرتين في العام لطلابها توصيات غذائية، وتعمل مع كل طالب على حده لوضع برنامج غذائي، مصمم خصيصا لنمط حياة كل منهم.
وهناك أيضا حد أدنى للوزن في جامعة ميونيخ للموسيقى والمسرح، وتقول ماير “من المهم أن تدرك الراقصات أنهن فنانات وفي نفس الوقت رياضيات، وبدون الغذاء الصحيح من المحتم أن يعاني الأداء”. كما تؤيد البالرينا بارانوفا الحفاظ على النظام الغذائي الصحي، وتقول مازحة “لا يستطيع أحد أن يأكل الهواء، ولا يستطيع جسمه أن يؤدي وظائفه بدون وقود”.
وهي ترى أنه يجب على من تريد أن تصبح راقصة باليه، أن تبدأ التدريب في وقت مبكر، وتقول بارانوفا إنها بدأت الرقص وهي في الثالثة من عمرها، وتضيف إنه في سن 12 أو 13 عاما ينتظم الأطفال في التدريب يوميا، ويمارسون الكثير من العمل البدني.
وتوضح بارانوفا وهي تصف تجربتها قائلة، “في مرحلة ما يصبح هذا التدريب اليومي هو البرنامج المألوف، فستعتاد عليه ويصير هو المسار الطبيعي، لأن الجسم يتعين عليه أن يحتمل الضغط، ومن هنا يصبح الباليه هو هويتك”.
غير أن التغيرات التي طرأت على عالم الباليه، لا تتعلق فقط بمثاليات شكل الجسم وما يتمتع به من رشاقة، ويقول مدير فرقة الرقص هيلير إن المعايير ارتفعت خلال الأعوام الخمسين الماضية، كما تغيرات أساليب الرقص الفنية.
ويضيف إن الباليه أصبح يميل إلى المجال الرياضي بدرجة أكبر، وصار يشمل مزيدا من العمل البدني، أو لنقل إنه أصبح نوعا من الرياضة عالية الأداء.
وتصف بارانوفا الباليه بأنه أصبح “مجالا تنافسيا، فعلى الجانب الرياضي يحاول كل فرد أن يحقق أعلى أداء”، وهي ترى أن مهنتها أكثر من مجرد منافسة، وإنها “تجعل الراقصين يجيدون رواية الحكايات”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook