القصة القصيرة الأنثوية في لبنان وحقائقها الملتبسة
9 - أبريل - 2024م
شوقي بدر يوسف
لا شك في أن محاولة اكتشاف هذه الخصوصية التي تكتنف واقع القصة القصيرة التي تكتبها المرأة في لبنان ربما يضع أمام أعيننا العديد من الحقائق الملتبسة في الإبداع الذي تكتبه المرأة على إطلاقه، ذلك أن المبدعة اللبنانية في هذا المجال وما تمر به في حياتها الخاصة والعامة، إنما هو النسق نفسه الذي تعايشه المرأة المبدعة في كل مكان إلا أن الكاتبة اللبنانية ربما تعيش حالة خاصة من حالات هموم الوطن والإنسان والانتماء والهوية والذات، بأبعاد لها خصوصيتها في الشارع اللبناني أولا، ثم في المنافي الاختيارية التي اضطرت إلى اللجوء إليها في أوروبا، وغيرها من المدن العربية الأخرى، كما تعيش أيضا مشاكل أنثروبولوجيا البيئة، والهم الاجتماعي المعتاد، وتعدد البنيات العقائدية، هي تعيش هذه الهموم أكثر مما تعيشه بعضهن في البيئات العربية الأخرى اللهم إلا ما نجده الآن في الكتابة الإبداعية للمرأة في كل من فلسطين والعراق، حيث الهم العربي الخاص بالوطن والهوية يحتل مساحة تتماثل إلى حد كبير مع ما تعيشه الحالة في المشهد اللبناني.
والمرأة الكاتبة، التي هي في الوقت نفسه المكتوب عنها، هي محور الاختيار الذى جعلنا نتوجه إلى الساحة اللبنانية لقراءة منجز عدد من إبداعات القصة القصيرة التي تكتبها القاصات اللبنانيات، اللائي كانت تجاربهن في هذا المجال لها طابعها الخاص من جوانب عدة أهمها لحظة المشاهدة التي تثير هاجس الكتابة وتدفع الكاتبة إلى الإمساك بالقلم للتعبير عن هذه اللحظة الثرية المستثارة من الحكي، والنابعة من جبلة الثرثرة، والسرد، والشهرزادية المعروفة في طبيعتها الخاصة، ثانيا هي لحظة النص ذاته، ولحظة تماس التجربة التي تمارسها المبدعة في كتابتها السردية على وجه الخصوص، عندما تختار جانب التعبير عن الواقع الحي المحيط بها والمتفاعل مع حياتها، من خلال هواجسها الذاتية والبوح الأنثوي الذي يأتي أحيانا متوازنا مع الحياة العامة التي تعيشها المرأة، خاصة في بلد مثل لبنان بأحواله الاجتماعية والسياسية والثقافية الآنية، ثالثا لحظة الأزمة، التي هي نتاج التجربة الحياتية المعيشية، التي ينتج عنها النص في شكله وإيقاعه ولغته وصيغته النهائية المطروح بها في ساحة الفن.
هذه الجوانب جميعها تفرز الكتابة السردية في ساحة القصة، إلا أن تجربة المرأة في هذا المجال، ربما تكون لها خصوصية داخل النص القصصي من خلال بعد إنساني له طاقته الخاصة التي تفرزها ساحة المرأة في لبنان، وهي ساحة، كما ذكرنا، لها أبعادها الثقافية والسياسية والاجتماعية المتحلقة حول قضايا متعددة، تنبع وتكمن في إطار ما تحمله البيئة والمناخ والإنسان في كل مكان من لبنان.
ولعل تعريف الكتابة الأنثوية في مجال الإبداع في حد ذاته هو، محاولة للإجابة على التساؤل الذي تثيره بعض النماذج المختارة من ساحة الكتابة السردية للمرأة في لبنان، كما أن الجدل المثار حول المصطلحات المتحلقة حول طبيعة كتابات المرأة، من نسوية وأنثوية ونسائية، وما يتحلّق حول هذه المسميات من رؤى وجدل، والرفض القاطع حول مدلولات بعض هذه المصطلحات كل هذا يثير حول إبداعات المرأة أحاديث كثيرة نتيجة لهشاشة المصطلح، وزيف الجوهر على حد دفاع المرأة عن رؤيتها تجاه ذلك، والبعد عما تثيره هذه المقولات من توافق بين الإبداع وواقع الحال في هذا المجال.
ولعل الكاتبة الإنكليزية فرجينيا وولف قد وضعت في كتابها الشهير «غرفة له وحده» رؤيتها في وضعية كتابات المرأة، والترابط والاتصال الذى يجمع كتابات المرأة في هذه الغرفة المتمردة إن صح هذا التعبير، والتي تقول فيها إن على المرأة أن تكتب ما تكونه هي، لا ما يكونه الآخر، ففي هذا المؤلف الصغير تربط الكاتبة بين أسماء كاتبات حقيقيات بأسماء وهمية لتبين من الرمز الموجود في هذه السطور البسيطة طبيعة كتابات المرأة وأن تضع أسماء كاتبات مغمورات، أو شبه منسيات في التاريخ الأدبي بين سيل من الرجال العظماء، وقد أثارت فرجينيا وولف في هذا الكتاب إشكالية أساسية هي علاقة المرأة بالكتابة والإبداع، وللمرة الأولى ظهرت نظرية الترابط بين هوية الكاتبة والعمل الأدبي، من خلال كتاباتها عن نساء سبقنها في هذا المجال أمثال، جين أوستن وإميل برونتي وغيرهما من الكاتبات اللاتي احتللن مكانة متميزة في عالم السرد الأنثوي.
كاتب مصري
9 - أبريل - 2024م
شوقي بدر يوسف
لا شك في أن محاولة اكتشاف هذه الخصوصية التي تكتنف واقع القصة القصيرة التي تكتبها المرأة في لبنان ربما يضع أمام أعيننا العديد من الحقائق الملتبسة في الإبداع الذي تكتبه المرأة على إطلاقه، ذلك أن المبدعة اللبنانية في هذا المجال وما تمر به في حياتها الخاصة والعامة، إنما هو النسق نفسه الذي تعايشه المرأة المبدعة في كل مكان إلا أن الكاتبة اللبنانية ربما تعيش حالة خاصة من حالات هموم الوطن والإنسان والانتماء والهوية والذات، بأبعاد لها خصوصيتها في الشارع اللبناني أولا، ثم في المنافي الاختيارية التي اضطرت إلى اللجوء إليها في أوروبا، وغيرها من المدن العربية الأخرى، كما تعيش أيضا مشاكل أنثروبولوجيا البيئة، والهم الاجتماعي المعتاد، وتعدد البنيات العقائدية، هي تعيش هذه الهموم أكثر مما تعيشه بعضهن في البيئات العربية الأخرى اللهم إلا ما نجده الآن في الكتابة الإبداعية للمرأة في كل من فلسطين والعراق، حيث الهم العربي الخاص بالوطن والهوية يحتل مساحة تتماثل إلى حد كبير مع ما تعيشه الحالة في المشهد اللبناني.
والمرأة الكاتبة، التي هي في الوقت نفسه المكتوب عنها، هي محور الاختيار الذى جعلنا نتوجه إلى الساحة اللبنانية لقراءة منجز عدد من إبداعات القصة القصيرة التي تكتبها القاصات اللبنانيات، اللائي كانت تجاربهن في هذا المجال لها طابعها الخاص من جوانب عدة أهمها لحظة المشاهدة التي تثير هاجس الكتابة وتدفع الكاتبة إلى الإمساك بالقلم للتعبير عن هذه اللحظة الثرية المستثارة من الحكي، والنابعة من جبلة الثرثرة، والسرد، والشهرزادية المعروفة في طبيعتها الخاصة، ثانيا هي لحظة النص ذاته، ولحظة تماس التجربة التي تمارسها المبدعة في كتابتها السردية على وجه الخصوص، عندما تختار جانب التعبير عن الواقع الحي المحيط بها والمتفاعل مع حياتها، من خلال هواجسها الذاتية والبوح الأنثوي الذي يأتي أحيانا متوازنا مع الحياة العامة التي تعيشها المرأة، خاصة في بلد مثل لبنان بأحواله الاجتماعية والسياسية والثقافية الآنية، ثالثا لحظة الأزمة، التي هي نتاج التجربة الحياتية المعيشية، التي ينتج عنها النص في شكله وإيقاعه ولغته وصيغته النهائية المطروح بها في ساحة الفن.
هذه الجوانب جميعها تفرز الكتابة السردية في ساحة القصة، إلا أن تجربة المرأة في هذا المجال، ربما تكون لها خصوصية داخل النص القصصي من خلال بعد إنساني له طاقته الخاصة التي تفرزها ساحة المرأة في لبنان، وهي ساحة، كما ذكرنا، لها أبعادها الثقافية والسياسية والاجتماعية المتحلقة حول قضايا متعددة، تنبع وتكمن في إطار ما تحمله البيئة والمناخ والإنسان في كل مكان من لبنان.
ولعل تعريف الكتابة الأنثوية في مجال الإبداع في حد ذاته هو، محاولة للإجابة على التساؤل الذي تثيره بعض النماذج المختارة من ساحة الكتابة السردية للمرأة في لبنان، كما أن الجدل المثار حول المصطلحات المتحلقة حول طبيعة كتابات المرأة، من نسوية وأنثوية ونسائية، وما يتحلّق حول هذه المسميات من رؤى وجدل، والرفض القاطع حول مدلولات بعض هذه المصطلحات كل هذا يثير حول إبداعات المرأة أحاديث كثيرة نتيجة لهشاشة المصطلح، وزيف الجوهر على حد دفاع المرأة عن رؤيتها تجاه ذلك، والبعد عما تثيره هذه المقولات من توافق بين الإبداع وواقع الحال في هذا المجال.
ولعل الكاتبة الإنكليزية فرجينيا وولف قد وضعت في كتابها الشهير «غرفة له وحده» رؤيتها في وضعية كتابات المرأة، والترابط والاتصال الذى يجمع كتابات المرأة في هذه الغرفة المتمردة إن صح هذا التعبير، والتي تقول فيها إن على المرأة أن تكتب ما تكونه هي، لا ما يكونه الآخر، ففي هذا المؤلف الصغير تربط الكاتبة بين أسماء كاتبات حقيقيات بأسماء وهمية لتبين من الرمز الموجود في هذه السطور البسيطة طبيعة كتابات المرأة وأن تضع أسماء كاتبات مغمورات، أو شبه منسيات في التاريخ الأدبي بين سيل من الرجال العظماء، وقد أثارت فرجينيا وولف في هذا الكتاب إشكالية أساسية هي علاقة المرأة بالكتابة والإبداع، وللمرة الأولى ظهرت نظرية الترابط بين هوية الكاتبة والعمل الأدبي، من خلال كتاباتها عن نساء سبقنها في هذا المجال أمثال، جين أوستن وإميل برونتي وغيرهما من الكاتبات اللاتي احتللن مكانة متميزة في عالم السرد الأنثوي.
كاتب مصري