بشار برد
Bashar ibn Burd - Bashar ibn Burd
بـشار بـن بـرد(96- 168هـ/ 714ـ784م)
أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي بالولاء، شاعر فحل من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، ولهذا وصف بأنه آخر القدماء وأول المحدثين، عاش أكثر من سبعين سنة، على اختلاف في سنة الولادة والوفاة، لقب بالمرعَّث، لرعاث كانت له في صغره في أذنه (الرِّعاث جمع رَعثة: ما عُلِّق بالأذن من قُرطٍ ونحوه)، وكان والده قِنّا للقشيرية امرأة المهلب بن أبي صُفرة، فوهبْته، بعد أن زوجته، لامرأةٍ من بني عُقيْل، فولدت له امرأته بشاراً، فأعتقته العقيلية. والمرجح أن والد بشار هذا هو أول من أسلم من أصوله الفرس وأجداده المجوس، وكان لبشار أخوان: بِشُر وبشير، وكان بارَّاً بهما، ولم تذكر الأخبار أنه خلَّف عقباً سوى ابن وابنةٍ رزئ بهما في حياته.فقال من قصيدة يرثي بها ابنه:
وألقى عليَّ الهـم كل قريبِ وما كان -لو مُلِّيتُه- بعجيبِ |
أُصيبَ بُنَيَّ حين أورق غصنه عجـبتُ لإسراع المنية نحـوه |
ومن المعروف في كتب الأدب أن بشاراً وُلد في البصرة، وفيها نشأ وتعلم، وفي مربدها شافَه الأعراب، وأخذ عنهم وعن بني عقيل الفصاحة والبلاغة، وعلى الرغم من أنه أمضى جُل حياته فيها إلا أنه كان يرتحل عنها بين الحين والحين، فقد نهض إلى «حرّان» حيث كان يقيم سليمان بن عبد الملك، وأنشده قصيدته البائية التي مطلعها:
وما شَعَرتْ أن النَّوى سوف تَشعبُ | نأَتْكَ على طُول التجاوُرِ زينبُ |
وإذا أبـى شـيئاً أبـيتُهبِ، إذا غدوتُ، وأين بيتُه فصبرتُ عنه وما قـَليتُه |
إن الخـليفة قد أبى ويشوقني بيتُ الحبيـحالَ الخليفةُ دونـه |
عدد الجاحظ أسماء بعض أصدقائه فكانوا جملة كبيرة، ولا همَّ لهؤلاء إلا تصيّدِ المُتَع وما تستلزمه مجالسها من اقتناص طرائف القول، ومضغ النوادر، وقد تعارف الناس على أن كل واحدٍ من أفراد هذه العصبة متَّهم في دينه، مشكوك في عقيدته، ولعل من أبرز أفراد هذه العصبة والبة بن الحُباب، ومطيع بن إياس، وابن المقفع، وغيرهم، ولا شك أن متصفح هذه الأسماء سيعلم أن بعضهم من عمالقة الفسق والزندقة.
كان بشار كثير التلون في ولائه، فعندما عزّ عليه أوْ على أنصاره من الشعوبيين، أن يلفق له نسباً عربياً يصله ببني عقيل أو ببني سدوس أو ببني تميم الذين كان ولاؤه فيهم، لاذ بملوك العجم، فالتمس نسبه فيهم، وزاد فادعى أن أخواله ملوك الروم، ووجد في شخص «غيلان الشعوبي» الرجل الذي يكفيه مؤونة تصنيف هذه السلسلة من الأجداد، وعزّز بشار هذا الانتماء للملوك بفخره في بائيته التي يقول فيها:
عـني جميع العربِ | هل من رسولٍ مخبرٍ |
ومن ثوى في التُربِ | من كـان حـيّاً منهمُ |
كسرى، وساسان أبي | جَـدّي الذي أسمو به |
عـددتُ يوماً نسـبي | وقيصر خالـي، إذا |
لِيَعْرِفَنِي، أنـا أنْفُ الكَــرَمْ | ألا أيَّـها السائلي جاهـداً |
فروعي وأصلي قريشُ العجمْ | نمَتْ في الكرام بني عامرٍ |
ويحلل بعض العلماء نبوغ بشار وأضرابه من المكفوفين، ويعزون تفوق بصائرهم لما فقدوه من أبصارهم، فتوجهت طاقة الإبصار إلى موطن البصيرة فأغنته. وهذا ما فسره بشار عندما قـال:
فجئتُ عجيبَ الظنِّ للعلم مَوئِلا | عَميتُ جَنِيناً، والذكاءُ من العمى |
لِقلبٍ إذا ما ضَيّع الناسُ حصّلا | وغَاضَ ضياءُ العينِ للعلم رافداً |
وأسيافَنا ليلٌ تهاوى كواكِبُه | كأنَّ مُثارَ النَّقْع فوق رؤوسِنا |
ومن هذه القصيدة أبياته المشهورة التي يقول في أولها:
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتُبهْ | إذا كنتَ في كل الأمور معاتباً |
نبغ بشار في زمن هشام بن عبد الملك، وقال في أكثر فنون الشعر، مدحه وهجائه ورثائه وفخره وحكمته، فضلاً عن فنون النثر كالخطابة والرسالة، وجوَّد الرجز، وبرع في الغزل، ومما جعل الناس يقبلون على شعره أنه لم يقصر نفسه على متابعة المتقدمين من الشعراء في معانيهم، بل أودعه المعاني الحضرية المستجدّة في عصره.
وقد سرى ابتكار بشار من ابتكار المعاني إلى ابتكار الأساليب فنظم الشعر على طريقة لم تكن معروفة كطريقة المراسلة، وشهد الكثير من نقاد العربية بأدب بشار، فقال الجاحظ في «البيان والتبيين»: «المطبوعون على الشعر من المولدين بشار العقيلي، والسيد الحميري، وأبو العتاهية، وبشار أطبعهم كلهم»، وروي عن الأصمعي أنه قال عن بشار:"غوّاصٌ نظّار، يصف الشيء لم يره وكأنه رآه، ويجمع في البيت الواحد ما فرقته الشعراء في عدة أبيات"، وقال الجاحظ أيضاً: «وكان العتابيُّ يحتذي حذو بشار في البديع. ولم يكن في المولدين أصوب بديعاً من بشار وابن هرمة «، وقد كثرت الأخبار التي مفادها إعجاب الجاحظ ببشار، نُقِل عنه في كتاب الحيوان أنه قال:«ليس في الأرض مولد قروي يُعَد شعره في المحدث إلا وبشار أشعر منه»، ثم قال: «ومع هذا فإنا لا نعرف بعد بشار أشعر منه».
أجمعت كل كتب الأدب والتاريخ على أن بشاراً مات جلداً تحت سياط أصحاب السلطة في زمن الخليفة المهدي، ولكن الذين أرّخوا لحياته، والأدباء الذين ترجموا له تضاربت آراؤهم في تفسير السبب الذي قتل من أجله، فمنهم من يعلل ذلك بانتقام الوزير يعقوب بن داود وزير المهدي منه لعداوة حصلت بينهما فأوغر صدر الخليفة عليه فكان ذلك سبباً في قتله. ومنهم من يرى أن الخليفة المهدي عندما انتهى إليه من غزل بشار قوله:
والليلَ إن وراءَه صُبحا | قاسِ الهمومَ تَنَلْ بها نُجُحا |
قولٌ تغلِّظُهُ وإنْ جَرحا | لا يؤيِسنّكَ من مخدَّرة |
والصَّعبُ يُمْكِنُ بعدما جَمَحَا | عُسُر النساءِ إلى مُيَاسَرةٍ |
محمود الربداوي
مراجع للاستزادة: |
ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد شاكر (دار الحديث، القاهرة).
ـ ابن المعتز، طبقات الشعراء، تحقيق عبد الستار أحمد فراج (دار المعارف، مصر 1976م).
ـ الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون (دار الفكر).
- المغنوليات
- الطاقة الكهربائية
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك