بشر ابي خازم اسدي
Bishir ibn abi Khazem al-Assadi - Bishir ibn abi Khazem al-Assadi
بِشْر بن أبي خازم الأسَدي
(… ـ نحو 598م)
بشر بن أبي خازم بن عَوف، من بني والبة بن الحارث، أحد بطون بني أسد. من فحول شعراء الجاهلية، لايُعرف تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته بدقة، ولكن يستخلص من أخباره أنه كان في عهد النعمان بن المنذر، ملك الحيرة (585-613هـ)، ومن هنا يتبين أنه عاش في أواخر القرن السادس الميلادي.
لم يصل من أخبار بشر بن أبي خازم وأسرته مافيه غنَاء، وكل ماأمكن معرفته أن له أخاً اسمه سَوادة (أو هو ابن أخيه)، وله آخر اسمه سُمَير، قُتل فرثاه أخوه، وله ولد اسمه نوفل وابنة اسمها عُميرة، خاطبها في الأبيات التي قالها وهو مُشرف على الموت.
كان بشر يحيا حياة فرسان الجاهلية، يغير على القبائل التي تجاور قومه، وقد شارك في الوقائع التي حدثت في زمنه بين قومه والقبائل الأخرى، ومنها يوم النِسار والجِفار وهما من أيام العرب المشهورة في الجاهلية . كان يوم النِسار بين بني أسد وأحلافها من بني ضبة وطيّئ وغطفان، وبين بني عامر وبني تميم، وكان الظفر يومئذ لبني أسد، وبعد عام كان يوم الجفار بين بني أسد وحلفائهم من جانب وبني تميم من جانب آخر. وكان النصر يومذاك كذلك حليف بني أسد، وقتل فيه بنو تميم مقتلة عظيمة. وقد ذكر بشر هذين اليومين في قصائد كثيرة، مفتخراً بما أحرزه قومه من النصر على أعدائهم.
والحدث البارز في حياة بشر كان هجاءه أوس بن حارثة الطائيّ سيد بني جديلة من طيّئ، فقد أنعم النعمان بن المنذر على أوس بن حارثة بحلة نفيسة، وفي مجلسه وفود من قبائل شتّى، فحسده جماعة من طيّئ من رهط حاتم الطائي، وكان يباريه في الجود والمنزلة، فحرّضوا الحطيئة على هجائه، فأبى لما نال من أعطياته، فعرضوا على بشر أن يهجوه على أن يعطوه ثلاثمئة ناقة، وانضم إليهم في تحريض بشر على هجاء أوس بنو فزارة القيسيّون، فقبل بشر أن يهجوه، وقال فيه هجاءً مؤلماً في ست من قصائده، فلما بلغ أوساً هجاؤه غضب وحشد رهطه بني جديلة، وسار بهم إلى بني أسد، والتقى الفريقان في موضع يعرف بظهر الدهناء، فقتلهم أوس قتلاً ذريعاً، وفرّ بشر ناجياً بنفسه.
ثم غزا بشر بني نبهان من طيّئ، فأصيب بجرح بليغ، وأسره بنو نبهان، فطلبه منهم أوس، وهم من قبيلته، فأسلموه إليه. فلمّا وقع في يده همّ بإحراقه، ولكن أمَّه ثنته عن ذلك، وأشارت عليه بإكرامه وإطلاقه ففعل أوس ذلك وأعطاه نوقاً وكساه ثم أطلقه، فآلى بشر أن يمدحه ماعاش، وقال في مدحه عدداً من القصائد يوازي ما قاله في هجائه.
ثم إن بشراً أغار في جماعة من قومه على الأبناء، وهم طائفة من القبائل من بني صعصعة بن معاوية، من قيس عيلان، فرماه غلام منهم بسهم كان سبباً في هلاكه، ولمّا أشرف على الموت قال أبياتاً يرثي بها نفسه، منها قوله يخاطب ابنته عُميرة:
ثوى في مُلحَدٍ لابُدّ منه
كفى بالموت نأياً واغترابا
رهينَ بِلىً وكلُّ فتىً سيبلى
فأَذري الدمعَ وانتحبي انتحابا
أجاد بشر الهجاء والمديح والفخر والحماسة، ومن شعره في الفخر بقومه وانتصارهم على بني تميم وبني عامر يوم النِسار والجفار قوله:
ويومُ النِّسارِ ويومُ الجِفا
رِكانا عذاباً وكانا غَراما
فأما تميمٌ تميمُ بنُ مَرٍّ
فألفاهمُ القومُ رَوبى نياما
وأمّا بنو عامرٍ بالنِّسارِ
غَداةَ لقَونا فكانوا نَعاما
وقد وضعه ابن سلاّم في الطبقة الثانية من فحول الجاهلية، مع أوس بن حجر والحطيئة، وأثبت له المفضَّل الضَبي أربع قصائد في مفضليَّاته.
وقد أُخذ على بشر ما أُخذ على النابغة الذبياني من إقوائه في شعره، والإقواء هو اختلاف حركة الرويّ بين كسرٍ وضمٍّ.
إحسان النص
ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد محمد شاكر (القاهرة1966).
ـ ديوان بشر بن أبي خازم، تحقيق عزة حسن (دمشق 1960).
ـ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب (القاهرة1299).
Bishir ibn abi Khazem al-Assadi - Bishir ibn abi Khazem al-Assadi
بِشْر بن أبي خازم الأسَدي
(… ـ نحو 598م)
بشر بن أبي خازم بن عَوف، من بني والبة بن الحارث، أحد بطون بني أسد. من فحول شعراء الجاهلية، لايُعرف تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته بدقة، ولكن يستخلص من أخباره أنه كان في عهد النعمان بن المنذر، ملك الحيرة (585-613هـ)، ومن هنا يتبين أنه عاش في أواخر القرن السادس الميلادي.
لم يصل من أخبار بشر بن أبي خازم وأسرته مافيه غنَاء، وكل ماأمكن معرفته أن له أخاً اسمه سَوادة (أو هو ابن أخيه)، وله آخر اسمه سُمَير، قُتل فرثاه أخوه، وله ولد اسمه نوفل وابنة اسمها عُميرة، خاطبها في الأبيات التي قالها وهو مُشرف على الموت.
كان بشر يحيا حياة فرسان الجاهلية، يغير على القبائل التي تجاور قومه، وقد شارك في الوقائع التي حدثت في زمنه بين قومه والقبائل الأخرى، ومنها يوم النِسار والجِفار وهما من أيام العرب المشهورة في الجاهلية . كان يوم النِسار بين بني أسد وأحلافها من بني ضبة وطيّئ وغطفان، وبين بني عامر وبني تميم، وكان الظفر يومئذ لبني أسد، وبعد عام كان يوم الجفار بين بني أسد وحلفائهم من جانب وبني تميم من جانب آخر. وكان النصر يومذاك كذلك حليف بني أسد، وقتل فيه بنو تميم مقتلة عظيمة. وقد ذكر بشر هذين اليومين في قصائد كثيرة، مفتخراً بما أحرزه قومه من النصر على أعدائهم.
والحدث البارز في حياة بشر كان هجاءه أوس بن حارثة الطائيّ سيد بني جديلة من طيّئ، فقد أنعم النعمان بن المنذر على أوس بن حارثة بحلة نفيسة، وفي مجلسه وفود من قبائل شتّى، فحسده جماعة من طيّئ من رهط حاتم الطائي، وكان يباريه في الجود والمنزلة، فحرّضوا الحطيئة على هجائه، فأبى لما نال من أعطياته، فعرضوا على بشر أن يهجوه على أن يعطوه ثلاثمئة ناقة، وانضم إليهم في تحريض بشر على هجاء أوس بنو فزارة القيسيّون، فقبل بشر أن يهجوه، وقال فيه هجاءً مؤلماً في ست من قصائده، فلما بلغ أوساً هجاؤه غضب وحشد رهطه بني جديلة، وسار بهم إلى بني أسد، والتقى الفريقان في موضع يعرف بظهر الدهناء، فقتلهم أوس قتلاً ذريعاً، وفرّ بشر ناجياً بنفسه.
ثم غزا بشر بني نبهان من طيّئ، فأصيب بجرح بليغ، وأسره بنو نبهان، فطلبه منهم أوس، وهم من قبيلته، فأسلموه إليه. فلمّا وقع في يده همّ بإحراقه، ولكن أمَّه ثنته عن ذلك، وأشارت عليه بإكرامه وإطلاقه ففعل أوس ذلك وأعطاه نوقاً وكساه ثم أطلقه، فآلى بشر أن يمدحه ماعاش، وقال في مدحه عدداً من القصائد يوازي ما قاله في هجائه.
ثم إن بشراً أغار في جماعة من قومه على الأبناء، وهم طائفة من القبائل من بني صعصعة بن معاوية، من قيس عيلان، فرماه غلام منهم بسهم كان سبباً في هلاكه، ولمّا أشرف على الموت قال أبياتاً يرثي بها نفسه، منها قوله يخاطب ابنته عُميرة:
ثوى في مُلحَدٍ لابُدّ منه
كفى بالموت نأياً واغترابا
رهينَ بِلىً وكلُّ فتىً سيبلى
فأَذري الدمعَ وانتحبي انتحابا
أجاد بشر الهجاء والمديح والفخر والحماسة، ومن شعره في الفخر بقومه وانتصارهم على بني تميم وبني عامر يوم النِسار والجفار قوله:
ويومُ النِّسارِ ويومُ الجِفا
رِكانا عذاباً وكانا غَراما
فأما تميمٌ تميمُ بنُ مَرٍّ
فألفاهمُ القومُ رَوبى نياما
وأمّا بنو عامرٍ بالنِّسارِ
غَداةَ لقَونا فكانوا نَعاما
وقد وضعه ابن سلاّم في الطبقة الثانية من فحول الجاهلية، مع أوس بن حجر والحطيئة، وأثبت له المفضَّل الضَبي أربع قصائد في مفضليَّاته.
وقد أُخذ على بشر ما أُخذ على النابغة الذبياني من إقوائه في شعره، والإقواء هو اختلاف حركة الرويّ بين كسرٍ وضمٍّ.
إحسان النص
مراجع للاستزادة: |
ـ ديوان بشر بن أبي خازم، تحقيق عزة حسن (دمشق 1960).
ـ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب (القاهرة1299).