"هارب إلى الحب".. فيلم رومانسي عن مفهومي الوحدة والحياة المشتركة
مطرب فاشل ينقذ الناس من الانتحار ويعجز عن التحكم في حياته.
الجمعة 2024/09/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
هل يكون الحب هو المنقذ؟
"هارب إلى الحب" فيلم أميركي يصور الحياة في مدينة قبرص، ثقافة سكانها، موسيقاهم وحتى سلوكهم والبعض من عاداتهم وتقاليدهم، عبر رواية متخيلة لفنان أميركي يسافر إلى قبرص بعد هجرته لسنوات، بحثا عن الحب أو هاربا إليه لينقذه من حالة الضياع التي يعيشها.
الميزة الكبرى في السينما أنها تأخذنا إلى عوالم جديدة مختلفة، تطير بنا إلى بيئات وأراض لم تطأها أقدامنا يوما، وربما لن نراها في الواقع أبدا، لكننا عبر الشاشة فقط نرى ونعرف مجتمعات وبشرا، نشاركهم الإنسانية، نتعرف على طبائعهم وسلوكهم، موسيقاهم وطعامهم، كأننا زرناهم في الحقيقة لا الخيال بلادهم.
حمل الفيلم الأميركي Find Me Falling أو “هارب إلى الحب” الذي يعرض على منصة نتفليكس مشاهده إلى قبرص، تلك الجزيرة الجميلة التي جالت الكاميرا في شوارعها وأسواقها، وعلى شواطئها الساحرة، حيث الطبيعة الرائعة والمناظر الخلابة، فضلا عن قرب أشكال أهلها وطبائعهم بأشكال الناس في بعض الدول العربية، بفعل الاشتراك في محاذاة البحر المتوسط.
الفيلم بطولة الممثل والموسيقي الأميركي هاري كونيك جونيور، وأجني سكوت الأميركية ذات الأصول القبرصية، وآلي فوميكو ويتني الأميركية ذات الأصول اليابانية، للكاتبة والمخرجة ستيلانا كليريس.
تدور قصة الفيلم، المصنف بأنه رومانسي كوميدي موسيقي، حول مغني بوب أميركي اسمه جون أولمان، يقرر اعتزال العمل بعد فشل ألبومه الأخير الذي كان يخطط للعودة من خلاله إلى سابق مجده، فيسافر إلى قبرص ويشتري بيتا في منطقة نائية، على حافة جرف يطل على البحر.
فتاة على الشاطئ
مغني بوب أميركي يقرر اعتزال العمل بعد فشل ألبومه الأخير الذي كان يخطط للعودة إلى سابق مجده
بينما تستعرض الكاميرا في بداية الفيلم جمال الطبيعة الهادئة في جزيرة قبرص، يأتي المشهد الحواري الأول ليبدو كطلقة رصاص مباغتة، إذ يشاهد جون شخصا يقف على حافة الجرف أمام بيته، ويظن أنه صحافي جاء وراءه، فيقول له: ارحل عني، ويرحل الشخص بالفعل، لكن بإلقاء نفسه منتحرا.
يسيطر الذهول والهلع على المطرب الأميركي، فيتصل بالشرطة للإبلاغ عن واقعة الانتحار، ويحضر الشرطي مانولي، الذي لعب دوره توني ديميتريو، والذي أبدع في التحدث بالإنجليزية بلكنة مواطن قبرصي.
يعرف جون من خلال مانولي أن المنطقة تعد نقطة شهيرة للانتحار، وأن العديد من الأشخاص يأتون إليها ليلقوا بأنفسهم منها، فيسأله متعجبا: أليس لديكم علاج نفسي؟ يرد الشرطي بسؤال مقابل: ما حاجتنا إليه ولدينا هذه الطبيعة الجميلة؟ ويمنحه رقم هاتفه للاتصال به قبل وقوع حالات مشابهة، مؤكدا له أنه يمكنه المساعدة في منعهم.
استلهمت الكاتبة قصة الفيلم من قصة حقيقية لرجل أسترالي اسمه دون ريتشي اشتهر بإنقاذ العديد من البشر كانوا على وشك الانتحار بالقفز في جرف سحيق يقيم عنده، إذ كان يتحدث إليهم بهدوء ويمنحهم الطمأنينة، حتى سمي بـ”ملاك الجرف”.
لم تأخذ حبكة الفيلم من الواقع إلا أصل القصة فحسب، وأقامت فوقها بناء خياليا تماما، يدور حول أفكار الحب والوحدة، الصدق والكذب، الحياة الحقيقية وزيف الشهرة، والقدرة على التضحية لأجل حب صادق نقي.
يصبح جون المحمّل بمشاعر الفشل بعد سقوط ألبومه الغنائي الأخير صديقا للشرطي مانولي، ويدخل من خلاله حنايا المجتمع القبرصي، الذي يعرف فيه الكل بعضهم البعض، كما يأتي على لسان إحدى الشخصيات.
ويعرف جون أسماء المشروبات والأكلات القبرصية، ومنها طبق “رافيولي”، كما يستمع إلى الأغاني المحلية والموسيقى الفولكلورية، ومنها أغنية “كانتادا”، وينصت أيضا إلى غناء الشابة الصغيرة ميلينا، التي لعبت دورها آلي فوميكو ويتني، وبدأت مؤخرا تحصل على شهرة كبيرة بسبب الدور، وأبدع كارلوس ألفاريز في صنع موسيقى الفيلم.
يؤدي انخراط جون أولمان في المجتمع القبرصي الصغير إلى تعرف البعض عليه، من خلال تذكر أغنية قديمة له اسمها “فتاة على الشاطئ” نالت شهرة واسعة، لكن جون لم يكن يحب أن يعرفه أحد، فقد قرر الاعتزال بعد أن انحسرت شهرته وفشلت آخر محاولاته لاستعادتها.
ويلتقي خلال أحد التجمعات بعائلة، تتذكر نساؤها أغنيته القديمة بشغف، لكن عينيه تتعلقان بسيدة من العائلة يبدو أنه يعرفها من قبل وهي تعرفه، يرتبكان معا، ويتحاوران بلغة العيون فقط.
تناقش السيدات كلمات أغنيته، فتقول إحداهن إنها أحبت تلك الفتاة التي عشقها المطرب لكنه تركها خلفه ومضى، وترد أخرى مصححة بأنه لم يتركها إنما هي التي قررت البقاء، ولا بد أنها كانت فتاة رائعة. يتحدث جون وعيناه على السيدة التي يعرفها قائلا “نعم.. لكنها لم تكن حقيقية.. كانت مجرد سطر في أغنية”.
تلك هي الحكاية إذا.. السيدة هي الطبيبة سيا، التي لعبت دورها أجني سكوت، وجمعتها بجون قبل شهرته منذ زمن علاقة حب، خلال زيارة سابقة له في قبرص، أحبها وأحبته، وحلما بأن يبقيا معا، لكنها رفضت أن تغادر جزيرتها، ففيها حياتها، لكن جون كانت له أحلامه المهنية، ما يستلزم سفرها معه والتخلي عن أحلامها.
يلتقي الحبيبان مجددا، يشعران بالانجذاب إلى بعضهما البعض، لكن ما الذي تغير؟ ألأنه فشل في عمله أصبح اقترانهما الآن ممكنا؟ لكن الموسيقى ليست وظيفة إنما أسلوب حياة، كما تقول المطربة الصغيرة ميلينا لجون، لذا فهو يعود بفعل الدفء والحب شيئا فشيئا إلى الحياة.
يكمل تأليف أغنية كان كتبها عن حبيبته سيا من قبل، ويرسلها إلى وكيله في الولايات المتحدة، الذي يخبره بأن الإقبال على شرائها مذهل، ما يؤهله للعودة إلى طريق النجاح.. فهل يغادر جون مرة أخرى؟
تتفجر المشاكل أكثر عندما يعرف جون أن ميلينا هي ابنته من سيا، التي حاولت في السابق أن تخبره، وسافرت إليه في نيويورك لأجل ذلك، لكنها وجدته محاطا بالمعجبات، فغادرت ورفضت أن تعيش ابنتها تلك الحياة.
المرء يحتاج إلى الناس
ما العمل؟ النجاح والشهرة أم صدق الحب؟ هل يكررالجميع أخطاء الماضي كما هي؟ أسئلة وأسئلة يدفع بها السيناريو متفجرة إلى السطح، بينما يظل جون ينقذ من يأتون راغبين في الانتحار من حافة الجرف، بمن فيهم ابنة صديقه الشرطي مانولي، فهل ينجح في إنقاذ حياته هو المتجمدة؟
“يحتاج المرء إلى الناس.. جميعنا يحتاج إلى الناس سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف”، يقول مانولي لجون في لحظة صدق، ثم يسأله مبتسما “لماذا يأتي الناس في رأيك للانتحار من هذه النقطة بالتحديد؟ من بين كل المنحدرات في الجزيرة لماذا يأتون إلى الجرف الذي يقع أمام منزل؟”.
كانت تساؤلات مانولي في محلها بالطبع، فنحن جميعا نحتاج إلى أن نتكلم، نحلم بأن يسمعنا أحد، أن يحول بيننا وبين اللحظة الأخيرة، أن ينقذنا من الجنون أو الانتحار. ولذلك عاد الشرطي ليوسع ابتسامته ويسأل جون نفسه وأنت؟ من بين كل جزر العالم لماذا أتيت إلى هنا؟
وضع الشرطي صديقه المطرب أمام الحقيقة، وهي أنه جاء إلى قبرص منعزلا، معتزلا عمله، مجمدا حياته، في الظاهر فقط، أما في العمق فقد جاء هاربا إلى الحب لعله ينقذه في اللحظة الأخيرة.
ولم تكن سيا، الطبيبة الحبيبة، على صواب كذلك في كل اختياراتها، بل إنها بكلمات أمها العجوز الحكيمة لها “اتخذت الطريق السهل طوال حياتها”، وعندما تساءلت سيا مستغربة عما إذا كانت دراسة الطب أو تربية طفلة بمفردها هي الطريق السهل، ردت عليها الأم بكلمات حاسمة.
“نعم.. لأنكِ فعلتِ كل هذا بمفردك. لم تمنحي قلبكِ لشخص آخر. لم تخاطري بألم العلاقات قط. أن تكوني بمفردكِ أمر سهل. والعيش مع شخص آخر هو الصعب. وكذلك كل الأشياء الجميلة في الحياة”.
الأصعب بالفعل هو أن يعيش الناس معا، أن يتنازلوا عن أجزاء من حرياتهم ورغباتهم لأجل الحب، لأنه ما من حرية في الوحدة، ولا حياة دون البشر.
ويقرر جون التخلي عن النجاح المنتظر لأغنيته، يختار الحياة الحقيقية، ويصحح الأوضاع، فيرسل ابنته ميلينا بكلمات الأغنية التي كتبها في أمها وأكملها في قبرص، إلى وكيله في نيويورك، لتبدأ المطربة الشابة طريق نجاحها، وتغنيها هي، بينما يقيم هو مع حبيبته سيا، هاربا إلى هنائه.
وتلخص كلمات الأغنية التي كتبها جون كل المعاني في الفيلم، إذ تقول “إذا هبت الرياح بشكل معين/ وإذا هدأت مثل اليوم/ ما زلتُ أقف على قدم من الطين/ ستجدينني هاربا إلى الحب/ اتخذتُ خيارات/ معظمها كان سيئا/ فعلتُ الأسوأ بما كنتُ أملكه/ منفطر الفؤاد ولكني لست غاضبا/ ستجدينني هاربا إلى الحب/ وتحاول روحي الاستمرار/ ويحاول قلبي الصمود/ ويظل عقلي يخادعني/ ويظل يقول لي أني على قيد الحياة/ إذا رأيتِني الآن أقسم أنكِ/ ستجدينني هاربا إلى الحب”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
محمد شعير
كاتب مصري
مطرب فاشل ينقذ الناس من الانتحار ويعجز عن التحكم في حياته.
الجمعة 2024/09/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
هل يكون الحب هو المنقذ؟
"هارب إلى الحب" فيلم أميركي يصور الحياة في مدينة قبرص، ثقافة سكانها، موسيقاهم وحتى سلوكهم والبعض من عاداتهم وتقاليدهم، عبر رواية متخيلة لفنان أميركي يسافر إلى قبرص بعد هجرته لسنوات، بحثا عن الحب أو هاربا إليه لينقذه من حالة الضياع التي يعيشها.
الميزة الكبرى في السينما أنها تأخذنا إلى عوالم جديدة مختلفة، تطير بنا إلى بيئات وأراض لم تطأها أقدامنا يوما، وربما لن نراها في الواقع أبدا، لكننا عبر الشاشة فقط نرى ونعرف مجتمعات وبشرا، نشاركهم الإنسانية، نتعرف على طبائعهم وسلوكهم، موسيقاهم وطعامهم، كأننا زرناهم في الحقيقة لا الخيال بلادهم.
حمل الفيلم الأميركي Find Me Falling أو “هارب إلى الحب” الذي يعرض على منصة نتفليكس مشاهده إلى قبرص، تلك الجزيرة الجميلة التي جالت الكاميرا في شوارعها وأسواقها، وعلى شواطئها الساحرة، حيث الطبيعة الرائعة والمناظر الخلابة، فضلا عن قرب أشكال أهلها وطبائعهم بأشكال الناس في بعض الدول العربية، بفعل الاشتراك في محاذاة البحر المتوسط.
الفيلم بطولة الممثل والموسيقي الأميركي هاري كونيك جونيور، وأجني سكوت الأميركية ذات الأصول القبرصية، وآلي فوميكو ويتني الأميركية ذات الأصول اليابانية، للكاتبة والمخرجة ستيلانا كليريس.
تدور قصة الفيلم، المصنف بأنه رومانسي كوميدي موسيقي، حول مغني بوب أميركي اسمه جون أولمان، يقرر اعتزال العمل بعد فشل ألبومه الأخير الذي كان يخطط للعودة من خلاله إلى سابق مجده، فيسافر إلى قبرص ويشتري بيتا في منطقة نائية، على حافة جرف يطل على البحر.
فتاة على الشاطئ
مغني بوب أميركي يقرر اعتزال العمل بعد فشل ألبومه الأخير الذي كان يخطط للعودة إلى سابق مجده
بينما تستعرض الكاميرا في بداية الفيلم جمال الطبيعة الهادئة في جزيرة قبرص، يأتي المشهد الحواري الأول ليبدو كطلقة رصاص مباغتة، إذ يشاهد جون شخصا يقف على حافة الجرف أمام بيته، ويظن أنه صحافي جاء وراءه، فيقول له: ارحل عني، ويرحل الشخص بالفعل، لكن بإلقاء نفسه منتحرا.
يسيطر الذهول والهلع على المطرب الأميركي، فيتصل بالشرطة للإبلاغ عن واقعة الانتحار، ويحضر الشرطي مانولي، الذي لعب دوره توني ديميتريو، والذي أبدع في التحدث بالإنجليزية بلكنة مواطن قبرصي.
يعرف جون من خلال مانولي أن المنطقة تعد نقطة شهيرة للانتحار، وأن العديد من الأشخاص يأتون إليها ليلقوا بأنفسهم منها، فيسأله متعجبا: أليس لديكم علاج نفسي؟ يرد الشرطي بسؤال مقابل: ما حاجتنا إليه ولدينا هذه الطبيعة الجميلة؟ ويمنحه رقم هاتفه للاتصال به قبل وقوع حالات مشابهة، مؤكدا له أنه يمكنه المساعدة في منعهم.
استلهمت الكاتبة قصة الفيلم من قصة حقيقية لرجل أسترالي اسمه دون ريتشي اشتهر بإنقاذ العديد من البشر كانوا على وشك الانتحار بالقفز في جرف سحيق يقيم عنده، إذ كان يتحدث إليهم بهدوء ويمنحهم الطمأنينة، حتى سمي بـ”ملاك الجرف”.
لم تأخذ حبكة الفيلم من الواقع إلا أصل القصة فحسب، وأقامت فوقها بناء خياليا تماما، يدور حول أفكار الحب والوحدة، الصدق والكذب، الحياة الحقيقية وزيف الشهرة، والقدرة على التضحية لأجل حب صادق نقي.
يصبح جون المحمّل بمشاعر الفشل بعد سقوط ألبومه الغنائي الأخير صديقا للشرطي مانولي، ويدخل من خلاله حنايا المجتمع القبرصي، الذي يعرف فيه الكل بعضهم البعض، كما يأتي على لسان إحدى الشخصيات.
ويعرف جون أسماء المشروبات والأكلات القبرصية، ومنها طبق “رافيولي”، كما يستمع إلى الأغاني المحلية والموسيقى الفولكلورية، ومنها أغنية “كانتادا”، وينصت أيضا إلى غناء الشابة الصغيرة ميلينا، التي لعبت دورها آلي فوميكو ويتني، وبدأت مؤخرا تحصل على شهرة كبيرة بسبب الدور، وأبدع كارلوس ألفاريز في صنع موسيقى الفيلم.
يؤدي انخراط جون أولمان في المجتمع القبرصي الصغير إلى تعرف البعض عليه، من خلال تذكر أغنية قديمة له اسمها “فتاة على الشاطئ” نالت شهرة واسعة، لكن جون لم يكن يحب أن يعرفه أحد، فقد قرر الاعتزال بعد أن انحسرت شهرته وفشلت آخر محاولاته لاستعادتها.
ويلتقي خلال أحد التجمعات بعائلة، تتذكر نساؤها أغنيته القديمة بشغف، لكن عينيه تتعلقان بسيدة من العائلة يبدو أنه يعرفها من قبل وهي تعرفه، يرتبكان معا، ويتحاوران بلغة العيون فقط.
تناقش السيدات كلمات أغنيته، فتقول إحداهن إنها أحبت تلك الفتاة التي عشقها المطرب لكنه تركها خلفه ومضى، وترد أخرى مصححة بأنه لم يتركها إنما هي التي قررت البقاء، ولا بد أنها كانت فتاة رائعة. يتحدث جون وعيناه على السيدة التي يعرفها قائلا “نعم.. لكنها لم تكن حقيقية.. كانت مجرد سطر في أغنية”.
تلك هي الحكاية إذا.. السيدة هي الطبيبة سيا، التي لعبت دورها أجني سكوت، وجمعتها بجون قبل شهرته منذ زمن علاقة حب، خلال زيارة سابقة له في قبرص، أحبها وأحبته، وحلما بأن يبقيا معا، لكنها رفضت أن تغادر جزيرتها، ففيها حياتها، لكن جون كانت له أحلامه المهنية، ما يستلزم سفرها معه والتخلي عن أحلامها.
يلتقي الحبيبان مجددا، يشعران بالانجذاب إلى بعضهما البعض، لكن ما الذي تغير؟ ألأنه فشل في عمله أصبح اقترانهما الآن ممكنا؟ لكن الموسيقى ليست وظيفة إنما أسلوب حياة، كما تقول المطربة الصغيرة ميلينا لجون، لذا فهو يعود بفعل الدفء والحب شيئا فشيئا إلى الحياة.
يكمل تأليف أغنية كان كتبها عن حبيبته سيا من قبل، ويرسلها إلى وكيله في الولايات المتحدة، الذي يخبره بأن الإقبال على شرائها مذهل، ما يؤهله للعودة إلى طريق النجاح.. فهل يغادر جون مرة أخرى؟
تتفجر المشاكل أكثر عندما يعرف جون أن ميلينا هي ابنته من سيا، التي حاولت في السابق أن تخبره، وسافرت إليه في نيويورك لأجل ذلك، لكنها وجدته محاطا بالمعجبات، فغادرت ورفضت أن تعيش ابنتها تلك الحياة.
المرء يحتاج إلى الناس
ما العمل؟ النجاح والشهرة أم صدق الحب؟ هل يكررالجميع أخطاء الماضي كما هي؟ أسئلة وأسئلة يدفع بها السيناريو متفجرة إلى السطح، بينما يظل جون ينقذ من يأتون راغبين في الانتحار من حافة الجرف، بمن فيهم ابنة صديقه الشرطي مانولي، فهل ينجح في إنقاذ حياته هو المتجمدة؟
“يحتاج المرء إلى الناس.. جميعنا يحتاج إلى الناس سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف”، يقول مانولي لجون في لحظة صدق، ثم يسأله مبتسما “لماذا يأتي الناس في رأيك للانتحار من هذه النقطة بالتحديد؟ من بين كل المنحدرات في الجزيرة لماذا يأتون إلى الجرف الذي يقع أمام منزل؟”.
كانت تساؤلات مانولي في محلها بالطبع، فنحن جميعا نحتاج إلى أن نتكلم، نحلم بأن يسمعنا أحد، أن يحول بيننا وبين اللحظة الأخيرة، أن ينقذنا من الجنون أو الانتحار. ولذلك عاد الشرطي ليوسع ابتسامته ويسأل جون نفسه وأنت؟ من بين كل جزر العالم لماذا أتيت إلى هنا؟
وضع الشرطي صديقه المطرب أمام الحقيقة، وهي أنه جاء إلى قبرص منعزلا، معتزلا عمله، مجمدا حياته، في الظاهر فقط، أما في العمق فقد جاء هاربا إلى الحب لعله ينقذه في اللحظة الأخيرة.
ولم تكن سيا، الطبيبة الحبيبة، على صواب كذلك في كل اختياراتها، بل إنها بكلمات أمها العجوز الحكيمة لها “اتخذت الطريق السهل طوال حياتها”، وعندما تساءلت سيا مستغربة عما إذا كانت دراسة الطب أو تربية طفلة بمفردها هي الطريق السهل، ردت عليها الأم بكلمات حاسمة.
“نعم.. لأنكِ فعلتِ كل هذا بمفردك. لم تمنحي قلبكِ لشخص آخر. لم تخاطري بألم العلاقات قط. أن تكوني بمفردكِ أمر سهل. والعيش مع شخص آخر هو الصعب. وكذلك كل الأشياء الجميلة في الحياة”.
الأصعب بالفعل هو أن يعيش الناس معا، أن يتنازلوا عن أجزاء من حرياتهم ورغباتهم لأجل الحب، لأنه ما من حرية في الوحدة، ولا حياة دون البشر.
ويقرر جون التخلي عن النجاح المنتظر لأغنيته، يختار الحياة الحقيقية، ويصحح الأوضاع، فيرسل ابنته ميلينا بكلمات الأغنية التي كتبها في أمها وأكملها في قبرص، إلى وكيله في نيويورك، لتبدأ المطربة الشابة طريق نجاحها، وتغنيها هي، بينما يقيم هو مع حبيبته سيا، هاربا إلى هنائه.
وتلخص كلمات الأغنية التي كتبها جون كل المعاني في الفيلم، إذ تقول “إذا هبت الرياح بشكل معين/ وإذا هدأت مثل اليوم/ ما زلتُ أقف على قدم من الطين/ ستجدينني هاربا إلى الحب/ اتخذتُ خيارات/ معظمها كان سيئا/ فعلتُ الأسوأ بما كنتُ أملكه/ منفطر الفؤاد ولكني لست غاضبا/ ستجدينني هاربا إلى الحب/ وتحاول روحي الاستمرار/ ويحاول قلبي الصمود/ ويظل عقلي يخادعني/ ويظل يقول لي أني على قيد الحياة/ إذا رأيتِني الآن أقسم أنكِ/ ستجدينني هاربا إلى الحب”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
محمد شعير
كاتب مصري