الثقافة النطوفية في المشرق 10000ق.م – 8000ق.م:
أكدت المكتشفات والأبحاث الآثارية على وجود ترابط حضاري متين لمجتمعات المشرق العائدة لهذه الفترة والتي سميت بذلك نسبة لموقع وادي النطوف في فلسطين.
ويشير الباحث الفرنسي (كوفان) إلى عمق وتواصل حضاري امتد من وادي النيل في الغرب وحتى الفرات في الشرق. (6)
ويلاحظ مع بداية هذه الفترة غياب الحضارات ذات الانتشار العالمي الواسع وبدء ظهور حضارات محلية في أصلها وتطورها ارتبطت بجغرافية محددة واكتسبت طابعاً حضارياً مميزاً.
والذي يبدو أن سياق التفاعل الاجتماعي منذ الفترة السابقة مضافاً إليه تفاعل البيئة الاجتماعية مع البيئة الطبيعية والوسط المحيط أديا إلى بروز هذه الخصائص المجتمعية الحضارية لمجتمعات المشرق النطوفية.
يشير الدكتور" سلطان محيسن " إلى أن الثقافة النطوفية في بلاد الشام هي الشاهد الأفضل على بواكير الوحدة الحضارية حيث يستند على مقولة جاك كوفان من أن النطوفيين انتشروا على مساحة واسعة من وادي النيل في الغرب وحتى وادي الأردن ووادي الفرات في الشرق.
وهذا ما أكدت عليه مكتشفات أثرية لمواقع حلوان في مصر والمريبط والبيضا وأريحا في بلاد الشام.(7 )
ويبدو أنه وباطراد مع الزمن سنلاحظ أن الجامع الحضاري المشترك أخذ بالتبلور وهذا ما تبدى جلياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبشكل خاص كان أكثر وضوحاً في المجالات الروحية والدينية والفنية.
ويلاحظ أن ثمة انتشاراً لمعطيات فنية متشابهة على مدى مواقع المشرق النطوفية وهذا ما قدمته مواقع عين ملاحة وأم الزويتينة ووادي فلاح ومغارة الواد في فلسطين.
كما أن بناء البيوت الدائرية وتصنيع الأدوات الحجرية الصغيرة إلى ما هنالك والذي شمل مختلف مواقع المشرق وصولاً إلى وادي النيل يعطي دلالة على ظهور وحدة متجانسة حضارياً آخذة بالتبلور باطراد مع الزمن.
إن المنعطف الحضاري الحاصل في هذه الفترة والذي تجلى في بواكير الزراعة وتدجين الحيوان سوف يسهم في تكريس معالم الاستقرار في الفترات اللاحقة حيث أننا الآن أمام ظهور مبكر للزراعة امتد من سيناء وحتى سهول عربستان ومن سفوح جبال طوروس وزاغروس وسهول الجزيرة الشامية وحتى وادي الأردن(8). وهذا ما تبلور مع نهاية الألف التاسع ق.م.
وتؤكد هذه المعطيات مكتشفات مواقع الكبارا ووادي النطوف ومغارة شقبة في فلسطين وفي الرافدين موقع شانيدار وزاوي جيمي.
وبحلول الألف العاشر انتشرت الثقافة النطوفية من سواحل المتوسط الجنوبية وحتى كيليكيا في شمال سورية مروراً بالبادية السورية وحوض الكوم والفرات وجنوباً نحو منطقة الأزرق في الأردن. حتى صار بإمكاننا القول أن التقاليد الزراعية المبكرة الواحدة عمت كامل مناطق المشرق آنذاك.
من مواقع جيرود ويبرود والكوم حمر وعفرين في سورية مروراً بمواقع فلسطين كموقع الخيام ووادي الفلاح. ومواقع جعيتا وملجأ برجي في لبنان. وفي الأردن موقع البتراء وخزنة. بالإضافة إلى موقع زرزي وشانيدار وزاوي جيمي في العراق.
النطوفي السوري يؤكد الوحدة الحضارية لبلاد الشام والمشرق:
نتيجة الكشوفات النشيطة حول الثقافة النطوفية في فلسطين وقيام هذه الكشوفات بوقت مبكر.. حاولت الدوائر الآثارية التي تلعب في الظلام أن تكرس بأن الثقافية النطوفية هي حضارة فلسطينية بحتة ولا رابط لها مع الثقافة النطوفية في بلاد الشام وتحديداً سورية. في محاولة لتجزيء الوحدة الحضارية والتاريخية لبلاد الشام منذ ذلك الوقت المبكر.
ولا تخفى هنا الخلفية السياسية والعنصرية في هذا الطرح، وهو ما يرتبط بواقع " إسرائيل " السياسي الحالي.
لكن الكشوفات السورية النطوفية الحديثة أكدت أن المواقع النطوفية السورية بكل معطياتها قدمت الدليل على وجود ثقافة نطوفية واحدة في بلاد الشام وذلك في أوجه الحياة العمرانية والفنية والدفنية وأدوات الزراعة.
ولعل أهم مواقع النطوفي السوري جاءت من النبك ووادي فليطة والبادية السورية وحوض الفرات( نهر الحمر)، ومنطقة درعا( الطيبة) وعفرين وجيرود.
وكان لما قدمه موقع المريبط على حوض الفرات وموقع أو هريرة المنعطف الحاسم في تكريس أن الثقافة النطوفية في بلاد الشام هي ثقافة تستند على وحدة حضارية واحدة تشمل كل المواقع النطوفية.
وقد بدأت الأبحاث الرصينة تؤكد على أن النطوفي السوري الذي تجلى في المريبط يُشكل النصف الآخر للنطوفي الفلسطيني في موقع الملاحة بكل ابتكاراته وإبداعاته.
يقول الدكتور محيسن: " إن الأبحاث الجارية أكدت وجود حضارة نطوفية جسدت وحدة حضارية هي الأقوى من نوعها بين مختلف أرجاء المشرق العربي القديم وامتدت بلون واحد وبسحنات محلية من النيل إلى الفرات ومنذ الألف العاشر قبل الميلاد ".
الجدير ذكره أن الثقافة النطوفية المشرقية ساهمت في إنشاء الأساس المادي والفكري المباشر للانعطاف التاريخي والأهم في تاريخ البشرية الذي تجلى في الانتقال من الصيد والالتقاط إلى الزراعة والتدجين. وهنا مسار حضاري جديد ينبعث من قبل المشرق العربي. " ( سلطان محيسن 1994)
والشيء المهم في هذه الفترة والذي يدحض مزاعم الدوائر الاستشراقية والإسرائيلية هو أن الأبحاث العلمية الرصينة أكدت أن ثمة تجانساً حضارياً امتد من وادي النيل وحتى حوض الفرات، حيث تشير تلك الأبحاث إلى سيادة نوع عرقي واحد يعرف بالعرق المتوسطي القديم.
أكدت المكتشفات والأبحاث الآثارية على وجود ترابط حضاري متين لمجتمعات المشرق العائدة لهذه الفترة والتي سميت بذلك نسبة لموقع وادي النطوف في فلسطين.
ويشير الباحث الفرنسي (كوفان) إلى عمق وتواصل حضاري امتد من وادي النيل في الغرب وحتى الفرات في الشرق. (6)
ويلاحظ مع بداية هذه الفترة غياب الحضارات ذات الانتشار العالمي الواسع وبدء ظهور حضارات محلية في أصلها وتطورها ارتبطت بجغرافية محددة واكتسبت طابعاً حضارياً مميزاً.
والذي يبدو أن سياق التفاعل الاجتماعي منذ الفترة السابقة مضافاً إليه تفاعل البيئة الاجتماعية مع البيئة الطبيعية والوسط المحيط أديا إلى بروز هذه الخصائص المجتمعية الحضارية لمجتمعات المشرق النطوفية.
يشير الدكتور" سلطان محيسن " إلى أن الثقافة النطوفية في بلاد الشام هي الشاهد الأفضل على بواكير الوحدة الحضارية حيث يستند على مقولة جاك كوفان من أن النطوفيين انتشروا على مساحة واسعة من وادي النيل في الغرب وحتى وادي الأردن ووادي الفرات في الشرق.
وهذا ما أكدت عليه مكتشفات أثرية لمواقع حلوان في مصر والمريبط والبيضا وأريحا في بلاد الشام.(7 )
ويبدو أنه وباطراد مع الزمن سنلاحظ أن الجامع الحضاري المشترك أخذ بالتبلور وهذا ما تبدى جلياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبشكل خاص كان أكثر وضوحاً في المجالات الروحية والدينية والفنية.
ويلاحظ أن ثمة انتشاراً لمعطيات فنية متشابهة على مدى مواقع المشرق النطوفية وهذا ما قدمته مواقع عين ملاحة وأم الزويتينة ووادي فلاح ومغارة الواد في فلسطين.
كما أن بناء البيوت الدائرية وتصنيع الأدوات الحجرية الصغيرة إلى ما هنالك والذي شمل مختلف مواقع المشرق وصولاً إلى وادي النيل يعطي دلالة على ظهور وحدة متجانسة حضارياً آخذة بالتبلور باطراد مع الزمن.
إن المنعطف الحضاري الحاصل في هذه الفترة والذي تجلى في بواكير الزراعة وتدجين الحيوان سوف يسهم في تكريس معالم الاستقرار في الفترات اللاحقة حيث أننا الآن أمام ظهور مبكر للزراعة امتد من سيناء وحتى سهول عربستان ومن سفوح جبال طوروس وزاغروس وسهول الجزيرة الشامية وحتى وادي الأردن(8). وهذا ما تبلور مع نهاية الألف التاسع ق.م.
وتؤكد هذه المعطيات مكتشفات مواقع الكبارا ووادي النطوف ومغارة شقبة في فلسطين وفي الرافدين موقع شانيدار وزاوي جيمي.
وبحلول الألف العاشر انتشرت الثقافة النطوفية من سواحل المتوسط الجنوبية وحتى كيليكيا في شمال سورية مروراً بالبادية السورية وحوض الكوم والفرات وجنوباً نحو منطقة الأزرق في الأردن. حتى صار بإمكاننا القول أن التقاليد الزراعية المبكرة الواحدة عمت كامل مناطق المشرق آنذاك.
من مواقع جيرود ويبرود والكوم حمر وعفرين في سورية مروراً بمواقع فلسطين كموقع الخيام ووادي الفلاح. ومواقع جعيتا وملجأ برجي في لبنان. وفي الأردن موقع البتراء وخزنة. بالإضافة إلى موقع زرزي وشانيدار وزاوي جيمي في العراق.
النطوفي السوري يؤكد الوحدة الحضارية لبلاد الشام والمشرق:
نتيجة الكشوفات النشيطة حول الثقافة النطوفية في فلسطين وقيام هذه الكشوفات بوقت مبكر.. حاولت الدوائر الآثارية التي تلعب في الظلام أن تكرس بأن الثقافية النطوفية هي حضارة فلسطينية بحتة ولا رابط لها مع الثقافة النطوفية في بلاد الشام وتحديداً سورية. في محاولة لتجزيء الوحدة الحضارية والتاريخية لبلاد الشام منذ ذلك الوقت المبكر.
ولا تخفى هنا الخلفية السياسية والعنصرية في هذا الطرح، وهو ما يرتبط بواقع " إسرائيل " السياسي الحالي.
لكن الكشوفات السورية النطوفية الحديثة أكدت أن المواقع النطوفية السورية بكل معطياتها قدمت الدليل على وجود ثقافة نطوفية واحدة في بلاد الشام وذلك في أوجه الحياة العمرانية والفنية والدفنية وأدوات الزراعة.
ولعل أهم مواقع النطوفي السوري جاءت من النبك ووادي فليطة والبادية السورية وحوض الفرات( نهر الحمر)، ومنطقة درعا( الطيبة) وعفرين وجيرود.
وكان لما قدمه موقع المريبط على حوض الفرات وموقع أو هريرة المنعطف الحاسم في تكريس أن الثقافة النطوفية في بلاد الشام هي ثقافة تستند على وحدة حضارية واحدة تشمل كل المواقع النطوفية.
وقد بدأت الأبحاث الرصينة تؤكد على أن النطوفي السوري الذي تجلى في المريبط يُشكل النصف الآخر للنطوفي الفلسطيني في موقع الملاحة بكل ابتكاراته وإبداعاته.
يقول الدكتور محيسن: " إن الأبحاث الجارية أكدت وجود حضارة نطوفية جسدت وحدة حضارية هي الأقوى من نوعها بين مختلف أرجاء المشرق العربي القديم وامتدت بلون واحد وبسحنات محلية من النيل إلى الفرات ومنذ الألف العاشر قبل الميلاد ".
الجدير ذكره أن الثقافة النطوفية المشرقية ساهمت في إنشاء الأساس المادي والفكري المباشر للانعطاف التاريخي والأهم في تاريخ البشرية الذي تجلى في الانتقال من الصيد والالتقاط إلى الزراعة والتدجين. وهنا مسار حضاري جديد ينبعث من قبل المشرق العربي. " ( سلطان محيسن 1994)
والشيء المهم في هذه الفترة والذي يدحض مزاعم الدوائر الاستشراقية والإسرائيلية هو أن الأبحاث العلمية الرصينة أكدت أن ثمة تجانساً حضارياً امتد من وادي النيل وحتى حوض الفرات، حيث تشير تلك الأبحاث إلى سيادة نوع عرقي واحد يعرف بالعرق المتوسطي القديم.