"الشارقة، وجهة نظر".. أعمال تجريبية لأربعة مصورين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "الشارقة، وجهة نظر".. أعمال تجريبية لأربعة مصورين

    "الشارقة، وجهة نظر".. أعمال تجريبية لأربعة مصورين


    ذاكرة جماعية تستحضر ذكريات متشظية تتناغم مع التجارب المشتركة.
    السبت 2024/09/21
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    سرد بصري عن التدهور البيئي

    ماذا لو كنت غيري؟ ذلك التساؤل الذي طرحه محمود درويش في إحدى قصائده، يعيد معرض “الشارقة، وجهة نظر” طرحه في دورته للعام الحالي، محاولا الإجابة عنه، عبر أعمال لأربعة مصورين فوتوغرافيين من بقاع مختلفة من العالم، تسرد صورهم حكايات عن شعوبهم وأوطانهم وتركز على قضايا إنسانية مشتركة.

    تنظم مؤسسة الشارقة للفنون ضمن برنامجها لخريف 2024، الدورة الثانية عشرة من معرضها السنوي للتصوير الفوتوغرافي بعنوان “الشارقة، وجهة نظر”، الذي يقام في بيت عبيد الشامسي التراثي، في الفترة بين الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري وحتى الثامن من من شهر ديسمبر المقبل.

    تسلط هذه النسخة الضوء على المصورين الصاعدين من المنطقة وخارجها، وتقام تحت عنوان “لو كنتُ غيري” المستوحى من قصيدة للشاعر محمود درويش، لتُجسّد الأعمال المعروضة تجارب شخصية، وتاريخا، وذاكرة جماعية، فرغم تنوّع المنهجيات المستخدمة في إنشاء الصور الفوتوغرافية، إلا أن جميعها تستحضر ذكريات متشظية تتناغم مع التجارب الإنسانية المشتركة.

    واختارت المؤسسة أربعة فنانين ممن قدموا طلباتهم للمشاركة في المعرض من خلال دعوة دولية مفتوحة، هم: سارة القنطار، ثاسيل سوهارا بكر، أروم دايو ومشفق الرحمن جوهان، ليجمع المعرض بين أصوات وتجارب متنوعة، مجسدا روح التجريب في التصوير الفوتوغرافي المعاصر، ويقدم منصة ديناميكية تستعرض مجموعة واسعة من الأساليب، بدءا من الوثائقية وصولا إلى التجريبية.

    تعاين أروم دايو وهي من مواليد عام 1984 في جاوة الوسطى بإندونيسيا، من خلال مشروعها، الثقافة والمجتمع الحديثين في جاوة مركزة على قضايا النسوية والأمومة، ومسلطة الضوء على فكرة التوقعات الأبوية والضغوطات التي تواجهها النساء العازبات. ففي سياق تملي فيه المعايير المجتمعية مرور سعادة المرأة عبر دورها الأساسي كزوجة وأم، تفسح سلسلة الصور “متى تنوين الزواج؟” والنقاشات الناتجة عنها المجال أمام حوار أعمق حول موضوع الزواج، وسد الفجوات الثقافية بين الأجيال المختلفة.


    ◙ النسخة الثانية عشرة تسلط الضوء على المصورين الصاعدين وتقام تحت عنوان "لو كنت غيري" المستوحى من قصيدة لمحمود درويش


    فيما يسافر المصور الوثائقي وعالم الأنثروبولوجيا مشفق الرحمن جوهان، وهو من مواليد عام 1997 في بنغلاديش، في جميع أنحاء بنغلاديش لالتقاط السرديات البصرية التي تسلط الضوء على القضايا الإنسانية وتوثيق مصاعب المجتمعات المهمشة في صراعها مع النزوح، إذ تمتزج مقاربته الفنية باهتمام طويل الأمد بهذه القضايا والموضوعات الشائكة، مثل الاختفاء القسري وعنف الشرطة والتدهور البيئي.

    وعبر عمله المقدم في المعرض تحت عنوان “ذكريات قبل التطوير” يسلط الضوء على تداعيات مشروع محطة بايرا لتوليد الطاقة الذي انطلق عام 2014 في مسقط رأسه في موريتشبونيا ببنغلاديش، لاسيما من خلال تناول الوعود الزائفة بخلق فرص العمل ودفع تعويضات للنازحين، حيث اضطر الناس إلى مغادرة بيوت أجدادهم مثقلين بالخسارة. يتأمل العمل صدمة الهجرة من جوانب متعددة، ويعاين الأثمان الاجتماعية والثقافية والبيئية للتطور وإعادة التوطين القسري والدمار البيئي، وذلك من خلال تصوير التحولات التي طرأت على القرية بعد مشروع محطة الطاقة والذكريات المؤلمة التي خلّفها، مستكشفا الجانب المظلم للتطور والنمو.

    أما المصورة والمخرجة السورية سارة القنطار فتوثّق تجاربها الشخصية في المنفى ململة شظايا الذكريات المنسية ومعاينة آثار النزوح عبر سلسلتها الفوتوغرافية “نحو النور”، إذ تسجل عبورها من سوريا إلى اليونان مرورا بتركيا بين ديسمبر 2015 وفبراير 2016، حيث استخدمت هاتفها المحمول لتصوير رحلتها المحفوفة بالمخاطر وشاركت الصور مع عائلتها، لطمأنتها عن وضعها وسلامتها.

    ومن خلال إخفاء الوقائع المريرة لهذه الرحلة، تثير هذه الصور المؤلمة التي التقطتها سارة القنطار للاجئين، شعورا زائفا وغريبا بالأمان، جامعة آمالها وتوقعاتها، انطلاقا من قرارها مغادرة سوريا، مرورا بالوقت الذي أمضته مع أخيها في تركيا، وصولا إلى تجاربها الصعبة مع مهربي البشر، والصداقات الزائفة وفترات الانتظار الطويلة. كما يتضمن المشروع فيلما قصيرا بعنوان “3350 كم” (2023)، ويتمحور حول أب وابنته تفصل بينهما مسافة 3350 كيلومترا، على مدار سبع سنوات.

    وفي سلسلته “شواطئ مضاءة” يعاين ثاسيل سوهارا بكر وهو فنان من مواليد عام 1992، في كيرلا بالهند، مواضيع البيئة والسياسات الحيوية عبر عدسة مزدوجة عمادها المسرح والفن البصري.

    ◙ الدورة تتضمن برنامجا إرشاديا يتيح للفنانين فرصة التواصل مع ممارسين ثقافيين أو محترفين يختارونهم بأنفسهم

    تصور هذه السلسلة رحلة استمرت ثلاثة أشهر زار فيها خمس ولايات هندية، وتتضمن صورا التقطها خلال الاضطرابات التي عمّت البلاد، حيث أدت الاحتجاجات والإغلاقات المتعددة جراء جائحة كوفيد – 19 إلى تشريد مجتمعات الطبقة العاملة والتسبب بخسائر فادحة في الأرواح، بما لا يتناسب مع خسائر الطبقات الأخرى.

    ركز ثاسيل على حياة الطبقة العاملة المقيمة حول المسطحات المائية، انطلاقا من نشأته في قرية ساحلية، حيث يعمد في هذه السلسلة إلى تحويل صور الحياة اليومية مثل قوارب الصيادين إلى صور خيالية أشبه بالأحلام، مما يخلق عالما تتداخل فيه الحدود الفاصلة بين الزمان والمكان والواقع والخيال، وتصبح الشخصيات التي تتصدر هذه المشاهد المائية غير الملموسة رموزا لفكرة الأمل والسمو.

    ستُعرض أعمال كل فنان بشكل مستقل على امتداد بيت عبيد الشامسي، كما تتضمن الدورة الثانية عشرة التي تقيّمها سارة المهيري، وهي قيّم مساعد في المؤسسة، برنامجا إرشاديا مهنيا فرديا، يتيح للفنانين فرصة التواصل مع ممارسين ثقافيين أو محترفين يختارونهم بأنفسهم.

    يُذكر أن مؤسسة الشارقة للفنون، تستقطب طيفا واسعا من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية.

    وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل “بينالي الشارقة” و”لقاء مارس”، وبرنامج “الفنان المقيم”، و”البرنامج التعليمي”، و”برنامج الإنتاج” والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.



    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    حجاج سلامة
    كاتب مصري
يعمل...
X