السوري : عبد الكريم الناعم
الشاعر عبد الكريم الناعم.
قصيدة:
ماذا أنا الآن ؟
ماذا أنا الآنَ والأحلامُ غارِبَةٌ ؟
قَوْسٌ على لَحْنهِ الفِضِّيِّ يَنْكَسِرُ
نايٌ تَدَفَّقَ في آياتِهِ شَجَناً
أقامَ فيهِ إلى أنْ حَنَّتِ السُّوَرُ
أَسْتَرْجِعُ الآنَ ما قدْ مَرَّ والَهَفا
فَيُدْخِلُ الجُرْحَ في آلامِهِ الخَدَرُ
لولا العِنايَةُ في نسيانِ ما ازْدَحَمَتْ
ما كانَ في سُوقِها يُسْتَسْهَلُ الوَعِرُ
لوْ كانَ لِلنَّهْرِ في مَجْراه ذاكِرَةٌ
لَما تَدَفَّقَ في أمْدائِهِ النَّهَرُ .
قِفْ بالمحطّاتِ يا طيْرَ المدى غَرِداً
فَلَسْتَ تَدْري متى لا يرحلُ الغَجَرُ
واتْركْ أغانيك ألْوانا مُفَوَّفَةً
فَقَدْ يُباركُها أنْ يُفْتَنَ الزَّهَرُ
ماذا على الشّطِّ
أنَّ الماءَ ذو غِيَرٍ
وكانَ أَجْملَ ما في وَعْدِهِ الغِيَرُ ؟!!
هذي المحطّاتُ حتّى حينَ نَتْركُها
يظلُّ أَرْوَعَ ما في صَمْتِها السِّيّرُ .
تَقَلَّبَتْ بدمي الأحوالُ راعِفَةً
في رَيِّقِ الصَّفْوِ شيءٌ إسمُهُ العَكَرُ
وكانَ لي نُعْمياتُ الشَّهْدِ ذاتَ مَدىً
فَظَلَّ مِن شَهْدِها الإطراقُ والإِبَرُ
قد لا يكونُ لهذا القولِ منْ أَثَرٍ
ولستُ أَزْعُمُ أنْ قد يَنْفَعُ الأثَرُ
لكنّها وَرْدةٌ في باقةٍ عَبِقَتْ
فَكنْ أَنيساً إلى أنْ يَنْفدَ العَطِرُ
وقد يكونُ من الأجدى وقد سَرَحَتْ
أنْ تُكْمِلَ الشَّوْطَ في تَسْيارِها الغُدُرُ
وأنْ ترى ما ترى في حُرِّ رِحْلتِها
حتّى كانَّ الذي تَخْتارُهُ قَدَرُ .
أُشْرِبْتُ سُمّاً من الأهلينَ ذاتَ ضُحىً
وحينَ لا نَفْعَ في مغناهمو اعْتَذروا
واليْتُ أرضي بما شَعَّتْ وما بّذَرَتْ
خَيْراً
وَأَنْكَرْتُ
خَيْراً
وَأَنْكَرْتُ ما يأتي به الكَدَرُ
ألنّورُ والخيْرُ أُفْقا ما أَدينُ بهِ
وكلُّ شيءٍ لهُ منْ طَبْعِهِ صُوَرُ
أحِبُّ قومي ولا أُعْليهمو سَفَهاً
تَبارَكَ الحقُّ مِعْياراً إذا عَبَروا .
أَبْقَيْتُ في دفتري بعْضَ الذي حَمَلَتْ
منّي الضّلوعُ ، ولي من رَيِّهِ سَكَرُ
وَنُحْتُ في كلِّ أرضٍ أُهْدِرَتْ فَبَكَتْ
كأنَّ لي كلَّ ما عاثوا وما هَدَروا
وكلُّ غَصَّةِ قَهْرٍ اينما وُجِدَتْ
على فؤادي لها مِن جُرْحِها أَثَرُ
وكنتُ أَنْحو إلى الأبهى فإنْ زَلَقَتْ
أقدامُها راهنَتْ أنْ يَنْفََعَ الحَذَرُ
وهاأنا أدْخُلُ ( الستّينَ ) أَعْزِقُها
وكلُّ قوْمٍ معَ الدّنيا وما بَذروا
مامَرَّ حُلْمٌ ،
وما يأْتيكَ مُكْتَنَفٌ
بالغيْبِ
فاشْربْ من العُنْقودِ ماعَصَروا
فَ"نوحُ " مازالَ إمّا رحلةٌ بَدَأَتْ
تَراهُ يَذْوي بما يُسْقى ، وَيَعْتَمِرُ
-" يا" نوح ُ " ماذا ؟
-" هما بابانِ ياولَدي " ،
يامَنْ يُعَلِّلُ أهلَ السّرِّ إنْ جَهَروا .
آناً هيَ النّفْسُ مِشْكاةٌ تَشعُّ بما
أشاعَ فيها السّنى
فالكوْنُ مُزْدًهِرُ
وآنةً ، /
ما الذي لِلنّورِ في حَجَرٍ ؟
(يا طيبَ ما كانَ لوْ أنَّ الفتى حَجَرُ)
وبينَ هذي وهذي ، كلّما خَطَرَتْ
في بازِغٍ ، شَعَّ في أعماقها قَمَرُ.
وَقَفْتُ بالبابِ يا ربّاهُ مُنْكَسراً
هذي صلاتيَ أنّي جئتُ أَنْكَسِرُ
أدْعوكَ فَاحْفَظْ بلادي إنّ عِزَّتَها
ضوءُ المناراتِ إمّا اسْتَرْشَدَتْ عُصُرُ
إنْ لاثَها طامِعٌ منْ أَهْلِ جِلْدَتِها
أوْ خَضَّها غاشِمٌ في رأْيِهِ قِصَرُ
فقدْ تَفَتَّحَ فيها منذُ خُطْوتِها الأولى
الذي دونّهُ قد قَصَّرَ البَشَرُ
وكانَ فيها رسالاتٌ وَحَشْدُ رؤىً
وكانَ فيها الصِّبا ، والصّنْجُ ، والوَتَرُ
وكمْ تَحَرَّفَ عن سمْتِ الضياءِ هوىً
مَنْ هَمُّهُ السّلطةُ العمياءُ
والبَطَرُ
وَقًفْتُ بالبابِ يا ربّاهُ مُنْكَسِراً
هذا دُعائيَ أنّي جئتُ أنْكَسِرُ
أُقيمُ جدرانَ أيّامٍ مُصَدَّعَةٍ
وليس تَمْنَعُنا عن قَفْزِها الجُدُرُ
رفاقيَ البعضُ قدْ صاروا إلى جَدَثٍ
وَثَمَّ بعضٌ على الأيّام يَنْتَظِرُ
كلُّ المحطّاتِ كانتْ عِبْرَةً ومَدىً
لوْ كانَ تَنْفَعُ في أمثالِنا العِبَرُ
رحْنا على الدّربِ تَيّاهينَ نَسْبقُهُ
وَغَرَّنا ، آنَ لمْ تَصْفُ الرّؤى ، السَّفَرُ
وهاأنا الآنَ قَشٌّ مُفْعَمٌ أَرَقاً
يكادُ يَيْبَسُ في أحْنائهِ الشَّرَرُ
إذا تَذَكَّرْتُ أهوالَ السَّفارِ وما
بي منْ جِراحٍ على الشّطّينِ تَنْشَطِرُ..
أكادُ أَحْنو على روحي أُهَدْهِدُها
كيلا تُشَظّي بقايا الرّحلةِ الذِّكَرُ
في اليَمِّ أَلْقيْتُ يا ربّاهُ أَشْرعتي
فَصَفَّقَتْ لِبَياضِ الرّحلةِ الجُزُرُ
وأنتَ أَدْرى بما في الرّوحِ منْ لَهَفٍ
فَاحْفَظْ سَفاري فإنَّ القوْمَ قد بَكَروا - حمص 1994م.
الشاعر عبد الكريم الناعم.
قصيدة:
ماذا أنا الآن ؟
ماذا أنا الآنَ والأحلامُ غارِبَةٌ ؟
قَوْسٌ على لَحْنهِ الفِضِّيِّ يَنْكَسِرُ
نايٌ تَدَفَّقَ في آياتِهِ شَجَناً
أقامَ فيهِ إلى أنْ حَنَّتِ السُّوَرُ
أَسْتَرْجِعُ الآنَ ما قدْ مَرَّ والَهَفا
فَيُدْخِلُ الجُرْحَ في آلامِهِ الخَدَرُ
لولا العِنايَةُ في نسيانِ ما ازْدَحَمَتْ
ما كانَ في سُوقِها يُسْتَسْهَلُ الوَعِرُ
لوْ كانَ لِلنَّهْرِ في مَجْراه ذاكِرَةٌ
لَما تَدَفَّقَ في أمْدائِهِ النَّهَرُ .
قِفْ بالمحطّاتِ يا طيْرَ المدى غَرِداً
فَلَسْتَ تَدْري متى لا يرحلُ الغَجَرُ
واتْركْ أغانيك ألْوانا مُفَوَّفَةً
فَقَدْ يُباركُها أنْ يُفْتَنَ الزَّهَرُ
ماذا على الشّطِّ
أنَّ الماءَ ذو غِيَرٍ
وكانَ أَجْملَ ما في وَعْدِهِ الغِيَرُ ؟!!
هذي المحطّاتُ حتّى حينَ نَتْركُها
يظلُّ أَرْوَعَ ما في صَمْتِها السِّيّرُ .
تَقَلَّبَتْ بدمي الأحوالُ راعِفَةً
في رَيِّقِ الصَّفْوِ شيءٌ إسمُهُ العَكَرُ
وكانَ لي نُعْمياتُ الشَّهْدِ ذاتَ مَدىً
فَظَلَّ مِن شَهْدِها الإطراقُ والإِبَرُ
قد لا يكونُ لهذا القولِ منْ أَثَرٍ
ولستُ أَزْعُمُ أنْ قد يَنْفَعُ الأثَرُ
لكنّها وَرْدةٌ في باقةٍ عَبِقَتْ
فَكنْ أَنيساً إلى أنْ يَنْفدَ العَطِرُ
وقد يكونُ من الأجدى وقد سَرَحَتْ
أنْ تُكْمِلَ الشَّوْطَ في تَسْيارِها الغُدُرُ
وأنْ ترى ما ترى في حُرِّ رِحْلتِها
حتّى كانَّ الذي تَخْتارُهُ قَدَرُ .
أُشْرِبْتُ سُمّاً من الأهلينَ ذاتَ ضُحىً
وحينَ لا نَفْعَ في مغناهمو اعْتَذروا
واليْتُ أرضي بما شَعَّتْ وما بّذَرَتْ
خَيْراً
وَأَنْكَرْتُ
خَيْراً
وَأَنْكَرْتُ ما يأتي به الكَدَرُ
ألنّورُ والخيْرُ أُفْقا ما أَدينُ بهِ
وكلُّ شيءٍ لهُ منْ طَبْعِهِ صُوَرُ
أحِبُّ قومي ولا أُعْليهمو سَفَهاً
تَبارَكَ الحقُّ مِعْياراً إذا عَبَروا .
أَبْقَيْتُ في دفتري بعْضَ الذي حَمَلَتْ
منّي الضّلوعُ ، ولي من رَيِّهِ سَكَرُ
وَنُحْتُ في كلِّ أرضٍ أُهْدِرَتْ فَبَكَتْ
كأنَّ لي كلَّ ما عاثوا وما هَدَروا
وكلُّ غَصَّةِ قَهْرٍ اينما وُجِدَتْ
على فؤادي لها مِن جُرْحِها أَثَرُ
وكنتُ أَنْحو إلى الأبهى فإنْ زَلَقَتْ
أقدامُها راهنَتْ أنْ يَنْفََعَ الحَذَرُ
وهاأنا أدْخُلُ ( الستّينَ ) أَعْزِقُها
وكلُّ قوْمٍ معَ الدّنيا وما بَذروا
مامَرَّ حُلْمٌ ،
وما يأْتيكَ مُكْتَنَفٌ
بالغيْبِ
فاشْربْ من العُنْقودِ ماعَصَروا
فَ"نوحُ " مازالَ إمّا رحلةٌ بَدَأَتْ
تَراهُ يَذْوي بما يُسْقى ، وَيَعْتَمِرُ
-" يا" نوح ُ " ماذا ؟
-" هما بابانِ ياولَدي " ،
يامَنْ يُعَلِّلُ أهلَ السّرِّ إنْ جَهَروا .
آناً هيَ النّفْسُ مِشْكاةٌ تَشعُّ بما
أشاعَ فيها السّنى
فالكوْنُ مُزْدًهِرُ
وآنةً ، /
ما الذي لِلنّورِ في حَجَرٍ ؟
(يا طيبَ ما كانَ لوْ أنَّ الفتى حَجَرُ)
وبينَ هذي وهذي ، كلّما خَطَرَتْ
في بازِغٍ ، شَعَّ في أعماقها قَمَرُ.
وَقَفْتُ بالبابِ يا ربّاهُ مُنْكَسراً
هذي صلاتيَ أنّي جئتُ أَنْكَسِرُ
أدْعوكَ فَاحْفَظْ بلادي إنّ عِزَّتَها
ضوءُ المناراتِ إمّا اسْتَرْشَدَتْ عُصُرُ
إنْ لاثَها طامِعٌ منْ أَهْلِ جِلْدَتِها
أوْ خَضَّها غاشِمٌ في رأْيِهِ قِصَرُ
فقدْ تَفَتَّحَ فيها منذُ خُطْوتِها الأولى
الذي دونّهُ قد قَصَّرَ البَشَرُ
وكانَ فيها رسالاتٌ وَحَشْدُ رؤىً
وكانَ فيها الصِّبا ، والصّنْجُ ، والوَتَرُ
وكمْ تَحَرَّفَ عن سمْتِ الضياءِ هوىً
مَنْ هَمُّهُ السّلطةُ العمياءُ
والبَطَرُ
وَقًفْتُ بالبابِ يا ربّاهُ مُنْكَسِراً
هذا دُعائيَ أنّي جئتُ أنْكَسِرُ
أُقيمُ جدرانَ أيّامٍ مُصَدَّعَةٍ
وليس تَمْنَعُنا عن قَفْزِها الجُدُرُ
رفاقيَ البعضُ قدْ صاروا إلى جَدَثٍ
وَثَمَّ بعضٌ على الأيّام يَنْتَظِرُ
كلُّ المحطّاتِ كانتْ عِبْرَةً ومَدىً
لوْ كانَ تَنْفَعُ في أمثالِنا العِبَرُ
رحْنا على الدّربِ تَيّاهينَ نَسْبقُهُ
وَغَرَّنا ، آنَ لمْ تَصْفُ الرّؤى ، السَّفَرُ
وهاأنا الآنَ قَشٌّ مُفْعَمٌ أَرَقاً
يكادُ يَيْبَسُ في أحْنائهِ الشَّرَرُ
إذا تَذَكَّرْتُ أهوالَ السَّفارِ وما
بي منْ جِراحٍ على الشّطّينِ تَنْشَطِرُ..
أكادُ أَحْنو على روحي أُهَدْهِدُها
كيلا تُشَظّي بقايا الرّحلةِ الذِّكَرُ
في اليَمِّ أَلْقيْتُ يا ربّاهُ أَشْرعتي
فَصَفَّقَتْ لِبَياضِ الرّحلةِ الجُزُرُ
وأنتَ أَدْرى بما في الرّوحِ منْ لَهَفٍ
فَاحْفَظْ سَفاري فإنَّ القوْمَ قد بَكَروا - حمص 1994م.