تشيلي غونزاليس يناقش الفن والمعايير الأخلاقية في أحدث ألبوماته
الموسيقي الكندي يستعيد ذكرى فاغنر داعيا إلى فصل الفن عن الفنان.
الاثنين 2024/09/16
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فنان يدافع عن الفصل بين الفن وشخصية الفنان
في أحدث ألبوماته الذي عنونه بـ"غونزو"، يخوض الموسيقار الكندي تشيلي غونزاليس تجربة الكتابة عن أفكار صادمة تعيد تفكيك عملية الإبداع الفني بين الماضي والحاضر، حيث يقول إنه أراد التعبير عن أفكاره ويبحث مع جمهوره في علاقة الفن بشخصية الفنان ومواقفه، ومدى مطابقته للمعايير الأخلاقية الجماعية.
كولونيا (ألمانيا) - ما الذي يحدد الفن؟ وهل يمكن أن يتعايش الفن مع النزعة التجارية؟ كيف يجب أن نتعامل مع الفنانين الذين لا يتوافقون مع معاييرنا الأخلاقية؟
تعد هذه البعض من الموضوعات التي تناولها المغني تشيلي غونزاليس في ألبومه الأخير الذي يحمل اسم “غونزو”، والذي تم طرحه مؤخرا.
وفي منعطف تأملي، يتصارع الفنان المولود في كندا، مع أفكار بشأن رحلته الإبداعية وطبيعة كونه فنانا في الوقت الحالي.
وبعد أعوام من التركيز على المؤلفات الموسيقية، يحول غونزاليس مساره من خلال “غونزو”، ليقدم ألبوما غنيا بالكلمات مما يسمح له بالتعبير عن الأفكار التي كانت تجول بخاطره بشأن الفن والهوية والنزاهة.
وقال الموسيقي الكندي الذي يعيش في كولونيا منذ أعوام “بدأت في كتابة كلمات الأغاني مرة أخرى في مطلع عام 2022. وهذه هي الأغاني التي خرجت بأكبر قدر من القوة”.
"غونزو" ألبوم غني بالكلمات يسمح له بالتعبير عن الأفكار التي كانت تجول بخاطره بشأن الفن والهوية والنزاهة
ويضيف “أنا لا أفكر في جمهوري. أنا أقوم فقط بالإنتاج بقدر ما أستطيع. أحاول أن يكون لدي خط واضح إلى عقلي اللاواعي، وأذهب إلى أبعد ما أستطيع، وأتبع الكلمات حيثما تأخذني. وفي مرحلة لاحقة بكثير أقول لنفسي: حسنا… سأنتقل الآن إلى وضع الترفيه”.
ويخصص المغني وعازف البيانو والمنتج والفنان (52 عاما) واسمه الحقيقي جيسون تشارلز بيك، الأغنية الأضخم أهمية في ألبومه الجديد، لعملية الإبداع الفني.
وتحمل الأغنية اسم “المذبحة الكلاسيكية الجديدة”، وهي عبارة عن صخب مقفى عن الفنانين الذين يصنعون الموسيقى لكي تتوافق فقط مع المنطق الخوارزمي لقوائم التشغيل، وبالتالي تحقق أكبر قدر ممكن من النجاح التجاري.
ويقول إن “دور الفنان هو عدم السماح للخوارزمية بأن تملي علينا ما نصنعه. ولكن حتى يحدث ذلك، فإنه بمجرد أن نصنع شيئا ما، يتعين أن نستخدم الخوارزمية لصالحنا”.
أما الأغنية التي قد تكون الأكثر إيجازا، ولكن الأكثر استفزازا، من بين 11 أغنية في الألبوم الجديد، فهي “تبا لك يا فاغنر”.
ويقصد الفنان هنا، الموسيقار الألماني ريشارد فاغنر (1813 – 1883) والذي يعد من عباقرة الموسيقى، وقد حصدت أعماله الإعجاب وحققت نجاحا مشهودا على الصعيد العالمي. فقد أنتج أكثر من مئة عمل كانت الأعمال الأوبرالية أشهرها. وبخلاف مؤلفي الأوبرا الآخرين، كان يؤلف أيضا أشعارا وحوارات أعماله. وتنال مؤلفاته الإعجاب والتقدير لتركيبتها الغنية وتناغمها وتناسقها التام والاستخدام الممتاز للنغمات المتكررة.
وتركت إبداعاته في مجال الموسيقى أثرا كبيرا كالتحولات الدرامية في مراكز النغمات وأثرت على تطور الموسيقى الكلاسيكية. وقدم أسلوب فاغنر الموسيقي لاحقا أفكارا حول التناغم والعملية النغمية (الموتيفات المتكرّرة) والبنية الأوبرالية. وتعدى تأثيره الفني التأليف ليصل إلى قيادة الفرق الموسيقية والفلسفة والأدب والفنون البصرية والمسرح، وكان كاتبا بارعا وألف كتبا وقصائد وعدة مقالات. وتناولت كتاباته مواضيع مختلفة منها السيرة الذاتية والسياسة والفلسفة والتحليلات المفصلة لأعماله الأوبرالية. لكنّ لهذا العبقري جانبا مظلما في شخصيته، إذ إنه كان من أشد المعادين لليهود في ألمانيا، وكانت أنغامه تعزف قبل الخطب والمؤتمرات، وتقام أوبراته بحضور القائد النازي أدولف هتلر.
ويقول غونزاليس “أنا لست أول شخص يلفت الانتباه إلى خطاب فاغنر البغيض، ولكنني أريد فقط أن أقول إن ذلك يتوافق مع كوني معجبا بموسيقاه، كما يتوافق أيضا مع انبهاري بالطريقة التي عاش بها حياته بصورة دراماتيكية”.
فاغنر أول فنان استفز غونزاليس للتفكير في تعاملنا مع الفنانين الذين لا يتوافقون مع معاييرنا الأخلاقية
جدير بالذكر أن والد غونزاليس عرّفه منذ أن كان مراهقا، على موسيقى المؤلف الموسيقي الألماني الراحل فاغنر، وشجعه على قراءة نصوصه وترجماتها وحفظها أيضا، كما حضر “مهرجان بايرويت” في وقت مبكر جدا من حياته.
ويقام المهرجان الموسيقي المعروف عالميا، في كل عام بمدينة بايرويت بألمانيا، ويضم أعمالا أوبرالية لفاغنر.
وعن فاغنر وكتاباته المعادية للسامية، يتذكر غونزاليس أنه قال لوالده ذات مرة “اسمع يا أبي، أنت رجل يهودي… أنا لم أكن أعلم أن هذا الرجل كتب هذا الكتاب… ولكنك الآن تعزف موسيقاه منذ أعوام، بدون توقف، وتأخذ أبناءك الثلاثة إلى معبد موسيقاه. ما هو شعورك تجاه ذلك؟”. فأجاب والده قائلا “علينا أن نفصل الفن عن الفنان”.
وأوضح غونزاليس “لقد ظل ذلك أشبه بالمقولة في ذهني منذ ذلك الحين. لقد كان فاغنر أول فنان يجعل هذا السؤال يدور في ذهني، وكان والدي أول من قدم نوعا من الإجابة، وظل هذا معي منذ ذلك الحين”.
وبدأ الفنان الكندي بتقديم التماس لإعادة تسمية شارع يحمل اسم ريتشارد فاغنر في كولونيا، ليكون شارع تينا تيرنر، على اسم المغنية الراحلة الشهيرة التي لقبت بـ”ملكة الروك آند رول”، وذلك للفت الانتباه أيضا إلى هذه المنطقة من التوتر.
وتقول حملة غونزاليس، إن فاغنر “الإنسان الوحشي”، لا علاقة له بكولونيا نفسها، وذلك على عكس تيرنر، التي اتخذت من هذه المدينة الواقعة في غرب ألمانيا، موطنا لها لمدة تسعة أعوام.
ويشير غونزاليس إلى أنه ليس “محاربا لصالح ثقافة الإلغاء”، ويعتقد أننا يتعين علينا جميعا الاستماع إلى موسيقى فاغنر، تماما مثلما نفعل مع الفنانين الآخرين المثيرين للمشاكل، من أمثال كاني ويست، نجم الراب الأميركي (47 عاما).
ويصنف كاني ويست على أنه من الفنانين العالميين المعادين لليهود، حيث سبق أن نشر تصريحات ضدهم، وأشاد بما فعله الزعيم النازي هتلر. واعتاد النجم الذي غير اسمه الفني إلى “ييه”، والذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، إثارة الجدل، وقد مُنع مرات من استخدام إنستغرام وحضر حسابه في منصة إكس، وألغت شركات عالمية تعاقدها معه بسبب مواقفه.
لكن غونزاليس يقول “لا أستطيع أن أتوقف عن الاستماع إلى كاني. فأنا لدي روابط عاطفية مع الموسيقى التي كانت مهمة بالنسبة لي في وقت من حياتي، والتي ألهمتني كفنان وكشخص، والتي ربما تكون قد ساعدتني في لحظات معينة”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الموسيقي الكندي يستعيد ذكرى فاغنر داعيا إلى فصل الفن عن الفنان.
الاثنين 2024/09/16
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فنان يدافع عن الفصل بين الفن وشخصية الفنان
في أحدث ألبوماته الذي عنونه بـ"غونزو"، يخوض الموسيقار الكندي تشيلي غونزاليس تجربة الكتابة عن أفكار صادمة تعيد تفكيك عملية الإبداع الفني بين الماضي والحاضر، حيث يقول إنه أراد التعبير عن أفكاره ويبحث مع جمهوره في علاقة الفن بشخصية الفنان ومواقفه، ومدى مطابقته للمعايير الأخلاقية الجماعية.
كولونيا (ألمانيا) - ما الذي يحدد الفن؟ وهل يمكن أن يتعايش الفن مع النزعة التجارية؟ كيف يجب أن نتعامل مع الفنانين الذين لا يتوافقون مع معاييرنا الأخلاقية؟
تعد هذه البعض من الموضوعات التي تناولها المغني تشيلي غونزاليس في ألبومه الأخير الذي يحمل اسم “غونزو”، والذي تم طرحه مؤخرا.
وفي منعطف تأملي، يتصارع الفنان المولود في كندا، مع أفكار بشأن رحلته الإبداعية وطبيعة كونه فنانا في الوقت الحالي.
وبعد أعوام من التركيز على المؤلفات الموسيقية، يحول غونزاليس مساره من خلال “غونزو”، ليقدم ألبوما غنيا بالكلمات مما يسمح له بالتعبير عن الأفكار التي كانت تجول بخاطره بشأن الفن والهوية والنزاهة.
وقال الموسيقي الكندي الذي يعيش في كولونيا منذ أعوام “بدأت في كتابة كلمات الأغاني مرة أخرى في مطلع عام 2022. وهذه هي الأغاني التي خرجت بأكبر قدر من القوة”.
"غونزو" ألبوم غني بالكلمات يسمح له بالتعبير عن الأفكار التي كانت تجول بخاطره بشأن الفن والهوية والنزاهة
ويضيف “أنا لا أفكر في جمهوري. أنا أقوم فقط بالإنتاج بقدر ما أستطيع. أحاول أن يكون لدي خط واضح إلى عقلي اللاواعي، وأذهب إلى أبعد ما أستطيع، وأتبع الكلمات حيثما تأخذني. وفي مرحلة لاحقة بكثير أقول لنفسي: حسنا… سأنتقل الآن إلى وضع الترفيه”.
ويخصص المغني وعازف البيانو والمنتج والفنان (52 عاما) واسمه الحقيقي جيسون تشارلز بيك، الأغنية الأضخم أهمية في ألبومه الجديد، لعملية الإبداع الفني.
وتحمل الأغنية اسم “المذبحة الكلاسيكية الجديدة”، وهي عبارة عن صخب مقفى عن الفنانين الذين يصنعون الموسيقى لكي تتوافق فقط مع المنطق الخوارزمي لقوائم التشغيل، وبالتالي تحقق أكبر قدر ممكن من النجاح التجاري.
ويقول إن “دور الفنان هو عدم السماح للخوارزمية بأن تملي علينا ما نصنعه. ولكن حتى يحدث ذلك، فإنه بمجرد أن نصنع شيئا ما، يتعين أن نستخدم الخوارزمية لصالحنا”.
أما الأغنية التي قد تكون الأكثر إيجازا، ولكن الأكثر استفزازا، من بين 11 أغنية في الألبوم الجديد، فهي “تبا لك يا فاغنر”.
ويقصد الفنان هنا، الموسيقار الألماني ريشارد فاغنر (1813 – 1883) والذي يعد من عباقرة الموسيقى، وقد حصدت أعماله الإعجاب وحققت نجاحا مشهودا على الصعيد العالمي. فقد أنتج أكثر من مئة عمل كانت الأعمال الأوبرالية أشهرها. وبخلاف مؤلفي الأوبرا الآخرين، كان يؤلف أيضا أشعارا وحوارات أعماله. وتنال مؤلفاته الإعجاب والتقدير لتركيبتها الغنية وتناغمها وتناسقها التام والاستخدام الممتاز للنغمات المتكررة.
وتركت إبداعاته في مجال الموسيقى أثرا كبيرا كالتحولات الدرامية في مراكز النغمات وأثرت على تطور الموسيقى الكلاسيكية. وقدم أسلوب فاغنر الموسيقي لاحقا أفكارا حول التناغم والعملية النغمية (الموتيفات المتكرّرة) والبنية الأوبرالية. وتعدى تأثيره الفني التأليف ليصل إلى قيادة الفرق الموسيقية والفلسفة والأدب والفنون البصرية والمسرح، وكان كاتبا بارعا وألف كتبا وقصائد وعدة مقالات. وتناولت كتاباته مواضيع مختلفة منها السيرة الذاتية والسياسة والفلسفة والتحليلات المفصلة لأعماله الأوبرالية. لكنّ لهذا العبقري جانبا مظلما في شخصيته، إذ إنه كان من أشد المعادين لليهود في ألمانيا، وكانت أنغامه تعزف قبل الخطب والمؤتمرات، وتقام أوبراته بحضور القائد النازي أدولف هتلر.
ويقول غونزاليس “أنا لست أول شخص يلفت الانتباه إلى خطاب فاغنر البغيض، ولكنني أريد فقط أن أقول إن ذلك يتوافق مع كوني معجبا بموسيقاه، كما يتوافق أيضا مع انبهاري بالطريقة التي عاش بها حياته بصورة دراماتيكية”.
فاغنر أول فنان استفز غونزاليس للتفكير في تعاملنا مع الفنانين الذين لا يتوافقون مع معاييرنا الأخلاقية
جدير بالذكر أن والد غونزاليس عرّفه منذ أن كان مراهقا، على موسيقى المؤلف الموسيقي الألماني الراحل فاغنر، وشجعه على قراءة نصوصه وترجماتها وحفظها أيضا، كما حضر “مهرجان بايرويت” في وقت مبكر جدا من حياته.
ويقام المهرجان الموسيقي المعروف عالميا، في كل عام بمدينة بايرويت بألمانيا، ويضم أعمالا أوبرالية لفاغنر.
وعن فاغنر وكتاباته المعادية للسامية، يتذكر غونزاليس أنه قال لوالده ذات مرة “اسمع يا أبي، أنت رجل يهودي… أنا لم أكن أعلم أن هذا الرجل كتب هذا الكتاب… ولكنك الآن تعزف موسيقاه منذ أعوام، بدون توقف، وتأخذ أبناءك الثلاثة إلى معبد موسيقاه. ما هو شعورك تجاه ذلك؟”. فأجاب والده قائلا “علينا أن نفصل الفن عن الفنان”.
وأوضح غونزاليس “لقد ظل ذلك أشبه بالمقولة في ذهني منذ ذلك الحين. لقد كان فاغنر أول فنان يجعل هذا السؤال يدور في ذهني، وكان والدي أول من قدم نوعا من الإجابة، وظل هذا معي منذ ذلك الحين”.
وبدأ الفنان الكندي بتقديم التماس لإعادة تسمية شارع يحمل اسم ريتشارد فاغنر في كولونيا، ليكون شارع تينا تيرنر، على اسم المغنية الراحلة الشهيرة التي لقبت بـ”ملكة الروك آند رول”، وذلك للفت الانتباه أيضا إلى هذه المنطقة من التوتر.
وتقول حملة غونزاليس، إن فاغنر “الإنسان الوحشي”، لا علاقة له بكولونيا نفسها، وذلك على عكس تيرنر، التي اتخذت من هذه المدينة الواقعة في غرب ألمانيا، موطنا لها لمدة تسعة أعوام.
ويشير غونزاليس إلى أنه ليس “محاربا لصالح ثقافة الإلغاء”، ويعتقد أننا يتعين علينا جميعا الاستماع إلى موسيقى فاغنر، تماما مثلما نفعل مع الفنانين الآخرين المثيرين للمشاكل، من أمثال كاني ويست، نجم الراب الأميركي (47 عاما).
ويصنف كاني ويست على أنه من الفنانين العالميين المعادين لليهود، حيث سبق أن نشر تصريحات ضدهم، وأشاد بما فعله الزعيم النازي هتلر. واعتاد النجم الذي غير اسمه الفني إلى “ييه”، والذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، إثارة الجدل، وقد مُنع مرات من استخدام إنستغرام وحضر حسابه في منصة إكس، وألغت شركات عالمية تعاقدها معه بسبب مواقفه.
لكن غونزاليس يقول “لا أستطيع أن أتوقف عن الاستماع إلى كاني. فأنا لدي روابط عاطفية مع الموسيقى التي كانت مهمة بالنسبة لي في وقت من حياتي، والتي ألهمتني كفنان وكشخص، والتي ربما تكون قد ساعدتني في لحظات معينة”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook