الكاتب المصري نعيم صبري لـ"العرب": أحببت عالم الدراما فدخلته من بوابة الرواية
جيل كامل من الكتاب المصريين انتهى يبكي مع عبدالحليم حافظ.
الثلاثاء 2024/09/17
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الفنان يجب ألا يطلب التكريم
يكتب الأديب المصري نعيم صبري متحررا من الرؤى الضيقة التي تدفع كثيرين إلى الكتابة لأجل الجوائز أو تخوفا من هذا وإرضاء لذاك، وقد قدم على امتداد تجربته روايات عديدة وكتب في غيرها من أصناف الأدب، دعما للحرية وانتصارا للإنسان دائما ودون ضجيج مفتعل. "العرب" كان لها معه هذا الحوار حول آرائه وتجربته.
القاهرة- حكايات البشر منبع الأدب. والواقع بحر واسع ممتد غني بالقصص لمن يغوص ويغترف. وفن الرواية بالتحديد ليس سردا لقصص الناس، إنما محاولة لفهم سلوكهم، ومعرفة اتجاهاتهم، والتنبؤ بأفعالهم، لرسم ملامح عامة لشخصية الإنسان في أرض بعينها أو وطن.
الأديب المصري نعيم صبري، صاحب رحلة طويلة في عالم الكتابة، بدأت عام 1988، وبلغت حصيلتها حتى الآن 22 عملا إبداعيا. استهلها بالشعر والمسرح الشعري، ثم استقر على شاطئ الرواية، فأصدر 16 عملا روائيا خلال 27 عاما، غاص من خلالها في تفاصيل المجتمع وشخوصه، وانعكاس الأحداث السياسية والتاريخية على الشخصية المصرية.
دعما للحرية
يكشف نعيم صبري في حديث لـ”العرب” عن اتجاهه في البداية إلى كتابة قصائد شعرية متفرقة بين آن وآخر، ثم قيامه بجمعها بناء على طلب وضغوط أصدقائه، فأصدر ديوان “يوميات طابع بريد”، ثم ديوان “تأملات في الأحوال”، لكنه كان أكثر ميلا إلى الدراما من الشعر، ووجد كثيرا من قصائده تنزع إلى الدراما.
ويقول “محبتي كانت عظيمة للمسرح”، لذلك اتجه إلى المسرح الشعري، ووجده الأقرب إلى ميوله الفنية، فكتب عام 1989 مسرحية شعرية موسيقية بعنوان “بئر التوتة”، وفي العام التالي أصدر مسرحية شعرية أخرى بعنوان “الزعيم”، وحاول عرضهما على المسرح لكنه لم يوفق.
أصابه الملل واعتراه الضيق، وأدرك أن الدراما كمسرح تتطلب جهات متعددة لتتحقق ويتم إنتاجها وعرضها، وهذا ليس بوسعه، لذلك قرر دخول عالم الدراما الذي يحبه من بوابة الرواية، كما يقول لـ”العرب”.
حدَّث نعيم صبري ذاته بأنه يستطيع ممارسة الفن الروائي بنفسه فقط، دون حاجة إلى وسيط آخر، أو انتظار قرارات لآخرين وإجراءات ميزانيات وغيرها، فاتخذ قراره، وجاءت البداية النثرية بذكريات الطفولة، من خلال إصداره كتاب “يوميات طفل قديم”، قبل أن يكتب أول رواية له بعنوان “أمواج الخريف” عام 1997.
ولا يرى الأديب المصري إشكالية في المقولة التي أطلقها قديما الناقد الراحل الأكاديمي جابر عصفور حول أننا نعيش في “زمن الرواية”، ويعتبر أنها “مقولة وصفية”، فالرواية هي الأكثر انتشارا وقراءة في العصر الحديث، ربما لقدرتها على التعبير عن قضايا العصر والإنسان بمرونة أكبر. والشعراء والروائيون كلاهما مبدع وحر في التعبير عن نفسه بالأسلوب الذي يحبه.
يشتبك نعيم صبري في رواياته مع السياسة، ويتناول أحداثها التاريخية من خلال الشخصيات والدراما، مثل هزيمة يونيو 1967 وقرارات الانفتاح الاقتصادي 1975. كما يكتب في صفحته على موقع فيسبوك دعما للحريات، منتقدا تقييد حرية الإنسان بسبب آرائه، سواء أكان هذا الإنسان كاتبا أم مثقفا أم مواطنا عاديا.
الكاتب الراحل يوسف إدريس قال يوما إن “هامش الحرية المتاح في الوطن العربي كله لا يكفي كاتبا واحدا”، لكن الأديب نعيم صبري يرى أن مقولة يوسف إدريس فيها “قدر من المبالغة في ظني المتواضع”.
ويوضح لـ”العرب” أن المبدع يحتاج بالطبع إلى حرية فى التعبير عن رأيه، لكن الكثير من المبدعين استطاعوا أن يعبروا عن آرائهم بفنية عالية في حدود ما يعيشون فيه من قيود، مؤكدا أنها أمنية غالية أن يعيش الإنسان في حرية عظيمة في حدود القوانين واحترام حقوق الآخرين.
اقترب نعيم صبري من الكاتب الكبير نجيب محفوظ في حياته، وكتب عنه في ذكرى رحيله يوم 30 أغسطس الماضي قائلا “نجيب محفوظ قال الكثير جدا مما يمكن أن يقال، ويكاد يكون قد ترك القليل لمن بعده ليقوله”.
ويصفه لـ”العرب” بقوله “الأستاذ نجيب محفوظ إنسان راقٍ في غاية النبل والحكمة، عاش في حالة مستمرة من مجاهدة النفس نحو الأرقى والأسمى في مدارج القيم الإنسانية. هو كإنسان أعظم منه كأديب، رغم تفوقه الأدبي اللافت”.
كان صبري يرى نجيب محفوظ يتطور باستمرار في سلم القيم الإنسانية، ويزداد رقيا على الدوام في قيم المحبة والتسامح والصدق والبساطة والتواضع وسعة الصدر والحكمة، وكل ما يمكن تصوره في إمكانية ارتقاء الإنسان، معتبرا أن أهم ما استفاده منه هو أهمية مجاهدة النفس بلا توقف للارتقاء بها في مدارج الإنسانية الحقة.
تسأل “العرب” الأديب المصري نعيم صبري حول التصريحات الهجومية الحادة للكاتب يوسف إدريس عقب فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، والخلاف بينهما بعدها، وما إذا كان قد اقترب من المسألة وكواليسها، لكنه يكتفي بقوله “لم يختلف الأستاذ نجيب مع أحد بخصوص جائزة نوبل، بل كان يرى الكثيرين غيره أحق بها منه، مثل الأستاذ توفيق الحكيم على سبيل المثال”.
وإذا كانت الجوائز الأدبية تعد محل جدل دائم بشكل عام، فإن نعيم صبري له موقف خاص منها، وكتب منذ فترة قريبة أنه لم يسبق له الفوز بجائزة وأنه لا يتقدم إليها من الأصل، دون اعتراض على قيام دور النشر التي تتولى نشر أعماله بالتقدم بها إلى الجوائز إن أرادت.
ويعلل سبب ذلك في حواره بأنه يعتقد أن الفنان يجب ألا يطلب التكريم، لكن المجتمع هو الذي يكرمه إن كان يستحق، موضحا أن هذا هو السبب الوحيد، وليس أية معلومات أو تجارب حول كواليس ما يجري في عمليات التحكيم في الجوائز الأدبية، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه وجهة نظر شخصية لا تحمل اعتراضا على من يتقدم إلى الجوائز.
جيل انتهى مهزوما
ينتمي نعيم صبري إلى حي شبرا في وسط القاهرة، الشاهد على التعايش بين المسلمين والمسيحيين، وتضم قائمة أعماله ثلاث روايات عبرت عن أحوال مصر والمصريين في النصف الثاني من القرن العشرين والتغيرات الاجتماعية والنفسية والفكرية وسط التطورات السياسية.
رواية “شبرا” أصدر الكاتب الطبعة الأولى منها عام 2000، ثم نشرت دار مدبولي طبعتها الثانية في سنة 2006، وفي عام 2020 أصدرت دار الشروق الطبعتين الثالثة والرابعة منها.
وترسم الرواية صورة للمجتمع المصري في منتصف القرن العشرين، ويصفه الكاتب بأنه “مجتمع التعايش بين مختلف الجنسيات والأديان، ومجتمع قبول الآخر بمحبة وتسامح”.
وفي عام 2001 أصدر رواية “الحي السابع”، التي قدمت المجتمع المصري في نهاية القرن العشرين باعتباره مجتمع نمو التعصب والإرهاب والدين السياسي، والتمزق بفعل عواقب نكسة يونيو 1967 ثم الانفتاح الاقتصادي غير المدروس ونمو الفوارق بين الطبقات، أو كما يقول الكاتب لـ”العرب”: “إنه باختصار مجتمع التمزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي ونمو التعصب الديني ورفض الآخر”.
أما رواية “صافيني مرة” الصادرة عن دار الشروق عام 2018، فيعتبر نعيم صبري أنها كانت مرثية للجيل الذي عاش في تلك الفترة واكتوى بآلامها وانكساراتها، والذي ولد مع ثورة 23 يوليو 1952 والمطرب عبدالحليم حافظ، والانتصارات القومية والمشروعات الوطنية وأحلام التقدم والوحدة العربية.
ويؤكد لـ”العرب” أنه الجيل الذي غنى لـ”تماثيل رخام على الترعة وأوبرا فى كل قرية عربية”، كما تغنى عبدالحليم حافظ بكلمات الشاعر الراحل صلاح جاهين، ثم انتهى مهزوما حزينا في يونيو 1967، يبكي مع عبدالحليم والشاعر عبدالرحمن الأبنودي على “بلدنا ع الترعة بتغسل شعرها/ جاها نهار ما قدرش يدفع مهرها”.
والشخصية المصرية في نظر نعيم صبري هي “نتاج للتراكمات التاريخية والحضارية التي مرت على مصر المحروسة، فجر الضمير ومهد الحضارة الإنسانية، وهي التي فاجأتنا بشباب ثورة 25 يناير المغدورة، التي اكتسحت نظاما أمنيا متكلسا فاسدا، ثم قامت بتنظيف مكانها بكل تحضر وعظمة، قبل أن تغادر ميدان التحرير”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
محمد شعير
كاتب مصري
جيل كامل من الكتاب المصريين انتهى يبكي مع عبدالحليم حافظ.
الثلاثاء 2024/09/17
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الفنان يجب ألا يطلب التكريم
يكتب الأديب المصري نعيم صبري متحررا من الرؤى الضيقة التي تدفع كثيرين إلى الكتابة لأجل الجوائز أو تخوفا من هذا وإرضاء لذاك، وقد قدم على امتداد تجربته روايات عديدة وكتب في غيرها من أصناف الأدب، دعما للحرية وانتصارا للإنسان دائما ودون ضجيج مفتعل. "العرب" كان لها معه هذا الحوار حول آرائه وتجربته.
القاهرة- حكايات البشر منبع الأدب. والواقع بحر واسع ممتد غني بالقصص لمن يغوص ويغترف. وفن الرواية بالتحديد ليس سردا لقصص الناس، إنما محاولة لفهم سلوكهم، ومعرفة اتجاهاتهم، والتنبؤ بأفعالهم، لرسم ملامح عامة لشخصية الإنسان في أرض بعينها أو وطن.
الأديب المصري نعيم صبري، صاحب رحلة طويلة في عالم الكتابة، بدأت عام 1988، وبلغت حصيلتها حتى الآن 22 عملا إبداعيا. استهلها بالشعر والمسرح الشعري، ثم استقر على شاطئ الرواية، فأصدر 16 عملا روائيا خلال 27 عاما، غاص من خلالها في تفاصيل المجتمع وشخوصه، وانعكاس الأحداث السياسية والتاريخية على الشخصية المصرية.
دعما للحرية
يكشف نعيم صبري في حديث لـ”العرب” عن اتجاهه في البداية إلى كتابة قصائد شعرية متفرقة بين آن وآخر، ثم قيامه بجمعها بناء على طلب وضغوط أصدقائه، فأصدر ديوان “يوميات طابع بريد”، ثم ديوان “تأملات في الأحوال”، لكنه كان أكثر ميلا إلى الدراما من الشعر، ووجد كثيرا من قصائده تنزع إلى الدراما.
ويقول “محبتي كانت عظيمة للمسرح”، لذلك اتجه إلى المسرح الشعري، ووجده الأقرب إلى ميوله الفنية، فكتب عام 1989 مسرحية شعرية موسيقية بعنوان “بئر التوتة”، وفي العام التالي أصدر مسرحية شعرية أخرى بعنوان “الزعيم”، وحاول عرضهما على المسرح لكنه لم يوفق.
أصابه الملل واعتراه الضيق، وأدرك أن الدراما كمسرح تتطلب جهات متعددة لتتحقق ويتم إنتاجها وعرضها، وهذا ليس بوسعه، لذلك قرر دخول عالم الدراما الذي يحبه من بوابة الرواية، كما يقول لـ”العرب”.
حدَّث نعيم صبري ذاته بأنه يستطيع ممارسة الفن الروائي بنفسه فقط، دون حاجة إلى وسيط آخر، أو انتظار قرارات لآخرين وإجراءات ميزانيات وغيرها، فاتخذ قراره، وجاءت البداية النثرية بذكريات الطفولة، من خلال إصداره كتاب “يوميات طفل قديم”، قبل أن يكتب أول رواية له بعنوان “أمواج الخريف” عام 1997.
ولا يرى الأديب المصري إشكالية في المقولة التي أطلقها قديما الناقد الراحل الأكاديمي جابر عصفور حول أننا نعيش في “زمن الرواية”، ويعتبر أنها “مقولة وصفية”، فالرواية هي الأكثر انتشارا وقراءة في العصر الحديث، ربما لقدرتها على التعبير عن قضايا العصر والإنسان بمرونة أكبر. والشعراء والروائيون كلاهما مبدع وحر في التعبير عن نفسه بالأسلوب الذي يحبه.
يشتبك نعيم صبري في رواياته مع السياسة، ويتناول أحداثها التاريخية من خلال الشخصيات والدراما، مثل هزيمة يونيو 1967 وقرارات الانفتاح الاقتصادي 1975. كما يكتب في صفحته على موقع فيسبوك دعما للحريات، منتقدا تقييد حرية الإنسان بسبب آرائه، سواء أكان هذا الإنسان كاتبا أم مثقفا أم مواطنا عاديا.
الكاتب الراحل يوسف إدريس قال يوما إن “هامش الحرية المتاح في الوطن العربي كله لا يكفي كاتبا واحدا”، لكن الأديب نعيم صبري يرى أن مقولة يوسف إدريس فيها “قدر من المبالغة في ظني المتواضع”.
ويوضح لـ”العرب” أن المبدع يحتاج بالطبع إلى حرية فى التعبير عن رأيه، لكن الكثير من المبدعين استطاعوا أن يعبروا عن آرائهم بفنية عالية في حدود ما يعيشون فيه من قيود، مؤكدا أنها أمنية غالية أن يعيش الإنسان في حرية عظيمة في حدود القوانين واحترام حقوق الآخرين.
اقترب نعيم صبري من الكاتب الكبير نجيب محفوظ في حياته، وكتب عنه في ذكرى رحيله يوم 30 أغسطس الماضي قائلا “نجيب محفوظ قال الكثير جدا مما يمكن أن يقال، ويكاد يكون قد ترك القليل لمن بعده ليقوله”.
ويصفه لـ”العرب” بقوله “الأستاذ نجيب محفوظ إنسان راقٍ في غاية النبل والحكمة، عاش في حالة مستمرة من مجاهدة النفس نحو الأرقى والأسمى في مدارج القيم الإنسانية. هو كإنسان أعظم منه كأديب، رغم تفوقه الأدبي اللافت”.
كان صبري يرى نجيب محفوظ يتطور باستمرار في سلم القيم الإنسانية، ويزداد رقيا على الدوام في قيم المحبة والتسامح والصدق والبساطة والتواضع وسعة الصدر والحكمة، وكل ما يمكن تصوره في إمكانية ارتقاء الإنسان، معتبرا أن أهم ما استفاده منه هو أهمية مجاهدة النفس بلا توقف للارتقاء بها في مدارج الإنسانية الحقة.
تسأل “العرب” الأديب المصري نعيم صبري حول التصريحات الهجومية الحادة للكاتب يوسف إدريس عقب فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، والخلاف بينهما بعدها، وما إذا كان قد اقترب من المسألة وكواليسها، لكنه يكتفي بقوله “لم يختلف الأستاذ نجيب مع أحد بخصوص جائزة نوبل، بل كان يرى الكثيرين غيره أحق بها منه، مثل الأستاذ توفيق الحكيم على سبيل المثال”.
وإذا كانت الجوائز الأدبية تعد محل جدل دائم بشكل عام، فإن نعيم صبري له موقف خاص منها، وكتب منذ فترة قريبة أنه لم يسبق له الفوز بجائزة وأنه لا يتقدم إليها من الأصل، دون اعتراض على قيام دور النشر التي تتولى نشر أعماله بالتقدم بها إلى الجوائز إن أرادت.
ويعلل سبب ذلك في حواره بأنه يعتقد أن الفنان يجب ألا يطلب التكريم، لكن المجتمع هو الذي يكرمه إن كان يستحق، موضحا أن هذا هو السبب الوحيد، وليس أية معلومات أو تجارب حول كواليس ما يجري في عمليات التحكيم في الجوائز الأدبية، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه وجهة نظر شخصية لا تحمل اعتراضا على من يتقدم إلى الجوائز.
جيل انتهى مهزوما
ينتمي نعيم صبري إلى حي شبرا في وسط القاهرة، الشاهد على التعايش بين المسلمين والمسيحيين، وتضم قائمة أعماله ثلاث روايات عبرت عن أحوال مصر والمصريين في النصف الثاني من القرن العشرين والتغيرات الاجتماعية والنفسية والفكرية وسط التطورات السياسية.
رواية “شبرا” أصدر الكاتب الطبعة الأولى منها عام 2000، ثم نشرت دار مدبولي طبعتها الثانية في سنة 2006، وفي عام 2020 أصدرت دار الشروق الطبعتين الثالثة والرابعة منها.
وترسم الرواية صورة للمجتمع المصري في منتصف القرن العشرين، ويصفه الكاتب بأنه “مجتمع التعايش بين مختلف الجنسيات والأديان، ومجتمع قبول الآخر بمحبة وتسامح”.
وفي عام 2001 أصدر رواية “الحي السابع”، التي قدمت المجتمع المصري في نهاية القرن العشرين باعتباره مجتمع نمو التعصب والإرهاب والدين السياسي، والتمزق بفعل عواقب نكسة يونيو 1967 ثم الانفتاح الاقتصادي غير المدروس ونمو الفوارق بين الطبقات، أو كما يقول الكاتب لـ”العرب”: “إنه باختصار مجتمع التمزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي ونمو التعصب الديني ورفض الآخر”.
الكاتب لا ينتصر لجنس أدبي بعينه بل يرى أن الشعراء والروائيين كلاهما مبدع وحر في التعبير عن نفسه
أما رواية “صافيني مرة” الصادرة عن دار الشروق عام 2018، فيعتبر نعيم صبري أنها كانت مرثية للجيل الذي عاش في تلك الفترة واكتوى بآلامها وانكساراتها، والذي ولد مع ثورة 23 يوليو 1952 والمطرب عبدالحليم حافظ، والانتصارات القومية والمشروعات الوطنية وأحلام التقدم والوحدة العربية.
ويؤكد لـ”العرب” أنه الجيل الذي غنى لـ”تماثيل رخام على الترعة وأوبرا فى كل قرية عربية”، كما تغنى عبدالحليم حافظ بكلمات الشاعر الراحل صلاح جاهين، ثم انتهى مهزوما حزينا في يونيو 1967، يبكي مع عبدالحليم والشاعر عبدالرحمن الأبنودي على “بلدنا ع الترعة بتغسل شعرها/ جاها نهار ما قدرش يدفع مهرها”.
والشخصية المصرية في نظر نعيم صبري هي “نتاج للتراكمات التاريخية والحضارية التي مرت على مصر المحروسة، فجر الضمير ومهد الحضارة الإنسانية، وهي التي فاجأتنا بشباب ثورة 25 يناير المغدورة، التي اكتسحت نظاما أمنيا متكلسا فاسدا، ثم قامت بتنظيف مكانها بكل تحضر وعظمة، قبل أن تغادر ميدان التحرير”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
محمد شعير
كاتب مصري