بستاني (فواد افرام)
Al-Boustan (Fuad Afram-) - Al-Boustan (Fuad Afram-)
البستاني (فؤاد أفرام ـ )
(1906ـ1994م)
أديب لبناني، ومؤرخ موسوعي، وصحفي، ومدرّس وأستاذ جامعي، ولد في بلدة «دير القمر» بلبنان من أسرة عريقة معروفة اشتهر كثير من أفرادها بالأدب والعلم. تلقى دروسه في مدرسة «راهبات مار يوسف»، ومدرسة «الأخوة المريميين» (الفرير) في بلدته، ثم التحق بجامعة القديس يوسف ببيروت، فدرس الأدب العربي والتاريخ، وحين تخرج استدعته الجامعة نفسها للتدريس في القسم الثانوي، فظل فيها ستة وعشرين عاماً، كما درّس الأدب العربي، وتاريخ الحضارة العربية والفلسفة الإسلامية في مدارس الفرير، والبطريركية، والحكمة ودار المعلمين ومعهد الآداب الشرقية بجامعة القديس يوسف، ودرّس تاريخ الشرق القديم في الجامعة اللبنانية، وحاضر في التربية وطرائق التدريس والآداب العربية والتاريخ اللبناني في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة.
|
شغف في مطلع حياته بالصحافة، فأنشأ جريدة «علم الأدب» (1919)، وهو ما يزال طالباً في مدرسة الإخوة المريميين في سن الثالثة عشرة من عمره، وكان يكتبها بخطه إلا العنوان، وأسندت إليه أمانة تحرير مجلة «المشرق» التي أسسها الأب لويس شيخو (1859-1927) إثر وفاة الأخير، وكان واحداً من الذين أسسوا سنة 1936 مجلة «المكشوف» للشيخ فؤاد حبيش (1904-1973).
حاز الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة ليون في فرنسة عام 1957، ومن جامعات سان إدوارد وأوستن وتكساس وجامعة جورج تاون بواشنطن عام 1958.
كان أهم عمل قام به فؤاد أفرام البستاني إصداره سلسلة «الروائع» عام 1927 التي بلغت ستين جزءاً، خصصها للتعريف بأعلام الأدب العربي وأعلام الفكر منذ العصر الجاهلي حتى عصرنا الحاضر، ثم متابعة العمل في «دائرة معارف البستاني»، وكان المعلم بطرس البستاني ]ر[(1819-1883) قد أصدر المجلد الأول منها عام 1876 وبوفاته توقف العمل عند المجلد السادس، فتابع أبناؤه العمل منتهين عند كلمة «عثمانية»، فجدّد فؤاد أفرام البستاني المشروع، وأعاد النظر في المجلدات السابقة، وفقاً لما وصلت إليه الدراسات العلمية العصرية، ورسم الخطة التي يجب أن يتبعها اللاحقون في إتمامها، واستحدث أبحاثاً وموضوعات جديدة بمؤازرة لجنة من الاختصاصيين من مختلف أنحاء العالم، ووصل فيها إلى المجلد الرابع عشر، ثم توقف العمل عند كلمة «أطلس»، وكان من المفترض أن تصدر في أربعة وعشرين مجلداً.
ومن آثاره أيضاً: «بغداد حاضرة الأدب العباسي» (1934)، و«المتنبي والشعر» (1936) «حلب عاصمة الأدب الحمداني» (1937) و«الأدب العربي في آثار أعلامه»، «لبنان ما قبل التاريخ» (1947)، و«الفنون الأدبية» و«معجم منجد الطلاب» (1941)، و«المجاني الحديثة» (1946)، و«عصر صدر الإسلام»، و«مذكرات رستم باز» و«تاريخ التعليم في لبنان»، و«مهمة الجامعة في الحياة» وغيرها. ومن رواياته التاريخية: رواية «على عهد الأمير» (1926)، ورواية «لماذا؟» (1930)، التي جرت أحداثها في لبنان أيام الأمير بشير الشهابي، و«في بلد الأمير» (1982)، وله في أدب الرحلات: «رُصافة هشام ورقّة الرشيد» (1936)، و«خمسة أيام في ربوع الشام» (1949)، وقد قرن في هذين الكتابين روعة الوصف بأسلوب أدبي شائق، مع الغوص في دقائق التاريخ وأحداثه.
ألف البستاني نحو مئة وأربعة وأربعين كتابا وبحثاً أكاديمياً حول آثار لبنان وتاريخه وتراثه وحضارته، وثمانية وثمانين بحثاً دينياً في المسيحية والإسلام، وتسعة وثمانين بحثاً في مجال الآداب الأجنبية والأدب المقارن.
اتبع في نقده الأدب والشعر منهجاً تكاملياً يقوم على الربط بين الأديب أو الشاعر، والوضع الاجتماعي والنفسي الذي عاشه، فالسيرة مدخل إلى الأثر والأثر مدخل إلى حقائق المجتمع وطرائقه وتقاليده ودواخل أبنائه. وكان يضع الشعر العربي في قمة الشعر العالمي، فهو عنده الأكمل والأفصح والأطرب، وهو السبَّاق في التعبير عن الإنسان في مختلف حالاته النفسية، ولاسيما الإنسان الشرقي.
كان البستاني ذا ثقافة عربية عميقة وأصيلة، وواحداً من أدبائنا ومؤرخينا القليلين الذين لم يَغوِهم تغريب إبداعي، أو تنظير مستورد.
انتخب البستاني أمينَ سِرٍّ عامَّاً للجنة الوطنية لليونسكو منذ تأسيسها، وأمينَ سر عاماً للجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية الكلاسيكية، وعضواً في خمس عشرة جمعية ورابطة ولجنة ثقافية، وشارك في ثلاثة وعشرين مؤتمراً دولياً، وألقى نحو ألفي محاضرة في لبنان والأقطار العربية، ودول أوربة وأمريكة وتركية وإيران. وتقديراً لمكانته الرفيعة، وعطاءاته المتنوعة في مجالات التاريخ والأدب والنقد والتراجم، وإبداعه فيها كلها، مُنح وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الثانية الفضية عام 1934، ووسام الأرز من رتبة «كومندور» عام 1957، ووسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر عام 1994، إضافة إلى عدة أوسمة تلقاها من دول فرنسة وإسبانية وإيطالية والفاتيكان، وتونس والمغرب وإيران والسنغال.
توفي في بيروت عن ثمانية وثمانين عاماً، ونقل جثمانه إلى دير القمر ودفن في مقبرة الأسرة، وقد انطوت بوفاته صفحة مشرقة من صفحات العبقرية والإبداع والنبوغ.
عيسى فتوح
مراجع للاستزادة: |
ـ عيسى فتوح، من أعلام الأدب العربي الحديث، سير ودراسات(دار الفاضل، دمشق 1994).