كيف اكتسحت ( السلفية ) الشارع العربي؟
* دراسة خاطفة في اضطراب العقل الجمعي.
* برزت مواقف المجتمعات من خلال حادثتين: الاولى مقتل الصحفية الفلسطينية : شيرين ابو عاقلة , والثانية: وفاة الشاعر العراقي: مظفر النواب.
* انشغلت المواقع الاسلامية بمهازل وليست مسائل وهي: هل يجوز الترحم على شيرين ابو عاقلة لانها مسيحية؟ وهل يجوز الترحم على مظفر النواب لانه شيوعي؟
* نفس ماحدث مع نجيب محفوظ والذي تعرض لمحاولة اغتيال نتيجة لكفره في رواية ٱولاد حارتنا! ونفس ما افتي به الاسلاميون بعدم جواز الصلاة على جنازة طه حسين! وعندما وصلت جنازة الاديب الجزائري ( كاتب ياسين ) من فرنسا للجزائر , رفضت الجماعات الاسلامية الصلاة عليه لانه شيوعي كافر!
* يذكر ابن القيم في كتابه ( احكام اهل الذمة ): ان النبي محمد ص أنزل وفد نصاري نجران سنة 9 للهجرة وعددهم 14 في مسجده وحانت صلاتهم فصلوا فيه. ( واليوم يتم منعهم من دخول مكة والمدينة !)
* يذكر ابن كثير في البداية والنهاية ان المسلمين والمسيحيين اشتركوا في دمشق مدة سبعة عقود ( معبدا ) واحدا لتادية صلواتهم , فكان نصفه كنيسة ونصفه الاخر مسجدا , والباب واحد.
* يذكر ابن ابي شيبة في ( المصنف ) انه عندما ماتت ( أم الحارث بن ابي ربيعة المخزومي ) وكانت نصرانية , فشهدها اصحاب محمد ص. اي شيعوا جنازتها.
* من اين جاء كل هذا التطرف والتشنج والتعصب؟
* نشط التيار العقلي عن طريق المعتزلة , ولكن تم ضربه وقصم ظهره عن طريق المتوكل العباسي في القرن الثالث الهجري وسيطرت عقيدة ابن حنبل وتم فرضها علي المجتمع بقوة السلطة.
* ثم جاء الغزالي وكان رئيسا للمدرسة النظامية في بغداد وكانت ارفع جهة دينية كما هو الازهر اليوم , فافتى بان ( من تمنطق فقد تزندق ) فتم احراق كل كتب الفلسفة ومطاردة الفلاسفة والمتكلمين.
* بلغ التيار السلفي عنفوانه مع ابن تيمية في القرن السابع الهجري , حيث قام بتكفير 260 جماعة وفرقة ومذهب , واصدر اغرب واعنف قاعدة دينية وهي ( سد الذرائع ) اي تحريم كل شئ من باب الاحتياط. فتم تحريم تهنئة اهل الكتاب باعيادهم , وتحريم الموسيقي والغناء والفنون كلها ومنها الرسم والنحت , وتحريم ملابس اهل الكتاب. والف كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة اصحاب الجحيم ) ذكر فيه انه ( من شك في كفر الكافر فهو كافر ) و ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) لذلك توسع الناس في التكفير خشية ان يشملهم الكفر نفسه! ولحد هذه اللحظة يعملون بهذه القاعدة.
* كانت فترة ابن تيمية مضطربة جدا حيث الصليبيين من الغرب وسيطرتهم علي سواحل الشام والتتار من الشرق بعد سقوط بغداد , بالاضافة لانتشار الطابور الخامس في الشام ومصر , فعاش المجتمع فترة اضطراب وفي هذه الفترة ينتشر التطرف بسهولة لاضطراب العقول ويتم تصديق كل شي في زمن الهزائم والانكسارات. ( ابن تيمية: محمد ابو زهرة )
* في القرن 18 , ظهر احد مؤسسي فكر ابن تيمية في الحزيرة العربية وهو محمد بن عبد الوهاب . في الوقت الذي ظهر في نفس الوقت في اوربا الفيلسوف الشهير ( كانت Kant ) والذي دعا الي اعتماد العقل وان فهم الدين يتم عن طريق العقل والمنطق , فان عبد الوهاب دعا الي تسفيه العقل وتكفير المعتزلة والفلاسفة , و على العقل ان يتبع النقل!
* في السبعينات ومع نشاط التيار اليساري والماركسي في مصر , لجأ انور السادات الي اطلاق الحريات للتيار الاسلامي للوقوف بوجه التيار اليساري والماركسي, فاكتسحت كتب سيد ومحمد قطب الشارع المصري وانتشرت خطب الشعراوي ومصطفى محمود وشركات الاموال الاسلامية واصبح كل شئ ( اسلامي ) في مصر.
* استغلت السعودية هذا الاكتساح , فبثت فكرها الوهابي عبر الاعلام والمشايخ والمطبوعات, فاصطبغ الشارع المصري بالوهابية. وانتشرت في شمال افريقيا والسودان والشام والخليج كافة ودول اسيا كماليزيا واندونيسيا واواسط اسيا بالاضافة لافريقيا.
* بعد مجئ الخميني للسلطة 1979 , ووصول الشيعة للحكم بعد الف سنة من القمع , اشتد رد فعل السلفية وبعثت فتاوى ابن تيمية من جديد!
* في التسعينات , استنسخ صدام حسين تجربة السادات واطلق ( الحملة الايمانية ) السلفية.
* ولحد هذه اللحظة , 70% من العالم الاسلامي , افكارهم سلفية تكفيرية حتى وان لم يعترفوا بذلك. العالم الاسلامي يحمل افكار داعش. وداعش لم تخلقها اميركا , بل ان داعش موجودة قبل وجود اميركا واسرائيل.
.....
هاشم الرفاعي
===================
المقالة: تعبر عن رأي صاحبها ولا علاقة للمنتدى بأية مساءلة..