كلمة عابرة
درسٌ مهمٌ تَعَلَّمه زويل
11 سبتمبر 2024 السنة 149 العدد 50318
أحمد عبدالتواب
من حكايات العالِم المصرى الكبير الراحل أحمد زويل، التى كان يرويها فى شكل طرائف، وهو يقصد أن يثير الاهتمام بمضمونها الجاد المفيد، أنه، فى بداية بعثته لأمريكا لنيل الدكتوراه، قال له أستاذه إنه قد خُصَّص له صندوقٌ ليضع فيه أوراقه التى يسجل فيها تفاصيل ملاحظاته ونتائجه والتطورات التى تمر بها أبحاثه، ووصف له مكان الصندوق وأعطاه الرقم الموضوع عليه، ولكنه اكتشف أن صندوقه بدون مفتاح، وأنه فى جدار به صناديق كثيرة لزملائه الذين لم يكن قد تَعَرَّف عليهم بعد، وقال إنه تأمينا لأوراقه، وبمنتهى حُسْن النية، قام بتركيب قفل على صندوقه، ولكنه فوجئ بأن أستاذه استدعاه ليستفسر منه لماذا وضع القفل، ولماذا لم يعمل مثل زملائه ويترك صندوقه مفتوحاً، قال زويل إنه فوجئ أن تكون صناديق زملائه المفتوحة بالفعل بها أوراق أبحاثهم، واعترف لأستاذه ببراءة بأنه يخشى أن يطلع زملاؤه على ما أنجزه، وقال إن أستاذه أعرب عن دهشته، وقال له إن كل باحث فى الجامعة يتعمَّد أن يترك صندوقه مفتوحاً بغرض أن يتيح لزملائه أن يُطلعوا على ما توصل إليه ليستفيد الجميع مما أنجزه كل فرد منهم، وشرح له الأستاذ الفوائد التى تعود على كل باحث فى هذه الحالة، لأنه لا يكرر خطأ وقع فيه زميله، كما أنه يستفيد من كل إنجاز توصل إليه زميله!
فى تكملة الحكاية، قال الدكتور زويل إنه شعر بالخجل من الطريقة التى فَكَّر وتَصَرَّف بها، وإنه ظل يتأمل المناخ العلمى الجديد الذى انضم إليه، والذى يكون الباحث الفرد فيه مشاركاً فى فريق عمل بحثي، وأن لكل فرد الحق، بكل سهولة ودون استئذان، فى أن يستفيد من كل جهود زملائه، وأن يكون أمينا فى إعادة أوراقهم ونسبة إنجازهم لهم.
وكان الدكتور زويل، كلما أفرط مستضيفوه على التليفزيون فى مدح عبقريته التى نال بها جائزة نوبل، يؤكد أنه لولا فريق معاونيه، نحو 60 باحثاً، لما تَمَكَّن من حسم كل نقاط بحثه الكبير عن الفيمتو ثانية، الذى كان أهم بنود ترشيحه لأكبر جائزة عالمية
درسٌ مهمٌ تَعَلَّمه زويل
11 سبتمبر 2024 السنة 149 العدد 50318
أحمد عبدالتواب
من حكايات العالِم المصرى الكبير الراحل أحمد زويل، التى كان يرويها فى شكل طرائف، وهو يقصد أن يثير الاهتمام بمضمونها الجاد المفيد، أنه، فى بداية بعثته لأمريكا لنيل الدكتوراه، قال له أستاذه إنه قد خُصَّص له صندوقٌ ليضع فيه أوراقه التى يسجل فيها تفاصيل ملاحظاته ونتائجه والتطورات التى تمر بها أبحاثه، ووصف له مكان الصندوق وأعطاه الرقم الموضوع عليه، ولكنه اكتشف أن صندوقه بدون مفتاح، وأنه فى جدار به صناديق كثيرة لزملائه الذين لم يكن قد تَعَرَّف عليهم بعد، وقال إنه تأمينا لأوراقه، وبمنتهى حُسْن النية، قام بتركيب قفل على صندوقه، ولكنه فوجئ بأن أستاذه استدعاه ليستفسر منه لماذا وضع القفل، ولماذا لم يعمل مثل زملائه ويترك صندوقه مفتوحاً، قال زويل إنه فوجئ أن تكون صناديق زملائه المفتوحة بالفعل بها أوراق أبحاثهم، واعترف لأستاذه ببراءة بأنه يخشى أن يطلع زملاؤه على ما أنجزه، وقال إن أستاذه أعرب عن دهشته، وقال له إن كل باحث فى الجامعة يتعمَّد أن يترك صندوقه مفتوحاً بغرض أن يتيح لزملائه أن يُطلعوا على ما توصل إليه ليستفيد الجميع مما أنجزه كل فرد منهم، وشرح له الأستاذ الفوائد التى تعود على كل باحث فى هذه الحالة، لأنه لا يكرر خطأ وقع فيه زميله، كما أنه يستفيد من كل إنجاز توصل إليه زميله!
فى تكملة الحكاية، قال الدكتور زويل إنه شعر بالخجل من الطريقة التى فَكَّر وتَصَرَّف بها، وإنه ظل يتأمل المناخ العلمى الجديد الذى انضم إليه، والذى يكون الباحث الفرد فيه مشاركاً فى فريق عمل بحثي، وأن لكل فرد الحق، بكل سهولة ودون استئذان، فى أن يستفيد من كل جهود زملائه، وأن يكون أمينا فى إعادة أوراقهم ونسبة إنجازهم لهم.
وكان الدكتور زويل، كلما أفرط مستضيفوه على التليفزيون فى مدح عبقريته التى نال بها جائزة نوبل، يؤكد أنه لولا فريق معاونيه، نحو 60 باحثاً، لما تَمَكَّن من حسم كل نقاط بحثه الكبير عن الفيمتو ثانية، الذى كان أهم بنود ترشيحه لأكبر جائزة عالمية