مسيرة الأديب المصري محمود بن أحمد بن إسماعيل تيمورMahmoud-Timor، كاتب وقاص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيرة الأديب المصري محمود بن أحمد بن إسماعيل تيمورMahmoud-Timor، كاتب وقاص


    تيمور (محمود)

    Timor (Mahmoud-) - Timor (Mahmoud-)

    تيمور (محمود ـ)
    (1894ـ1973م)

    محمود بن أحمد بن إسماعيل تيمور، كاتب وقاص، ولد بالقاهرة، ونشأ في بيت شديد الولع بالأدب والثقافة والعلم، فجدّه إسماعيل تيمور من رجال الأدب والبحث، وأبوه الأديب اللغوي المحقق أحمد تيمور[ر]، وأخوه محمد تيمور الكاتب المسرحي والقصصي المعروف، وعمته الشاعرة والناثرة عائشة التيمورية[ر]. بعد أن أنهى دراسته الثانوية دخل مدرسة الزراعة العليا، لكنه مرض بالتيفوئيد، فانقطع عن مواصلة الدراسة، وانصرف إلى القراءة ليقاوم الملل وآلام المرض، وتبحر في الأدب العربي قديمه وحديثه، واطلع على الآداب العالمية، فتأثر بموباسان في الأدب الفرنسي، وبتشيخوف وتورغينيف وديستويفسكي في الأدب الروسي. كان حريصاً على حضور الندوات الأدبية التي كانت تعقد في منزل الأسرة في حي «باب الخلق» أو في ضاحية «عين شمس»، وكانت هذه الندوات ملتقى الكثيرين من رجالات الأدب والفكر والعلم كالشيخ محمد عبده، والشيخ الشنقيطي، والشاعر محمود سامي البارودي وغيرهم.
    بدأ محمود تيمور حياته الأدبية عام 1925 حين نشر مجموعته القصصية الأولى «الشيخ جمعة» باللهجة العامية، وسوَّغ هذا العمل يومئذٍ بأن الجمهور المصري لا يتخاطب بغير العامية، حتى ألفتها الآذان واستساغتها، وصارت وثيقة الارتباط بالحياة المصرية الصحيحة، أما الفصحى فقلما تدخل لغة الحديث اليومي، ولذلك فهي غريبة على الآذان، لكنه عدل بعدئذٍ عن العامية إلى الفصحى لأنها أوسع انتشاراً، وأقدر على البقاء، وراح يعيد كتابة أقاصيصه العامية من جديد، فغيّر مثلاً عنوان إحداها من «أبو علي عامل آرتيست» إلى «أبو علي الفنان»، وانتهج أسلوباً سهلاً مبسطاً أقرب إلى كلامنا منه إلى معاجمنا وكتبنا القديمة.
    وفي عام 1926 أصدر مجموعته القصصية الثانية «عم متولي»، ثم تلتها مجموعاته «سيد العبيط» و«اليوم خمر» و«حواء الخالدة» و«ابن جلا»، ومسرحياته: «المزيفون» و«كذب في كذب» و«أشطر من إبليس» وغيرها، ثم توالت أعماله الأدبية باطراد حتى بلغت ستين كتاباً في القصة القصيرة والرواية والمسرحية والخواطر الأدبية والرحلات والدراسات الأدبية واللغوية، وترجمت إلى عدد من اللغات الأجنبية كالإنكليزية والفرنسية والروسية والألمانية وغيرها. وضعت عنه أكثر من أطروحة جامعية، ودراسة أدبية ونقدية، ولم يتوقف عن العطاء حتى أغمض الموت عينيه في مدينة لوزان بسويسرة.
    استمد محمود تيمور أحداث معظم قصصه ورواياته وشخصياتها من الواقع الذي يدور حوله. وكانت قصصه تستند إلى خياله الخلاق، ومع هذا الخيال الخلاق فإن أدبه يتصف بالواقعية، ويقوم على تصوير العادات والتقاليد والأماكن، مع تحليل دقيق للعواطف الإنسانية.
    وتندر في أسلوبه التشابيه والاستعارات، فهو يوضح نفسيات أبطاله دون أن يعمد إلى إنارتها بالتمثيل، وإتخامها بالصور الكثيرة، ويكثر من استخدام النعوت وأفعال الصيرورة والتحول، ولعل أجمل أقاصيصه أسلوباً تلك التي تذكر حوادث لامست حياته الماضية.
    إن كل قصة له تحاول أن تقدم قطعة من الفن في بساطة الحياة، قطعة لا تعقدها المآسي الكاذبة، فحين قراءة قصة «قصيدة غرام» أو «حفلة شاي» يتبادر إلى الذهن قصة «في ضوء القمر» لموباسان، أو قصة «ديمتري روبن» لتورغينيف.
    مهما يكن من أمر فمحمود تيمور أديب يتقن أصول صناعته، وقد تشّرب تلك الأصول من روائع الآداب العالمية التي اطلع عليها في العامين اللذين قضاهما في فرنسة للدراسة والاطلاع في صدر حياته، حتى ليحّس القارئ عند قراءة قصصه القصيرة بأن تيمور تشّرب أسلوب موباسان الذي يُعنى عناية فائقة بأحداث الأقصوصة وقوتها وشدة تماسكها، مع التركيز وضغط العاطفة، بل كبتها وعدم الإسراف فيها، حتى حسب بعضهم هذا التركيز والكبت العاطفي جفافاً في أدبه الذي يعد أنموذجاً فريداً في الأدب العربي المعاصر، لشدة التركيز وإحكام البناء الفني، وما أسلوبه اللطيف إلا انعكاس لمزاجه الدقيق الأنيق الهادئ.
    قام أدب محمود تيمور في مراحله الأولى على دقة الملاحظة الخارجية، مما أسبغ عليه طابعاً واضحاً من الواقعية، وإذا تساءل بعضهم: كيف يستطيع محمود تيمور، وهو الأرستقراطي النزعة، أن يصور حياة عامة الناس وأوساطهم؟ فالجواب هو أنه كثيراً ما كان يتردد إلى ضِياع أسرته في الريف المصري، حيث يخالط أهله من قريب، ويلاحظ حياتهم، ويطمئن إليهم ويطمئنون إليه، مما يسمح له بتصوير تلك اللوحات الرائعة «لأبي علي الفنان» ولغيره من الشخصيات الشعبية التي تنبض بالحياة في قصصه ومسرحياته، وقد ساعد اتصاله بالريف المصري، وذكريات الطفولة التي قضاها فيه على وصف تلك الطبقات الكادحة المسحوقة، والإعجاب ببساطتها الصافية، وطويتها الساذجة، والرثاء لجهلها وقناعتها بالذل والانحطاط في عيشها.
    كما تطور أدب محمود تيمور من الواقعية إلى التحليل النفسي ومن المصرية المحلية إلى القومية العربية، فاستمد عدداً من قصصه ورواياته من حياة البلاد العربية وتاريخها كقصة «نداء المجهول» التي تدور أحداثها في لبنان، وصوّر في شخصية «كنعان» أنموذجاً بشرياً خالداً.
    كذلك استمد موضوعاته من تاريخ العرب والمصريين، كمسرحيته التاريخية «ابن جلا» وهو الحجاج بن يوسف الثقفي، و«حواء الخالدة» وبطلاها عنتر وعبلة، و«اليوم خمر» عن حياة امرئ القيس، ومسرحيته «صقر قريش» عن عبد الرحمن الداخل، ومسرحيته «عوالي» عن الفتاة العربية، كل ذلك إضافة إلى مسرحياته القصيرة والطويلة المستمدة من واقع الحياة المعاصرة مثل «المخبأ رقم 13» و«حفلة شاي» و«المنقذة» و«أبو شوشة» و«الموكب» و«قنابل» و«سهاد أو اللحن التائه» و«عروس النيل».
    كان لتيمور شأن بارز في الحياة الأدبية، وشغل عدة مناصب مهمة. فكان عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجلس الأعلى لرعاية العلوم والآداب، كما كان عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق، وعضواً في المجمع العلمي العراقي، والمجري، ورابطة الأدباء، ونادي القصة، ونال عدة جوائز تقديرية وأوسمة، منها جائزة مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1937، وجائزة الدولة التقديرية للآداب 1963، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ووسام النيل، ووسام الأرز اللبناني، وغير ذلك من الجوائز والأوسمة.
    عيسى فتوح
يعمل...
X