الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الاول - فاروق مصر
٢١ مايو، 2022م ·
" الجوع الجوع .. الخبز الخبز .. أيها الناس فلتعلموا ان هذه القرصة كلفتني الف دينار !! " ..
الشدة المستنصرية ..
الشدة المستنصرية او الشدة العظمى ، من أشهر المجاعات التي تعرضت لها مصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت بالعجاف و قد حدثت هذه الفاجعة أيام الخليفة المستنصر الفاطمي الذي حكم مصر حوالي ستين عاماً (1035 – 1094 م) واستمرت الفاجعة حوالي سبعة أعوام ..
يقول المؤرخون عن الشدة المستنصرية :" انها أشد المجاعات التي حدثت بمصر منذ أيام يوسف عليه السلام ، فقد أكل الناس بعضهم بعضاً، و أكلوا الدواب و الكلاب، و قيل أن رغيف الخبز بيع بخمسين ديناراً و بيع الكلب بخمسة دنانير . كما روي أن الأحباش كانوا يتربصون بالنساء في الطرقات و يخطفوهن ويقتلوهن و يأكلوا لحمهن !! ".
ومما روي المؤرخون عن مدي القحط و المجاعة التي استبدت بالناس أن الخليفة المستنصر نفسه باع كل ما يملك في القصر من ثياب و سلاح و أثاث ، فيقال انه باع من المتاع ثمانون ألف ثوب، و عشرون ألف درع، و عشرون ألف سيف محلي، حتي الجواهر المرصعة بالأحجار الكريمة بيعت بأبخس الأثمان . و لم يبق له إلا حصيرة يجلس عليها و بغلة يركبها و غلام واحد يخدمه ، فتعطلت دواوينه وذهب وقاره، وكانت إحدى السيدات تتعطف عليه برغيفين كل يوم، ويقال إن أمه وبناته حاولن الفرار إلى بغداد بسب الجوع والفقر ..
ويتحدث المقريزي عن تلك الفترة البائسة و يروي هذه الحادثة : " كان هناك سيدة غنية من نساء القاهرة، ألمها صياح أطفالها الصغار وهم يبكون من الجوع فلجأت إلى شكمجية حليها وأخذت تقلب ما فيها من مجوهرات ومصوغات ثم تتحسر لأنها تمتلك ثروة طائلة ولا تستطيع شراء رغيف واحد .اختارت السيده عقداً ثميناً من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة والفسطاط فلا تجد من يشتريه. وأخيراً استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيس من الدقيق, واستأجرت بعض الحمالين لنقل الكيس إلى بيتها، ولكن لم تكد تخطو بضع خطوات حتى هاجمتها جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذ لم تجد مفراً من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنة من الدقيق وحزنت لما حدث من الجماهير الجائعة. عكفت السيده على عجن حفنة الدقيق وصنعت منها أقراصاً صغيرة وخبزتها ثم أخفتها فى طيات ثوبها وانطلقت إلى الشارع ووقفت على مصطبة ثم أخرجت قرصاً وصاحت : الجوع الجوع. الخبز الخبز : أيها الناس. فلتعلموا أن هذه القرصة كلفتني ألف دينار. يا أهل القاهرة .. إدعوا لمولانا المستنصر الذى أسعد الله الناس بأيامه ، وأعاد عليهم بركات حسن نظره " ..
وعندما رأي المستنصر ما آل إليه الحال من فساد وفتن و القحط و الجوع و هلاك الناس، و وجد نفسه وحيداً لا يملك من المال ما يصلح به الأحوال، و لا يجد من القوة ما يضرب بها علي يد المفسدين ، أرسل إلي والي عكا بدر الجمالي، و كان مشهوراً بالعدل والحزم و حسن التدبير، يستنجد به، و وعده أن يوليه علي وزارة مصر إن هو قطع رؤوس الفتن و أعاد الأمن والأمان ..
فجاء بدر الجمالي إلي مصر و معه جنده من الأرمن، و دخل القاهرة و نجح في وضع حد للفوضي و الجرائم و قام بقطع رؤوس الفساد و الفتنة في ما يعرف ب "مذبحة الجمالية" ، و أعاد السيطرة علي الحكومة و أعاد سلطة القانون للبلاد، و عمل على تنظيم شئون الدولة و انعاش الاقتصاد ، صار لقبه أمير الجيوش بدر الجمالي، و قد خلد المصريين ذكرى الوزير (الجمالي) بأن أطلقوا اسمه على أحد أشهر المناطق والأحياء الخالدة في المحروسة وهو حي (الجمالية) ...
وكان يا ما كان حكايات المحروسة زمان حفظ الله مصرنا و أعزها و وقاها شر الاهوال ..
الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الاول - فاروق مصر
Nesma