اسماعيل بن حماد الجوهري..من أئمة اللغة والأدب، ومن علماء الأصول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اسماعيل بن حماد الجوهري..من أئمة اللغة والأدب، ومن علماء الأصول

    جوهري (اسماعيل حماد)

    Al-Jawhari (Isma'il ibn hammad-) - Al-Jawhari (Isma'il ibn hammad-)

    الجوهري (إسماعيل بن حمّاد -)
    (… ـ نحو 400هـ/… ـ1009م)

    إسماعيل بن حمّاد، أبو نصر الفارابي الجوهري، من أئمة اللغة والأدب، ومن علماء الأصول، أصله من «فاراب» من بلاد الترك، سنة ولادته مجهولة، وفي سنة وفاته خلاف، لكنّ معظم المصادر تشير إلى أنّ الجوهري مات نحو سنة 400هـ، لأنّ الجوهري كتب نسخة من «ديوان الأدب»، لخاله الفارابي سنة 393هـ وكتب نسخة من الصحاح سنة 396هـ رآها ياقوت الحموي بدمشق عند الملك المعظم بن العادل الأيوبي صاحب دمشق سنة (615-624هـ). والجوهري هو ابن أخت إبراهيم بن إسحاق الفارابي. صاحب كتاب «ديوان الأدب» وقد أخذ عنه الجوهري.
    كان الجوهري يحب الأسفار والتنقل في البلاد، فسافر إلى الشام والعراق ومصر والحجاز وبلاد فارس، ووفد ـ وهو صغير ـ إلى العراق وتتلمذ لعالمين كبيرين من علماء العربية هما: أبو سعيد السيرافي[ر] (ت 368هـ)، وأبو علي الفارسي[ر] (ت 377هـ) ثم سافر إلى بلاد الحجاز، وشافَهَ باللغة العرب الفصحاء، ثم طوَّف في قبائل ربيعة، ومُضَر، وأجهدَ نفسه في طلب اللغة عن هؤلاء، ولمّا جمع ما كان يقصد إليه في تلك القبائل رجع قافلاً إلى خراسان فأقام في الدامغان عند أبي علي الحسن بن علي، وهو من أعيان الكتاب، ثم غادرها إلى نيسابور، وأقام فيها يعمل بالتدريس والتأليف، وتعليم الخط وكتابة المصاحف والدفاتر إلى حين وفاته.
    وثمّة رواية في وفاته نقلها ياقوت الحموي عن عليّ بن فضّال المجاشعي في كتابه «شجرة الذهب في معرفة أئمة الأدب» قال: «كان الجوهري قد صنّف «الصحاح» لأبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي (أديب واعظ أصولي ت 453هـ) وسمعه منه إلى باب الضّاد المعجمة، ثم اعترى الجوهريّ وسوسة فانتقل إلى الجامع القديم في نيسابور، وصعد إلى سطحه، وقال: أيّها الناس إني عملتُ في الدنيا شيئاً لم أُسبق إليه فسأعمل للآخرة أمراً لم أُسبق إليه، وضمّ إلى جناحيه مصراعي بابٍ وتأبطهما بحبل، وصعد مكاناً عالياً من الجامع وزعم أنه يطير فوقع فمات».
    كان الجوهري من أعاجيب زمانه ذكاءً وفطنةً وعلماً، ويظهر هذا جلياً في كتابه «الصحاح» كما كانت له عناية بعلم العروض، فقد ألّف كتاباً في هذا العلم أثنى ابن رشيق القيرواني[ر] (ت 463هـ) في كتابه «العمدة» على عمل الجوهري في تنمية فن العروض وإعطائه صورته النهائية بعد الخليل بن أحمد الفراهيدي[ر] (ت170هـ)؛ إذ بين هذا العلم وأوضحه باختصار فسار على نهجه حُذَّاق هذا العلم في الوقت ذاته. كما نظم الجوهري شعراً وصفه الثعالبي في «يتيمة الدهر» بشعر العلماء، وكذلك اشتهر الجوهري بأنه صاحب خطّ جميل لا يُفرق بينه وبين خطّ ابن مقلة[ر] (ت 328هـ) صاحب الخط المشهور.
    للجوهري ثلاثة كتب وهي: «المقدمة في النحو» و«كتاب في العروض» و«الصحاح»، وله شعر ذكر بروكلمان أنه موجود في برلين ولكن لم يشتهر له، ولم يطبع إلا «الصحاح» واسمه كاملاً «تاج اللغة وصحاح العربية»، وهو من أشهر معاجم اللغة، لأن صاحبه أحْسَن تصنيفه وجوّد في تأليفه، وقرّبه من متناول الناس وسبق غيره في ترتيبه، وعدّه ياقوت الحموي أحسن من «الجمهرة» لابن دريد (ت321هـ) وأوقع من «تهذيب اللغة» للأزهري (ت370هـ) وأقرب متناولاً من مجمل اللغة لابن فارس (ت395هـ).
    وقد تميّز «الصحاح» من غيره من المعاجم بعدد من المميزات يأتي في مقدمتها أنه أول معجم يلتزم الصحيح، وقد حقق هذا الالتزام إلى حدّ بعيد، ومنها أيضاً أنه لم يعتمد الطرق التي سبقته في التأليف المعجمي كطريقة مخارج الحروف، وطريقة التقاليب. بل اعتمد الجوهري منهجاً جديداً، وهو اعتماد أواخر الألفاظ في ترتيب الكلمات لا أوائلها، ونهج نهجه من جاء بعده. فكان المعجم عنده ثمانية وعشرين باباً وقد جمع الواو والياء في باب واحد، وأخّر الألف اللينة غير المهموزة ولا المنقلبة عن واو أو ياء إلى ما بعد الواو والياء. ثم قسّم كل باب إلى عدد من الفصول تبعاً للحرف الأول من اللفظ مُرتباً على حروف الهجاء أيضاً.
    نقل ياقوت أن كتاب «الصحاح» لم يتمه الجوهري ولم ينقحه، فبيضه بعد موته تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الورّاق، فغلط فيه في عدة مواضع، على أن ياقوتاً يذكر أنه وجد نسخة من «الصحاح» بدمشق مكتوبة بخط الجوهري، عند الملك المعظم بن العادل الأيوبي، كتبها الجوهري سنة 396هـ، وهذا الخبر يناقض ما ذكر من أن الجوهري أتم كتابة الصحاح حتى حرف الضاد، كما يستدل منه على أن وفاة الجوهري كانت بعد سنة 396هـ. وقد وجد الكتاب كاملاً بخط أبي محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري، وذكر أنه إجازة له عن أستاذه أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي عن المصنف. وقد وقع الجوهري في بعض الأخطاء اللغوية نبه عليها من جاء بعده.
    ونظراً لأهمية هذا المعجم وشهرته بين الناس والعلماء فقد حظي باهتمام العلماء، فاختُصِر، أو وُضِعَ له تكميل، أو وُضعت عليه حواشٍ. ومن أشهر الكتب التي اختصرته «مختار الصحاح» لمحمد بن أبي بكر الرازي[ر] (ت 666هـ). ومن أشهر التكملات «التكملة والذيل والصلة» للإمام حسن بن محمد الصغاني[ر] (ت650هـ)، ثم «مجمع البحرين» للصغّاني نفسه، أما أشهر الحواشي فكانت حواشي عبد الله بن برّي[ر] (ت582هـ)، و«غوامض الصحاح» للصفدي[ر] (ت674هـ).
    استمر الاهتمام بـ «الصحاح» إلى عصرنا الحاضر، فقد اعتنى به أحمد بن عبد الغفور عطّار فحقّقه في ستة أجزاء، وقدّم له بمقدمة جاءت في (212 صفحة)، وقدم لهذه المقدمة الكاتب عباس محمود العقاد.
    شوقي المعري



يعمل...
X