هفان مهزمي
Abu Hiffan al-Mihzami - Abu Hiffan al-Mihzami
أبو هِفّان المِهْزمي
(…ـ 255هـ/… ـ 869م)
أبو هِفّان، عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي، راوية، عالم بالشعر والأدب، من شعراء أهل البصرة، سكن بغداد، وبنو مهزم قبيلته ذكرها في شعره:
فإنْ تسألي عنّا، فإنّا حلى العُلا
بنو مِهزَمٍ، والأرضِ ذاتِ المناكبِ
ليس بين أيدينا ما يشير إلى تاريخ ولادته، شأنه في ذلك شأن كثيرين من غيره من الأدباء السابقين، لكنهم اختلفوا في تاريخ وفاته، فأكثرهم يحصرها بين 255 -257هـ، إلا صاحب معجم الأدباء فيجعل وفاته سنة 195، وأظنه قد وهم في ذلك، و أوهم بعض نُساخ معجمه.
وكان أبو هفّان من بيتٍ مولعٍ بالرواية والأخبار، غير أن البيئة التي اجتذبته هي بيئة أبي نواس، فقد أجمع مؤلفو التراجم على أنه من غلمان أبي نواس وأحد رواته، واتصلت علاقاته بأدباء عصره وشعرائه كالجاحظ، وابن المنجم والبحتري وثعلب والمبرد وغيرهم.
وعلى الرغم من أن ابن المعتز يقول: «وأبو هفّان من المشهورين المذكورين، وشعره موجود في كل مكان»؛ فإن هذا الشعر ضاع أغلبه، وسبب ضياعه يعود إلى أنه عاش بين شموس ساطعة في الشعر كأبي نواس ومسلم بن الوليد وعلي بن الجهم ودعبل وأبي تمام والبحتري، ولذلك قال النقاد: «أبو هفّان أدرك أبا نواس ولحق البحتري، فستره»، وقالوا: إنه ممن اقتدر على وصف الخمر، لأنه كان شرّاباً للنبيذ، مع أنه كان فقيراً ضيق الحال، يلبس ما لا يكاد يستر جسمه، ومن شعره في ذلك يصف حاله:
تعجبتْ دُرّ من شيبي, فقلت لها:
لا تعجبي وطلوع البدر في الكسفِ
وزادها عجباً أن رُحتُ في سملٍ
وما درَت درُّ أنّ الدّرَّ في الصَّدَفِ
وأكثر ما بقي من شعره في وصف حاله وفقره، وبقي شيء من فخره بقومه بني مهزم، وله في شعر المدح لمن أحسن إليه كأبي العباس بن ثوابة وأبي الحسن بن المنجم، ولم يصل في مدحه إلى الوزراء والأمراء، وكان في سلوكه ساخطاً على أصحاب الثراء والنعمة الذين لم يبلغوا مبلغه في الأدب والشعر.
وليس له في الغزل إلا أبيات منها:
ولمّا ثنت جيد الغزال وأعرضت
أراك الهوى في لحظها لحظ عاتبِ
فلم أدر ما العتبى، ولا كنت مذنباً
سوى أنّني مستشعر ثوب تائبِ
وما لحظتك العين منّي بنظرةٍ
فتقلع إلاّ من دموعٍ سواكبِ
وإنّي لأستدعي بك الحزن والبكا
إذا غاض دمعي عنكِ بعض المصائبِ
ولم يسلم أبو هفّان من ألسنة الشعراء والأدباء الذين خالطوه، ولم يسلموا هم من لسانه وما كان بينه وبين أصدقائه لا يعدو التندر والتملح والمداعبات في صور من الكلام، وذكرت المؤلفات التي ترجمت للشعراء أنه صنّف «صناعة الشعراء» و«أخبار الشعراء» وفي «الفهرست» أنه ألف كتاباً عنوانه «الأربعة في أخبار الشعراء»، وكتاب «صناعة الشعراء»، ويقول صاحب «الفهرست» إنه كبير، غير أنه لم يصل إلينا من مؤلفاته إلا كتاب «أخبار أبي نواس» الذي حققه عبد الستار أحمد فراج ونشرته مكتبة مصر، وهو سلسلة من حلقات الأدب العربي توضح المناسبات التي ذُكر فيها شعر أبي نواس، وتضيف بعض المعلومات عن شاعر تتوق النفوس إلى أخباره ونوادره وآثاره، وتظهر شعراً له متحققةً نسبته إليه لصلة المؤلف به.
محمود الربداوي
Abu Hiffan al-Mihzami - Abu Hiffan al-Mihzami
أبو هِفّان المِهْزمي
(…ـ 255هـ/… ـ 869م)
أبو هِفّان، عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي، راوية، عالم بالشعر والأدب، من شعراء أهل البصرة، سكن بغداد، وبنو مهزم قبيلته ذكرها في شعره:
فإنْ تسألي عنّا، فإنّا حلى العُلا
بنو مِهزَمٍ، والأرضِ ذاتِ المناكبِ
ليس بين أيدينا ما يشير إلى تاريخ ولادته، شأنه في ذلك شأن كثيرين من غيره من الأدباء السابقين، لكنهم اختلفوا في تاريخ وفاته، فأكثرهم يحصرها بين 255 -257هـ، إلا صاحب معجم الأدباء فيجعل وفاته سنة 195، وأظنه قد وهم في ذلك، و أوهم بعض نُساخ معجمه.
وكان أبو هفّان من بيتٍ مولعٍ بالرواية والأخبار، غير أن البيئة التي اجتذبته هي بيئة أبي نواس، فقد أجمع مؤلفو التراجم على أنه من غلمان أبي نواس وأحد رواته، واتصلت علاقاته بأدباء عصره وشعرائه كالجاحظ، وابن المنجم والبحتري وثعلب والمبرد وغيرهم.
وعلى الرغم من أن ابن المعتز يقول: «وأبو هفّان من المشهورين المذكورين، وشعره موجود في كل مكان»؛ فإن هذا الشعر ضاع أغلبه، وسبب ضياعه يعود إلى أنه عاش بين شموس ساطعة في الشعر كأبي نواس ومسلم بن الوليد وعلي بن الجهم ودعبل وأبي تمام والبحتري، ولذلك قال النقاد: «أبو هفّان أدرك أبا نواس ولحق البحتري، فستره»، وقالوا: إنه ممن اقتدر على وصف الخمر، لأنه كان شرّاباً للنبيذ، مع أنه كان فقيراً ضيق الحال، يلبس ما لا يكاد يستر جسمه، ومن شعره في ذلك يصف حاله:
تعجبتْ دُرّ من شيبي, فقلت لها:
لا تعجبي وطلوع البدر في الكسفِ
وزادها عجباً أن رُحتُ في سملٍ
وما درَت درُّ أنّ الدّرَّ في الصَّدَفِ
وأكثر ما بقي من شعره في وصف حاله وفقره، وبقي شيء من فخره بقومه بني مهزم، وله في شعر المدح لمن أحسن إليه كأبي العباس بن ثوابة وأبي الحسن بن المنجم، ولم يصل في مدحه إلى الوزراء والأمراء، وكان في سلوكه ساخطاً على أصحاب الثراء والنعمة الذين لم يبلغوا مبلغه في الأدب والشعر.
وليس له في الغزل إلا أبيات منها:
ولمّا ثنت جيد الغزال وأعرضت
أراك الهوى في لحظها لحظ عاتبِ
فلم أدر ما العتبى، ولا كنت مذنباً
سوى أنّني مستشعر ثوب تائبِ
وما لحظتك العين منّي بنظرةٍ
فتقلع إلاّ من دموعٍ سواكبِ
وإنّي لأستدعي بك الحزن والبكا
إذا غاض دمعي عنكِ بعض المصائبِ
ولم يسلم أبو هفّان من ألسنة الشعراء والأدباء الذين خالطوه، ولم يسلموا هم من لسانه وما كان بينه وبين أصدقائه لا يعدو التندر والتملح والمداعبات في صور من الكلام، وذكرت المؤلفات التي ترجمت للشعراء أنه صنّف «صناعة الشعراء» و«أخبار الشعراء» وفي «الفهرست» أنه ألف كتاباً عنوانه «الأربعة في أخبار الشعراء»، وكتاب «صناعة الشعراء»، ويقول صاحب «الفهرست» إنه كبير، غير أنه لم يصل إلينا من مؤلفاته إلا كتاب «أخبار أبي نواس» الذي حققه عبد الستار أحمد فراج ونشرته مكتبة مصر، وهو سلسلة من حلقات الأدب العربي توضح المناسبات التي ذُكر فيها شعر أبي نواس، وتضيف بعض المعلومات عن شاعر تتوق النفوس إلى أخباره ونوادره وآثاره، وتظهر شعراً له متحققةً نسبته إليه لصلة المؤلف به.
محمود الربداوي