سردية الحرب على سورية … «جثة حلم» رواية حول طريق شائك ومحفوف بالمخاطر للبحث عن مسببات الاستمرار والبقاء
الإثنين, 19-08-2024
| مصعب أيوب
ظاهرة الهجرة السورية إلى دول أوروبية تفشت كثيراً خلال العقد المنصرم وكان لها وقع عالمي وليس فقط على المستوى المحلي، فكثرت فيها حالات النصب وعمليات الاحتيال، وتداول الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات البث التلفزيوني أخباراً عن أناس فقدوا في عرض البحر أو تعرضوا للخطف وربما السجن عند حدود دولة ما بعد أن راحوا يفتشون عن حياة جديدة ويبحثون عما يضمن استمرارهم وبقاءهم، وبالطبع فإن هذه الظاهر ألهمت الكثير من المبدعين ليقدموا حولها الكثير من الأعمال الفنية التي تنوعت بين التشكيل والرواية والقصص وخلاف ذلك، فقدمت المؤلفة تهاني مختار العابد رواية جديدة عن دار الإرشاد تتمحور في جلها حول هجرة بعض العائلات السورية إلى أوروبا وما واجهها من مصاعب ومعوقات.
حلم بمستقبل أفضل
تبدأ العابد حكايتها حول رحلة هجرة بطلة الرواية إلى أوروبا آملة أن تستطيع لمّ شمل عائلتها وإفساح المجال لابنتيها في سبيل السفر إلى أوروبا وتحقيق أحلامهما في دراسة فروع علمية مهمة في أعرق وأبرز الأكاديميات العالمية، وتستعرض تفاصيل مغادرة سورية والانتظار في لبنان ريثما يتم الاتفاق على يوم المغادرة وتوقيته إضافة الى المرافقين الذين سيكونون في الرحلة وما نوع المركب المطاطي الذي سيستخدم في الإبحار موضحة أن هناك تسويقاً تنافسياً للمراكب المطاطية عبر عمال يختبئون بزي عمال المقاهي أو يظهرون كبائعين في متاجر صغيرة.
أسباب عديدة متنوعة
وقد أوضحت العابد أن بعض المهاجرين كان سبب سفرهم هذا أنهم فقدوا أفراداً من عائلتهم تحت القصف ولم يبق لهم بيت ولا عائلة تقاسمهم العيش، في حين هناك آخر يؤكد أنه باع ما يملك في سبيل هذا السفر من بيت وسيارة ومجوهرات بناته وزوجته، ولكن آخر يشرح أنه لم يتضرر كغيره إلا أن الأخبار التي تصله تؤكد أن من يذهب إلى أوروبا كمن يعيش في الجنة ويتوافر له كل شيء، لتقول إحدى السيدات: زوجي هددني إن لم أرافقه مع زوجته الجديدة فسوف يطلقني ولا معيل لي إلا هو، فأنا لم أنجب.
فأشارت هنا إلى أن أرباب الأسر يقررون السفر ويرغمون أفراد العائلة على ذلك من دون أن يعبأ بعضهم بما ينتظر الأطفال والنسوة.
كما أشارت إلى كثرة التحليلات التي طرحها ركاب المركب حول كيفية وصول خفر السواحل إليهم، وهناك آخرون راحوا يصوغون حواراً محبوكاً لقوله لهم.
حياة جديدة
وضعت المؤلفة روايتها في عشرين فصلاً يتمحور كل فصل حول مرحلة معينة من مراحل الهجرة، يبدأ أولها من مرحلة مغادرة العائلة لسورية واتجاهها إلى لبنان وإقامتها فيه ضمن أحد الفنادق الشعبية ريثما يتم الاتفاق على يوم وموعد وتأريخ السفر إلى تركيا التي تعد واجهة آسيا نحو أوروبا، وأما الفصل الثاني فيكشف الكثير من الخبايا حول تآمر أصحاب المراكب المطاطية وصعوبة استخدامها والتعامل معها وكيف يتم تحميلها وزناً فوق طاقتها وهو ما يتسبب في غرقها وغرق مَن عليها، ولكن الحظ يكون حليف هذه المجموعة وتتوصل إليهم إحدى المجموعات الدولية التي بدا عليها أنها هيئة دبلوماسية أو منظمة دولية وتولت أمرهم.
في الفصل الثالث تستعرض الراوية حركة المجموعة بين غابات الدول الأوروبية وعلى حدود صربيا ومقدونيا والصعوبات التي تواجه حركة المسير تلك.
تتتالى التفاصيل والأخبار عبر فصول الحكاية بحلوها ومرها إلى أن نصل في الفصول الأخيرة إلى وجود أبطال الحكاية ضمن ملاجئهم في ألمانيا التي قصدوها وكانوا يحلمون بها وإن تفرق بعضهم عن بعض إلا أن التواصل والزيارات لم تنقطع، مؤكدة أن المهاجرين تأقلموا على الحياة الجديدة رغم اختلاف التقاليد والأعراف، ولكن حدث ما يحول دون بقاء بطلة القصة في ألمانيا وهو استحالة قدرتها على الإتيان بابنتيها إلى ألمانيا، وهو ما خططت له منذ البداية لتعاود أدراجها ثانية وتقرر البقاء إلى جانب عائلتها منطلقة من هامبورغ الألمانية إلى تركيا ومن ثم بيروت إلى أن تصل إلى الشام حيث غادرتها تاركةً بعض روحها هناك.
مواقف إنسانية
وقد أشارت الكاتبة إلى الكثير من المواقف الإنسانية النبيلة التي يبديها الكثيرون أثناء رحلات كهذه تجاه رفاق الرحلة وتحديداً النساء والأطفال، ففي مواقف كهذه يعم الذعر والهلع ولم يكن ممن حول هؤلاء الناس إلا التخفيف عنهم وتبسيط الأمور لهم والربت على أكتافهم وإن كانوا ضمنياً ربما أسوأ منهم.
كما أكدت أن حكومات الدول التي تقدم اللجوء لمن يدخلها ليست مجانية أو هبة من السماء فتلك البلاد ستأخذ من الشباب النفس والنفيس.
وكم من المراحل التي تسبق وصول المهاجرين إلى المركب والتي منها السير على الأقدام في الظلام لعدة ساعات أو ربما في برد قارص ومطر غزير.
الإثنين, 19-08-2024
| مصعب أيوب
ظاهرة الهجرة السورية إلى دول أوروبية تفشت كثيراً خلال العقد المنصرم وكان لها وقع عالمي وليس فقط على المستوى المحلي، فكثرت فيها حالات النصب وعمليات الاحتيال، وتداول الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات البث التلفزيوني أخباراً عن أناس فقدوا في عرض البحر أو تعرضوا للخطف وربما السجن عند حدود دولة ما بعد أن راحوا يفتشون عن حياة جديدة ويبحثون عما يضمن استمرارهم وبقاءهم، وبالطبع فإن هذه الظاهر ألهمت الكثير من المبدعين ليقدموا حولها الكثير من الأعمال الفنية التي تنوعت بين التشكيل والرواية والقصص وخلاف ذلك، فقدمت المؤلفة تهاني مختار العابد رواية جديدة عن دار الإرشاد تتمحور في جلها حول هجرة بعض العائلات السورية إلى أوروبا وما واجهها من مصاعب ومعوقات.
حلم بمستقبل أفضل
تبدأ العابد حكايتها حول رحلة هجرة بطلة الرواية إلى أوروبا آملة أن تستطيع لمّ شمل عائلتها وإفساح المجال لابنتيها في سبيل السفر إلى أوروبا وتحقيق أحلامهما في دراسة فروع علمية مهمة في أعرق وأبرز الأكاديميات العالمية، وتستعرض تفاصيل مغادرة سورية والانتظار في لبنان ريثما يتم الاتفاق على يوم المغادرة وتوقيته إضافة الى المرافقين الذين سيكونون في الرحلة وما نوع المركب المطاطي الذي سيستخدم في الإبحار موضحة أن هناك تسويقاً تنافسياً للمراكب المطاطية عبر عمال يختبئون بزي عمال المقاهي أو يظهرون كبائعين في متاجر صغيرة.
أسباب عديدة متنوعة
وقد أوضحت العابد أن بعض المهاجرين كان سبب سفرهم هذا أنهم فقدوا أفراداً من عائلتهم تحت القصف ولم يبق لهم بيت ولا عائلة تقاسمهم العيش، في حين هناك آخر يؤكد أنه باع ما يملك في سبيل هذا السفر من بيت وسيارة ومجوهرات بناته وزوجته، ولكن آخر يشرح أنه لم يتضرر كغيره إلا أن الأخبار التي تصله تؤكد أن من يذهب إلى أوروبا كمن يعيش في الجنة ويتوافر له كل شيء، لتقول إحدى السيدات: زوجي هددني إن لم أرافقه مع زوجته الجديدة فسوف يطلقني ولا معيل لي إلا هو، فأنا لم أنجب.
فأشارت هنا إلى أن أرباب الأسر يقررون السفر ويرغمون أفراد العائلة على ذلك من دون أن يعبأ بعضهم بما ينتظر الأطفال والنسوة.
كما أشارت إلى كثرة التحليلات التي طرحها ركاب المركب حول كيفية وصول خفر السواحل إليهم، وهناك آخرون راحوا يصوغون حواراً محبوكاً لقوله لهم.
حياة جديدة
وضعت المؤلفة روايتها في عشرين فصلاً يتمحور كل فصل حول مرحلة معينة من مراحل الهجرة، يبدأ أولها من مرحلة مغادرة العائلة لسورية واتجاهها إلى لبنان وإقامتها فيه ضمن أحد الفنادق الشعبية ريثما يتم الاتفاق على يوم وموعد وتأريخ السفر إلى تركيا التي تعد واجهة آسيا نحو أوروبا، وأما الفصل الثاني فيكشف الكثير من الخبايا حول تآمر أصحاب المراكب المطاطية وصعوبة استخدامها والتعامل معها وكيف يتم تحميلها وزناً فوق طاقتها وهو ما يتسبب في غرقها وغرق مَن عليها، ولكن الحظ يكون حليف هذه المجموعة وتتوصل إليهم إحدى المجموعات الدولية التي بدا عليها أنها هيئة دبلوماسية أو منظمة دولية وتولت أمرهم.
في الفصل الثالث تستعرض الراوية حركة المجموعة بين غابات الدول الأوروبية وعلى حدود صربيا ومقدونيا والصعوبات التي تواجه حركة المسير تلك.
تتتالى التفاصيل والأخبار عبر فصول الحكاية بحلوها ومرها إلى أن نصل في الفصول الأخيرة إلى وجود أبطال الحكاية ضمن ملاجئهم في ألمانيا التي قصدوها وكانوا يحلمون بها وإن تفرق بعضهم عن بعض إلا أن التواصل والزيارات لم تنقطع، مؤكدة أن المهاجرين تأقلموا على الحياة الجديدة رغم اختلاف التقاليد والأعراف، ولكن حدث ما يحول دون بقاء بطلة القصة في ألمانيا وهو استحالة قدرتها على الإتيان بابنتيها إلى ألمانيا، وهو ما خططت له منذ البداية لتعاود أدراجها ثانية وتقرر البقاء إلى جانب عائلتها منطلقة من هامبورغ الألمانية إلى تركيا ومن ثم بيروت إلى أن تصل إلى الشام حيث غادرتها تاركةً بعض روحها هناك.
مواقف إنسانية
وقد أشارت الكاتبة إلى الكثير من المواقف الإنسانية النبيلة التي يبديها الكثيرون أثناء رحلات كهذه تجاه رفاق الرحلة وتحديداً النساء والأطفال، ففي مواقف كهذه يعم الذعر والهلع ولم يكن ممن حول هؤلاء الناس إلا التخفيف عنهم وتبسيط الأمور لهم والربت على أكتافهم وإن كانوا ضمنياً ربما أسوأ منهم.
كما أكدت أن حكومات الدول التي تقدم اللجوء لمن يدخلها ليست مجانية أو هبة من السماء فتلك البلاد ستأخذ من الشباب النفس والنفيس.
وكم من المراحل التي تسبق وصول المهاجرين إلى المركب والتي منها السير على الأقدام في الظلام لعدة ساعات أو ربما في برد قارص ومطر غزير.