الفنان التشكيلي مظهر أحمد .. مازلت مهتما بفنّ الأطفال منذ بداياتي إلى الآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان التشكيلي مظهر أحمد .. مازلت مهتما بفنّ الأطفال منذ بداياتي إلى الآن

    الفنان التشكيلي مظهر أحمد لـ"العرب": مازلت مهتما بفنّ الأطفال منذ بداياتي إلى الآن


    العلاقة بين الشعر والفن البصري واحدة من حيث الإلهام والإبداع.
    الجمعة 2024/08/23

    الشعر والفن التشكيلي يستخدمان الأساليب نفسها

    بين الفن التشكيلي والشعر علاقة وثيقة قديمة، فإن كان الرسام يصور بألوانه وخطوطه وحركات ريشته رؤاه فإن الشاعر يرسمها بكلماته في تجريدية أكبر، وإن اختلفت النتيجة بين قصيدة ولوحة، فإن الأساليب متشابهة إلى حد التطابق أحيانا. "العرب" كان لها هذا الحوار مع الفنان التشكيلي العراقي الأصل مظهر أحمد، المولع بتجسيد الشعر في أعماله، في حديث عن الفن والشعر.

    يعتبر “كتاب الفنان” من المجالات الفنية الحيوية التي تقام لها المعارض ويتم عرضها في مختلف قاعات ومتاحف العالم بما تحمله من قيم جمالية وتعبيرية خاصة، كونه -الكتاب- يشكل وحدة بصرية لرؤى الفنان، تحمل مختلف الفنون البصرية بمفهوم جديد وغير تقليدي.

    وقد برع الفنان التشكيلي العراقي الأصل المقيم بالسويد مظهر أحمد في تقديم العديد من الكتب في هذا الإطار، ربما أولها كان “مشروع كتاب فنان مع الشاعر” الذي نفذه عام 2007 بقصيدة الشاعر السويدي العالمي توماس ترانسترومر الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 2011، وتم توقيع نسخ الكتاب الست من قبل الشاعر والفنان، وبحضور قاسم حمادي مترجم ديوان الشاعر إلى العربية والسيدة مونيك زوجة الشاعر.

    وها هو في إطار ذكرى مقتل الشاعر الإسباني فيديريكو غارثيا لوركا على أيدي الفاشيست الفرانكوية في 18 أغسطس 1936، يستذكر الشاعر الإنسان من خلال كتاب يحمل عنوان “لوركا في بغداد” وضم 15 لوحة من وحي قصائد للشاعر ترجمها من الإسبانية إلى العربية الروائي والناقد العراقي عبدالهادي سعدون، وقد جاء اختيار العنوان “لوركا في بغداد” بسبب الحب والاشتياق لدى الفنان إلى مكان ولادته بغداد.
    كتاب الفنان


    المعرض التشكيلي يقام في مكان محدد ولفترة زمنية محددة، أما كتاب الفنان فيمكن عرضه ثم الاحتفاظ به

    في هذا الحوار مع مظهر أحمد يضيء لنا الكثير من رؤاه وأفكاره الفنية لاسيما حول مشروعاته الخاصة بـ”كتاب الفنان”.

    بداية يشير الفنان العراقي إلى أن “كتاب الفنان” هو المصطلح المتعارف عليه في مثل هذا الشكل التعبيري. يعمل إما على الأشكال المسطحة مثل الورق أو على شكل مجسم ذي أبعاد عديدة. ويكون من نسخة واحدة إذا نفذ بالرسم المباشر أو بنسخ قليلة إذا استخدم الفنان أحد أساليب الطباعة.

    ويضيف “عادة ما يكون موضوع الكتاب من اختيار الفنان نفسه، والشعر هو أقرب المواضيع في إنتاج كتاب الفنان. الفنانون المعروفون قاموا بإنتاج مثل هذه الكتب بأنفسهم أو أحيانا من خلال عرض حي حيث يقوم الفنان برسم الصور ويكتب الشاعر قصائد من وحي الرسوم أو العكس. وكتاب الفنان عادةً ما يعرض في المعارض الفنية على شكل عمل فني قابل لمشاهدته وأيضا يكون محفوظا في المتاحف أو عند المقتنين لمثل هذه الأعمال الفنية”.

    ويقول أحمد “العمل الفني والإنتاج الشعري قريبان من بعضهما البعض من حيث الإبداع والخلق. فالرموز المستخدمة في القصائد تكون غاية في الرمزية والخيالية والسريالية وتكون مبهرة للقارئ. مثلا: ‘عيناك غابتا نخيل ساعة السحر’، هذه الرمزية مقابلها الرمزية البصرية والتي تحتوي على اللامعقول والسرياليّة والتجريدية.. إلخ. والعنوان شكل رمزي في موقف واقعي وهو الكتاب أمام المشاهد”.

    ويلفت إلى أن “عمل كتاب الفنان جزء مهم من عملي الفني. لقد قمت بإنتاج كتب عديدة مستوحاة من الأعمال الشعرية للشعراء من مختلف الثقافات. من أبرز الأعمال التي أنجزتها تلك التي كانت من قصائد الشعراء: توماس ترانسترومر وفيسوافا شيمبورسكا من بولندا وعبدالوهاب البياتي. أما بالنسبة إلى لوركا فقد جاء كتابه بشكل طبيعي، حيث قرأت له منذ الصغر وفي الدراسة ثم في فترة البلوغ، وشاءت الصدفة أن أنتقل من السويد وأختار الأندلس مكانا للعيش، وكما هو معروف للجميع فإن أثر لوركا بشكل عام يوجد في البيئة الإسبانية بشكل واسع في الغناء والموسيقى والمسرح وشوارع المدن والساحات العامة. كل هذه الأشياء هيئت لي الجو المناسب لكي أنفذ العمل”.


    أعمال مستوحاة من الشعر


    تسأله “العرب” لماذا كتاب وليس معرضا تشكيليا؟ يجيبنا أحمد بأن “المعرض التشكيلي له خصائص غير كتاب الفنان، المعرض التشكيلي يقام في مكان محدد ولفترة زمنية محددة، أما كتاب الفنان فيمكن عرضه على شكل معرض في القاعة، ومن ثم يحتفظ به في مكان معين مثل المتاحف المتخصصة والمقتنين لمثل هذا النوع من الفن. وأيضا كتاب الفنان ملازم للزمن وليس آنيا؛ مثلا كتاب الفنان للشاعر السويدي تم عرضه في أماكن عديدة وهو إنتاج بطريقة الطباعة اليدوية ومن ست نسخ فقط. إحدى النسخ موجودة في متحف مكتبة الإسكندرية لكتاب الفنان. ويمكن مشاهدته كأي كتاب عادي”.
    مسيرة فنية


    يؤكد أحمد أن العلاقة بين الشعر والفن البصري تكون واحدة من حيث الإلهام والإبداع، كلاهما يستخدمان الرمزية والخيال والسريالية والتجريبية والتجريدية، ولكن كل واحد يعبّر بأدوات مختلفة، الشعر يستخدم الكلمة أما الفن فيستخدم الأدوات البصرية في إظهار العمل على شكل مسطحات أو مجسمات. كلاهما مترجمان، الشعر هو ترجمة الشاعر للتأثيرات التي تحدث عنده، والفنان البصري كذلك يعتمد على الأشكال البصرية. الاختزالية عنصر مهم جدا لدى الشاعر والفنان البصري. الشاعر هو أفضل من يفسر الوجود بكلمات قليلة، كذلك الفنان البصري يعتمد على البساطة العالية في الأشكال المستخدمة في عمله الفني.

    ويكشف أنه بدأ مسيرته التشكيلية مثل الآخرين؛ دراسة أكاديمية في مدارس الفنون في بغداد وفي وارسو عاصمة بولندا وفي السويد، حيث وضع في جعبته كل ما قام به أثناء الدراسة من تقنيات وممارسات الطرق المختلفة لاكتشاف اهتماماته الخاصة في المجال الفني. وهي فترة ذهبية لكل فنان مستقبلا، حيث تتبلور عنده وسائل البحث عن الطرق والأدوات التعبيرية، ويكتشف بعد ذلك الموقف الواقعي في الرؤية الفنية.

    ويتابع أحمد “بعد الدراسة بدأت أميل إلى العمل بالأشكال والأدوات البسيطة في بناء العمل الفني. التخطيط وعمل العمل في الطباعة أخذا حيزا كبيرا في إنتاج الأعمال الفنية عندي. وبصفتي متخصصا في مجال الطباعة شاركت فى معارض دولية كثيرة ومعارض شخصية عديدة، ولم يكن عملي الفني بوابة للعيش منه، لأن بعض الأعمال المعروض في معارض دولية تأخذ طريقها إلى القمامة بدلاً من الاحتفاظ بها، ويتم توثيقها فقط”.

    الفنان مازال يستفيد من فن الأطفال لأنهم يمتلكون القدرة على تفسير الأشكال البصرية بشكل غير متاح للكبار

    ويضيف “يعنيني البحث عن ماهية الفنّ ودوره في الحياة. سؤال يطرح أيهما أفضل عمل فني لطفل عمره 8 سنوات أم عمل بيكاسو؟ أيضاً ممارس الملصقات/ البوسترات من أجمل أشكال الفنون البصرية. يتم التعامل مع الملصق برموز وأشكال اختزالية شديدة وبتنفيذ عالي الجودة كي تصل الفكرة والقصد إلى المشاهد، وهذه العملية تحتاج إلى دراية وممارسة طويلة لتنفيذ مثل هكذا عمل فني”.

    ويقول “اهتممت بفنّ الأطفال أثناء دراستي في بغداد ومازالت كذلك. عملت مع الأطفال بمراحل مختلفة انطلاقا من التخطيطات والألوان وانتهاء بالطباعة. وكانت استفادتي ومازالت كبيرة من فن الأطفال، لأن الأطفال يمتلكون القدرة على تفسير الأشكال البصرية بشكل خاص غير مستطاع بالنسبة إلى الكبار. كما قال أحد الفنانين المشهورين ‘أنا طفل كبير’. هذا هو مجال اهتمامي في الإبداع الفني”.

    ويلفت مظهر أحمد إلى أن “المرحلة التي كانت الأهم بالنسبة إلي هي فترة الدراسة و25 سنة بعدها، حيث المشاركات الدولية كانت كثيرة جدا، والآن التأمل في كيفية العمل والعرض بشكل متأن. ولكن مازلت نشطا في المشاركات في المعارض التي أختارها”.

    يذكر أن الفنان مظهر أحمد درس الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1979، وفي أكاديمية الفنون الجملية بوارشو/ بولونيا عام 1986. ودرس أيضا مادة التصميم الغرافيكي في معهد سكيفدي بالسويد عام 1991. وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية، وخصوصا في مجال المعارض والبيناليات الدولية للغرافيك، وحاز الجائزة الأولى في العديد من هذه المشاركات، ونظمت له معارض شخصية ومشاركات وورش عمل في العديد من الدول، ومنها مصر وبولندا والسويد والنرويج وفلندا ويوغسلافيا وألمانيا وبلجيكا وصربيا، وغيرها من الدول.




    محمد الحمامصي
    كاتب مصري
يعمل...
X