.
المبنى الميتا- سردي الروائي..البنيات المجاورة، وأسئلة الكتابة..
تفتح الاشتغالات السردية المعاصرة أكثر من أفق، وتثير أكثر من سؤال، إذ تفضي إلى الكثير من المقاربات التي يهجس بها الوعي النقدي دائما، وطبيعة مايستدعيه من آليات، ومن رؤى تدخل في السياق التوصيفي لهذه الاشتغالات، وفي سياق تعالقاتها مع مرجعيات السؤال الحدا
تفتح الاشتغالات السردية المعاصرة أكثر من أفق، وتثير أكثر من سؤال، إذ تفضي إلى الكثير من المقاربات التي يهجس بها الوعي النقدي دائما، وطبيعة مايستدعيه من آليات، ومن رؤى تدخل في السياق التوصيفي لهذه الاشتغالات، وفي سياق تعالقاتها مع مرجعيات السؤال الحداثي الصادم، إذ بات هذا السؤال موجها، اكثر مما هو عتبة لمعطيات كثيرا ماتكررت في المجرى النقدي..
وحين أدرك النقد الحاجة الملحة لمستويات أخرى من القراءة والتلقي، ولرؤى أخرى تندفع باتجاه تبئير أطروحاتها المنهجية المتعالية، فانه وضع نفسه إزاء مجموعة من المفارقات التي لايمكن ان يستوعبها نسق محدد، مثلما وضع نفسه إزاء أسئلة مولدة انطلقت من التماهي مع مفهوم إشكالي قائم على فكرة(موت الرواية) بوصفها تعبيرا عن التخارج والتضاد والمفارقة..
مقاربة الكتابة الضدية في السرد تعني البحث عن نظرة نقدية مناوئة، وعن إطار للانفلات، إذ ليس من الجائز ان تكون الأطروحة النقدية المعاصرة خروجا غير مدروس على تاريخ النقد أولاً، وعلى تاريخ(الأعراف والتمركزات الأصولية والعرفية في الكتابة الحديثة) ص7
المشغل الميتاسردي جزء من هذا الضد، ومحاولة لاستعادة فعالية(الأنا)الكاتبة بوصفها أنا ظاهراتية مشاكسة وقصدية، إذ يكون الناقد هو القارئ الفاعل، وهو الباحث عن التقعيدات النظرية في مظان هذا المشغل، بوصفه نزوعا لمنهجية القراءة، ولتبرير وجود مقاربة اشتغالية مابين الفسلفة والسرد، أو بين علم الظواهر بوصفه التأويلي وبين النص...
كتاب الناقد فاضل ثامر(المبنى الميتا- سردي في الرواية) الصادر عن دار المدى للثقافة والنشر/2013 يضع مشروعه النقدي في سياق التعرّف على التحولات التي بدأت تعصف بالسرديات، وبأشكال قراءاتها المتعددة، فالكتاب ينطلق من البعد التوصيفي لـ(الميتاسرد) الذي هو (جزء من انفجار الميتا وتناسلها الذي شمل جميع العلوم والمعارف الاجتماعية والفكرية)ص7 أي انفتاحه على سلسلة من التغايرات التي تعاطت مفهوميا مع المصطلح، ومع إجراءاته، مثلما تعاطت قرائيا مع بواعثه بوصفه انشغالا بكشف مستويات بنايئة للنص السردي، ولأنوية التحكم الروائي للكاتب، ولقصديته في اجتراح(لعبة كتابية
احتوى الكتاب على تمهيد تعريفي، ومقدمة نظرية وتاريخية لتطور مفهوم الميتاسرد في المشاغل النظرية والإجرائية في الرواية العالمية والعربية والعراقية، وكذلك احتوى 35 مبحثا قرائيا للعديد من الروايات العراقية والعربية التي انخرط كتّابها بقصدية الميتاسرد، والانفتاح على اشتغالاته ووظائفه..
العتبة التاريخية لقراءة مصطلح الميتاسرد تمثل المدخل الإشكالي لكشف المحمولات اللسانية والدلالية لهذا المصطلح(في الترجمة التي يثيرها)ص16 وفي توليداته التي دفعته لأن يكون(عنصرا تكوينيا في بناء الكلمات في اللسانيات والنظرية الأدبية والذي يترجم بماوراء اللغة أو اللغة الواصفة أو الشارحة)ص16
وأحسب أن هذا المستوى من القراءة يتطلب رؤية منهجية واضحة، مثلما يتطلب منظورا علميا لتوظيفات المصطلح في السياق، وفي الوظيفة، وفي إبراز المستوى الأجناسي الذي قد يحيل إلى تعالقات سيرذاتية أو إلى كشوفات أيديولوجية أو تاريخية، إذ يكون هذا المصطلح قرينا بإدراك قصدي لما تقوم به الذات الكاتبة التي نجد فيها(الروائي أو القاص منهمكا بشكل واع وقصدي بكتابة مخطوطة أو سيرة أو نص سردي آخر داخل نصه الروائي أو القصصي)ص14.
انشغال الناقد بهذا المنظور يمثل استشرافا لما يمكن ان تكون قراءته النقدية، ولطبيعة ماتتقصده من كشوفات، ومن معطيات ينتهك فيها الطبيعة الخطية للقراءات النمطية، وباتجاه ان تكون القراءة مولدة لنص آخر مجاور، يرتبط بإحالات مصطلح الميتا إلى عوالم ومستويات أخرى، والتي تعيد قراءة وفحص التاريخ، أو المسكوت عنه في هذا التاريخ. ومن هنا يكتسب هذا الكتاب أهميته النقدية، إذ هو يلامس منطقة ملتبسة في المشغل النقدي العربي، ويكشف عن مجموعة من التوصلات العلمية واللسانية التي أثرت لغته النقدية من جانب، وأسهمت كذلك في التعريف(بموضوعات ماوراء المنطق وماوراء الرياضيات قبل ان يلتقي بتعبير ماوراء الرواية في كتاب وليم غاس/ التخييل وشخوص الحياة/ الصادر العام 1970) ص24.
إجراءات الناقد وهوية الكتاب..
إجراءات الناقد الوظيفية انطلقت أساسا من هوية الكتاب، إذ وضعنا المؤلف أمام مجال استكشافي للعديد من الروايات العراقية والعربية، التي يتقصد فيها الروائي نسج مستويات سردية تقوم على فكرة التشابك بين السياق الروائي التتابعي، وبين القطع الذي تديره بوعي الذات الكاتبة، عبر نوع من القصدية الظاهراتية القائمة على تفكيك السياق السردي، وهو ما يعني الانكشاف على إعادة قراءة مفهومية ووظيفية للتخييل، والمخيلة والسردية والهوية السردية، فضلا عن قراءة التحقق الذي تمثله البنية السردية في التاريخ والواقع، ومايمكن ان يمثله الوعي الذاتي عبر(لغة سردية حديثة تتيح للقارئ الدخول إلى الفضاءات الدلالية التي يفتحها النص المهجن)ص39.
رواية أمين معلوف(صخرة طانيوس) تستدعي فعالية القراءة الموازية، أي قراءة التاريخ عبر السرد، من خلال أسطرته، وهذا الاستدعاء يشحن المبنى السردي في الرواية بكشوفات تضيء ماهو أسطوري، أو حتى ما هو وثائقي، لأن الروائي يعمد إلى إيجاد علائق سرية، وإلى سياق فني للأحداث والمرويات، وهو مايعني دفع الناقد للمزيد من الإضاءات والاستقصاءات، من خلال أنسنة الأسطورة، أو إعطائها عمقا له علاقة بفعالية الشخصيات والزمن والمكان بوصفها العناصر الأساسية في الرواية، بما يجعل مرجعيات الميتا سرد تقوم على هذه القصدية المؤنسنة والمفارقة، التي تشكل إطارا لبنية سردية(تستند إلى مجموعة من الشهادات والشفاهية والمدونة وهي غير بعيدة عن نهاية الرواية)ص49
وانفتاح الناقد إلى التعاطي مع فكرة المخطوطة في المبنى الروائي، يعني قصديته في إعطاء الميتاسرد حضورا لإغناء فعالية السرد، ولاستعادة حضورها عبر وجود سرد موازٍ تشكله المخطوطة، وأحسب أن روايات مثل(اعترافات كاتم الصوت)لمؤنس الرزاز، و(تيمور الحزين)لأحمد خلف، و(سابع أيام الخلق) لعبد الخالق الركابي وغيرها، تسبغ على معطى البنية السردية توصيفا بنائيا تجديديا من جانب، وتكشف كذلك عن قدرة الروائي في توظيف البنية المجاورة التي تتيحها المخطوطة للكشف عن الأنساق المضمرة التي يحاول الإفصاح عنها، لكن عبر مرجعيات تعبيرية مجاورة.
كما أن اعتماد السرد الغرائبي والتحقيق الصحفي والتناوب والمدونة الرقمية في الكتابة الروائية يتمثل بتوسيع مديات الاشتغال السردي، فكتابات سليم مطر ورجاء الصانع وعلي بدر مثلا تضع فعالية القراءة النقدية أمام وعي ماهو مجاور في السياق الروائي، إذ تمثل تلك الاعتمادات عناصر تكميل للمبنى السردي، ولإضفاء مسحة تجديدية تتجاوز الصوغ الكرنولوجي الخطي للأحداث، ووجود هذه العناصر يتيح المجال لإضافات أسلوبية وتعبيرية تنتهك تاريخية الرواية وراويها العليم أو الكلي، باتجاه الانفتاح على رواة داخليين أو أصوات أخرى تملك مناطق تبئير مجاورة، لكنها قادرة أيضا على استكناه ماهو خفي وسردي في الرسالة الاتصالية للرواية..
لقد أخذنا الناقد فاضل ثامر في كتابه إلى فضاء واسع من القراءات، وإلى عوالم تنكشف فيها الرواية على مستويات مفارقة في التوصيف السردي، لاسيما مايتعلق بهوية الخطاب الروائي، وطبيعته الأجناسية، وربما أسئلته الصادمة المتعلقة بالنوع والدلالة، وهو مايعني الانفتاح على مجموعة من التقنيات والآليات التي تضع الكتابة الروائية أمام موجهات ضاغطة، تلك التي تتعلق بـ( بنية الإطار والمتون والملحقات) وهي حمولات من الصعب إبدالها، إلاّ عبر إيجاد أطر مضادة ومتون مجاورة، وملحقات توسع من مدى المجرى السردي في الرواية.. كما أن تموضع هذا التجاورات داخل المبنى السردي يتجاوز إلى المتن السردي أيضا، لاسيما في يتعلق بمرويات الأحداث والوقائع، وكذلك اعتماد اللغة في الموروث الشفاهي وفي لغة السرد الحديث، إذ يعطي هذا الاعتماد المفارق نوعا من(الملمح التجريبي) في تقنية القص الروائي، وفي اصطناع أطر للتجاور الحذر، لكنه الكاشف والصادم، لاسيما لما تثيره تلك الروايات من أسئلة تتعلق بأحداث تاريخية وحكايات معروفة، لكنها مسحوبة للحاضر بقصدية واعية، لأنها تتعلق بأزمة محنة الإنسان لوجوده وحريته..
كتاب المبنى الميتاسرد الروائي إضافة مهمة للمكتبة النقدية العربية وللدرس النقدي، وكذلك هو محاولة لإعادة توصيف فعالية القراءة، وللانفتاح على مجالات اشتغالاتها المعاصرة، ولإعادة الاعتبار للذات الكاتبة بوصفها الذات الرائية والقادرة على وضع العقل السردي أمام رهاب التحولات الهائلة العاصفة بسرديات الإنسان وهويته وعلائقه وأسئلته.
المبنى الميتا- سردي الروائي..البنيات المجاورة، وأسئلة الكتابة..
تفتح الاشتغالات السردية المعاصرة أكثر من أفق، وتثير أكثر من سؤال، إذ تفضي إلى الكثير من المقاربات التي يهجس بها الوعي النقدي دائما، وطبيعة مايستدعيه من آليات، ومن رؤى تدخل في السياق التوصيفي لهذه الاشتغالات، وفي سياق تعالقاتها مع مرجعيات السؤال الحدا
تفتح الاشتغالات السردية المعاصرة أكثر من أفق، وتثير أكثر من سؤال، إذ تفضي إلى الكثير من المقاربات التي يهجس بها الوعي النقدي دائما، وطبيعة مايستدعيه من آليات، ومن رؤى تدخل في السياق التوصيفي لهذه الاشتغالات، وفي سياق تعالقاتها مع مرجعيات السؤال الحداثي الصادم، إذ بات هذا السؤال موجها، اكثر مما هو عتبة لمعطيات كثيرا ماتكررت في المجرى النقدي..
وحين أدرك النقد الحاجة الملحة لمستويات أخرى من القراءة والتلقي، ولرؤى أخرى تندفع باتجاه تبئير أطروحاتها المنهجية المتعالية، فانه وضع نفسه إزاء مجموعة من المفارقات التي لايمكن ان يستوعبها نسق محدد، مثلما وضع نفسه إزاء أسئلة مولدة انطلقت من التماهي مع مفهوم إشكالي قائم على فكرة(موت الرواية) بوصفها تعبيرا عن التخارج والتضاد والمفارقة..
مقاربة الكتابة الضدية في السرد تعني البحث عن نظرة نقدية مناوئة، وعن إطار للانفلات، إذ ليس من الجائز ان تكون الأطروحة النقدية المعاصرة خروجا غير مدروس على تاريخ النقد أولاً، وعلى تاريخ(الأعراف والتمركزات الأصولية والعرفية في الكتابة الحديثة) ص7
المشغل الميتاسردي جزء من هذا الضد، ومحاولة لاستعادة فعالية(الأنا)الكاتبة بوصفها أنا ظاهراتية مشاكسة وقصدية، إذ يكون الناقد هو القارئ الفاعل، وهو الباحث عن التقعيدات النظرية في مظان هذا المشغل، بوصفه نزوعا لمنهجية القراءة، ولتبرير وجود مقاربة اشتغالية مابين الفسلفة والسرد، أو بين علم الظواهر بوصفه التأويلي وبين النص...
كتاب الناقد فاضل ثامر(المبنى الميتا- سردي في الرواية) الصادر عن دار المدى للثقافة والنشر/2013 يضع مشروعه النقدي في سياق التعرّف على التحولات التي بدأت تعصف بالسرديات، وبأشكال قراءاتها المتعددة، فالكتاب ينطلق من البعد التوصيفي لـ(الميتاسرد) الذي هو (جزء من انفجار الميتا وتناسلها الذي شمل جميع العلوم والمعارف الاجتماعية والفكرية)ص7 أي انفتاحه على سلسلة من التغايرات التي تعاطت مفهوميا مع المصطلح، ومع إجراءاته، مثلما تعاطت قرائيا مع بواعثه بوصفه انشغالا بكشف مستويات بنايئة للنص السردي، ولأنوية التحكم الروائي للكاتب، ولقصديته في اجتراح(لعبة كتابية
احتوى الكتاب على تمهيد تعريفي، ومقدمة نظرية وتاريخية لتطور مفهوم الميتاسرد في المشاغل النظرية والإجرائية في الرواية العالمية والعربية والعراقية، وكذلك احتوى 35 مبحثا قرائيا للعديد من الروايات العراقية والعربية التي انخرط كتّابها بقصدية الميتاسرد، والانفتاح على اشتغالاته ووظائفه..
العتبة التاريخية لقراءة مصطلح الميتاسرد تمثل المدخل الإشكالي لكشف المحمولات اللسانية والدلالية لهذا المصطلح(في الترجمة التي يثيرها)ص16 وفي توليداته التي دفعته لأن يكون(عنصرا تكوينيا في بناء الكلمات في اللسانيات والنظرية الأدبية والذي يترجم بماوراء اللغة أو اللغة الواصفة أو الشارحة)ص16
وأحسب أن هذا المستوى من القراءة يتطلب رؤية منهجية واضحة، مثلما يتطلب منظورا علميا لتوظيفات المصطلح في السياق، وفي الوظيفة، وفي إبراز المستوى الأجناسي الذي قد يحيل إلى تعالقات سيرذاتية أو إلى كشوفات أيديولوجية أو تاريخية، إذ يكون هذا المصطلح قرينا بإدراك قصدي لما تقوم به الذات الكاتبة التي نجد فيها(الروائي أو القاص منهمكا بشكل واع وقصدي بكتابة مخطوطة أو سيرة أو نص سردي آخر داخل نصه الروائي أو القصصي)ص14.
انشغال الناقد بهذا المنظور يمثل استشرافا لما يمكن ان تكون قراءته النقدية، ولطبيعة ماتتقصده من كشوفات، ومن معطيات ينتهك فيها الطبيعة الخطية للقراءات النمطية، وباتجاه ان تكون القراءة مولدة لنص آخر مجاور، يرتبط بإحالات مصطلح الميتا إلى عوالم ومستويات أخرى، والتي تعيد قراءة وفحص التاريخ، أو المسكوت عنه في هذا التاريخ. ومن هنا يكتسب هذا الكتاب أهميته النقدية، إذ هو يلامس منطقة ملتبسة في المشغل النقدي العربي، ويكشف عن مجموعة من التوصلات العلمية واللسانية التي أثرت لغته النقدية من جانب، وأسهمت كذلك في التعريف(بموضوعات ماوراء المنطق وماوراء الرياضيات قبل ان يلتقي بتعبير ماوراء الرواية في كتاب وليم غاس/ التخييل وشخوص الحياة/ الصادر العام 1970) ص24.
إجراءات الناقد وهوية الكتاب..
إجراءات الناقد الوظيفية انطلقت أساسا من هوية الكتاب، إذ وضعنا المؤلف أمام مجال استكشافي للعديد من الروايات العراقية والعربية، التي يتقصد فيها الروائي نسج مستويات سردية تقوم على فكرة التشابك بين السياق الروائي التتابعي، وبين القطع الذي تديره بوعي الذات الكاتبة، عبر نوع من القصدية الظاهراتية القائمة على تفكيك السياق السردي، وهو ما يعني الانكشاف على إعادة قراءة مفهومية ووظيفية للتخييل، والمخيلة والسردية والهوية السردية، فضلا عن قراءة التحقق الذي تمثله البنية السردية في التاريخ والواقع، ومايمكن ان يمثله الوعي الذاتي عبر(لغة سردية حديثة تتيح للقارئ الدخول إلى الفضاءات الدلالية التي يفتحها النص المهجن)ص39.
رواية أمين معلوف(صخرة طانيوس) تستدعي فعالية القراءة الموازية، أي قراءة التاريخ عبر السرد، من خلال أسطرته، وهذا الاستدعاء يشحن المبنى السردي في الرواية بكشوفات تضيء ماهو أسطوري، أو حتى ما هو وثائقي، لأن الروائي يعمد إلى إيجاد علائق سرية، وإلى سياق فني للأحداث والمرويات، وهو مايعني دفع الناقد للمزيد من الإضاءات والاستقصاءات، من خلال أنسنة الأسطورة، أو إعطائها عمقا له علاقة بفعالية الشخصيات والزمن والمكان بوصفها العناصر الأساسية في الرواية، بما يجعل مرجعيات الميتا سرد تقوم على هذه القصدية المؤنسنة والمفارقة، التي تشكل إطارا لبنية سردية(تستند إلى مجموعة من الشهادات والشفاهية والمدونة وهي غير بعيدة عن نهاية الرواية)ص49
وانفتاح الناقد إلى التعاطي مع فكرة المخطوطة في المبنى الروائي، يعني قصديته في إعطاء الميتاسرد حضورا لإغناء فعالية السرد، ولاستعادة حضورها عبر وجود سرد موازٍ تشكله المخطوطة، وأحسب أن روايات مثل(اعترافات كاتم الصوت)لمؤنس الرزاز، و(تيمور الحزين)لأحمد خلف، و(سابع أيام الخلق) لعبد الخالق الركابي وغيرها، تسبغ على معطى البنية السردية توصيفا بنائيا تجديديا من جانب، وتكشف كذلك عن قدرة الروائي في توظيف البنية المجاورة التي تتيحها المخطوطة للكشف عن الأنساق المضمرة التي يحاول الإفصاح عنها، لكن عبر مرجعيات تعبيرية مجاورة.
كما أن اعتماد السرد الغرائبي والتحقيق الصحفي والتناوب والمدونة الرقمية في الكتابة الروائية يتمثل بتوسيع مديات الاشتغال السردي، فكتابات سليم مطر ورجاء الصانع وعلي بدر مثلا تضع فعالية القراءة النقدية أمام وعي ماهو مجاور في السياق الروائي، إذ تمثل تلك الاعتمادات عناصر تكميل للمبنى السردي، ولإضفاء مسحة تجديدية تتجاوز الصوغ الكرنولوجي الخطي للأحداث، ووجود هذه العناصر يتيح المجال لإضافات أسلوبية وتعبيرية تنتهك تاريخية الرواية وراويها العليم أو الكلي، باتجاه الانفتاح على رواة داخليين أو أصوات أخرى تملك مناطق تبئير مجاورة، لكنها قادرة أيضا على استكناه ماهو خفي وسردي في الرسالة الاتصالية للرواية..
لقد أخذنا الناقد فاضل ثامر في كتابه إلى فضاء واسع من القراءات، وإلى عوالم تنكشف فيها الرواية على مستويات مفارقة في التوصيف السردي، لاسيما مايتعلق بهوية الخطاب الروائي، وطبيعته الأجناسية، وربما أسئلته الصادمة المتعلقة بالنوع والدلالة، وهو مايعني الانفتاح على مجموعة من التقنيات والآليات التي تضع الكتابة الروائية أمام موجهات ضاغطة، تلك التي تتعلق بـ( بنية الإطار والمتون والملحقات) وهي حمولات من الصعب إبدالها، إلاّ عبر إيجاد أطر مضادة ومتون مجاورة، وملحقات توسع من مدى المجرى السردي في الرواية.. كما أن تموضع هذا التجاورات داخل المبنى السردي يتجاوز إلى المتن السردي أيضا، لاسيما في يتعلق بمرويات الأحداث والوقائع، وكذلك اعتماد اللغة في الموروث الشفاهي وفي لغة السرد الحديث، إذ يعطي هذا الاعتماد المفارق نوعا من(الملمح التجريبي) في تقنية القص الروائي، وفي اصطناع أطر للتجاور الحذر، لكنه الكاشف والصادم، لاسيما لما تثيره تلك الروايات من أسئلة تتعلق بأحداث تاريخية وحكايات معروفة، لكنها مسحوبة للحاضر بقصدية واعية، لأنها تتعلق بأزمة محنة الإنسان لوجوده وحريته..
كتاب المبنى الميتاسرد الروائي إضافة مهمة للمكتبة النقدية العربية وللدرس النقدي، وكذلك هو محاولة لإعادة توصيف فعالية القراءة، وللانفتاح على مجالات اشتغالاتها المعاصرة، ولإعادة الاعتبار للذات الكاتبة بوصفها الذات الرائية والقادرة على وضع العقل السردي أمام رهاب التحولات الهائلة العاصفة بسرديات الإنسان وهويته وعلائقه وأسئلته.