#الكنعانيون_والآراميون_العرب_في_الإمبراطورية_الروم انية_والأباطرة_العرب_الذين_حكموا_روما
هو عنوان لكتاب من تأليف الباحث الدكتور «محمد بهجت قبيسي» وجاء تحت عنوان: «الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية».
الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية
إن قراءة أولية في النص التاريخي، باعتباره منظومة معرفية، يضعف أمام تساؤلات عدة، تبرز عن خلافية في الرأي، مردها على الغالب الأعم، الاختلاف في المصدر المعرفي والإيديولوجي من جهة، والمصدر المنهجي التحليلي من جهة أخرى.
قد نتساءل في رؤية أولى عن الرابط بين: البابليين، الآشوريين، الكنعانيين، الآراميين... الخ وبين العرب بوصفهم أقواماً، ضمن رؤية التصنيف العرقي من جهة، والتاريخي المعرفي من جهة أخرى.
وبالتالي ضرورة التساؤل حول عروبة هذه الأقوام لغوياً وتاريخياً ومعرفياً في بستمولوجيا النص؟
وهل يحق لنا تسمية هذه الأقوام بالأقوام العربية؟
هذا الكتاب مثار التقديم، هو محاولة للدخول في المنظور، يرتكز على التحليل اللغوي والمقارنة الفيلولوجية التاريخية. أي علم اللغة في معناها ومبناها التاريخي. وهو يحدد مساحة البحث المعرفي في حقبة زمنية هي الإمبراطورية الرومانية من القرن /1/ ق.م وحتى القرن الثالث الميلادي.
الكتاب من تأليف الباحث الدكتور «محمد بهجت قبيسي» وجاء تحت عنوان: «الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية». الكتاب من إصدار «دار شمآل ودار طلاس» بدمشق في طبعته الثانية. يقع الكتاب في /452/ صفحة من القطع الكبير. مع ملحقات عدة توضيحية وتأسيسية ومعرفية إشكالية.
سنحاول في عرضنا هذا تقديم رؤية الباحث المؤلف لموضوعه، بما يتَّسق والمعطيات المعرفية للكتاب.
الفصل الأول: عروبة الكنعانيين والآراميين
إن قواعد البحث العلمي، تتطلب الوقوف على مدلولات ومعاني الألفاظ، التي وضع معظمها تحت تأثير مفاهيم مغلوطة، وأنتجت بالتالي مجموعة من الشبهات التي شككت في عروبة الكنعانيين والآراميين.
وهذه الشبهات مثار البحث هي:
أولاً: الشبهات حول عروبة الكنعانيين والآراميين: وتتمحور حول التالي:
1 ـ إن أقدم ذكر للعرب والعروبة ورد في نقش (امرئ القيس) المؤرخ عام /329/.
2 ـ إن شكل الكتابة الحجازية مختلف عن الكنعانية والآرامية.
3 ـ إن العرب العدنانيين هم قوم بداة ولو كان الكنعانيون والآراميون عرباً لسمو أنفسهم عرباً.
4 ـ إن العرب هم أهل اليمن وشبه الجزيرة العربية فقط.
5 ـ هناك كنعانيون وفينيقيون وبونيون.
6 ـ إن هذه الأقوام لم تأت من شبه الجزيرة العربية لأنها قاحلة.
7 ـ حتى وجود صلة بين الكنعانيين والعدنانيين لا يرتقي لدرجة الأخ الشقيق.
8 ـ إن اللغات الأحادية والإبلائية والكنعانية والآرامية هي لغات مختلفة.
9 ـ إن اللغة العبرية هي أقدم هذه اللغات.
10 ـ كلمة عرب تعني قريشاً وتخومها.
11 ـ العرب في الأنثربولوجيا ذو بشرة سمراء، بينما الآراميون ذو بشرة بيضاء.
لقد قام الباحث مؤلف هذا الكتاب بالرد على هذه الشبهات جميعاً. وسنحاول تلخيص هذه الردود بالتالي:
1 ـ الشبهة الأولى: إن نقش (امرئ القيس) الذي يعود إلى سنة 329م، يؤكد أن شكل النحو فيه عربي آرامي تدمري وليس عدناني. أي إن (امرئ القيس) هو عربي آرامي. وما زالت لغة النقش تستعمل في المنطقة الآرامية السورية في معلولا وغيرها. كما تؤكد نقوش أخرى ذكر كلمة عرب منذ فجر التاريخ في بلاد الرافدين. وكلمة عربي أقدم من كلمة سامي أو عبري.
2 ـ الشبهة الثانية: لابد من التفريق بين اللغة والكتابة، وهذا يقودنا إلى بديهتين:
الأولى إن اختلاف نمط الخط لا يدل على اختلاف اللغة. والثانية إن وحدة نمط الخط لا تدل على وحدة اللغة.
3 ـ الشبهة الثالثة: إن كلمة عرب في فقه اللغة تختلف باختلاف المكان والزمان فهي تعني البداوة. وتعني الدفء وتعني القتل وتعني اليسار وتعني الماء، وعلينا أن نرى أن البداوة أصل الحضارة، إذ إن أهل البدو أقدم في الوجود من أهل الحضر أي المدن. وبالتالي فالتسمية ساقطة.
كما أن مفهوم المناخ ساقط تاريخياً، لأن شبه الجزيرة العربية كانت منطقة ذات مناخ معتدل منذ أقدم العصور.
ومعجمياً فإن مدلول كلمة عرب يعني الماء وهي موجودة قبل مدلول البداوة. كما أن الآراميين أطلقوا على أنفسهم كلمة (عرب ـ عربايا)، وهي جمع آرامي معروف تعني العرب.
الشبهة الرابعة: لم تعترف كتب التراث إلا بالعرب المستعربة وهم العدنانيون والقحطانيون.
وهذا أمر مثار شبهة، إذ إن الإجابة على ذلك تكمن في أن الكنعانيين والآراميين هم من العرب كما ورد في نص «لابن منظور وآخر لدوبون سومير» الفرنسي. الأول (الكنعانيون كانوا أمة يتكلمون بلغة تضارع العربية). والثاني (اللغة الآرامية قريبة الصلة بالكنعانية وهي أقرب إلى العربية العدنانية).
الشبهة الخامسة: إن الحقيقة العلمية تقول: إن الكنعانيين لم يسموا أنفسهم (كنعانيين) ولا فينيقيين ولا بونيين، بل كانوا يسمون أنفسهم (بني كنعان).
الشبهة السادسة: ويمكن رد ذلك بما ورد في الشبهتين الثالثة والرابعة. إذ إن نظرية الهجرات من شبه الجزيرة العربية ما زالت قائمة. كما أن شبه الجزيرة العربية شهدت تنقلات من منابع دجلة والفرات إلى الأطلسي إلى بحر العرب.
الشبهة السابعة: إذا رجعنا إلى بعض خرائط طرق التجارة القديمة في المنطقة يمكن تبيان عكس ما يقال.
الشبهة الثامنة: يمكن نقد ذلك بالقول: إن اسم سام ليس له وجود في كافة النقوش الأثرية. كما أن اختلاف شكل الكتابة لا يدل على اختلاف اللغة. إن الآكادية والعربية والإبلائية والاجاريتية والكنعانية والآرامية هي لهجات للغة واحدة.
الشبهة التاسعة: يمكن رد ذلك من النص التوراتي نفسه: عندما يتحدث الرَّب لموسى فيقول له: (ثم نصرخ ونقول أمام الرب إلهك، آرامياً تائهاً كان أبي فأنحدر إلى مصر...). ولاشك أن الآرامي التائه هو إبراهيم، أي إن إبراهيم كان آرامياً يتكلم الآرامية وليس العبرية.
الشبهة العاشرة: إذا كانت قريش هي العرب فأين عرب اليمن والحيرة وتدمر والغساسفة وطيء وتغلب وكندة وغيرها من القبائل العربية التي كانت أشهر من قريش قبل ظهور الإسلام على أدنى حدٍّ؟
الشبهة الحادية عشرة: إن الخصائص العرقية مازالت دليلاً غير ثابت، وهذا لا ينفي عروبة الكنعانيين ذوي البشرة السمراء. كما أن بعض القرشيين لم يكونوا سمر البشرة (علي بن أبي طالب) مثالاً.
الشبهة الثانية عشرة: هاجر الكنعانيون عام /2500 ق.م/ من شبه الجزيرة العربية واستوطنوا سورية الساحلية. بينما عرف الآراميون منذ القرن /15 ق.م/ باسم (أحلامو)، واستوطنوا جبل بشري شمال تدمر جنوب نهر الفرات.
الفصل الثاني: الأباطرة الرومان ومن له نسب عربي
يقسم علماء الرومانيات الحكم الإمبراطوري في روما إلى أربع أسرٍ على النحو التالي:
1 ـ الأسرة اليولية الكلاودية (27ق.م ـ 68م).
2 ـ الأسرة الفلافية (69م ـ 96م).
3 ـ الأسرة الأنطوثينية وبدايات الأباطرة العرب في روما (96 ـ 192م).
4 ـ الأسرة العربية السبطية (193م ـ 235م).
سنحاول في هذا الفصل الوقوف على الشخصيات العربية الكنعانية الآرامية التي حكمت، أو ساهمت في بناء الإمبراطورية الرومانية. مع أننا ندعو للعودة إلى الكتاب من أجل وضع هذه الشخصيات ضمن موقعها التاريخي من الحضارة الرومانية.
1 ـ تراجان trajan (98 ـ 117م). والدته كنعانية إسبانية. ولد في إسبانيا الكنعانية. ويعتبر المهندس العربي الآرامي «أبو لودور» الدمشقي من أشهر مساعديه. ولد «تراجان» في (بيتكا baettca) في (53 ـ 56م) في إسبانيا. وتعزى له أعمال عدة منها: توسع في الشرق وضم دولة الأنباط سلمياً، وكذلك منطقة الرافدين بما فيها مملكة (عربايا) الآرامية ووصل حتى عبدان. إنه أعتق جموعاً من الأرقاء العاملين بالأرض. كان رائداً في مجال إعطاء الحكم الذاتي للولايات الثغورية. كان وراء إنشاء مؤسسات تعليمية مدرسية للعامة. قام بإجراء تغيير ديموغرافي كامل في (رومانيا)، وذلك لإيجاد أرض جديدة للمستوطنين. أدخل لأول مرة العرب الإيطوريين في بعلبك في دائرة الاهتمامات الإمبراطورية الرومانية. أسهم في انتشار فن العمارة الشرقي في المغرب. إنَّ محبة العرب الكنعانيين والآراميين لـ«تراجان» نظراً لأن أمه عربية كنعانية من إسبانية.
2 ـ هادريان hadriein (117 ـ 138م) ولد سنة /386/ من أم كنعانية من (مادس). وكانت زوجته أيضاً كنعانية وتدعى (سابينا). من أهم أعماله: إعطاء الحكم التراثي للولايات المحيطة بالإمبراطورية. سميت تدمر باسم تدمر الهادريانية، وأعطيت الحكم الذاتي. سميت القدس في أيامه (إيليا) على اسمه «إيليوس هادريانوس» وذلك تكريماً له. الاعتراف بنهر الفرات حدوداً شرقية للإمبراطورية. اهتمامه بفن العمارة. إعادة الأراضي التي كان نيرون قد صادرها في إفريقيا، إلى أصحابها. توزيع بعض الأراضي كهبات للبعض من عامة الشعب. تخفيض الضرائب.
3 ـ أنطونيوس بيوس a – pius (129 ـ 161م)، اسمه الكامل (تيتوس ـ أورئيل يوس ـ فولفوس ـ أنطونيوس بيوس ـ التقي ـ مدينة الله ـ نور الله. زوجته (فوزرتينه) إسبانية كنعانية. من أهم أعماله: تخفيض مصاريف استقباله في الولايات، وتخفيض عدد الموظفين الذين يشكلون عبئاً على الخزينة. وبيع ممتلكات القصر الإمبراطوري التي تزيد عن الحاجة.
4 ـ مارقس (مرقس) أورئيل a – e – mar (161 ـ 180م). والداه إسبانيان كنعانيان ينتميان إلى طبقة العامة.
ولد سنة /121م/ وكان في الأربعين من عمره عندما تسلم الحكم. درس البلاغة وفقه اللغة والفلسفة والقانون. تأثر بالفلسفة الرواقية. وضع كتاباً تحت عنوان (التأملات). من أهم أعماله: منح (عربايا) استقلالاً كاملاً.
5 ـ أفيديوس كاسيوس (أفيدفاسي) ويدعى بطل حرب بارثيا العظيم: عربي آرامي. رجل عسكري. حقق نصر على البارثيين، وتفيد الدراسات أنه انتحر بدافع شخصي.
6 ـ كومودوس (كمد) (180 ـ 192م). عربي كنعاني. ولد سنة /161م/ من أم كنعانية إسبانية، وجدته عربية كنعانية. تشير الدراسات إلى ميله للملذات. وكان مستشاره الشخصي هو المصري (ئيل قات). اغتيل عام /192م/.
7 ـ سبطيم سفير (193 ـ 211م) s.l.siptimius: اسمه (سفير) واسم العائلة (سبطيم).
ولد سبطيم سنة /145م/ مجدنية (لبدا) في ليبيا حالياً. أسرته من أصل قرطاجي كنعاني. ويبدو أن أصل الجد كان من القرطاجيين. والده اسمه (جيتا سبطيم). كان والده من طبقة الفرسان الميسورة مما سمح لسبطيم بدراسة البلاغة والقانون. كانت لغة عائلته العربية الكنعانية. وتعلم اللغتين اللاتينية واليونانية. كان معتزاً بكرامته، قوي البنية، متوسط الطول، كان يلعب دور القاضي في مسرحياته المدرسية. في عامه العشرين سافر إلى روما للدراسة، ثم عاد إلى إفريقيا وتقلد فيها منصب ضابط معاون. بعدها حصل سبطيم على عدة وظائف عالية (قيادة فرقة عسكرية رومانية) في سورية سنة /179م/. «فيها تزوج من الحمصية السورية «جولياً دومناً» عام/185م/ عينه الإمبراطور (كمد) قائداً جديداً للقضاء في (لوج دونم = ليون الفرنسية) وهي فتاة آرامية متحضرة في ثقافتها المتميزة وحضارتها الشرقية الرفيعة. ولدت له ابناً عرف باسم (كرك الله ـ قدرة الله). عام/188م/ تولى ولاية صقيلة الإيطالية وفيها وُلِدَ إبنه (193)، عين سبطيم سفير العربي الكنعاني الليبي إمبراطور أعلى لروما بعد اغتيال الإمبراطور (كمد). له اهتمام بالآثار العمرانية: معبد جوبيتر. الشارع المستقيم في تدمر، قوس النصر في راميتا اللاذقية. مدينة لبدة في ليبيا. توفي سبطيم في /4/ شباط /211م/ في مدينة (يورك) البريطانية عن خمس وستين سنة.
8 ـ كرك الله (211 ـ 217م): ولد كرك الله سنة /188م/ وكان عمره حين استسلم الحكم /23/ عاماً. والدته آرامية عربية. كان من أول أعماله بعد تثبيت دعائم حكمه، إصدار قانون الجنسية أو قانون منح الرعوية الرومانية لكافة سكان الإمبراطورية. قتل كرك الله خطأ من قبل حراسه في مدينة الرها في الشمال السوري أثناء زيارة له للمنطقة سنة /217/م.
9 ـ الإمبراطور ماكرين وظهور إله الجبل ela gabla: بعد مقتل (كرك الله) واجه (ماكرين) من أصول موريتانية مشكلتين، الأولى إعلان (بأسيان) ابن أخت (جوليا دومنا) وهي (جوليا ميسا) إمبراطوراً. والثانية تصديه (لأرطبان البارتي) الذي أعلن نفسه إمبراطوراً أيضاً. أول عمل قام به ماكرين تنصب ابنه قصيراً على روما. لم تسر الأمور كما تمنى ماكرين. إذ خسر معركته على مشارف أنطاكية واعتقل هناك بعد أربعة عشر شهراً من الحكم.
10 ـ إله الجبل بأس يان (الإمبراطور الصغير) 218 ـ 222م: تبوأ الإمبراطور الصغير منصبه تحت اسم جديد هو (مارقس أورئيل أنطونيوس) وهو الاسم الذي اعتمده في ضرب العملات والنقوش. أول قراراته كان عدم استباحة جنوده لمدينة أنطاكية، كان عمره عند استلامه الحكم حوالي /14/ عاماً، لذلك حكم من خلال جدته (ميسا) ووالدته (سواي مياس) ومستشاره (جانيس). إضافة إلى (كومازوق) قائد الحرس الإمبراطوري.
كان أميل إلى أصله الآرامي في تصرفاته وعلاقاته الاجتماعية. قتل (بأس يان) ووالدته في الثالث عشر من آذار (222م).
11 ـ إسكندر سفير (222 ـ 235): عين إمبراطوراً وهو ابن الخامسة عشرة. استدعت جدته أعماله الأول بإعادة الاعتبار إلى مجلس الشيوخ، وعينت (ألب يان) مستشاراً ورئيساً للحرس الإمبراطوري، كما أعادت معظم الطقوس الدينية الشرقية إلى مصادرها. في مطلع العام /232/ قام الإمبراطور بعدة حملات عسكرية خاصة ضد الفرس البارثيين وقد خسر هذه المعارك.
12 ـ ماكسيمينيوس ونهاية السبطيين: كان من القادة من أصول تراقية. قاد الجنود في مؤامرة حين دخل خيمة الإمبراطور وطلب منه إعدام بعض أصدقائه، وعندما رفض أقدم على قتله ووالدته في /235م/.
13 ـ من فيليب العربي إلى أورليان وظهور أذينة في تدمر: تسلم فيليب سدة الحكم (244 ـ 249م).
بعد فترة من الإضطرابات. استمر حكمه لمدة خمس سنوات. وحكم بعد الإمبراطور فيليب: أذينة الذي حكم تدمر في عهد الإمبراطور (فاليران) (253 ـ 260م). ثم خلفه ابنه (وهب اللات)، وكان صغيراً فقامت بالحكم والدته (تب زباي ـ زنوبيا).
***
الفصل الثالث: التأثير العربي (الكنعاني الآرامي) في الإمبراطورية الرومانية.
1 ـ التأثير القانوني: ظهر فيما قام به المشرِّعان القانونيان العربيان (يابنيان الحمصي) و(ألب يان الصوري)، اللذان وضعا قانونهما وتشريعهما المستمدان من المدرسة الرواقية المثالية (مدرسة الكنعاني زينون)، فاتسمت هذه القوانين بأخلاقياتها وعدالتها لاسيما أن (سبطيم سفير) نفسه كان حقوقياً رواقياً.
2 ـ التأثير الاجتماعي: أشار البحث إلى انتشار العادات في اللباس، ودور المرأة في المجتمع الجديد في روما. فقد كان نساء ورجال العرب الكنعانيين والآراميين أكثر انفتاحاً من الرومان.
التأثير الديني: برز في انتقال الحجر الأسود كرمز لإله الجبل (إله الخلق) من حمص إلى نيقوميديا ثم إلى روما. وإن الحجر كان رمزاً للإله وليس إلهاً.
4 ـ التأثير الاقتصادي: أدَّى العرب من الكنعانيين والآراميين دوراً مهماً في إحياء طريق الحرير التجاري، كما أسَّسوا بعض القوانين الاقتصادية التي ساعدت على نمو الاقتصاد السلعي، وخفض الضرائب، واعتنوا بالزراعة وطرق المواصلات.
هؤلاء هم أبناء كنعان وآرام من العرب، وهم من بنى الإمبراطورية الرومانية. فهل يحق للغرب أن يفترض بعد كل ذلك، أن الحضارة اليونانية والرومانية حضارة أوروبية بامتياز. إن ما تقدّم يعطينا الجواب اليقين. ولعل البحث القادم سيقدم لنا المزيد عن الفعالية السورية في حضارات العالم عبر التاريخ. هي سورية مهد العالم وباني الحضارات والقائم على الدوام.
هو عنوان لكتاب من تأليف الباحث الدكتور «محمد بهجت قبيسي» وجاء تحت عنوان: «الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية».
الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية
إن قراءة أولية في النص التاريخي، باعتباره منظومة معرفية، يضعف أمام تساؤلات عدة، تبرز عن خلافية في الرأي، مردها على الغالب الأعم، الاختلاف في المصدر المعرفي والإيديولوجي من جهة، والمصدر المنهجي التحليلي من جهة أخرى.
قد نتساءل في رؤية أولى عن الرابط بين: البابليين، الآشوريين، الكنعانيين، الآراميين... الخ وبين العرب بوصفهم أقواماً، ضمن رؤية التصنيف العرقي من جهة، والتاريخي المعرفي من جهة أخرى.
وبالتالي ضرورة التساؤل حول عروبة هذه الأقوام لغوياً وتاريخياً ومعرفياً في بستمولوجيا النص؟
وهل يحق لنا تسمية هذه الأقوام بالأقوام العربية؟
هذا الكتاب مثار التقديم، هو محاولة للدخول في المنظور، يرتكز على التحليل اللغوي والمقارنة الفيلولوجية التاريخية. أي علم اللغة في معناها ومبناها التاريخي. وهو يحدد مساحة البحث المعرفي في حقبة زمنية هي الإمبراطورية الرومانية من القرن /1/ ق.م وحتى القرن الثالث الميلادي.
الكتاب من تأليف الباحث الدكتور «محمد بهجت قبيسي» وجاء تحت عنوان: «الكنعانيون والآراميون العرب في الإمبراطورية الرومانية». الكتاب من إصدار «دار شمآل ودار طلاس» بدمشق في طبعته الثانية. يقع الكتاب في /452/ صفحة من القطع الكبير. مع ملحقات عدة توضيحية وتأسيسية ومعرفية إشكالية.
سنحاول في عرضنا هذا تقديم رؤية الباحث المؤلف لموضوعه، بما يتَّسق والمعطيات المعرفية للكتاب.
الفصل الأول: عروبة الكنعانيين والآراميين
إن قواعد البحث العلمي، تتطلب الوقوف على مدلولات ومعاني الألفاظ، التي وضع معظمها تحت تأثير مفاهيم مغلوطة، وأنتجت بالتالي مجموعة من الشبهات التي شككت في عروبة الكنعانيين والآراميين.
وهذه الشبهات مثار البحث هي:
أولاً: الشبهات حول عروبة الكنعانيين والآراميين: وتتمحور حول التالي:
1 ـ إن أقدم ذكر للعرب والعروبة ورد في نقش (امرئ القيس) المؤرخ عام /329/.
2 ـ إن شكل الكتابة الحجازية مختلف عن الكنعانية والآرامية.
3 ـ إن العرب العدنانيين هم قوم بداة ولو كان الكنعانيون والآراميون عرباً لسمو أنفسهم عرباً.
4 ـ إن العرب هم أهل اليمن وشبه الجزيرة العربية فقط.
5 ـ هناك كنعانيون وفينيقيون وبونيون.
6 ـ إن هذه الأقوام لم تأت من شبه الجزيرة العربية لأنها قاحلة.
7 ـ حتى وجود صلة بين الكنعانيين والعدنانيين لا يرتقي لدرجة الأخ الشقيق.
8 ـ إن اللغات الأحادية والإبلائية والكنعانية والآرامية هي لغات مختلفة.
9 ـ إن اللغة العبرية هي أقدم هذه اللغات.
10 ـ كلمة عرب تعني قريشاً وتخومها.
11 ـ العرب في الأنثربولوجيا ذو بشرة سمراء، بينما الآراميون ذو بشرة بيضاء.
لقد قام الباحث مؤلف هذا الكتاب بالرد على هذه الشبهات جميعاً. وسنحاول تلخيص هذه الردود بالتالي:
1 ـ الشبهة الأولى: إن نقش (امرئ القيس) الذي يعود إلى سنة 329م، يؤكد أن شكل النحو فيه عربي آرامي تدمري وليس عدناني. أي إن (امرئ القيس) هو عربي آرامي. وما زالت لغة النقش تستعمل في المنطقة الآرامية السورية في معلولا وغيرها. كما تؤكد نقوش أخرى ذكر كلمة عرب منذ فجر التاريخ في بلاد الرافدين. وكلمة عربي أقدم من كلمة سامي أو عبري.
2 ـ الشبهة الثانية: لابد من التفريق بين اللغة والكتابة، وهذا يقودنا إلى بديهتين:
الأولى إن اختلاف نمط الخط لا يدل على اختلاف اللغة. والثانية إن وحدة نمط الخط لا تدل على وحدة اللغة.
3 ـ الشبهة الثالثة: إن كلمة عرب في فقه اللغة تختلف باختلاف المكان والزمان فهي تعني البداوة. وتعني الدفء وتعني القتل وتعني اليسار وتعني الماء، وعلينا أن نرى أن البداوة أصل الحضارة، إذ إن أهل البدو أقدم في الوجود من أهل الحضر أي المدن. وبالتالي فالتسمية ساقطة.
كما أن مفهوم المناخ ساقط تاريخياً، لأن شبه الجزيرة العربية كانت منطقة ذات مناخ معتدل منذ أقدم العصور.
ومعجمياً فإن مدلول كلمة عرب يعني الماء وهي موجودة قبل مدلول البداوة. كما أن الآراميين أطلقوا على أنفسهم كلمة (عرب ـ عربايا)، وهي جمع آرامي معروف تعني العرب.
الشبهة الرابعة: لم تعترف كتب التراث إلا بالعرب المستعربة وهم العدنانيون والقحطانيون.
وهذا أمر مثار شبهة، إذ إن الإجابة على ذلك تكمن في أن الكنعانيين والآراميين هم من العرب كما ورد في نص «لابن منظور وآخر لدوبون سومير» الفرنسي. الأول (الكنعانيون كانوا أمة يتكلمون بلغة تضارع العربية). والثاني (اللغة الآرامية قريبة الصلة بالكنعانية وهي أقرب إلى العربية العدنانية).
الشبهة الخامسة: إن الحقيقة العلمية تقول: إن الكنعانيين لم يسموا أنفسهم (كنعانيين) ولا فينيقيين ولا بونيين، بل كانوا يسمون أنفسهم (بني كنعان).
الشبهة السادسة: ويمكن رد ذلك بما ورد في الشبهتين الثالثة والرابعة. إذ إن نظرية الهجرات من شبه الجزيرة العربية ما زالت قائمة. كما أن شبه الجزيرة العربية شهدت تنقلات من منابع دجلة والفرات إلى الأطلسي إلى بحر العرب.
الشبهة السابعة: إذا رجعنا إلى بعض خرائط طرق التجارة القديمة في المنطقة يمكن تبيان عكس ما يقال.
الشبهة الثامنة: يمكن نقد ذلك بالقول: إن اسم سام ليس له وجود في كافة النقوش الأثرية. كما أن اختلاف شكل الكتابة لا يدل على اختلاف اللغة. إن الآكادية والعربية والإبلائية والاجاريتية والكنعانية والآرامية هي لهجات للغة واحدة.
الشبهة التاسعة: يمكن رد ذلك من النص التوراتي نفسه: عندما يتحدث الرَّب لموسى فيقول له: (ثم نصرخ ونقول أمام الرب إلهك، آرامياً تائهاً كان أبي فأنحدر إلى مصر...). ولاشك أن الآرامي التائه هو إبراهيم، أي إن إبراهيم كان آرامياً يتكلم الآرامية وليس العبرية.
الشبهة العاشرة: إذا كانت قريش هي العرب فأين عرب اليمن والحيرة وتدمر والغساسفة وطيء وتغلب وكندة وغيرها من القبائل العربية التي كانت أشهر من قريش قبل ظهور الإسلام على أدنى حدٍّ؟
الشبهة الحادية عشرة: إن الخصائص العرقية مازالت دليلاً غير ثابت، وهذا لا ينفي عروبة الكنعانيين ذوي البشرة السمراء. كما أن بعض القرشيين لم يكونوا سمر البشرة (علي بن أبي طالب) مثالاً.
الشبهة الثانية عشرة: هاجر الكنعانيون عام /2500 ق.م/ من شبه الجزيرة العربية واستوطنوا سورية الساحلية. بينما عرف الآراميون منذ القرن /15 ق.م/ باسم (أحلامو)، واستوطنوا جبل بشري شمال تدمر جنوب نهر الفرات.
الفصل الثاني: الأباطرة الرومان ومن له نسب عربي
يقسم علماء الرومانيات الحكم الإمبراطوري في روما إلى أربع أسرٍ على النحو التالي:
1 ـ الأسرة اليولية الكلاودية (27ق.م ـ 68م).
2 ـ الأسرة الفلافية (69م ـ 96م).
3 ـ الأسرة الأنطوثينية وبدايات الأباطرة العرب في روما (96 ـ 192م).
4 ـ الأسرة العربية السبطية (193م ـ 235م).
سنحاول في هذا الفصل الوقوف على الشخصيات العربية الكنعانية الآرامية التي حكمت، أو ساهمت في بناء الإمبراطورية الرومانية. مع أننا ندعو للعودة إلى الكتاب من أجل وضع هذه الشخصيات ضمن موقعها التاريخي من الحضارة الرومانية.
1 ـ تراجان trajan (98 ـ 117م). والدته كنعانية إسبانية. ولد في إسبانيا الكنعانية. ويعتبر المهندس العربي الآرامي «أبو لودور» الدمشقي من أشهر مساعديه. ولد «تراجان» في (بيتكا baettca) في (53 ـ 56م) في إسبانيا. وتعزى له أعمال عدة منها: توسع في الشرق وضم دولة الأنباط سلمياً، وكذلك منطقة الرافدين بما فيها مملكة (عربايا) الآرامية ووصل حتى عبدان. إنه أعتق جموعاً من الأرقاء العاملين بالأرض. كان رائداً في مجال إعطاء الحكم الذاتي للولايات الثغورية. كان وراء إنشاء مؤسسات تعليمية مدرسية للعامة. قام بإجراء تغيير ديموغرافي كامل في (رومانيا)، وذلك لإيجاد أرض جديدة للمستوطنين. أدخل لأول مرة العرب الإيطوريين في بعلبك في دائرة الاهتمامات الإمبراطورية الرومانية. أسهم في انتشار فن العمارة الشرقي في المغرب. إنَّ محبة العرب الكنعانيين والآراميين لـ«تراجان» نظراً لأن أمه عربية كنعانية من إسبانية.
2 ـ هادريان hadriein (117 ـ 138م) ولد سنة /386/ من أم كنعانية من (مادس). وكانت زوجته أيضاً كنعانية وتدعى (سابينا). من أهم أعماله: إعطاء الحكم التراثي للولايات المحيطة بالإمبراطورية. سميت تدمر باسم تدمر الهادريانية، وأعطيت الحكم الذاتي. سميت القدس في أيامه (إيليا) على اسمه «إيليوس هادريانوس» وذلك تكريماً له. الاعتراف بنهر الفرات حدوداً شرقية للإمبراطورية. اهتمامه بفن العمارة. إعادة الأراضي التي كان نيرون قد صادرها في إفريقيا، إلى أصحابها. توزيع بعض الأراضي كهبات للبعض من عامة الشعب. تخفيض الضرائب.
3 ـ أنطونيوس بيوس a – pius (129 ـ 161م)، اسمه الكامل (تيتوس ـ أورئيل يوس ـ فولفوس ـ أنطونيوس بيوس ـ التقي ـ مدينة الله ـ نور الله. زوجته (فوزرتينه) إسبانية كنعانية. من أهم أعماله: تخفيض مصاريف استقباله في الولايات، وتخفيض عدد الموظفين الذين يشكلون عبئاً على الخزينة. وبيع ممتلكات القصر الإمبراطوري التي تزيد عن الحاجة.
4 ـ مارقس (مرقس) أورئيل a – e – mar (161 ـ 180م). والداه إسبانيان كنعانيان ينتميان إلى طبقة العامة.
ولد سنة /121م/ وكان في الأربعين من عمره عندما تسلم الحكم. درس البلاغة وفقه اللغة والفلسفة والقانون. تأثر بالفلسفة الرواقية. وضع كتاباً تحت عنوان (التأملات). من أهم أعماله: منح (عربايا) استقلالاً كاملاً.
5 ـ أفيديوس كاسيوس (أفيدفاسي) ويدعى بطل حرب بارثيا العظيم: عربي آرامي. رجل عسكري. حقق نصر على البارثيين، وتفيد الدراسات أنه انتحر بدافع شخصي.
6 ـ كومودوس (كمد) (180 ـ 192م). عربي كنعاني. ولد سنة /161م/ من أم كنعانية إسبانية، وجدته عربية كنعانية. تشير الدراسات إلى ميله للملذات. وكان مستشاره الشخصي هو المصري (ئيل قات). اغتيل عام /192م/.
7 ـ سبطيم سفير (193 ـ 211م) s.l.siptimius: اسمه (سفير) واسم العائلة (سبطيم).
ولد سبطيم سنة /145م/ مجدنية (لبدا) في ليبيا حالياً. أسرته من أصل قرطاجي كنعاني. ويبدو أن أصل الجد كان من القرطاجيين. والده اسمه (جيتا سبطيم). كان والده من طبقة الفرسان الميسورة مما سمح لسبطيم بدراسة البلاغة والقانون. كانت لغة عائلته العربية الكنعانية. وتعلم اللغتين اللاتينية واليونانية. كان معتزاً بكرامته، قوي البنية، متوسط الطول، كان يلعب دور القاضي في مسرحياته المدرسية. في عامه العشرين سافر إلى روما للدراسة، ثم عاد إلى إفريقيا وتقلد فيها منصب ضابط معاون. بعدها حصل سبطيم على عدة وظائف عالية (قيادة فرقة عسكرية رومانية) في سورية سنة /179م/. «فيها تزوج من الحمصية السورية «جولياً دومناً» عام/185م/ عينه الإمبراطور (كمد) قائداً جديداً للقضاء في (لوج دونم = ليون الفرنسية) وهي فتاة آرامية متحضرة في ثقافتها المتميزة وحضارتها الشرقية الرفيعة. ولدت له ابناً عرف باسم (كرك الله ـ قدرة الله). عام/188م/ تولى ولاية صقيلة الإيطالية وفيها وُلِدَ إبنه (193)، عين سبطيم سفير العربي الكنعاني الليبي إمبراطور أعلى لروما بعد اغتيال الإمبراطور (كمد). له اهتمام بالآثار العمرانية: معبد جوبيتر. الشارع المستقيم في تدمر، قوس النصر في راميتا اللاذقية. مدينة لبدة في ليبيا. توفي سبطيم في /4/ شباط /211م/ في مدينة (يورك) البريطانية عن خمس وستين سنة.
8 ـ كرك الله (211 ـ 217م): ولد كرك الله سنة /188م/ وكان عمره حين استسلم الحكم /23/ عاماً. والدته آرامية عربية. كان من أول أعماله بعد تثبيت دعائم حكمه، إصدار قانون الجنسية أو قانون منح الرعوية الرومانية لكافة سكان الإمبراطورية. قتل كرك الله خطأ من قبل حراسه في مدينة الرها في الشمال السوري أثناء زيارة له للمنطقة سنة /217/م.
9 ـ الإمبراطور ماكرين وظهور إله الجبل ela gabla: بعد مقتل (كرك الله) واجه (ماكرين) من أصول موريتانية مشكلتين، الأولى إعلان (بأسيان) ابن أخت (جوليا دومنا) وهي (جوليا ميسا) إمبراطوراً. والثانية تصديه (لأرطبان البارتي) الذي أعلن نفسه إمبراطوراً أيضاً. أول عمل قام به ماكرين تنصب ابنه قصيراً على روما. لم تسر الأمور كما تمنى ماكرين. إذ خسر معركته على مشارف أنطاكية واعتقل هناك بعد أربعة عشر شهراً من الحكم.
10 ـ إله الجبل بأس يان (الإمبراطور الصغير) 218 ـ 222م: تبوأ الإمبراطور الصغير منصبه تحت اسم جديد هو (مارقس أورئيل أنطونيوس) وهو الاسم الذي اعتمده في ضرب العملات والنقوش. أول قراراته كان عدم استباحة جنوده لمدينة أنطاكية، كان عمره عند استلامه الحكم حوالي /14/ عاماً، لذلك حكم من خلال جدته (ميسا) ووالدته (سواي مياس) ومستشاره (جانيس). إضافة إلى (كومازوق) قائد الحرس الإمبراطوري.
كان أميل إلى أصله الآرامي في تصرفاته وعلاقاته الاجتماعية. قتل (بأس يان) ووالدته في الثالث عشر من آذار (222م).
11 ـ إسكندر سفير (222 ـ 235): عين إمبراطوراً وهو ابن الخامسة عشرة. استدعت جدته أعماله الأول بإعادة الاعتبار إلى مجلس الشيوخ، وعينت (ألب يان) مستشاراً ورئيساً للحرس الإمبراطوري، كما أعادت معظم الطقوس الدينية الشرقية إلى مصادرها. في مطلع العام /232/ قام الإمبراطور بعدة حملات عسكرية خاصة ضد الفرس البارثيين وقد خسر هذه المعارك.
12 ـ ماكسيمينيوس ونهاية السبطيين: كان من القادة من أصول تراقية. قاد الجنود في مؤامرة حين دخل خيمة الإمبراطور وطلب منه إعدام بعض أصدقائه، وعندما رفض أقدم على قتله ووالدته في /235م/.
13 ـ من فيليب العربي إلى أورليان وظهور أذينة في تدمر: تسلم فيليب سدة الحكم (244 ـ 249م).
بعد فترة من الإضطرابات. استمر حكمه لمدة خمس سنوات. وحكم بعد الإمبراطور فيليب: أذينة الذي حكم تدمر في عهد الإمبراطور (فاليران) (253 ـ 260م). ثم خلفه ابنه (وهب اللات)، وكان صغيراً فقامت بالحكم والدته (تب زباي ـ زنوبيا).
***
الفصل الثالث: التأثير العربي (الكنعاني الآرامي) في الإمبراطورية الرومانية.
1 ـ التأثير القانوني: ظهر فيما قام به المشرِّعان القانونيان العربيان (يابنيان الحمصي) و(ألب يان الصوري)، اللذان وضعا قانونهما وتشريعهما المستمدان من المدرسة الرواقية المثالية (مدرسة الكنعاني زينون)، فاتسمت هذه القوانين بأخلاقياتها وعدالتها لاسيما أن (سبطيم سفير) نفسه كان حقوقياً رواقياً.
2 ـ التأثير الاجتماعي: أشار البحث إلى انتشار العادات في اللباس، ودور المرأة في المجتمع الجديد في روما. فقد كان نساء ورجال العرب الكنعانيين والآراميين أكثر انفتاحاً من الرومان.
التأثير الديني: برز في انتقال الحجر الأسود كرمز لإله الجبل (إله الخلق) من حمص إلى نيقوميديا ثم إلى روما. وإن الحجر كان رمزاً للإله وليس إلهاً.
4 ـ التأثير الاقتصادي: أدَّى العرب من الكنعانيين والآراميين دوراً مهماً في إحياء طريق الحرير التجاري، كما أسَّسوا بعض القوانين الاقتصادية التي ساعدت على نمو الاقتصاد السلعي، وخفض الضرائب، واعتنوا بالزراعة وطرق المواصلات.
هؤلاء هم أبناء كنعان وآرام من العرب، وهم من بنى الإمبراطورية الرومانية. فهل يحق للغرب أن يفترض بعد كل ذلك، أن الحضارة اليونانية والرومانية حضارة أوروبية بامتياز. إن ما تقدّم يعطينا الجواب اليقين. ولعل البحث القادم سيقدم لنا المزيد عن الفعالية السورية في حضارات العالم عبر التاريخ. هي سورية مهد العالم وباني الحضارات والقائم على الدوام.