معرض في دمشق يعيد إحياء تراث الطباعة الحموي
المعرض يحمل رسالة حماية التراث السوري من خلال صون حرف ومهن الأجداد ونقلها إلى الأجيال الجديدة وتطويرها.
الأربعاء 2024/08/14
ShareWhatsAppTwitterFacebook
آخر حرفي للطباعة الحموية ينقل خبراته إلى الشباب
دمشق - في محاولة لإحياء الصناعات اليدوية وجذب الأنظار إليها، أقيم معرض لمنتجات الطباعة الحموية (نسبة إلى محافظة حماة) في العاصمة السورية دمشق. ويهدف المعرض إلى تسليط الضوء على انسجام التراث الأصيل للثقافة السورية ويأتي بالتعاون بين مشروع "ولفي" (صديقي) الثقافي وغاليري زوايا في دمشق وهو من إنجاز الحرفي حسان حوا وطلابه. كم يهدف أيضا إلى إحياء الحرف اليدوية التقليدية التي تراجعت منذ بدء الحرب في سوريا عام 2011.
ومشروع ولفي أطلقته منذ سنوات الباحثة سعاد جروس في مدينة حماة، وهو يهتم بالمحافظة على مهنة الطباعة على القماش بقوالب خشبية في المدينة التي لم يبق فيها إلا حرفي واحد. ويحقق مشروع ولفي في معرض هذا العام تقدما هاما، فبعد وجوده في المعارض السابقة ليكرس حالة الرسوم الطباعية على الأقمشة والملابس وأدوات البيت، يذهب في مشاركته هذه ليطبع على العديد من مصنوعاته نصوصا ونقوشا جديدة في تجربة لم توجد سابقا، وهي الفكرة التي لاقت الكثير من الاهتمام.
ويعتبر نشاط الطباعة الحموي، الذي يعتمد على الكتل الخشبية والحبر المصنوع من مكونات طبيعية، حرفة قديمة كان يستخدمها أصحاب الإمكانيات المتواضعة لتصميم أغطية الطاولات والأسرّة والستائر الملونة.
وقالت منسقة مبادرة ولفي سعاد جروس "مبادرتنا تضع هذه الحرفة في غرفة الإنعاش ريثما تعبر هذه الحالة وتنتهي ويعود السوق لينشط ويتعافى الاقتصاد وترجع السياحة للبلد حتى يتمكن الناس من العيش بشكل طبيعي". وأضافت “إنتاجنا الآن ليس بشروط طبيعية، ولا تسويقنا بشروط طبيعية ولا شيء من هذا. نحن الآن نحاول أن نبقى على قيد الحياة".
وتابعت جروس "مهنة الطباعة على القماش عريقة في مدينة حماة، وهي تعود إلى مئات السنين، وهي متكاملة مع صناعة النسيج التي كانت مزدهرة في حماة حتى ثلاثينات القرن العشرين". وبينت حتان بوشي، من زوار المعرض، أن الحرفيين أضافوا إلى الأعمال طابعا جديدا، بينما كانت سابقا فقط للدواوين (الجلسات) والمفارش والبرادي (الستائر)، والآن صارت بشكل أفضل.
◙ نشاط الطباعة الحموي حرفة قديمة كان يستخدمها أصحاب الإمكانيات المتواضعة لتصميم أغطية الطاولات والأسرّة والستائر الملونة
ويحاول الحرفي حسن حوا، صاحب آخر مشغل للطباعة الحموية في سوريا، الحفاظ على هذا النشاط التراثي من خلال إنتاج مطبوعات على الأوشحة والقمصان وحقائب اليد وغيرها. وقال حوا "الخط الخارجي (التصدير) انقطع بشكل كامل. ولا نجده في الأعمال إلا ما ندر، فقط إذا كان أي من زبائننا يريد اقتناء هدية نشتغلها له تحت الطلب".
وأضاف "مشروع ولفي كان ممتازا، أعاد تنشيط عملي، وصار هناك خط خارجي بسيط وخط للطبقة المخملية التي كانت معروفة في هذه الحرفة". وتابع القول "مهنتي لا تحتاج إلى شراء شيء. كل شيء أصنعه بيدي. الزخارف أنا أرسمها على الخشب. والخشب حصرا إجاص (شجر إجاص) أو جوز، لأنهما قاسيان ويعيشان مدة طويلة".
وأضاف حوا متأثرا "أعشق هذه المهنة ولا أستطيع أن أبقى من دونها. عندما لا يكون لدي عمل أقوم بطباعة بضع قطع، فقط حتى تبقى وتيرة العمل مستمرة". وانخفض الطلب على منتجات الطباعة الحموية بشدة بسبب تراجع السياحة وتصاعد التهديدات بتحول حرب غزة إلى صراع أوسع في المنطقة.
يضم المعرض الذي يستمر لمدة أسبوع مجموعة من المنتجات التراثية المنوعة والمصنوعة من الطباعة الحموية المميزة بطريقة تناغمت فيها العناصر التقليدية والمعاصرة، وأظهرت المواهب الفنية لشباب سوريا والتي أعطت روحا متجددة لهذا العنصر الثقافي التراثي.
الطباعة على القماش، الطباعة الحموية، تستخدم فيها قوالب خشبية نقشت عليها زخارف من روح مدينة حماة وبيئتها ومنها شخصيات تراثية “سيرك أبوعباس الشعبي”، وهو شخصية غريبة الأطوار لا تزال حاضرة في ذاكرة عدة أجيال من أهل حماة، ونقوش للغة السريانية التي وجدت على مخطوط مقدس عثر عليه في إحدى الكنائس بحماة.
وكانت الموسيقى حاضرة أيضاً في هذه المنتجات من خلال نقش شكل الربابة ودلالات على غناء العتابا، فالربابة آلة موسيقية ذات وتر واحد ولا تزال منتشرة في ريف حماة، أما عن فن العتابا فهو نوع من الغناء الشعبي ذو قواعد شعرية خاصة.
وأشارت مديرة مشروع ولفي سعاد جروس في تصريح لها إلى أن رسوم الطباعة الحموية مستوحاة من البيئة المحلية مع إضافات جديدة لبعض الرسوم، مبينة أن "المشروع حمل رسالة حماية التراث السوري من خلال صون حرف ومهن أجدادنا وإعادة العمل بها بحب وبأسلوب عصري بسيط". وقالت مديرة غاليري زوايا رولا سليمان "نحمل غيرة على تراثنا وعراقته وحاولنا إظهار ذلك من خلال تقديم الدعم لهذه المشاريع الثقافية التي تلفت الأنظار بما تحمله من فن وثقافة في آن واحد".
ShareWhatsAppTwitterFacebook
المعرض يحمل رسالة حماية التراث السوري من خلال صون حرف ومهن الأجداد ونقلها إلى الأجيال الجديدة وتطويرها.
الأربعاء 2024/08/14
ShareWhatsAppTwitterFacebook
آخر حرفي للطباعة الحموية ينقل خبراته إلى الشباب
دمشق - في محاولة لإحياء الصناعات اليدوية وجذب الأنظار إليها، أقيم معرض لمنتجات الطباعة الحموية (نسبة إلى محافظة حماة) في العاصمة السورية دمشق. ويهدف المعرض إلى تسليط الضوء على انسجام التراث الأصيل للثقافة السورية ويأتي بالتعاون بين مشروع "ولفي" (صديقي) الثقافي وغاليري زوايا في دمشق وهو من إنجاز الحرفي حسان حوا وطلابه. كم يهدف أيضا إلى إحياء الحرف اليدوية التقليدية التي تراجعت منذ بدء الحرب في سوريا عام 2011.
ومشروع ولفي أطلقته منذ سنوات الباحثة سعاد جروس في مدينة حماة، وهو يهتم بالمحافظة على مهنة الطباعة على القماش بقوالب خشبية في المدينة التي لم يبق فيها إلا حرفي واحد. ويحقق مشروع ولفي في معرض هذا العام تقدما هاما، فبعد وجوده في المعارض السابقة ليكرس حالة الرسوم الطباعية على الأقمشة والملابس وأدوات البيت، يذهب في مشاركته هذه ليطبع على العديد من مصنوعاته نصوصا ونقوشا جديدة في تجربة لم توجد سابقا، وهي الفكرة التي لاقت الكثير من الاهتمام.
ويعتبر نشاط الطباعة الحموي، الذي يعتمد على الكتل الخشبية والحبر المصنوع من مكونات طبيعية، حرفة قديمة كان يستخدمها أصحاب الإمكانيات المتواضعة لتصميم أغطية الطاولات والأسرّة والستائر الملونة.
وقالت منسقة مبادرة ولفي سعاد جروس "مبادرتنا تضع هذه الحرفة في غرفة الإنعاش ريثما تعبر هذه الحالة وتنتهي ويعود السوق لينشط ويتعافى الاقتصاد وترجع السياحة للبلد حتى يتمكن الناس من العيش بشكل طبيعي". وأضافت “إنتاجنا الآن ليس بشروط طبيعية، ولا تسويقنا بشروط طبيعية ولا شيء من هذا. نحن الآن نحاول أن نبقى على قيد الحياة".
وتابعت جروس "مهنة الطباعة على القماش عريقة في مدينة حماة، وهي تعود إلى مئات السنين، وهي متكاملة مع صناعة النسيج التي كانت مزدهرة في حماة حتى ثلاثينات القرن العشرين". وبينت حتان بوشي، من زوار المعرض، أن الحرفيين أضافوا إلى الأعمال طابعا جديدا، بينما كانت سابقا فقط للدواوين (الجلسات) والمفارش والبرادي (الستائر)، والآن صارت بشكل أفضل.
◙ نشاط الطباعة الحموي حرفة قديمة كان يستخدمها أصحاب الإمكانيات المتواضعة لتصميم أغطية الطاولات والأسرّة والستائر الملونة
ويحاول الحرفي حسن حوا، صاحب آخر مشغل للطباعة الحموية في سوريا، الحفاظ على هذا النشاط التراثي من خلال إنتاج مطبوعات على الأوشحة والقمصان وحقائب اليد وغيرها. وقال حوا "الخط الخارجي (التصدير) انقطع بشكل كامل. ولا نجده في الأعمال إلا ما ندر، فقط إذا كان أي من زبائننا يريد اقتناء هدية نشتغلها له تحت الطلب".
وأضاف "مشروع ولفي كان ممتازا، أعاد تنشيط عملي، وصار هناك خط خارجي بسيط وخط للطبقة المخملية التي كانت معروفة في هذه الحرفة". وتابع القول "مهنتي لا تحتاج إلى شراء شيء. كل شيء أصنعه بيدي. الزخارف أنا أرسمها على الخشب. والخشب حصرا إجاص (شجر إجاص) أو جوز، لأنهما قاسيان ويعيشان مدة طويلة".
وأضاف حوا متأثرا "أعشق هذه المهنة ولا أستطيع أن أبقى من دونها. عندما لا يكون لدي عمل أقوم بطباعة بضع قطع، فقط حتى تبقى وتيرة العمل مستمرة". وانخفض الطلب على منتجات الطباعة الحموية بشدة بسبب تراجع السياحة وتصاعد التهديدات بتحول حرب غزة إلى صراع أوسع في المنطقة.
يضم المعرض الذي يستمر لمدة أسبوع مجموعة من المنتجات التراثية المنوعة والمصنوعة من الطباعة الحموية المميزة بطريقة تناغمت فيها العناصر التقليدية والمعاصرة، وأظهرت المواهب الفنية لشباب سوريا والتي أعطت روحا متجددة لهذا العنصر الثقافي التراثي.
الطباعة على القماش، الطباعة الحموية، تستخدم فيها قوالب خشبية نقشت عليها زخارف من روح مدينة حماة وبيئتها ومنها شخصيات تراثية “سيرك أبوعباس الشعبي”، وهو شخصية غريبة الأطوار لا تزال حاضرة في ذاكرة عدة أجيال من أهل حماة، ونقوش للغة السريانية التي وجدت على مخطوط مقدس عثر عليه في إحدى الكنائس بحماة.
وكانت الموسيقى حاضرة أيضاً في هذه المنتجات من خلال نقش شكل الربابة ودلالات على غناء العتابا، فالربابة آلة موسيقية ذات وتر واحد ولا تزال منتشرة في ريف حماة، أما عن فن العتابا فهو نوع من الغناء الشعبي ذو قواعد شعرية خاصة.
وأشارت مديرة مشروع ولفي سعاد جروس في تصريح لها إلى أن رسوم الطباعة الحموية مستوحاة من البيئة المحلية مع إضافات جديدة لبعض الرسوم، مبينة أن "المشروع حمل رسالة حماية التراث السوري من خلال صون حرف ومهن أجدادنا وإعادة العمل بها بحب وبأسلوب عصري بسيط". وقالت مديرة غاليري زوايا رولا سليمان "نحمل غيرة على تراثنا وعراقته وحاولنا إظهار ذلك من خلال تقديم الدعم لهذه المشاريع الثقافية التي تلفت الأنظار بما تحمله من فن وثقافة في آن واحد".
ShareWhatsAppTwitterFacebook