لوحات هاكو مزج بين ثراء التقاليد وجرأة التشكيل المعاصر
فنان تشكيلي يؤكد على التزامه بحرية التعبير الفني لتجاوز حدود الإبداع.
الثلاثاء 2024/08/13
ShareWhatsAppTwitterFacebook
استكشاف لوني لمواضيع معقدة
الجزائر - يعرضُ الفنان التشكيلي عبدالحق جلاب في غاليري قسوم بالجزائر مجموعة من أعماله الفنيّة، وذلك تحت عنوان “هاكو”، وهو الاسم المستعار الذي اختاره لنفسه للتأكيد على استقلاليته والتزامه بحرية التعبير الفني والمهني المستقلّ من أجل تجاوز حدود الإبداع واستكشاف الوسائط المتنوّعة لإضفاء الحيوية على أفكاره.
ويبرز هذا الفنان كواحد من أكثر الشخصيات جاذبية إذ تشكّلت مسيرته الفنيّة بفضل تعليم قويّ ومتنوّع، بدأ عام 1987 في المدرسة العليا لكوادر الشباب في قسنطينة، ثم استمرّ عام 1991 في المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة.
وطوّر هاكو كفنان مستقلّ أسلوبًا مميّزا يمزج بين ثراء التقاليد الفنيّة والإحساس المعاصر الجريء. وتعكسُ أعماله المعروضة استكشافًا ديناميكيًّا للمواضيع الثقافية التي ميّزت تراث بلاده الغنيّ والمعقّد.
أمّا خارج حدود وطنه فقد وسّع عبدالحق جلاب تأثيره الفنيّ من خلال المعارض الدولية التي شارك فيها عبر العديد من الدول، أبرزُها لبنان وتونس ومصر وفرنسا وبلجيكا والهند. وأتاحت هذه الرحلات الفنيّة للفنان مشاركة رؤيته الفريدة مع جماهير متنوّعة، وتوسيع تأثير أعماله خارج الحدود الجغرافية لبلده.
وبفضل هذه المسيرة المهنيّة، التي تخلّلتها معارض وطنية ودولية، يظل هاكو -بحسب العديد من النقّاد والفنانين- لاعبًا رئيسيًّا في المشهد الفني المعاصر، ولا تزال أعماله تثير الإعجاب والتأمُّل، وتدعو المشاهد إلى التعمُّق في جذور وأبعاد الهوية الثقافية والتطوُّر الاجتماعي من خلال منظور الفن الفريد.
أعمال هاكو تثير الإعجاب والتأمل وتدعو المشاهد إلى التعمق في جذور وأبعاد الهوية الثقافية والتطور الاجتماعي
وتمتزج في أعماله الكثير من المدارس الفنيّة والمؤثّرات المحليّة التي تعود إلى ظروف تنشئته في بيئة أمازيغية مُشبعة بالفنون، وذلك ما يبدو جليًّا من خلال الألوان والرموز المستخدمة في لوحاته. كما لا يتردّدُ هذا الفنان في استخدام الخط العربي في أعماله، إذ كان للخط العربي دورٌ في تشكيل ذائقته الفنيّة لارتباطه بطفولته التي تميّزت بالتردُّد على كتّاب القرية وتحضير لوح الكتابة، والأحبار والأقلام المصنوعة من القصب على يد الشيخ الذي كان يُشرف على تعليمه.
ويؤكّد الفنان أنّ صناعة الأواني الفخارية والأغطية والمفروشات التي كانت تُنسجُ يدويًّا، والأنشطة التي يقوم بها الرجال، والأعراس واحتفالات الأعياد المختلفة التي تتميّزُ بالموسيقى والغناء والرقص، وارتداء الملابس والحلي زاهية الألوان، شكّلت كلُّها مصادر إلهام له لكونها تنطوي على جوانب فنيّة، كما لعبت دورًا كبيرًا في تكوين رؤيته الفنيّة.
أما بالنسبة إلى التشكيلات اللّونيّة التي يستخدمُها الفنان فتتجلّى أكثر في الألوان الحارّة على غرار الأحمر والبنفسجي المحمر والبرتقالي والبرتقالي المحمر والبرتقالي المصفر والأصفر والأخضر المصفر، وهي الألوان التي يُعبّر بها عن ارتباطه بالتراث الجزائري والعربي الإسلامي والأفريقي.
وعن المواضيع التي تستهويه يشير الفنان عبدالحق جلاب إلى أنّ الترحال، خاصّة لدى البدو، والمرأة والطبيعة الجزائرية تُشكّل أهمّ الثيمات التي تأسرُه، وتنعكس تلقائيًّا في لوحاته.
ولا يُخفي عبدالحق جلاب، المولود عام 1965 في منطقة عين فكرون بولاية (محافظة) أم البواقي (شرق الجزائر)، أنّه وقع خلال مرحلة تكوينه الأكاديمي ودراسته لتاريخ الفن، كغيره من الفنانين المبتدئين، أسيرا لأعمال أساطين الفن النهضوي في إيطاليا، أمثال ليوناردو دافنشي ورافائيل ومايكل أنجلو، والانطباعيين الفرنسيين، وروّاد المدرسة التعبيرية، على غرار كلود موني وفان غوخ، إضافة إلى تأثُّره بكبار التشكيليّين الجزائريّين، مثل محمد إسياخم ومحمد خدة.