إينياتسيو سيلونه
(بالإيطالية: Ignazio Silone)
هو الاسم المستعار للناشط السياسي والروائي الإيطالي سيكوندو ترانكويلي (بالإيطالية: Secondo Tranquilli).
وُلد في بلدة بيشينا بمقاطعة لاكويلا في روما في 1 مايو عام 1900.
يُعد أحد أكثر المثقفين الإيطاليين شهرة، حيث قُرئت أعماله في أوروبا وفي جميع أنحاء العالم.
تُعتبر رواية فونتامارا واحدة من أشهر أعماله الروائية، وهي رواية رمزية واقعية للتنديد بالقمع والظلم الاجتماعي والفقر، وترجمت إلى العديد من اللغات. كان لسيلونه دورٌ ملحوظٌ في الحياة السياسية الإيطالية، حيث شارك في النضال ضد الفاشية في العديد من محطات حياته، وكان يبث الروح في الحياة الثقافية للبلاد فيما بعد الحرب العالمية؛ وكثيرًا ما تعرض للنقد من قبل النقاد الإيطاليين، إلا أنه في الوقت نفسه كان يحظى بتقدير خاص في العالم الخارجي. تُوفي في جنيف في 22 أغسطس عام 1978.
سنواته الأولى
صورة لإينياتسيو سيلونه في سن العشرين.
صورة لأخيه رومولو ترانكويلي الذي نجا معه من كارثة الزلزال التي ضربت أفيتسانو عام 1915.
وُلد سيلونه لأسرة ريفية في بلدة بشينا بإقليم أبروتسو الإيطالي. كان ابنًا لكل من المزارع باولو وماريانا ديللا كوادري. في عام 1911 وعقب وفاة والده، تولى أخيه الأكبر دومينيكو مهام والده الشاقة في الزراعة، في الوقت الذي امتهنت فيه والدته مهنة الحياكة، إما هو نفسه فالتحق بالمعهد الأسقفي لدراسة اللاهوت. وبعدها بأربع سنوات، تعرضت مدينة أفيتسانو بإقليم أبروتسو بوسط إيطاليا لزلزال قوي في 13 يناير عام 1915،
أسفر عن سقوط أكثر من 30,000 ضحية، كان من بينهم العديد من أفراد أسرته بما فيهم والدته. ولم ينجِ من هذا الحادث إلا سيكوندو وأخيه الأصغر رومولو. وتأثرت شخصية سيلونه، الذي لم يكن يبلغ وقتها عامه الخامس عشر، كثيرًا بتلك المأساة، وظهر ذلك جليًا في إنتاجه الأدبي. وذكر ريتشارد لويس أن: «ذكرى الزلزال قد فجرت في كتابات سيلونه نفس المعاني التى تجلت في أعمال الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي إثر إفلاته من حكم الإعدام في اللحظة الأخيرة». وبعد بضعة أشهر من الزلزال، كتب سيلونه لأخيه متأثرًا، عقب عودته من كييتي حيث يدرس إلى مسقط رأسه: «وأسفاه! عُدت إلى بيشينا، ألقيت النظرات بين الأنقاض والدموع تملأ عيني؛ وتنقلت بين الأكواخ البائسة، المغطاة ببعض من الخرق البالية كالأيام الخوالي، التي عاش بها الفقراء دون خوف من تمييز على أساس العرق أو الجنس أو السن أو الحالة الاجتماعية. ولقد تأملت بيتنا بأعينٍ تفيض من الدمع، حيث الأم شاحبة اللون منكسرة، الآن، يسكن جسدها تلك الأنقاض غير مدركة مصيرنا، ويبدو لي وكأنها خرجت من قبرها، ولكنه طيفها القابع في أعماق عقلنا الباطن ينادينا لنستلقي في أحضانها. ورأيت مرة أخرى المكان الذي كنت قد حفرته. لقد مررت بكل شيء».
لقاءه مع دون أوريون
آثار زلزال أفيتسانو الذي ضرب بلدة بشينا بإقليم أبروتسو الإيطالي.
انتقل سيلونه وأخوه بعد الأيام المأساوية التي أعقبت الزلزال إلى رعاية جدتهم لأمهم فينسينزا، التي حصلت على مساعدات كبيرة وكانت تحت رعاية الملكة إلينا دل مونتينيغرو.
واستطاع بعد ذلك أن ينتقل إلى مدرسة داخلية رومانية بالقرب من مقبرة فيرانو، إلا أنه ارتأى أن المدرسة لا تختلف كثيرًا عن المقبرة ولم يستطع أن يبقى بها وفر هاربًا خارجها، وقامت المدرسة حينذاك بفصله.
بعد ذلك، ظهر الكاهن دون لويجي أوريون، الذي أنفق الكثير من الأموال على ضحايا الزلزال، وساعد كل من سيلونه وصديقه ماورو أميكوني على الالتحاق بمدرسة سان ريمو؛ وأصبح من تلك اللحظة مسؤولًا عن الصديقين. وذكر سيلونه هذا اللقاء مع من أسماه كاهن غريب:
«رغم أن دون أوريون كان في الأربعينات من عمره، وأنا لا زلت صبيًا في السادسة عشرة. في لحظة ما، أدركت شيئًا غير عادي، فقد اختفى من بيننا الفارق السني الكبير. وبدأ التحدث معي حول مسائل خطيرة، ليست بالمسائل السطحية أو الشخصية، بل كانت قضايا رئيسية، ولكن بشكل عام، أرى أنه من الخطأ ألا يفكر الكبار في مناقشة تلك الأمور معنا نحن الصغار، أو أنهم انوا يكتفون بالإشارة إليها بنبرة توجيهية كاذبة. وعلى العكس من ذلك، فقد أرتأيت ان هذا الرجل كان يتحدث معي بتلقائية وبساطة، برأيي لم أكن أعرف المساواة من قبل، كان الرجل يوجه لي بعض الأسئلة ويطلب منى أن أشرح له بعض الأمور، وأن أجيبه بتلقائية وبساطة دون أن يكلفني أي عناء.
دون لويجي أوريون.
في السنة التالية، انتقل سيلونه من سان ريمو إلى مدرسة سان بروسبيرو بريدجو كالابريا،
التي كان يدريها دون أوريون، بسبب سوء حالته الصحية، إضافة إلى شخصيته المضطربة غير المنصاعة للنظام. وقد شارك سيلونه أثناء زياراته المتكررة إلى بيشينا بعدة نشاطات في البلدة، التي كان يعاني سكانها من مشاكل اجتماعية، ولا سيما في منطقة الزلزال. شارك سيلونه في إحدى الثورات الصغيرة التي كانت قد نشبت في منطقة ماريسكا بإقليم أبروتسو كنوع من المقاومة ضد قوات الدرك الوطني الإيطالية، التي أتت للقبض على ثلاثة جنود لأسباب تتعلق بالغيرة، مما اضطره إلى دفع ألف ليرة غرامة لإصلاح ما تم تخريبه. وفي الوقت ذاته، لم تنقطع علاقته مع الكاهن، الذي اهتم أيضًا برعاية شقيقه الأصغر رومولو والحقه بمدرسة تورتونا في مقاطعة ألساندريا في إقليم بييمونتي، وكان يتبادل معه الخطابات.
تعليق