لعبة المُحاكاة The Imitation Game
هادي ياسين
يقالأن شعار شركة ( أپل apple ) للحاسوب مستوحىً من التفاحة التي قضمها " آلان تورنگ " في السابع من يونيو/ حزيران 1954 ، و كانت مسمومة بمادة سيانيد الپوتاسيوم .. فمات منتحراً ، بعد اتهامه بالمثلية الجنسية التي كانت تُعتبر مرضاً نفسياً و خرقاً صارخاً للأعراف الإجتماعية و الدينية في بريطانيا .. ذلك الوقت . و كان القضاء البريطاني قد خيّره بين الحكم عليه بالسَجن أو خــَـصيـهِ كيميائياً عن طريق حَقنه بهرمونات أنثوية ، فاختار الخيار الأول ، غير أنه انتحر في السجن بقضمه تفاحة ً مسمومة بالسيانيد ، ولكن عند تشريح جثته تبيّن أنه مات بفعل استنشاق السيانيد أكثر من قضمه تلك التفاحة .
غير أن شركة ( أپل ) ترفض الربط بين شعارها المعروف ( التفاحة المقضومة ) و بين التفاحة القاتلة التي قضمها مؤسس علم الحاسوب البريطاني " آلان تورن" آلان تورنگ " المولود في 23 يونيو/ حزيران عام 1912 . ولكن ــ من الناحية الفنية ــ فإن الربط بين شعار ( التفاحة المقضومة ) لشركة ( أپل ) و بين واقعة إنتحار مؤسس الحاسوب الذي انتحر بواسطة التفاحة ، هو ربط مقبول ، أكانت الشركة قد قبلته أم رفضته . غير أنه ، ربما كان " ستيف جوبز " ( 1955 ــ 2011 ) ، مؤسس الشركة قد أخذ سر شعارها معه ، و تركه عرضة ً للجدل .
فيلم ( لعبة المُحاكاة ) الذي أخرجه " مورتين تيلدوم " يتناول قصة هذا العالم الإنجليزي " آلان تورنگ " الذي اشتهر كمؤسس لعلم الحاسوب و كعالم رياضيات و مفكك شفرات سرية ، و هو الذي استطاع فك ما سُميت بـشفرة ( إنجما ) النازية ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، حين كان رئيساً للقسم المسؤول عن فك شفرات البحرية الآلمانية ، الأمر الذي قاد الى انتصار جيوش الحلفاء على آلمانيا .
و قصة الفيلم مقتبسة من كتاب ألفه عالم الرياضيات " أندرو هوتجز " بعنوان ( آلان تورنگ : اللغز Alan Turing : The Enigma ) ، الذي يسلّط الضوءَ على حياة هذا العالم الفذ و منجزاته العلمية و خصوصية حياته التي انتهت بالإنتحار بعد اغفال كل ما قدمه من خدمة لبلاده و للبشرية .. و التركيز على خصوصية حياته الشخصية التي هي ليست من شأن أحد .
و مع أن الفيلم انتاج بريطاني / أمريكي إلا أنه ذو طابع و بصمة و مسحة و روح بريطانية محض ، ابتداءً من موضوع الفيلم و مروراً بالإخراج و انتهاءً بكادر التمثيل البريطاني المكوّن من : " بينيديكت كامبرباچ " و " كيرا نايتلي " و " ماثيو جوود " و " چارلز دانس " .
و يُصنّف فيلم ( لعبة التزييف ) ، و طوله ساعة و 54 دقيقة ، كفيلم سيرة ذاتية و ذي مسحة تاريخية ، و قد حصل على تقييم عالٍ من قبل مواقع تقييم الأفلام و النقاد و الجمهور ، و كان قد شارك في مهرجان توروتنو السينمائي الدولي في دورته 39 و فاز بجائزة ( اختيار الجمهور ) التي تعتبر أهم جائزة في المهرجان ، كما شارك في مهرجان ( تيلوريدا ) الأمريكي ، و حصل على تقييم إيجابي من النقاد .
و عنوان الفيلم مستوحى من فكرة ما سُمّي بـ ( إختبار تورنگ ) و هو اختبارٌ يحدّد ما اذا كان الحاسوب قادراً على التفكير بذات طريقة تفكير الإنسان .
و قد دخل الفيلم منافسات أوسكار 2015 و خرج بجائزة أفضل سيناريو مقتبَس . فيما لم تفز " كيرا نايتلي " بجائزة أفضل ممثلة في دور مساعد التي ترشحت لها عن دورها في هذا الفيلم . لكن المنافسة كانت شديدة على جائزة أفضل ممثل في دور رئيس بين بطل الفيلم " بينيديكت كامبرباچ " الذي لعب دور " آلان تورنگ " و بين مواطنه " ايدي ريدماين " عن تمثيله شخصية العالم البريطاني " ستيفن هاوكينغ " في فيلم ( نظرية كل شيء ) و الذي ذهبت الجائزة اليه .
بالنسبة لمثلية العالم " تورنگ " فقد تم اكتشافها إثر سرقة شقته عام 1952 ، و عند التحقيقات تبين أن له عشيقاً كان يعاشره ، و هذا العشيق هو الذي قام بسرقة الشقة ، فانتشر الخبر و حصلت الفضيحة التي قادت في النهاية الى محاكمته و الحكم عليه أما بالخَصي أو بالسَجن ، و بهذا فقد إتّبع الإنجليز أعرافهم الاجتماعية و الدينية و تنكروا للخدمة الجلّى التي قدمها " آلان تورنگ " للعالم من جهة علم الحاسوب و تنكروا لفضله في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بعد أن حل لغز الشفرة العلمية العسكرية الإستخبارتية الآلمانية ( إنجما ) التي معناها : ( لغز ) .
لكن البريطانيين أدركوا قيمته متأخرين فوضعوا صورته على فئة من العملة البريطانية لاحقاً . و عام 1966 أُسِّست جائزةٌ بإسمه من قِبل رابطة ACM للحاسوب ، و تُمنح للمتميزين في علم الحاسبات فقط ، و بعد أن كان المبلغُ المُضاف للجائزة 250 ألف دولار أمريكي ، أصبح ــ اعتباراً من عام 2014 ــ مليونَ دولار .. بدعمٍ مالي من شركة ( غوغل ) .
و جاء هذا الفيلم المُنتَج عام 2014 بمثابة تحية تعظيم لروح العالم الفذ " ألان تورنگ " بمناسبة مرورو ستين عاماً على واقعة انتحاره في السابع من يونيو / حزيران من عام 1954 .
و قد إستوحيَ عنوانُ الفيلم من البحث الذي نشره " تورنگ " عام 1950 حول الذكاء الإصطناعي ، بعنوان ( لعبة المحاكاة ) و الذي حاول من خلاله البحث عن إجابة للسؤال : ( هل باستطاعة الآلة أن تفكر ؟ ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/430618118776
هادي ياسين
يقالأن شعار شركة ( أپل apple ) للحاسوب مستوحىً من التفاحة التي قضمها " آلان تورنگ " في السابع من يونيو/ حزيران 1954 ، و كانت مسمومة بمادة سيانيد الپوتاسيوم .. فمات منتحراً ، بعد اتهامه بالمثلية الجنسية التي كانت تُعتبر مرضاً نفسياً و خرقاً صارخاً للأعراف الإجتماعية و الدينية في بريطانيا .. ذلك الوقت . و كان القضاء البريطاني قد خيّره بين الحكم عليه بالسَجن أو خــَـصيـهِ كيميائياً عن طريق حَقنه بهرمونات أنثوية ، فاختار الخيار الأول ، غير أنه انتحر في السجن بقضمه تفاحة ً مسمومة بالسيانيد ، ولكن عند تشريح جثته تبيّن أنه مات بفعل استنشاق السيانيد أكثر من قضمه تلك التفاحة .
غير أن شركة ( أپل ) ترفض الربط بين شعارها المعروف ( التفاحة المقضومة ) و بين التفاحة القاتلة التي قضمها مؤسس علم الحاسوب البريطاني " آلان تورن" آلان تورنگ " المولود في 23 يونيو/ حزيران عام 1912 . ولكن ــ من الناحية الفنية ــ فإن الربط بين شعار ( التفاحة المقضومة ) لشركة ( أپل ) و بين واقعة إنتحار مؤسس الحاسوب الذي انتحر بواسطة التفاحة ، هو ربط مقبول ، أكانت الشركة قد قبلته أم رفضته . غير أنه ، ربما كان " ستيف جوبز " ( 1955 ــ 2011 ) ، مؤسس الشركة قد أخذ سر شعارها معه ، و تركه عرضة ً للجدل .
فيلم ( لعبة المُحاكاة ) الذي أخرجه " مورتين تيلدوم " يتناول قصة هذا العالم الإنجليزي " آلان تورنگ " الذي اشتهر كمؤسس لعلم الحاسوب و كعالم رياضيات و مفكك شفرات سرية ، و هو الذي استطاع فك ما سُميت بـشفرة ( إنجما ) النازية ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، حين كان رئيساً للقسم المسؤول عن فك شفرات البحرية الآلمانية ، الأمر الذي قاد الى انتصار جيوش الحلفاء على آلمانيا .
و قصة الفيلم مقتبسة من كتاب ألفه عالم الرياضيات " أندرو هوتجز " بعنوان ( آلان تورنگ : اللغز Alan Turing : The Enigma ) ، الذي يسلّط الضوءَ على حياة هذا العالم الفذ و منجزاته العلمية و خصوصية حياته التي انتهت بالإنتحار بعد اغفال كل ما قدمه من خدمة لبلاده و للبشرية .. و التركيز على خصوصية حياته الشخصية التي هي ليست من شأن أحد .
و مع أن الفيلم انتاج بريطاني / أمريكي إلا أنه ذو طابع و بصمة و مسحة و روح بريطانية محض ، ابتداءً من موضوع الفيلم و مروراً بالإخراج و انتهاءً بكادر التمثيل البريطاني المكوّن من : " بينيديكت كامبرباچ " و " كيرا نايتلي " و " ماثيو جوود " و " چارلز دانس " .
و يُصنّف فيلم ( لعبة التزييف ) ، و طوله ساعة و 54 دقيقة ، كفيلم سيرة ذاتية و ذي مسحة تاريخية ، و قد حصل على تقييم عالٍ من قبل مواقع تقييم الأفلام و النقاد و الجمهور ، و كان قد شارك في مهرجان توروتنو السينمائي الدولي في دورته 39 و فاز بجائزة ( اختيار الجمهور ) التي تعتبر أهم جائزة في المهرجان ، كما شارك في مهرجان ( تيلوريدا ) الأمريكي ، و حصل على تقييم إيجابي من النقاد .
و عنوان الفيلم مستوحى من فكرة ما سُمّي بـ ( إختبار تورنگ ) و هو اختبارٌ يحدّد ما اذا كان الحاسوب قادراً على التفكير بذات طريقة تفكير الإنسان .
و قد دخل الفيلم منافسات أوسكار 2015 و خرج بجائزة أفضل سيناريو مقتبَس . فيما لم تفز " كيرا نايتلي " بجائزة أفضل ممثلة في دور مساعد التي ترشحت لها عن دورها في هذا الفيلم . لكن المنافسة كانت شديدة على جائزة أفضل ممثل في دور رئيس بين بطل الفيلم " بينيديكت كامبرباچ " الذي لعب دور " آلان تورنگ " و بين مواطنه " ايدي ريدماين " عن تمثيله شخصية العالم البريطاني " ستيفن هاوكينغ " في فيلم ( نظرية كل شيء ) و الذي ذهبت الجائزة اليه .
بالنسبة لمثلية العالم " تورنگ " فقد تم اكتشافها إثر سرقة شقته عام 1952 ، و عند التحقيقات تبين أن له عشيقاً كان يعاشره ، و هذا العشيق هو الذي قام بسرقة الشقة ، فانتشر الخبر و حصلت الفضيحة التي قادت في النهاية الى محاكمته و الحكم عليه أما بالخَصي أو بالسَجن ، و بهذا فقد إتّبع الإنجليز أعرافهم الاجتماعية و الدينية و تنكروا للخدمة الجلّى التي قدمها " آلان تورنگ " للعالم من جهة علم الحاسوب و تنكروا لفضله في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بعد أن حل لغز الشفرة العلمية العسكرية الإستخبارتية الآلمانية ( إنجما ) التي معناها : ( لغز ) .
لكن البريطانيين أدركوا قيمته متأخرين فوضعوا صورته على فئة من العملة البريطانية لاحقاً . و عام 1966 أُسِّست جائزةٌ بإسمه من قِبل رابطة ACM للحاسوب ، و تُمنح للمتميزين في علم الحاسبات فقط ، و بعد أن كان المبلغُ المُضاف للجائزة 250 ألف دولار أمريكي ، أصبح ــ اعتباراً من عام 2014 ــ مليونَ دولار .. بدعمٍ مالي من شركة ( غوغل ) .
و جاء هذا الفيلم المُنتَج عام 2014 بمثابة تحية تعظيم لروح العالم الفذ " ألان تورنگ " بمناسبة مرورو ستين عاماً على واقعة انتحاره في السابع من يونيو / حزيران من عام 1954 .
و قد إستوحيَ عنوانُ الفيلم من البحث الذي نشره " تورنگ " عام 1950 حول الذكاء الإصطناعي ، بعنوان ( لعبة المحاكاة ) و الذي حاول من خلاله البحث عن إجابة للسؤال : ( هل باستطاعة الآلة أن تفكر ؟ ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/430618118776