انطباعات حول المونودراما كرديف حقيقي للابداع
-سمرمحفوض
قدم الفنان والممثل المسرحي تمام العواني انطباعاته وخلاصة تجربته حول مسرح المونودراما وذلك خلال محاضرة في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص, معرفاً هذا التصنيف بأنه بات اشبه بموضة مثيرة للتجربة فالعمل في عروض المونودراما صار يغري الكثيرين بدءا من الكاتب على الممثل الذي فيها فرصة لاختبار قدراته الأدائية واستعرضاها .
مروراً بالمخرج الذي يضع كل إمكاناته في تدريب ممثل واحد مما حذا بالباحثين المسرحيين للتنظير لهذا النوع المسرحي الذي لم يكن معتنى به معرجاً على تعريف المونودراما والمونولوج وهي تعني اصطلاحاً مسرحية الممثل الواحد بمعنى ان يثقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب ع عناصر المسرحية الأخرى .وعرف العواني المونولوج هو حديث توجهه الشخصية لشخصية أخرى في المسرحية بينما المناجاة صوت داخلي وحيد , مما يعني أن المونودراما منوع مستقل من أنواع المسرح بينما المونولوج هو جزء من المسرحية وليس نوعاً منفصلاً, لذلك يصح لها أن تمتلك خصائصها ونظرياتها وليس بالضرورة أن تكون خاضعة لاشتراطات المسرحية .
وترتبط المونودراما بالأداء الفردي ويعد ثيسبيس مرجعاً متطوراً في إعطاء المسرح نفحته الأولى والتي كان يحكي بها حكايات ويشد شغف الجمهور من خلال الأقنعة والملابس والصوت والتكوين الجسماني, ومن هنا يعتبر المؤسس الأول لهذا النشاط .
الظهور الثاني للمونودراما الحديثة كان على يد الممثل والكاتب المسرحي الألماني جوهان كريستيان برانديز الذي أعاد الحياة لفن ثيسبيس واستحضره في مسرحياته, أما أول نص مسرحي يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية فيعود إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسي جان جاك روسو عام 1760 ميلادي (بجماليون), وأضاف العواني انه في عام 1855 ميلادي بدأت نصوص المونودراما تتكاثر, فكتب تشيخوف نصه (مضمار التبغ) والفرنسي جان كوكتو كتب نصه (الصوت الإنساني) وأيضاً يوجين اونيل بنصه (قبل الإفطار) بينما أضاف صموئيل بيكيت (شريط كراب الأخير) والذي اعتنى بالمونودراما ووجدها أنسب أشكال المسرح للتعبير عن العبثية التي تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعي .
لافتاً أنه على المستوى العربي يعد مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما هو الأشهر بعد حصوله على التصنيف الدولي من الهيئة العالمية للمسرح, موضحاً أن في كل بلد عربي مهرجان خاص, ففي سوريا مهرجان اللاذقية للمونودراما, أيضاً الكويت بقية الدول العربية.
وأكد العواني أن فن المونودراما من فنون الحداثة المسرحية رغم أن أشكال التعبير الإنساني التي تعد صيغة أولية للمسرح موجودة منذ القدم .
ويعود ظهورها بشكلها الحديث عربياً على العراق يوسف العاني الذي قدم أول مونودراما في المسرح العراقي والعربي في مسرحيته مجنون يتحدى القدر عام 1949 ومثلها بنفسه على مسرح معهد الفنون في عام 1950, أما أول نص مسرحي عربي مونودرامي نشر في الصحافة فهو نص (ابن زيدون في سجنه) للشاعر المصري احمد زكي, وفي عام 1954 دخلت سوريا المونودراما على يد المخرج الراحل فواز الساجر بعرضه (يوميات مجنون) عن نص لغوغل أعده الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس, وقد أكد تمام العواني أن الممثل الفلسطيني زيناتي قدسية أشهر من اشتغل على عروض المونودراما وارتبط اسمه بها, حيث قدم عدد من المسرحيات (الزبال, القيامة, حال الدنيا, أكلة لحوم البشر) وسواها للراحل ممدوح عدوان, في لبنان ارتبطت بالممثل المسرحي رفيق علي أحمد .
وفي الخليج ظهرت متأخرة قليلاً ففي الإمارات كتب الدكتور حبيب غلوم عام 1989 نصه لحظات منسية, وفي البحرين قدم ابراهيم خلفان المونودراما الأولى عطسة بو منصور بينما كانت في المملكة العربية السعوديةى من الطائف حيث قدمت جمعية الثقافة والفنون مونودراما صفعة في المرآة عام 1985 من تأليف عبد العزيز الصقعبي وإخراج عبد العزيز الراشد .وعرج العواني خلال محاضرته على إشكالية الوحدانية في المونودراما موضحاً أن الإفتتان بهذا الفن تزايد حول العالم وأغلب من قام بأدائه تسلح بفكرة اختصرها بيتر بروك الذي يرى أن المونودراما تفقد المسرح الكثير من ألقه ووجه الخاص لأنها تعتمد الممثل الواحد الذي يبنى عليه العرض بأكمله فلا تفاعل بين ممثل أول وممثل ثاني ضمن ثنائية العرض التي تؤسس لفعل درامي .
وهو ما يذهب إليه الدكتور فاضل خليل معتبر أن الوحدانية هي إشكالية محنة في فن المونودراما لكنها لا تفقدها الألق, بالحديث مع الغائب الذي يعد أهم المشكلات في مسرحيات المونودراما .
وحول خصائص المونودراما فقد أشار أنها تقترب في تقنية الكتابة من المسرحية العادية كاستهلال وحبكة رصينة وحدث متصاعد وذروة وحدث متهاو وحل , تقترب في الرؤى الخارجية واشتغالات السنوغرافيا كذلك في تقنيات أداء الممثل إلا أنها تمتلك خصائص خاصة تفترق فيها عن مسرحية متعددة الشخصيات .
وغالباً ما تكون موضوعات المونودراما مأساوية الطابع تفتح الأسئلة المصيرية الكونية والوجودية بينما الزمن ملحمي البعد ومتعدد المستويات, والمكان أيضاً متعدد المستويات, تستحضر الشخصية ملامح الأمكنة من خلال التداعيات لتميل اللغة إلى السرد وصيغة الفعل الماضي, أما الشخصيات فهي بالضرورة تعتمد على شخصية الواحد, ويقوم الصراع في الحدث الداخلي والخارجي وهي تختزل كافة تجليات وأشكال الصراع حيث تنمو حالة الوعي عبر التداعي وتبزر الحالة الوحدانية المشار إليها, ويحتاج نص المونودراما لإمكانات كاتب واسع الخيال وصاحب رؤية تمكنه من ضبط السرد والترهل الذي يمكن أن ينتج عن طبيعة اللغة..أما الإخراج فهو بحاجة إلى امتلاك قدرات خاصة للتعامل مع نص مختلف (الممثل الفرد) ورسم حركة هذه الشخصية في مساحة يملكها لوحده, ويجسد الممثل المسرحي ميزات خاصة قد لا تحتاجها المسرحية المتعددة الشخصيات فهو ممثل من نوع خاص يمتلك أدواته وهو الوسيط بين النص والجمهور الذي يحمل دلالات النص ورسالته وهو البطل الوحيد الذي يحمل عبء المسرحية ويواجه الصراعات وصولاً إلى الذروة المفترضة عبر الكلام الإيماءة الإشارة حركة الجسد الصمت والانفعال الداخلي, وهي مسؤولية كبيرة تتطلب أدوات عالية وقدرة على ضبط إيقاع العرض .وختم العواني محاضرته حول إشكالية التلقي في مسرح المونودراما والتي تنبع من خصائص ومميزات العلاقة بين المونودراما والجمهور, هذه الإشكالية تنبع من نص يتناول موضوع ليس ذي أهمية للكثيرين ربما أو لا يحمل مقومات الجمال المألوفة لكن سحر نصها وفرادته تتبع لنص متماسك ومخرج يوزع أدواته بشكل جيد وممثل ذو أداء عالي, مؤكداً أن الأصح هو من سبيقى ويترك أثر يذكره التاريخ المسرحي كما ترك فنانون أعطوا لهذا الفن من روحهم وفكرهم فأعطاهم خلود الاسم حيث أن المونودراما ليست للجميع وليست فناً سهلاً يحتمل العاديين من كتاب وممثلين بينما هي رديف حقيقي للإبداع .
والفنان تمام العواني ممثل ومخرج ومؤلف ومسرحي ورئيس نادي دوحة الميماس للموسيقا والفنون بحمص وهو عضو نقابة الفنانين واتحاد الكتاب العرب وله ستة أعمال مسرحية في فن المونودراما ومشاركات عربية بالمسرح وصدر له كتابان عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان حكايات تعرفونها والكتاب الثاني قناديل حالمة وحالياً له كتاب قيد الطبع بعنوان آخر الليل نهار.
-سمرمحفوض
قدم الفنان والممثل المسرحي تمام العواني انطباعاته وخلاصة تجربته حول مسرح المونودراما وذلك خلال محاضرة في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص, معرفاً هذا التصنيف بأنه بات اشبه بموضة مثيرة للتجربة فالعمل في عروض المونودراما صار يغري الكثيرين بدءا من الكاتب على الممثل الذي فيها فرصة لاختبار قدراته الأدائية واستعرضاها .
مروراً بالمخرج الذي يضع كل إمكاناته في تدريب ممثل واحد مما حذا بالباحثين المسرحيين للتنظير لهذا النوع المسرحي الذي لم يكن معتنى به معرجاً على تعريف المونودراما والمونولوج وهي تعني اصطلاحاً مسرحية الممثل الواحد بمعنى ان يثقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب ع عناصر المسرحية الأخرى .وعرف العواني المونولوج هو حديث توجهه الشخصية لشخصية أخرى في المسرحية بينما المناجاة صوت داخلي وحيد , مما يعني أن المونودراما منوع مستقل من أنواع المسرح بينما المونولوج هو جزء من المسرحية وليس نوعاً منفصلاً, لذلك يصح لها أن تمتلك خصائصها ونظرياتها وليس بالضرورة أن تكون خاضعة لاشتراطات المسرحية .
وترتبط المونودراما بالأداء الفردي ويعد ثيسبيس مرجعاً متطوراً في إعطاء المسرح نفحته الأولى والتي كان يحكي بها حكايات ويشد شغف الجمهور من خلال الأقنعة والملابس والصوت والتكوين الجسماني, ومن هنا يعتبر المؤسس الأول لهذا النشاط .
الظهور الثاني للمونودراما الحديثة كان على يد الممثل والكاتب المسرحي الألماني جوهان كريستيان برانديز الذي أعاد الحياة لفن ثيسبيس واستحضره في مسرحياته, أما أول نص مسرحي يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية فيعود إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسي جان جاك روسو عام 1760 ميلادي (بجماليون), وأضاف العواني انه في عام 1855 ميلادي بدأت نصوص المونودراما تتكاثر, فكتب تشيخوف نصه (مضمار التبغ) والفرنسي جان كوكتو كتب نصه (الصوت الإنساني) وأيضاً يوجين اونيل بنصه (قبل الإفطار) بينما أضاف صموئيل بيكيت (شريط كراب الأخير) والذي اعتنى بالمونودراما ووجدها أنسب أشكال المسرح للتعبير عن العبثية التي تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعي .
لافتاً أنه على المستوى العربي يعد مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما هو الأشهر بعد حصوله على التصنيف الدولي من الهيئة العالمية للمسرح, موضحاً أن في كل بلد عربي مهرجان خاص, ففي سوريا مهرجان اللاذقية للمونودراما, أيضاً الكويت بقية الدول العربية.
وأكد العواني أن فن المونودراما من فنون الحداثة المسرحية رغم أن أشكال التعبير الإنساني التي تعد صيغة أولية للمسرح موجودة منذ القدم .
ويعود ظهورها بشكلها الحديث عربياً على العراق يوسف العاني الذي قدم أول مونودراما في المسرح العراقي والعربي في مسرحيته مجنون يتحدى القدر عام 1949 ومثلها بنفسه على مسرح معهد الفنون في عام 1950, أما أول نص مسرحي عربي مونودرامي نشر في الصحافة فهو نص (ابن زيدون في سجنه) للشاعر المصري احمد زكي, وفي عام 1954 دخلت سوريا المونودراما على يد المخرج الراحل فواز الساجر بعرضه (يوميات مجنون) عن نص لغوغل أعده الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس, وقد أكد تمام العواني أن الممثل الفلسطيني زيناتي قدسية أشهر من اشتغل على عروض المونودراما وارتبط اسمه بها, حيث قدم عدد من المسرحيات (الزبال, القيامة, حال الدنيا, أكلة لحوم البشر) وسواها للراحل ممدوح عدوان, في لبنان ارتبطت بالممثل المسرحي رفيق علي أحمد .
وفي الخليج ظهرت متأخرة قليلاً ففي الإمارات كتب الدكتور حبيب غلوم عام 1989 نصه لحظات منسية, وفي البحرين قدم ابراهيم خلفان المونودراما الأولى عطسة بو منصور بينما كانت في المملكة العربية السعوديةى من الطائف حيث قدمت جمعية الثقافة والفنون مونودراما صفعة في المرآة عام 1985 من تأليف عبد العزيز الصقعبي وإخراج عبد العزيز الراشد .وعرج العواني خلال محاضرته على إشكالية الوحدانية في المونودراما موضحاً أن الإفتتان بهذا الفن تزايد حول العالم وأغلب من قام بأدائه تسلح بفكرة اختصرها بيتر بروك الذي يرى أن المونودراما تفقد المسرح الكثير من ألقه ووجه الخاص لأنها تعتمد الممثل الواحد الذي يبنى عليه العرض بأكمله فلا تفاعل بين ممثل أول وممثل ثاني ضمن ثنائية العرض التي تؤسس لفعل درامي .
وهو ما يذهب إليه الدكتور فاضل خليل معتبر أن الوحدانية هي إشكالية محنة في فن المونودراما لكنها لا تفقدها الألق, بالحديث مع الغائب الذي يعد أهم المشكلات في مسرحيات المونودراما .
وحول خصائص المونودراما فقد أشار أنها تقترب في تقنية الكتابة من المسرحية العادية كاستهلال وحبكة رصينة وحدث متصاعد وذروة وحدث متهاو وحل , تقترب في الرؤى الخارجية واشتغالات السنوغرافيا كذلك في تقنيات أداء الممثل إلا أنها تمتلك خصائص خاصة تفترق فيها عن مسرحية متعددة الشخصيات .
وغالباً ما تكون موضوعات المونودراما مأساوية الطابع تفتح الأسئلة المصيرية الكونية والوجودية بينما الزمن ملحمي البعد ومتعدد المستويات, والمكان أيضاً متعدد المستويات, تستحضر الشخصية ملامح الأمكنة من خلال التداعيات لتميل اللغة إلى السرد وصيغة الفعل الماضي, أما الشخصيات فهي بالضرورة تعتمد على شخصية الواحد, ويقوم الصراع في الحدث الداخلي والخارجي وهي تختزل كافة تجليات وأشكال الصراع حيث تنمو حالة الوعي عبر التداعي وتبزر الحالة الوحدانية المشار إليها, ويحتاج نص المونودراما لإمكانات كاتب واسع الخيال وصاحب رؤية تمكنه من ضبط السرد والترهل الذي يمكن أن ينتج عن طبيعة اللغة..أما الإخراج فهو بحاجة إلى امتلاك قدرات خاصة للتعامل مع نص مختلف (الممثل الفرد) ورسم حركة هذه الشخصية في مساحة يملكها لوحده, ويجسد الممثل المسرحي ميزات خاصة قد لا تحتاجها المسرحية المتعددة الشخصيات فهو ممثل من نوع خاص يمتلك أدواته وهو الوسيط بين النص والجمهور الذي يحمل دلالات النص ورسالته وهو البطل الوحيد الذي يحمل عبء المسرحية ويواجه الصراعات وصولاً إلى الذروة المفترضة عبر الكلام الإيماءة الإشارة حركة الجسد الصمت والانفعال الداخلي, وهي مسؤولية كبيرة تتطلب أدوات عالية وقدرة على ضبط إيقاع العرض .وختم العواني محاضرته حول إشكالية التلقي في مسرح المونودراما والتي تنبع من خصائص ومميزات العلاقة بين المونودراما والجمهور, هذه الإشكالية تنبع من نص يتناول موضوع ليس ذي أهمية للكثيرين ربما أو لا يحمل مقومات الجمال المألوفة لكن سحر نصها وفرادته تتبع لنص متماسك ومخرج يوزع أدواته بشكل جيد وممثل ذو أداء عالي, مؤكداً أن الأصح هو من سبيقى ويترك أثر يذكره التاريخ المسرحي كما ترك فنانون أعطوا لهذا الفن من روحهم وفكرهم فأعطاهم خلود الاسم حيث أن المونودراما ليست للجميع وليست فناً سهلاً يحتمل العاديين من كتاب وممثلين بينما هي رديف حقيقي للإبداع .
والفنان تمام العواني ممثل ومخرج ومؤلف ومسرحي ورئيس نادي دوحة الميماس للموسيقا والفنون بحمص وهو عضو نقابة الفنانين واتحاد الكتاب العرب وله ستة أعمال مسرحية في فن المونودراما ومشاركات عربية بالمسرح وصدر له كتابان عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان حكايات تعرفونها والكتاب الثاني قناديل حالمة وحالياً له كتاب قيد الطبع بعنوان آخر الليل نهار.