محمد فليفل
محمد فليفل (1899-1985): موسيقار لبناني وملحن ولد في بيروت ودرس فيها. ظهرت ميوله الفنية منذ الصغر متأثراً بأبيه الذي كان مؤذناً في مساجد بيروت. ذهب إلى اسطنبول 1915 ليشارك في الحرب العالمية الأولى كضابط احتياط. عين بعد انتهاء الحرب ضابطاً في الدرك اللبناني، لكنه لم يجد نفسه في هذا المجال فاستقال ليوجه اهتمامه إلى الموسيقى، وسرعان ما استطاع إثبات وجوده كملحن من خلال عدة أعمال ناجحة. اشترك 1938 في مسابقة تلحين النشيد الوطني السوري التي دعا إليها الرئيس محمد علي العابد، ورفضت لجنة التحكيم في البداية الاستماع إلى لحنه؛ لكن عندما انتشر النشيد في أنحاء سورية، رأت الحكومة أن تتبناه، وكافأت فليفل بمنحه وسام الاستحقاق. استدعي إلى العراق لتدريس الأناشيد الوطنية، ثم إلى السعودية 1950. فاز في مباراة اختيار النشيد الوطني المصري 1959 كما لحن النشيد الوطني اليمني، إضافة إلى الكثير من الأناشيد الوطنية التي لا زالت تردد في المدارس العربية، منها "نحن الشباب" و"في سبيل المجد" و"موطني" الذي أصبح النشيد الوطني العراقي وقد شاركه أخوه أحمد فليفل في هذا المجال.
الأخوان منذ الصغر
ولد الأخوان محمد وأحمد سليم فليفل أوائل القرن العشرين في محلة الأشرفية في بيروت، ختما القرآن الكريم في كتّاب الشيخ مصباح دعبول الكائن في حي آل بيضون قرب جامع الأشرفية. ثم إنتقلا إلى مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية فالمدارس السلطانية وحوض الولاية.
منحهما الله تعالى موهبة فنيّة ورثا جزءاً منها من والديهما، وتعهداها بالعلم والتدريب والمراس. كان والدهما يتمتع بحس موسيقي فطري وشعور بالكرامة العربيّة، إشترى كتاب سيرة عنترة وطلب من إبنيه قراءتها له إعجاباً منه ببطولات العرب وأمجادهم. وعندما إنتقل إلى السكن في محلة البسطة الفوقا، كان يتوجه إلى دكان زين لبيع الألبان في تلك المحلة، ويأخذ معه وعاءً خاصاً، ويقف منتظراً دوره وهو يردد:
لبنك لبنك يا لبّان طيب لبنك يا لبّان
وكان ديب صبرا، جد محمد وأحمد لأمهما، يتمتع بصوت جميل ويتولى الأذان وفرقة الإنشاد الديني في الجامع العمري الكبير، يصطحب معه حفيده محمد لحضور حفلة الإنشاد وسماع القصائد ومنها أبيات من نظم الشيخ مصطفى نجا، هذا الإستعداد الفني دفع الشقيقين فليفل إلى دراسة الموسيقى، فتابع محمد دراستها في دار المعلمين التركية، فيما كان أحمد يدرس البيانو والنوتة الموسيقية.
وكانا يحضران مع والديهما حفلات موسيقيّة، كانت تؤديها فرقة موسيقى المتصرفية التي تأتي إلى بيروت، وتعزف في منشية المتحف وفي حديقة رستم باشا بإشراف ضابط إيطالي.
إستدعي محمد خلال الحرب العالمية الأولى إلى المدرسة الحربية في اسطنبول، فوجدها فرصة سانحة لمتابعة دراسة الموسيقى في معهد الفنون التركية. فيما كانت فكرة تكوين فرقة موسيقية قد إختمرت في ذهن أحمد في بيروت، الذي كان قد تعرَّف على عدد من الشباب الملمين بالموسيقى، وما أن عاد محمد من إسطنبول حتى باشر بشراء الآلات وأسسا فرقة من ستة وعشرين شاباً، كانا يجمعانهم في حديقة بيتهما في البسطة، يعزفون الأناشيد والألحان الشائعة، ثم أخذت الفرقة للمدارس والجمعيات وفي الأعياد الشعبية، وعُرفت باسم (موسيقى الأفراح الوطنيّة).
في عام 1942م، وفي عهد الرئيسين ألفرد نقّاش وسامي الصلح، إتصل العميد سليمان نوفل بالأخوين فليفل من أجل تأسيس فرقة موسيقى عسكرية، فصدر المرسوم رقم 6439 بتاريخ 1 أكتوبر 1942م بتأسيس موسيقى الدرك.
إشتهر الأخوان فليفل بأنهما لحنا أكثر من ألف قصيدة في موضوعات وطنيّة وقوميّة وإجتماعيّة وتربويّة، لشعراء وأدباء من مختلف أرجاء الوطن العربي. مثل الأخطل الصغير (بشارة الخوري) وعمر فروخ وفخري البارودي وجورج غريب وإبراهيم طوقان ومحمد يُوسُف حمّود وشبلي الملاط وعمر أبو ريشة وسعيد عقل وعبد الرحيم قليلات وغيرهم. ولم يفرقا بين دين وآخر، بل كانا رسل سلام ومحبة وخير للمجتمع، لحنا قصائد بمدح النبي والمسيح والعذراء مريم.
تعرَّض الأخوان فليفل إلى معارك عنيفة مع سلطات الإنتداب. فقد وضعا لحناً يتغنّى بالوطن الأكبر، فطردا من وظيفتهما، ثم أعيدا إليها بعد تدخل الشيخ محمد الجسر وجبران التويني والرئيس شارل دباس، وفي سنة 1939 لحنا نشيد العلى للعرب من نظم الشاعر المصري عبد الحميد زيدان ، فهددتهما حكومة الإنتداب الفرنسي بالكف عن تلحين مثل هذه الأناشيد تحت طائلة النفي إلى معتقل المية ومية ورحّلت الشاعر عبد الحميد زيدان.
كان أول نشيد لحناه في العشرينات من نظم مختار التنير:
سوريا يا ذات المجـد والعزة في ماضي العهد
إن كنت لنا أهنى مهد فثراك لنا أهنى لحــد
ولحنا نشيد الشهداء الذي نظَّمه الشاعر الشهيد عمر حمد:
نحن أبناء الألــى شادوا مجداً وعلا 'نسل قحطان فأصلا ليس نرضي الأسر
كان الشاعر عبد الرحيم قليلات من أول من شجع الأخوين فليفل ونظَّم لهما عدة قصائد وأناشيد منها نشيد المدارس :
تعهدي دروسنا وبيضي طروسنا
وهذبي نفوسنا وروضي البـدن
وضع الأخوان فليفل للجيش اللبناني عدة مارشات ومعزوفات للطبول والأبواق والتشريفات والثكنات، حلّت محل الألحان الفرنسيّة، ولا تزال موسيقى الدرك والجيش اللبناني تعزف ألحانهما حتى الآن.
إرتبط اسم فليفل بالألحان الوطنية والقومية في الوطن العربي.
محمد فليفل (1899-1985): موسيقار لبناني وملحن ولد في بيروت ودرس فيها. ظهرت ميوله الفنية منذ الصغر متأثراً بأبيه الذي كان مؤذناً في مساجد بيروت. ذهب إلى اسطنبول 1915 ليشارك في الحرب العالمية الأولى كضابط احتياط. عين بعد انتهاء الحرب ضابطاً في الدرك اللبناني، لكنه لم يجد نفسه في هذا المجال فاستقال ليوجه اهتمامه إلى الموسيقى، وسرعان ما استطاع إثبات وجوده كملحن من خلال عدة أعمال ناجحة. اشترك 1938 في مسابقة تلحين النشيد الوطني السوري التي دعا إليها الرئيس محمد علي العابد، ورفضت لجنة التحكيم في البداية الاستماع إلى لحنه؛ لكن عندما انتشر النشيد في أنحاء سورية، رأت الحكومة أن تتبناه، وكافأت فليفل بمنحه وسام الاستحقاق. استدعي إلى العراق لتدريس الأناشيد الوطنية، ثم إلى السعودية 1950. فاز في مباراة اختيار النشيد الوطني المصري 1959 كما لحن النشيد الوطني اليمني، إضافة إلى الكثير من الأناشيد الوطنية التي لا زالت تردد في المدارس العربية، منها "نحن الشباب" و"في سبيل المجد" و"موطني" الذي أصبح النشيد الوطني العراقي وقد شاركه أخوه أحمد فليفل في هذا المجال.
الأخوان منذ الصغر
ولد الأخوان محمد وأحمد سليم فليفل أوائل القرن العشرين في محلة الأشرفية في بيروت، ختما القرآن الكريم في كتّاب الشيخ مصباح دعبول الكائن في حي آل بيضون قرب جامع الأشرفية. ثم إنتقلا إلى مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية فالمدارس السلطانية وحوض الولاية.
منحهما الله تعالى موهبة فنيّة ورثا جزءاً منها من والديهما، وتعهداها بالعلم والتدريب والمراس. كان والدهما يتمتع بحس موسيقي فطري وشعور بالكرامة العربيّة، إشترى كتاب سيرة عنترة وطلب من إبنيه قراءتها له إعجاباً منه ببطولات العرب وأمجادهم. وعندما إنتقل إلى السكن في محلة البسطة الفوقا، كان يتوجه إلى دكان زين لبيع الألبان في تلك المحلة، ويأخذ معه وعاءً خاصاً، ويقف منتظراً دوره وهو يردد:
لبنك لبنك يا لبّان طيب لبنك يا لبّان
وكان ديب صبرا، جد محمد وأحمد لأمهما، يتمتع بصوت جميل ويتولى الأذان وفرقة الإنشاد الديني في الجامع العمري الكبير، يصطحب معه حفيده محمد لحضور حفلة الإنشاد وسماع القصائد ومنها أبيات من نظم الشيخ مصطفى نجا، هذا الإستعداد الفني دفع الشقيقين فليفل إلى دراسة الموسيقى، فتابع محمد دراستها في دار المعلمين التركية، فيما كان أحمد يدرس البيانو والنوتة الموسيقية.
وكانا يحضران مع والديهما حفلات موسيقيّة، كانت تؤديها فرقة موسيقى المتصرفية التي تأتي إلى بيروت، وتعزف في منشية المتحف وفي حديقة رستم باشا بإشراف ضابط إيطالي.
إستدعي محمد خلال الحرب العالمية الأولى إلى المدرسة الحربية في اسطنبول، فوجدها فرصة سانحة لمتابعة دراسة الموسيقى في معهد الفنون التركية. فيما كانت فكرة تكوين فرقة موسيقية قد إختمرت في ذهن أحمد في بيروت، الذي كان قد تعرَّف على عدد من الشباب الملمين بالموسيقى، وما أن عاد محمد من إسطنبول حتى باشر بشراء الآلات وأسسا فرقة من ستة وعشرين شاباً، كانا يجمعانهم في حديقة بيتهما في البسطة، يعزفون الأناشيد والألحان الشائعة، ثم أخذت الفرقة للمدارس والجمعيات وفي الأعياد الشعبية، وعُرفت باسم (موسيقى الأفراح الوطنيّة).
في عام 1942م، وفي عهد الرئيسين ألفرد نقّاش وسامي الصلح، إتصل العميد سليمان نوفل بالأخوين فليفل من أجل تأسيس فرقة موسيقى عسكرية، فصدر المرسوم رقم 6439 بتاريخ 1 أكتوبر 1942م بتأسيس موسيقى الدرك.
إشتهر الأخوان فليفل بأنهما لحنا أكثر من ألف قصيدة في موضوعات وطنيّة وقوميّة وإجتماعيّة وتربويّة، لشعراء وأدباء من مختلف أرجاء الوطن العربي. مثل الأخطل الصغير (بشارة الخوري) وعمر فروخ وفخري البارودي وجورج غريب وإبراهيم طوقان ومحمد يُوسُف حمّود وشبلي الملاط وعمر أبو ريشة وسعيد عقل وعبد الرحيم قليلات وغيرهم. ولم يفرقا بين دين وآخر، بل كانا رسل سلام ومحبة وخير للمجتمع، لحنا قصائد بمدح النبي والمسيح والعذراء مريم.
تعرَّض الأخوان فليفل إلى معارك عنيفة مع سلطات الإنتداب. فقد وضعا لحناً يتغنّى بالوطن الأكبر، فطردا من وظيفتهما، ثم أعيدا إليها بعد تدخل الشيخ محمد الجسر وجبران التويني والرئيس شارل دباس، وفي سنة 1939 لحنا نشيد العلى للعرب من نظم الشاعر المصري عبد الحميد زيدان ، فهددتهما حكومة الإنتداب الفرنسي بالكف عن تلحين مثل هذه الأناشيد تحت طائلة النفي إلى معتقل المية ومية ورحّلت الشاعر عبد الحميد زيدان.
كان أول نشيد لحناه في العشرينات من نظم مختار التنير:
سوريا يا ذات المجـد والعزة في ماضي العهد
إن كنت لنا أهنى مهد فثراك لنا أهنى لحــد
ولحنا نشيد الشهداء الذي نظَّمه الشاعر الشهيد عمر حمد:
نحن أبناء الألــى شادوا مجداً وعلا 'نسل قحطان فأصلا ليس نرضي الأسر
كان الشاعر عبد الرحيم قليلات من أول من شجع الأخوين فليفل ونظَّم لهما عدة قصائد وأناشيد منها نشيد المدارس :
تعهدي دروسنا وبيضي طروسنا
وهذبي نفوسنا وروضي البـدن
وضع الأخوان فليفل للجيش اللبناني عدة مارشات ومعزوفات للطبول والأبواق والتشريفات والثكنات، حلّت محل الألحان الفرنسيّة، ولا تزال موسيقى الدرك والجيش اللبناني تعزف ألحانهما حتى الآن.
إرتبط اسم فليفل بالألحان الوطنية والقومية في الوطن العربي.