الشاعر السوري منذر مصري: لا أستطيع مغادرةَ الأغني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعر السوري منذر مصري: لا أستطيع مغادرةَ الأغني


    حوار مع منذر مصري: لا أستطيع مغادرةَ الأغني



    المحاور/ة :

    هنادي زرقه



    يقول منذر مصري في قصيدته "لا أستطيع مغادرة الأغنية،" ضمن مجموعته الشاي ليس بطيئًا (دار رياض الريّس، 2004):

    "المقارنة بين اللّاذقية وباريس

    لن تكون لصالحِ باريس!

    ليس لكوني طمّاعًا ولا حدودَ لقناعتي...

    بل أيضًا كما تقولين: أن نحبَّ شيءٌ، وأن نقعَ في الحبِّ شيءٌ آخر..."

    بقي منذر في اللاذقيّة ولم يغادرْها، كما فعل أصدقاؤه وإخوتُه وأبناؤه، على الرغم من أهوالِ ما مرّت به سوريا في السنوات الستّ الأخيرة، ليكتبَ فيما بعد مقالةً بعنوان "سنبقى ولو سقطت السماءُ فوق رؤوسنا."

    منذر، الشاعر والرسّام الذي وُلِد في اللاذقية، وكبر مع أشجارها، ما زال يذهب إلى البحر، ويجمع أصدقاءه ليشاهدوا فيلمًا ما ويستمعون إلى الموسيقى. يقول: "رحل أناسٌ جميلون وبقي أناسٌ كثرٌ جميلون أيضًا."

    ***

    * وُلدتَ في اللاذقية وبقيتَ فيها، على الرغم من أنّ إخوتَك وأبناءك، وربّما جميع أصدقائك، ما عادوا فيها، مردّدًا "لا أستطيع مغادرة الأغنية!" أيّ أغنية؟

    ـــ الأغنية التي أسمعُها الآن... ذاتها. آخر مرّة وقفتُ على الحاجر ونسيتُ أن أطفئ أو أخفضَ صوتَ مسجّلة السيّارة. سألني العسكريّ: "ماذا تسمع؟ ما هذا؟" قلتُ له: "مجرّد أغنية في الراديو." أمرني: "أَطفِئها." كانت للبيتلز. والمصادفة أنّ الأغنية تقول:

    "هناك أمكنةٌ في حياتي أتذكّرها
    بعضُها تغيّر... ليس إلى الأفضل
    وبعضُها مضى وبعضُها بقي.
    جميعُها كانت لها لحظاتُها
    مع عشّاقٍ وأصدقاء أستطيع تذكّرَهم
    بعضُهم مضى وبعضُهم بقي.
    في حياتي أحببتُهم جميعًا."
    صديقتي: أقول لك ــــ للمرّة لا أدري كم، ولكنْ لن تكون الأخيرةَ على ما آمل ــــ إنّ اللاذقيّة أعطتني كلَّ شيء، كلَّ شيء. ولستُ من الجحود بما يكفي لكي أنسى ذلك، أو لكي لا أباليَ به. نعم، تغيّرت اللاذقيّة. تغيّرتْ معالمُ كثيرةٌ فيها، لكنْ ــــ كما تقول أغنيةُ البيتلز ــــ "ليس إلى الأفضل." غير أنّني أعلم أنّ التغيير شيءٌ لا يمكن الوقوفُ في وجهه، مهما كنّا. حتى الطغاة يتعذّر عليهم ذلك.

    وأظنّكِ تذْكرين، في قصيدةٍ أخرى عنوانُها "سأحبُّك وأنا تراب" (وهي من المجموعة نفسها) أنّ هناك سطرًا يقول: "شرطُ الحبّ أن تحبّ، وأن تعْلم أنّ مَن تحبّه يتغيّر ويتبدّل، ويومًا لا يعود هو هو."

    * كيف خطر لك أن تُصدر كتابًا بعنوان أنذرتُك بحمامةٍ بيضاء (مع أختك مرام مصري وصديقك الراحل محمد سيدة)؟ ولماذا اخترتَ له عنوانًا ليس من إحدى قصائدك؟

    ــــ فكرةٌ لا أستطيع أن أقول إنّ أحدًا لم يسبقني إليها: شيءٌ رائعٌ أن أكون مع أناسٍ أُحبُّهم. لطالما وجدتُ معنى حياتي في شيءٍ كهذا. لولا أنذرتك بحمامة بيضاء، لما عادت مرام إلى كتابة الشعر بعد هجره 16 سنةً! أمّا العنوان، فهو لثالثنا، محمّد سيدة، اخترتُه لأنّني وجدتُه ملائمًا لفكرة الكتاب؛ فالكتاب نفسُه إنذارٌ بحمامةٍ بيضاء، إنذارٌ بالشعر. إلّا أنّ محمّدًا لامني على هذا، واعتبره استخدامًا!

    * لا تدخّن، لا تشرب، لا تسهر، تحافظ على أناقتك طوال الوقت. كأنّكَ تريد أن تقدّم صورةً مغايرةً للصورة النمطيّة عن "الشعراء"؟

    ـــ ربّما هذا كان كلَّ ما يهمُّني في بداية تجربتي: أن أقدِّم اقتراحًا جديدًا للشعْر والشاعر. ولا أدري مدى نجاحي في شيءٍ كهذا. أمّا أنّني لا أدخّن ولا أشرب ولا أسهر، فما أدراكِ ما أفعل من موبقاتٍ أشدَّ وطأةً، بمئات المرات، من كلِّ ما ذكرتِ!؟











    حوار مع منذر مصري: لا أستطيع مغادرةَ الأغنية

    12-03-2018

    whatsapp





    الكاتب/ـة :

    منذر مصري



    المحاور/ة :

    هنادي زرقه



    يقول منذر مصري في قصيدته "لا أستطيع مغادرة الأغنية،" ضمن مجموعته الشاي ليس بطيئًا (دار رياض الريّس، 2004):

    "المقارنة بين اللّاذقية وباريس

    لن تكون لصالحِ باريس!

    ليس لكوني طمّاعًا ولا حدودَ لقناعتي...

    بل أيضًا كما تقولين: أن نحبَّ شيءٌ، وأن نقعَ في الحبِّ شيءٌ آخر..."

    بقي منذر في اللاذقيّة ولم يغادرْها، كما فعل أصدقاؤه وإخوتُه وأبناؤه، على الرغم من أهوالِ ما مرّت به سوريا في السنوات الستّ الأخيرة، ليكتبَ فيما بعد مقالةً بعنوان "سنبقى ولو سقطت السماءُ فوق رؤوسنا."

    منذر، الشاعر والرسّام الذي وُلِد في اللاذقية، وكبر مع أشجارها، ما زال يذهب إلى البحر، ويجمع أصدقاءه ليشاهدوا فيلمًا ما ويستمعون إلى الموسيقى. يقول: "رحل أناسٌ جميلون وبقي أناسٌ كثرٌ جميلون أيضًا."

    ***

    * وُلدتَ في اللاذقية وبقيتَ فيها، على الرغم من أنّ إخوتَك وأبناءك، وربّما جميع أصدقائك، ما عادوا فيها، مردّدًا "لا أستطيع مغادرة الأغنية!" أيّ أغنية؟

    ـــ الأغنية التي أسمعُها الآن... ذاتها. آخر مرّة وقفتُ على الحاجر ونسيتُ أن أطفئ أو أخفضَ صوتَ مسجّلة السيّارة. سألني العسكريّ: "ماذا تسمع؟ ما هذا؟" قلتُ له: "مجرّد أغنية في الراديو." أمرني: "أَطفِئها." كانت للبيتلز. والمصادفة أنّ الأغنية تقول:

    "هناك أمكنةٌ في حياتي أتذكّرها
    بعضُها تغيّر... ليس إلى الأفضل
    وبعضُها مضى وبعضُها بقي.
    جميعُها كانت لها لحظاتُها
    مع عشّاقٍ وأصدقاء أستطيع تذكّرَهم
    بعضُهم مضى وبعضُهم بقي.
    في حياتي أحببتُهم جميعًا."
    صديقتي: أقول لك ــــ للمرّة لا أدري كم، ولكنْ لن تكون الأخيرةَ على ما آمل ــــ إنّ اللاذقيّة أعطتني كلَّ شيء، كلَّ شيء. ولستُ من الجحود بما يكفي لكي أنسى ذلك، أو لكي لا أباليَ به. نعم، تغيّرت اللاذقيّة. تغيّرتْ معالمُ كثيرةٌ فيها، لكنْ ــــ كما تقول أغنيةُ البيتلز ــــ "ليس إلى الأفضل." غير أنّني أعلم أنّ التغيير شيءٌ لا يمكن الوقوفُ في وجهه، مهما كنّا. حتى الطغاة يتعذّر عليهم ذلك.

    وأظنّكِ تذْكرين، في قصيدةٍ أخرى عنوانُها "سأحبُّك وأنا تراب" (وهي من المجموعة نفسها) أنّ هناك سطرًا يقول: "شرطُ الحبّ أن تحبّ، وأن تعْلم أنّ مَن تحبّه يتغيّر ويتبدّل، ويومًا لا يعود هو هو."

    * كيف خطر لك أن تُصدر كتابًا بعنوان أنذرتُك بحمامةٍ بيضاء (مع أختك مرام مصري وصديقك الراحل محمد سيدة)؟ ولماذا اخترتَ له عنوانًا ليس من إحدى قصائدك؟

    ــــ فكرةٌ لا أستطيع أن أقول إنّ أحدًا لم يسبقني إليها: شيءٌ رائعٌ أن أكون مع أناسٍ أُحبُّهم. لطالما وجدتُ معنى حياتي في شيءٍ كهذا. لولا أنذرتك بحمامة بيضاء، لما عادت مرام إلى كتابة الشعر بعد هجره 16 سنةً! أمّا العنوان، فهو لثالثنا، محمّد سيدة، اخترتُه لأنّني وجدتُه ملائمًا لفكرة الكتاب؛ فالكتاب نفسُه إنذارٌ بحمامةٍ بيضاء، إنذارٌ بالشعر. إلّا أنّ محمّدًا لامني على هذا، واعتبره استخدامًا!

    * لا تدخّن، لا تشرب، لا تسهر، تحافظ على أناقتك طوال الوقت. كأنّكَ تريد أن تقدّم صورةً مغايرةً للصورة النمطيّة عن "الشعراء"؟

    ـــ ربّما هذا كان كلَّ ما يهمُّني في بداية تجربتي: أن أقدِّم اقتراحًا جديدًا للشعْر والشاعر. ولا أدري مدى نجاحي في شيءٍ كهذا. أمّا أنّني لا أدخّن ولا أشرب ولا أسهر، فما أدراكِ ما أفعل من موبقاتٍ أشدَّ وطأةً، بمئات المرات، من كلِّ ما ذكرتِ!؟

    * تقول "الشعر إمّا أن ترتدي أجملَ ثيابك، أو أن تكون عاريًا." هل الشعر ثوبٌ ما؟ أليست هذه نظرةً غريبةً إلى الشعر؟

    ـــ إنّها نظرةٌ ما، من زاويةٍ ما. ولكنْ أرجو منكِ أن تنتبهي. عندما أقول ذلك فهو لا يعني أنّ الشِّعر ثوبٌ على الإطلاق، بل هو أنت... أنت نفسك، إمّا مرتديًا ثوبًا ما أو عاريًا من الثياب. ما أخذتُه من الرسم، وأعطيتُه للشعر، هو أنّ "علينا أن نحدّق بالكلمات."

    * يقولون إنّك تكتب شعرًا بسيطًا (وأنا لا أجده بسيطًا). من أين تأتي نلك الفكرة؟

    ـــ هناك تصوّر شائع أنّ الشعر كلامٌ صعب، معقّد، يحتاج إلى قواميسَ ليُفهم تمامًا. غير أنّني أحرص على أن أستخدم كلماتٍ عاديّة، وتراكيبَ عاديّة، حتى لَيخيّل إلى كثيرين أنّني أكتب وأنا نصفُ نائم، وأنّه ليس ثمّة أسهل من كتابة شعرٍ كهذا.

    * تكتب وترسم. الرسّامون يحبّون منذر مصري الشاعر، والشعراء يحبّون منذر مصري الرسّام، كما قلتَ في السابق. ولكنْ أين تجد نفسَك؟ وهل تعتقد أنّ ثمّة مواضيعَ يعجز الشعرُ عن التعبير عنها؟

    ـــ أبحث عن نفسي فيهما كليْهما، الشعر والرسم، ولا أجدها، بل أجد أجزاءً منها، صورًا، كلمات. طبعًا يعجز الشعرُ عن أن يكون خطوطًا وألوانًا. موضوعٌ مربّع مضيء، داخل مستطيلٍ مظلم، تحتاجين من أجله إلى قماشة مشدودة وفَراشٍ وأنابيبِ ألوان، ويقوم به الرسمُ لا الشعر. لكنّ المواضيع، كمعانٍ، كمضامين، هي ذاتها في الفنّيْن (العزلة مثلًا، الحبّ، الموت).

    أرسم لأنّني، ببساطة، رسّام جيّد على ما أعتقد. وعلى الرغم من أنّني مضيتُ في طريق الشعر كلَّ هذه المسافة، فإنّه يَحصل أن يكون لديَّ ما أرغب في رسمه.

    خرج من عباءتك شعراء سوريّون كثر. وهناك شعراء وشاعرات ما زالوا يستشيرونك قبل إصدار مجموعاتهم. ماذا يعني لك هذا؟

    ـــ أنتِ تقولين "خرج من عباءتي،" أنا الذي لم ألبس عباءةً قطّ. لا صديقتي! لم يَخرج منّي إلّا أنا. وهم بدورهم لم يَخرجوا إلّا من أنفسهم. أمّا عن استشارة بعضهم، فأنا أيضًا أستشيرهم ــ ــ وهذا شيءٌ ليس بجديدٍ على الإطلاق. تعرفين ماذا فعل إزرا باوند بقصيدة ت. س. إليوت، "الأرض الخراب"؟ لا أحد اعتبر ذلك عيبًا أو نقصانًا.

    * قمتَ بتجربة منذر مصري وشركاه: أخذتَ نصوصًا لشعراء ورسّامين وقصّاصين آخرين، وربّما أناسٍ عاديّين، وصغتَها بطريقةٍ مختلفة. ماذا أردتَ من هذه التجربة، التي عرّضتْكَ لهجومٍ من بعض شركائك أنفسهم؟

    ـــ كما قلت عن أنذرتك، كانت فكرة، تجربة. على الشعر أن يجرّب أجنحتَه، ويقفزَ من أمكنةٍ شاهقة؛ فكما قلتُ في مقدّمة الكتاب، لا شيء يعكّر سطح الشعر العربيّ. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، لديّ ميْلٌ إلى المشاركة، إلى التفاعل، الذي هو في الأصل دافعي الصريح إلى الكتابة والرسم.

    أمّا التهجّمات، فهي من طبيعة أمورٍ كهذه. فالاحتكاك بالآخرين له عواقبُه دائمًا، فكيف إذا كانوا شعراء؟ لذا، أكاد أقول إنّني احتفيتُ به. إلّا أنّه، وربّما بسببه، أبطلتُ إصدارَ أجزاءٍ أخرى من منذر مصري وشركاه ــ ــ وهو أمرٌ مؤسف على الصعد كافّةً بالنسبة إليّ.

    * كان لديكَ مكتبة "فكر وفنّ." كثيرون يعترفون بأنّك علّمتهم حبَّ الموسيقى والسينما والشعر. ما الذي دفعكَ إلى تحويلها دكّانًا للأحذية؟

    ـــ أردتُ التحرّرَ منها. يجب على المرء ألّا يجعل من الأشياء التي يحبّها موردًا للرزق، وإلّا كرهها! قلتُ "موردًا للرزق،" ولكنّ الحقيقة أنّها كانت مشروعًا خاسرًا بكلّ الطرق، مادّيًّا ومعنويًّا؛ ناهيكِ بالمشاكل الأمنيّة التي سبّبتْها لي ولأخي ولزوجتي.

    ومع ذلك، فأنا أذكرُها بكثيرٍ من الحنين. كانت حلمًا تشاركته مع كثيرين ممّن ذكرتِ.

    * أما زلتَ مواظبًا على سماع الموسيقى ومشاهدة الأفلام بالشغف نفسه؟

    ـــ فاتكِ أن تذكري أنّني من مؤسّسي اللجنة الثقافيّة لنادي سينما اللاذقيّة ورئيسُها، من عام تأسيسه إلى عام إغلاقه. وهو، باعتراف الكثيرين، أهمّ تظاهرة ثقافيّة أهليّة في نهاية السبعينيّات وبداية الثمانينيّات. أمّا جوابي: فبالتأكيد ما زلتُ مواظبًا على ذلك. وما زلتُ أجمع الأصدقاءَ لقراءة الشعر وسماع الموسيقى ومشاهدة الأفلام. يحصل هذا يوميًّا. حياتي كلّها مصنوعةٌ من هذه الأمور.

    * حين اندلعت الانتفاضةُ الشعبيّة في بداية العام 2011، كنتَ من الذين أملوا في التغيير. ولكنّكَ بعد ستّ سنوات من هذا كتبتَ مقالةً بعنوان "ليتها لم تكن!" فقوبلتَ بهجومٍ لا سابق له من قبل كثيرين، ومنهم أصدقاء لك. هل مازلت تأمل في هذا التغيير؟

    ـــ نعم أملتُ وآمنتُ. كنتُ وما أزال. ما وصفتِه بـ"الانتفاضة الشعبيّة" كان كلَّ شيء؛ ليس فقط ما كتبتُ ورسمتُ، بل ما حييتُ لأجله. أمّا الهجوم على "ليتها لم تكن!" فقد كان أيضًا طبيعيًّا، إنْ لم أقل محقًّا؛ ذلك أنّه فُهم بكونه طعنًا للثورة، طعنًا لتضحيات السوريّين. بعدها كتبتُ ثلاثة مقالات أو أربعة متتالية، أحدُها ملفّ "من أين يأتي المستقبل إلى سوريا؟" وذلك بالاشتراك مع العديد من الأسماء السورية المهمّة، محاولًا، على نحوٍ مستميت، توضيحَ "زفرتي" كما أسميتُها، وتبيانَ مقصدي منها. ولا أظنُّني نجحتُ؛ فمن لم يرغبْ في فهمها منذ البداية، بشكلٍ جيّد، ما كان سينفع معه شيء بعد ذلك!
    أصدر شعراء سوريّون كثر مجموعاتٍ عن الحرب الدائرة في سوريا، لكنّك لم تفعل. هل كتبتَ ما سوف تصدره لاحقًا؟

    ـــ لم أكتب عن الحرب مباشرةً، لأنّي لم أعرفْها مباشرةً، وليست لي تجربةٌ معيشيّةٌ معها إلّا عن بعد. لكنّها تسرّبتْ ربّما إلى كلّ القصائد التي كتبتُها خلال هذه السنوات، ونشرتُ بعضَها هنا وهناك. ما فعلتُه هو أنّني كتبتُ الكثير من الموادّ؛ منها ما سمحتُ لنفسي باعتباره شعرًا، وضممتُه إلى مخطوطةٍ شعريّةٍ جديدة. كما أنّني خلال هذه السنوات أصدرتُ عددًا لا بأس به من الكتب، آخرُها حقل الفخاري، وهو عبارةٌ عن أربع مسرحيّات قصيرة ــ ــ منها اثنتان عن حياتنا في سوريتنا.
    * تربّي العصافيرَ في منزلك، ولا تطيق رؤيةَ الأقفاص خاليةً! أليس هذا تناقضًا لما تحمله من قيم الحرية؟

    ـــ في مسرحيّتي القصيرة، "المرثيّات الثلاث لموت الطائر،" المتضمّنة في كتابي الأخير حقل الفخّاري، يدافع (ا) عن ولعه بتربية العصافير كما يلي:

    "لستُ أنا مَن قال:

    لا يحتاجُ الإنسانُ لأجلِ أن يحيا سعيدًا

    لأكثرَ من كوخٍ على الشاطئ

    وأصيصِ قرنفلٍ

    وعصفورٍ في قفص.

    بل السيدُ نيكوس كازنتزاكيس،

    صاحبُ رواية الحريّةُ والموت

    نفسُه."

    ***

    "ولدتُ وعشتُ وسأموتُ في اللاذقيّة. هذا قرارٌ لا رجعة عنه. مهما كانت الظروف ومهما كانت العواقب..."

    هكذا يعنون منذر مصري صفحتَه على الفيسبوك. وهكذا هو في واقع الحال، مخلصٌ للاذقيّته، لاذقيّة الجميع.

    مجلة الاداب

يعمل...
X