خمسون عاماً على فيلم (الحي الصيني) لرومان بولانسكي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خمسون عاماً على فيلم (الحي الصيني) لرومان بولانسكي

    خمسون عاماً على فيلم (الحي الصيني) لرومان بولانسكي
    يُعد الحي الصيني (Chinatown 1974) واحداً من أهم الأفلام التي أنجزت في مرحلة قد تكون الأكثر تميزاً في هوليوود، أي سبعينات القرن المنصرم، وقد جرى إدراجه بانتظام على لائحة أفضل الأفلام في تاريخ السينما.
    والقصة التي أحاطت بإعداد وتصوير الفيلم تستحق أن تروى بالتفصيل. قصة أبطالها أربع شخصيات: جاك نيكلسون، النجم المتألق دائماً لاسيما في هذا الفيلم حيث تجلى في أفضل اللحظات إبداعاً طوال حياته المهنية. ورومان بولانسكي، الفريسة والمفترس، الذي مازالت تطارده جريمة القتل الوحشية لزوجته شارون تيت، وهو يعود للمرة الأولى من روما التي كان يقيم فيها إلى لوس أنجلس، مسرح الجريمة بعد ثلاث سنوات من مغادرتها. وروبرت إيفانز، المنتج البارع وهو على رأس شركة "باراماونت" خلال مجد "نظام الاستوديو" والذي ظهرت تحت وصايته أفلام غير عادية مثل العراب (The Godfather). وروبرت تاون (توفي في الأول من تموز/ يوليو الجاري) الممثل والمخرج الأمريكي وأحد أكثر كتاب السيناريو احتراماً في هوليوود. وقد حاز جائزة الأوسكار عن سيناريو هذا الفيلم الذي يصنف كأحد أفضل السيناريوهات الأصلية.
    هذه القصة الحقيقية المذهلة بكل تفاصيلها، بأضوائها وظلالها، تتشابك وصور هؤلاء الأربعة الذين اجتمعوا وتكاملوا مرة واحدة لصنع عمل فني شبه مثالي، في وقت كانت فيه السينما الكلاسيكية على وشك الاختفاء واستبدالها بسينما هوليوود الجديدة كما نعرفها اليوم.
    يعكس الفيلم، الذي تدور أحداثه في لوس أنجلس سنوات ثلاثينات القرن العشرين، جماليات وموضوعات الفترة التاريخية لفيلم النوار (فيلم الجريمة الأسود أو المظلم). وكان كاتب السيناريو تاون والمخرج بولانسكي اتفقا على صنع عمل يستوفي شروط الأعمال الكلاسيكية ويسعى في الوقت نفسه إلى تحديثها عبر سردية أُختبر نجاحها في العديد من الأفلام: محقق خاص، وامرأة متورطة في جريمة، وحكاية محاطة بالشكوك والألغاز.
    هذه هي عناصر الفيلم، كما كانت عناصر جميع أفلام النوار في أربعينات وخمسينات القرن العشرين رغم أن الفيلم أنتج منتصف السبعينات، ومع ظهور هوليوود جديدة، ونزعات تمرد سادت الكثير من أفلامها. ففي ذلك الوقت كان صنع فيلم يقوم على قصة كلاسيكية أمراً نادراً، وقد ينظر إليه على أنه علامة تخلف من قبل المخرجين الجدد.
    يحتوي سيناريو الفيلم على بعض الأسس الواقعية في قضية نقص المياه الذي هدد لوس أنجلس أوائل القرن العشرين، ودفع قادة المدينة إلى تحويل أنظارهم نحو "وادي أوينز" بهدف الاستيلاء على أراضيه وذلك ببناء قناة لجلب المياه، فيما كانت الحكومة الفيدرالية تعتزم إطلاق برنامج ري في الوادي من شأنه أن يجلب للمنطقة الرخاء.
    مع هذه الحكاية، يمضي الفيلم في اطار من الغموض والتعقيد حول الفكرة المهيمنة التي تحركه والمتعلقة برئيس إدارة المياه والطاقة في لوس أنجلس هوليز مولرواي (داريل زورلينغ) الذي يبدو أن لديه علاقة خارج نطاق الزواج مما يدفع زوجته ايفلين (فاي دوناواي) إلى تعيين محقق خاص هو جي جي جيتس (جاك نيكلسون) لمتابعته، لكن قصة الخيانة الزوجية ستكون مجرد قمة جبل الجليد إذ تكشف الأحداث عن شبكة فساد تؤثر على إمدادات المياه في المدينة.
    وكما هو الحال في أي فيلم نوار، تقتحم المشهد شخصية شريرة يلعب دورها هذه المرة جون هيوستن، المخرج الذي كان وراء العديد من أفلام النوار مثل الصقر المالطي (The Maltese Falcon 1941)، في دور مهندس المياه نوه كروس، بينما يلعب بولانسكي نفسه دور قاطع طريق يصيب المحقق (نيكلسون) بجرح يجبره على الظهور بضمادة على أنفه مدة نصف الفيلم تقريباً.
    تمتلك شخصية كروس خيوط القوة، وتعرف كيفية إدارتها، فاسمه وحده يولّد مزيجاً من الاحترام والخوف اللذين عرف (هيوستن) كيفية التعامل معهما. إنه يمثل الشر الجماعي، والشر العائلي، والشر الجنسي، وكلها مختبئة تحت عباءة الصدق المصطنع، والحصانة التي تمنحها السلطة والمال، وهو ذلك الرجل القادر على أن يكون مالكاً لمياه المدينة وقادراُ أيضاً على ارتكاب سفاح القربى والإفلات من العقاب.
    هذه الشخصية هي محور الأحاسيس التي يثيرها فيلم "الحي الصيني"، ومن خلالها يقدم رؤيته لعالم غارق في اليأس والقدرية. عالم يصعب فهمه على من يريد البقاء حياً.
    تجدر الاشارة إلى أن الفيلم لا علاقة له بالحي الصيني في لوس انجلس، وسمي بذلك على خلفية لقاء كاتب السيناريو روبرت تاون بضابط شرطة يعمل هناك تحدث له عن استحالة تطبيق القانون في هذا الحي مع توفر السلاح واللهجات المختلفة، فبدا الحي الصيني وما يمثله من متاهة مظلمة وكأنه استعارة مثالية للولايات المتحدة في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، التي توسع الفساد خلالها على كافة المستويات، وتم التسامح معه بموافقة صريحة.
    ـــــــــــــــــ
    مشاهدة ممتعة
    https://ok.ru/video/8148663208558
يعمل...
X