المخرج هلكوت مصطفى يوثق في فيلم"أخفاء صدام حسين" تفاصيل آخر 235 يوما من حياة صدام
معد فياض
مايزال الفيلم الوثائقي "اخفاء صدام حسين" للمخرج الكوردي هلكوت مصطفى، والذي بدأ عرضه الرسمي والجماهيري في مدن اقليم كوردستان، بداية على صالة سينما إمباير في اربيل يوم السبت 20 تموز 2024، وكذلك في السليمانية ودهوك، يثير الكثير من النقاشات، ليس بين اوساط السينمائيين او النقاد بل بين الجمهور الذي شاهد احداثه.
فمنهم من اعتبر ان الفيلم تعاطف مع الرئيس العراقي الراحل، وهناك من تفاجأ بمصيره وبالاحداث التي عاشها خلال الـ 235 يوماً الاخيرة من حياته قبل القاء القبض عليه.
الفيلم جاء مفاجئاً لغالبية توقعاتهم، وهذا ما فاجأ أو ربما لم يفاجأ المخرج هلكوت مصطفى الذي لم يخطط لان يتعاطف الجمهور مع اية شخصية بقدر ما ارادهم ان يشاهدوا ويسمعوا قصة اخفاء الرئيس صدام حسين كما رواها الفلاح علاء نامق الذي اخفى صدام، فالفيلم كما يؤكد هلكوت "عن علاء نامق وليس عن صدام حسين. كيف استطاع هذا الفلاح البسيط ان يدير عملية اخفاء الرئيس العراقي لمدة 235 يوماً والذي يبحث عنه 150 الف جندي اميركي بكل امكانياتهم العسكرية".
بداية علينا ان نوضح بأن المخرج هلكوت مصطفى اشتغل بمهنية عالية توازي مهنية مخرجي الافلام الوثائقية الغربية، فهو لم يُظهر صدام كبطل او كضحية، بالرغم من ان عائلته وشعبه الكوردي ابرز ضحايا النظام السابق، وحسب المخرج هلكوت: "انا من مدينة حلبجة التي قصفها نظام صدام حسين بالاسلحة الكيمياوية واجبرت عائلتي على الهجرة من البلد، لكن هذا موضوع آخر، انا اشتغلت على فيلم موضوعه قصة اخفاء صدام في ظروف استثنائية".
كما انه لم يهيء المتلقي لاتخاذ رأي من صدام او من بطل القصة الحقيقي علاء نامق، غير هذا والمهم ان الفيلم لا يتعلق بمحاكمة صدام حسين، الذي اعدم في 30 كانون الاول 2006. وبالتالي فهو لا يطرح موضوعة انه بريء او متهم، فممارسات صدام معروفة وهذه ليست مهمة الفيلم. بل اهتم بأن يقدم وثيقة سينمائية عن احداث تاريخية خفية ما كانت لتظهر بهذه التفاصيل لولا اقناعه للمزارع علاء نامق الذي كان بطل احداث الفيلم حيث دفع ثمن وفائه بحكم عاداته العشائرية من حريته وتم سجنه وتعذيبه في سجن ابو غريب لسبعة اشهر قاسية.
وهنا يُظهر نامق مخاوفه على عائلته، ذاكراً ان صدام كان يردد قوله بأنه قنبلة موقوتة واذا انفجر فسوف يقتل كل من حوله، ويعني اذا عرفت القوات الاميركية بمكانه فسوف يدفع علاء واهله وعشيرته الثمن، لكم نامق يؤدي واجبه كحامي لشخص لجأ اليهم لحماية حياته وهذه عادات العشائر العراقية.
هلكوت كصانع للفيلم عمل على عدم ادراج رأيه السياسي وموقفه في التعاطف مع اهله الكورد ضد نظام صدام سوى ما قاله نامق من انهم يقولون عن صدام حسين "دكتاتوري او انه قتل الكورد بالاسلحة الكيمياوية"، فهو يعيش في مزرعة بعيداً عن الاضواء والاعلام ولم يكن في العراق سوى قناة تلفزيونية رسمية واحدة (تلفزيون العراق) وهو مصدر كل الاخبار والمعلومات الرسمية، ويظهر الفيلم ثمة صور عن مذبحة حلبجة.
ويؤكد هلكوت: "في الفيلم أردت أن أكون مخرجاً فقط لا أن ألعب دوراً سياسياً"، مؤكداً أن حماسه للعمل كان نابعاً من رغبته في تقديم القصة بزاوية نظر عراقية، وليقدم رؤية نامق للقصة، إذ يؤكد هلكوت ولاكثر من مرة "هذا الفلم عن علاء نامق وليس عن صدام حسين".
يوضح مخرج فيلم "اخفاء صدام حسين" بأنه اختار هذه القصة كونها: "مهمة وغير معروفة، والناس يجهلون تفاصيل او احداث 235 يوماً منذ اختفاء صدام وحتى القاء القبض عليه، وانا باعتباري صانع فيلم وثائقي يهمني عرض الحقيقة للمتلقي كما هي وكان بامكاني ان اخرج فيلماً روائياً عن نفس القصة، لكن للفيلم الوثائقي مصداقيته".
ويبين: "أمضيت 12 سنة من حياتي لانتاج هذا الفيلم، سنتان منها لاقناع علاء ولتصوير اللقاءات معه، و10 سنوات لصناعة الفيلم"، موضحاً أنه "ومنذ ان قرأت خبر القاء القبض على صدام حيث ورد اسم علاء نامق في جريدة الواشنطن بوست فكرت بالعمل لانتاج فيلم عن قصة علاء، واجريت اتصالات كثيرة حتى توصلت اليه والتقيت به عدة مرات، المرة الاولى عام 2012، وفي مدن ودول مختلفة، بينها انقرة وأوسلو، كي اكسب ثقته ليدلي بقصته دون اي انحياز او ضغط"، منبها الى أن "علاء نامق لم يتقاضى اي فلس عن دوره في الفيلم بل كان هو من يدفع حتى اجرة سيارة التكسي في الوصول من المطار الى حيث كنا نلتقي".
نحرص هنا على عدم الاسهاب بالحديث عن تفاصيل الفيلم حتى لا نحرم المتلقي من متعة المشاهدة واكتاشف التفاصيل. تستهل احداث فيلم (اخفاء صدام حسين) بمشاهد وثائقية عن احتلال القوات الاميركية للعراق ومداهمة الجنود الاميركان لبيوت العراقيين واعتقال الرجال وسط فزع وترويع العوائل والاطفال، ومن ثم تنتقل كاميرا هلكوت الى الواقع، فنرى علاء نامق يجلس متربعاً على الارض في بيت بمنطقة قريبة من الدور حيث موقع الاحداث، فهو لم يستطع العودة الى مزرعته بعد ان تم تفجيرها وتفجير بيته، ويروي ببساطة وتلقائية الاحداث الحقيقية منذ ان قاده شقيقه للقاء صدام حسين الذي لجأ اليهم هروباً من القوات الاميركية وحتى القاء القبض عليه من قبل حشد من الجنود الاميركان المدججين باحدث الاسلحة الذين وصلوا الى مزرعته بمدرعات وتحت حماية 3 طائرات هليكوبتر حربية تحلق فوقهم.
لم يجب علاء او هلكوت عن من وشى بموقع اختفاء صدام لكننا سنشك بقريبه ومؤتمن اسراره محمد إبراهيم عمر المِسلِط، ضابط برتبة عقيد في جهاز الأمن الخاص وكان في قوة حماية صدام حسين ومقرباً منه منذ بداية الثمانينات حتى بداية الاحتلال الأميركي للعراق، وكان قد ظهر بملابس مدنية ومسلحاً الى جانب صدام حسين في آخر ظهور رسمي ومعلن له في الاعظمية بجانب الرصافة من بغداد.
واُعتقل المسلط في منطقة الدورة ليلة 12 كانون الأول سنة 2003، قُبيل الهجوم على مخبأ صدام واعتقاله يوم 12 أو 13 كانون الأول سنة 2003، غيرَ أن القوات الأميركية لم تصرّح حينئذٍ باسم الذي قالوا إنه الواشي، ولا بصفته، بل أعلنوا عن صفة الواشي بدون تسميته يومَ 26 آذار عام 2004، واصفين اياه بانه رجل في منتصِفُ العمر، ويظهر في فيلم هلكوت وعلى وجهه آثار الضرب والتعذيب، وذكر المحقق إريك مادوكس أن محمد المسلط كان رئيس عمليات مقاومة الاحتلال الأميركي أثناء اختباء صدام حسين.
كما ان الادارة الاميركية لم توضح سواء كان المسلط قد وشى بمكان اختباء صدام بسبب التعذيب الذي تلقاه على ايدي الجنود الاميركان ام انه باعه بـ 25 مليون دولار وهو ثمن المكافئة المعلنة لكل من يبلغ عن معلومات تقود للقبض على الرئيس العراقي وقتذاك.
يذكر وحسب احداث فيلم "اخفاء صدام حسين" ان صدام نفسه قد بعث بطلب المسلط واللقاء بعه وتكليفه بمهام تتعلق بالمقاومة ضد القوات الاميركية، وكذلك اصطحابه لنجلي صدام، عدي وقصي، لزيارة والدهما في المزرعة قبيل مقتلهما على ايدي القوات الاميركية.
ما كان اي عراقي او مراقب عربي او غربي للاحداث ان يتخيل ان صدام حسين بجبروته وسلطاته ان يترك قصوره الاسطورية ويلجأ الى غرفة بسيطة بل فقيرة للغاية ليعيش فيها 235 يوماً بحماية الفلاح علاء نامق الذي يؤكد بانه كان السائق والحارس والطبيب والحلاق والطباخ الخاص لصدام حسين طوال هذه الايام، حيث هو من اقترح حفر خندق صغير لاخفاء الرئيس العراقي الذي كان شاغل الدنيا ليبقيه بعيداً عن اعين القوات الاميركية.
لم يكن اقناع علاء نامق بالخروج عن صمته والادلاء بافادته امام الكاميرا امرا سهلا، لكنه ظهر ليقول الحقيقة ويبعد شبهات اوحت بخيانته لضيفه صدام حسين، وبالتالي هذا يعد حسب التقاليد العشائرية العربية عار كبير على العشيرة كلها. لكن نامق ادلى للمخرج هلكوت مصطفى وللرأي العام، وبعد صمت طويل كل التفاصيل الخاصة بالرئيس الراحل في آخر أيامه، وذلك بعد رفضه المشاركة في أي أفلام أو برامج عن تلك الفترة.
هلكوت وعلاء كانا قد اتفقا على تقديم القصة في قالب إنساني فقط لا بطل فيها وبعيداً عن الدخول في السياسة، حيث أراد علاء نامق أن يكشف في الفيلم عن صدام حسين باعتباره شخصاً حل ضيفاً على عائلته، وحسب ايضاحه "وفي العراق واجبنا هو إكرام الضيف وحمايته حتى لو كان ذلك يعني التضحية بنفسك وكل ما تملك"، وهذه الصفة الانسانية والاخلاقية التي تتمتع بها العشائر العراقية العربية والكوردية والتي اعجب بها المخرج هلكوت مصطفى. دون ان تخفي مشاهد الفيلم تعاطف نامق مع صدام حسين وانتمائه اليه وموقفه ضد الاحتلال الاميركي، فهو مجرد فلاح بسيط، حتى انه وفي نهاية احداث الفيلم يصف صدام بانه تعامل معه كصديق ولم يكن دكتاتورا، مؤكدا على جوانبه الايجابية كانسان اعتيادي ومتعاطفا معه عندما فقد نجليه عدي وقصي حيث يبكي معه ويحزن لحزنه وهذا امر طبيعي، وبالتاكيد كان كذلك لانه عاش معه ومعتمدا عليه طوال مدة اختفائه.
لكن المأخذ الرئيسي على مصداقية الفيلم هو اعتماده على شاهد واحد دون اللجوء الى أكثر من مصدر لتأكيد او نفي او الاعتراض على بعض ما ذكره علاء نامق، يقول صانع الفيلم هلكوت مصطفى "هما شاهدان على الاحداث فقط لسرية الاحداث، صدام حسين وقد ـم اعدامه، مات، وعلاء نامق، ثم اني لم اعتمد على مصادر غير مؤكدة، فخلال عشرة أعوام شاهدت 15 الف ساعة من الوثائق، وعندي سينما في البيت لاضبط الاحداث حسب هذه الوثائق حيث رتبت تقويماً (روزنامة) باحداث كل يوم من الايام الـ 235 التي عاشها علاء وصدام في المخبأ، وصورت 25 ساعة من المقابلات، وأعدت ترتيب القصة، إلى جانب التصوير في مزرعة قريبة إلى المزرعة الأصلية التي عاش فيها صدام في بلدة الدور، مع وجود جزء أرشيفي. وخلال 14 عاما من التحضيرات واجهت العديد من الصعوبات لإنتاج (إخفاء صدام حسين) والصعوبة تكمن في أن طاقم الفيلم لم يكونوا يعلموا شيئا عن الفيلم نفسه أو تفاصيله، وذلك لضمان سلامة علاء نامق وأسرته، وذلك إلى جانب الاستعانة بمستشار قانوني لضمان مسافة واحدة بين الجميع، لهذا انا كنت مخرج ومصور ومونتير الفيلم".
كان لابد ان يضمن المخرج فيلمه بمشاهد تمثيلية لدعم احداث القصة خاصة فيما يتعلق بصدام حسين، اضافة الى علاء الراوي والشاهد الاول والاساسي للاحداث وهو ليس ممثلاً، هناك الممثل الذي جسد شخصية صدام حسين الذي قال عنه هلكوت إنه لم يرغب في أن يجعله شبيها لصدام، بل كان يرغب في أن يشعر المتفرج بأنه أمام شخص يلعب شخصية صدام، وهو مقصود في العمل، لهذا استخدم لقطات بعيدة او غير واضحة لاظهاره.
وقال ياسين محمد أمين، الذي لعب دور صدام حسين في فيلم (اخفاء صدام حسين) إنه يعتبر أن هذا الفيلم من أهم الأعمال التي قام بها، مشيراً إلى أن اختياره جرى "بسبب قرب الشبه مع صدام في العيون والحواجب،"، مضيفاً أن "المشهد الذي أثر فيّ كممثل عندما نزع عنه كل الملابس والرتب العسكرية وعاد للبس الزي العربي (الدشداشة)، وما شعرت به ليس تأسفاً على نظامه بل أين كان وماذا حل به".
لأكثر من مرة يذكر المخرج هلكوت مصطفى بانه ليس سياسياً وان اهدافه لانتاج هذا الفيلم ليست سياسية وانما للكشف عن الحقائق، وقال: "اتمنى ان يشاهد كل سياسي عراقي، عربي او كوردي، هذا الفيلم ليتعلموا دروساً عميقة عن ان المناصب لا تدوم، وأن عليهم خدمة الشعب وليس خدمة انفسهم، وان يأخذوا دروساً من صدام حسين وكيف كان والى اي وضع وصل"، منبهاً الى ان "العراق بلد غني في موارده وفي كل شيء"، متسائلاً: "لماذا يعيش الشعب العراقي هذه الاوضاع الصعبة بدلاً من ان يكون بلداً متطوراً والعراقيين ينعمون بحياة رغيدة؟".
وكانت لجنة من وزارة الثقافة العراقية، قد حضرت العرض الخاص لفيلم "إخفاء صدام حسين" في أربيل، في حين أعرب مخرج الفيلم عن أمله السماح بعرضه في بغداد.
وقال المخرج هلكوت مصطفى: "لقد تم عرض فيلمي (إخفاء صدام حسين) في إقليم كوردستان، كما تم عرضه على شاشات السينما في 13 دولة عربية، وفي عدة دول اوربية، وانتظر عرضه في بغداد وبقية المدن العراقية"، مضيفاً بأن "لجنة من وزارة الثقافة العراقية، حضرت عرض الفيلم في أربيل، من أجل مشاهدته ودراسة مسألة عرضه في بغداد من عدمه، وفي انتظار موافقة وزارة الثقافة العراقية على عرضه في بغداد وبقية المحافظات العراقية".
ونبه الى "نحن نعيش في العام 2024، إذا لم يشاهد الناس الفيلم، لماذا لا يتم عرضه في بغداد؟. دكتاتور حكم البلد 35 عاماً، فليدعوا الناس تطّلع على آخر 235 يوماً في حياته، وتأخذ العبرة منه".
وبالرغم من اشادة نقيب الفنانين العراقيين ومدير عام دائرة السينما والمسرح، جبار جودي، بفيلم "اخفاء صدام حسين" ووصفه بأنه "امتاز بحرفة عالية في التنفيذ، وبلغة سينمائية محترمة، وهنالك جهد انتاجي واضح وكبير وكان فيلماً جيداً"، وانه يرى أن أهمية الفيلم "تكمن في أنه يؤرشف لحقبة حديثة في تاريخ العراق المعاصر، وهي حقبة حساسة وملتبسة وحملت معها الكثير من التغيرات الديمغرافية والسيسيولوجية وحتى الايديولوجية على مستوى المجتمع العراقي بأكمله".
الا ان جودي قال حول امكانية عرض الفيلم في بغداد وبقية المحافظات العراقية، بعد مشاهدته مع اللجنة المرافقة له، للفيلم في عرضه الاول باربيل: "هنالك بعض التحفظات عما جاء فيه من افكار، لاسيما وأن جميع ما تم طرحه في هذا الفيلم اعتمد على شهادة واحدة لا يكتبه افراد"، موضحاً أن "هنالك بعض الالتباسات الفكرية التي جاء بها الفيلم، وهنالك حاجة للمراجعة والمناقشة، وسنخرج بنتيجة سواء سلباً او ايجاباً فهو متروك للخيار الجماعي للجنة، وسيكون هنالك اجتماع موسع في بغداد للنظر في هذا الموضوع".
وكان العرض الأول للفيلم الوثائقي "إخفاء صدام" في مهرجان "إدفا" الدولي للأفلام الوثائقية في العاصمة الهولندية، ويعد مهرجان إدفا الذي اقيم من 8 لغاية 19 تشرين الأول 2023، في امستردام من أهم المهرجانات السينمائية للأفلام الوثائقية في العالم، كما نافس في مسابقة الأفلام الطويلة في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي عُقد في الفترة من 30 تشرين الثاني إلى 9 كانون الأول 2023.
وزارة الثقافة النرويجية كانت قد اصدرت بياناً رسمياً هنأت فيه هلكوت مصطفى مخرج الفيلم، على العمل، وذكرت إنها تتوقع أن يحظى الفيلم بصدى عالمي ويجذب انتباه نقاد السينما، وأن الفيلم يمثّل العراق والنرويج، باعتبار ان هلكوت مقيم في اوسلو ويحمل الجنسية النرويجية.
معد فياض
مايزال الفيلم الوثائقي "اخفاء صدام حسين" للمخرج الكوردي هلكوت مصطفى، والذي بدأ عرضه الرسمي والجماهيري في مدن اقليم كوردستان، بداية على صالة سينما إمباير في اربيل يوم السبت 20 تموز 2024، وكذلك في السليمانية ودهوك، يثير الكثير من النقاشات، ليس بين اوساط السينمائيين او النقاد بل بين الجمهور الذي شاهد احداثه.
فمنهم من اعتبر ان الفيلم تعاطف مع الرئيس العراقي الراحل، وهناك من تفاجأ بمصيره وبالاحداث التي عاشها خلال الـ 235 يوماً الاخيرة من حياته قبل القاء القبض عليه.
الفيلم جاء مفاجئاً لغالبية توقعاتهم، وهذا ما فاجأ أو ربما لم يفاجأ المخرج هلكوت مصطفى الذي لم يخطط لان يتعاطف الجمهور مع اية شخصية بقدر ما ارادهم ان يشاهدوا ويسمعوا قصة اخفاء الرئيس صدام حسين كما رواها الفلاح علاء نامق الذي اخفى صدام، فالفيلم كما يؤكد هلكوت "عن علاء نامق وليس عن صدام حسين. كيف استطاع هذا الفلاح البسيط ان يدير عملية اخفاء الرئيس العراقي لمدة 235 يوماً والذي يبحث عنه 150 الف جندي اميركي بكل امكانياتهم العسكرية".
بداية علينا ان نوضح بأن المخرج هلكوت مصطفى اشتغل بمهنية عالية توازي مهنية مخرجي الافلام الوثائقية الغربية، فهو لم يُظهر صدام كبطل او كضحية، بالرغم من ان عائلته وشعبه الكوردي ابرز ضحايا النظام السابق، وحسب المخرج هلكوت: "انا من مدينة حلبجة التي قصفها نظام صدام حسين بالاسلحة الكيمياوية واجبرت عائلتي على الهجرة من البلد، لكن هذا موضوع آخر، انا اشتغلت على فيلم موضوعه قصة اخفاء صدام في ظروف استثنائية".
كما انه لم يهيء المتلقي لاتخاذ رأي من صدام او من بطل القصة الحقيقي علاء نامق، غير هذا والمهم ان الفيلم لا يتعلق بمحاكمة صدام حسين، الذي اعدم في 30 كانون الاول 2006. وبالتالي فهو لا يطرح موضوعة انه بريء او متهم، فممارسات صدام معروفة وهذه ليست مهمة الفيلم. بل اهتم بأن يقدم وثيقة سينمائية عن احداث تاريخية خفية ما كانت لتظهر بهذه التفاصيل لولا اقناعه للمزارع علاء نامق الذي كان بطل احداث الفيلم حيث دفع ثمن وفائه بحكم عاداته العشائرية من حريته وتم سجنه وتعذيبه في سجن ابو غريب لسبعة اشهر قاسية.
وهنا يُظهر نامق مخاوفه على عائلته، ذاكراً ان صدام كان يردد قوله بأنه قنبلة موقوتة واذا انفجر فسوف يقتل كل من حوله، ويعني اذا عرفت القوات الاميركية بمكانه فسوف يدفع علاء واهله وعشيرته الثمن، لكم نامق يؤدي واجبه كحامي لشخص لجأ اليهم لحماية حياته وهذه عادات العشائر العراقية.
هلكوت كصانع للفيلم عمل على عدم ادراج رأيه السياسي وموقفه في التعاطف مع اهله الكورد ضد نظام صدام سوى ما قاله نامق من انهم يقولون عن صدام حسين "دكتاتوري او انه قتل الكورد بالاسلحة الكيمياوية"، فهو يعيش في مزرعة بعيداً عن الاضواء والاعلام ولم يكن في العراق سوى قناة تلفزيونية رسمية واحدة (تلفزيون العراق) وهو مصدر كل الاخبار والمعلومات الرسمية، ويظهر الفيلم ثمة صور عن مذبحة حلبجة.
ويؤكد هلكوت: "في الفيلم أردت أن أكون مخرجاً فقط لا أن ألعب دوراً سياسياً"، مؤكداً أن حماسه للعمل كان نابعاً من رغبته في تقديم القصة بزاوية نظر عراقية، وليقدم رؤية نامق للقصة، إذ يؤكد هلكوت ولاكثر من مرة "هذا الفلم عن علاء نامق وليس عن صدام حسين".
يوضح مخرج فيلم "اخفاء صدام حسين" بأنه اختار هذه القصة كونها: "مهمة وغير معروفة، والناس يجهلون تفاصيل او احداث 235 يوماً منذ اختفاء صدام وحتى القاء القبض عليه، وانا باعتباري صانع فيلم وثائقي يهمني عرض الحقيقة للمتلقي كما هي وكان بامكاني ان اخرج فيلماً روائياً عن نفس القصة، لكن للفيلم الوثائقي مصداقيته".
ويبين: "أمضيت 12 سنة من حياتي لانتاج هذا الفيلم، سنتان منها لاقناع علاء ولتصوير اللقاءات معه، و10 سنوات لصناعة الفيلم"، موضحاً أنه "ومنذ ان قرأت خبر القاء القبض على صدام حيث ورد اسم علاء نامق في جريدة الواشنطن بوست فكرت بالعمل لانتاج فيلم عن قصة علاء، واجريت اتصالات كثيرة حتى توصلت اليه والتقيت به عدة مرات، المرة الاولى عام 2012، وفي مدن ودول مختلفة، بينها انقرة وأوسلو، كي اكسب ثقته ليدلي بقصته دون اي انحياز او ضغط"، منبها الى أن "علاء نامق لم يتقاضى اي فلس عن دوره في الفيلم بل كان هو من يدفع حتى اجرة سيارة التكسي في الوصول من المطار الى حيث كنا نلتقي".
نحرص هنا على عدم الاسهاب بالحديث عن تفاصيل الفيلم حتى لا نحرم المتلقي من متعة المشاهدة واكتاشف التفاصيل. تستهل احداث فيلم (اخفاء صدام حسين) بمشاهد وثائقية عن احتلال القوات الاميركية للعراق ومداهمة الجنود الاميركان لبيوت العراقيين واعتقال الرجال وسط فزع وترويع العوائل والاطفال، ومن ثم تنتقل كاميرا هلكوت الى الواقع، فنرى علاء نامق يجلس متربعاً على الارض في بيت بمنطقة قريبة من الدور حيث موقع الاحداث، فهو لم يستطع العودة الى مزرعته بعد ان تم تفجيرها وتفجير بيته، ويروي ببساطة وتلقائية الاحداث الحقيقية منذ ان قاده شقيقه للقاء صدام حسين الذي لجأ اليهم هروباً من القوات الاميركية وحتى القاء القبض عليه من قبل حشد من الجنود الاميركان المدججين باحدث الاسلحة الذين وصلوا الى مزرعته بمدرعات وتحت حماية 3 طائرات هليكوبتر حربية تحلق فوقهم.
لم يجب علاء او هلكوت عن من وشى بموقع اختفاء صدام لكننا سنشك بقريبه ومؤتمن اسراره محمد إبراهيم عمر المِسلِط، ضابط برتبة عقيد في جهاز الأمن الخاص وكان في قوة حماية صدام حسين ومقرباً منه منذ بداية الثمانينات حتى بداية الاحتلال الأميركي للعراق، وكان قد ظهر بملابس مدنية ومسلحاً الى جانب صدام حسين في آخر ظهور رسمي ومعلن له في الاعظمية بجانب الرصافة من بغداد.
واُعتقل المسلط في منطقة الدورة ليلة 12 كانون الأول سنة 2003، قُبيل الهجوم على مخبأ صدام واعتقاله يوم 12 أو 13 كانون الأول سنة 2003، غيرَ أن القوات الأميركية لم تصرّح حينئذٍ باسم الذي قالوا إنه الواشي، ولا بصفته، بل أعلنوا عن صفة الواشي بدون تسميته يومَ 26 آذار عام 2004، واصفين اياه بانه رجل في منتصِفُ العمر، ويظهر في فيلم هلكوت وعلى وجهه آثار الضرب والتعذيب، وذكر المحقق إريك مادوكس أن محمد المسلط كان رئيس عمليات مقاومة الاحتلال الأميركي أثناء اختباء صدام حسين.
كما ان الادارة الاميركية لم توضح سواء كان المسلط قد وشى بمكان اختباء صدام بسبب التعذيب الذي تلقاه على ايدي الجنود الاميركان ام انه باعه بـ 25 مليون دولار وهو ثمن المكافئة المعلنة لكل من يبلغ عن معلومات تقود للقبض على الرئيس العراقي وقتذاك.
يذكر وحسب احداث فيلم "اخفاء صدام حسين" ان صدام نفسه قد بعث بطلب المسلط واللقاء بعه وتكليفه بمهام تتعلق بالمقاومة ضد القوات الاميركية، وكذلك اصطحابه لنجلي صدام، عدي وقصي، لزيارة والدهما في المزرعة قبيل مقتلهما على ايدي القوات الاميركية.
ما كان اي عراقي او مراقب عربي او غربي للاحداث ان يتخيل ان صدام حسين بجبروته وسلطاته ان يترك قصوره الاسطورية ويلجأ الى غرفة بسيطة بل فقيرة للغاية ليعيش فيها 235 يوماً بحماية الفلاح علاء نامق الذي يؤكد بانه كان السائق والحارس والطبيب والحلاق والطباخ الخاص لصدام حسين طوال هذه الايام، حيث هو من اقترح حفر خندق صغير لاخفاء الرئيس العراقي الذي كان شاغل الدنيا ليبقيه بعيداً عن اعين القوات الاميركية.
لم يكن اقناع علاء نامق بالخروج عن صمته والادلاء بافادته امام الكاميرا امرا سهلا، لكنه ظهر ليقول الحقيقة ويبعد شبهات اوحت بخيانته لضيفه صدام حسين، وبالتالي هذا يعد حسب التقاليد العشائرية العربية عار كبير على العشيرة كلها. لكن نامق ادلى للمخرج هلكوت مصطفى وللرأي العام، وبعد صمت طويل كل التفاصيل الخاصة بالرئيس الراحل في آخر أيامه، وذلك بعد رفضه المشاركة في أي أفلام أو برامج عن تلك الفترة.
هلكوت وعلاء كانا قد اتفقا على تقديم القصة في قالب إنساني فقط لا بطل فيها وبعيداً عن الدخول في السياسة، حيث أراد علاء نامق أن يكشف في الفيلم عن صدام حسين باعتباره شخصاً حل ضيفاً على عائلته، وحسب ايضاحه "وفي العراق واجبنا هو إكرام الضيف وحمايته حتى لو كان ذلك يعني التضحية بنفسك وكل ما تملك"، وهذه الصفة الانسانية والاخلاقية التي تتمتع بها العشائر العراقية العربية والكوردية والتي اعجب بها المخرج هلكوت مصطفى. دون ان تخفي مشاهد الفيلم تعاطف نامق مع صدام حسين وانتمائه اليه وموقفه ضد الاحتلال الاميركي، فهو مجرد فلاح بسيط، حتى انه وفي نهاية احداث الفيلم يصف صدام بانه تعامل معه كصديق ولم يكن دكتاتورا، مؤكدا على جوانبه الايجابية كانسان اعتيادي ومتعاطفا معه عندما فقد نجليه عدي وقصي حيث يبكي معه ويحزن لحزنه وهذا امر طبيعي، وبالتاكيد كان كذلك لانه عاش معه ومعتمدا عليه طوال مدة اختفائه.
لكن المأخذ الرئيسي على مصداقية الفيلم هو اعتماده على شاهد واحد دون اللجوء الى أكثر من مصدر لتأكيد او نفي او الاعتراض على بعض ما ذكره علاء نامق، يقول صانع الفيلم هلكوت مصطفى "هما شاهدان على الاحداث فقط لسرية الاحداث، صدام حسين وقد ـم اعدامه، مات، وعلاء نامق، ثم اني لم اعتمد على مصادر غير مؤكدة، فخلال عشرة أعوام شاهدت 15 الف ساعة من الوثائق، وعندي سينما في البيت لاضبط الاحداث حسب هذه الوثائق حيث رتبت تقويماً (روزنامة) باحداث كل يوم من الايام الـ 235 التي عاشها علاء وصدام في المخبأ، وصورت 25 ساعة من المقابلات، وأعدت ترتيب القصة، إلى جانب التصوير في مزرعة قريبة إلى المزرعة الأصلية التي عاش فيها صدام في بلدة الدور، مع وجود جزء أرشيفي. وخلال 14 عاما من التحضيرات واجهت العديد من الصعوبات لإنتاج (إخفاء صدام حسين) والصعوبة تكمن في أن طاقم الفيلم لم يكونوا يعلموا شيئا عن الفيلم نفسه أو تفاصيله، وذلك لضمان سلامة علاء نامق وأسرته، وذلك إلى جانب الاستعانة بمستشار قانوني لضمان مسافة واحدة بين الجميع، لهذا انا كنت مخرج ومصور ومونتير الفيلم".
كان لابد ان يضمن المخرج فيلمه بمشاهد تمثيلية لدعم احداث القصة خاصة فيما يتعلق بصدام حسين، اضافة الى علاء الراوي والشاهد الاول والاساسي للاحداث وهو ليس ممثلاً، هناك الممثل الذي جسد شخصية صدام حسين الذي قال عنه هلكوت إنه لم يرغب في أن يجعله شبيها لصدام، بل كان يرغب في أن يشعر المتفرج بأنه أمام شخص يلعب شخصية صدام، وهو مقصود في العمل، لهذا استخدم لقطات بعيدة او غير واضحة لاظهاره.
وقال ياسين محمد أمين، الذي لعب دور صدام حسين في فيلم (اخفاء صدام حسين) إنه يعتبر أن هذا الفيلم من أهم الأعمال التي قام بها، مشيراً إلى أن اختياره جرى "بسبب قرب الشبه مع صدام في العيون والحواجب،"، مضيفاً أن "المشهد الذي أثر فيّ كممثل عندما نزع عنه كل الملابس والرتب العسكرية وعاد للبس الزي العربي (الدشداشة)، وما شعرت به ليس تأسفاً على نظامه بل أين كان وماذا حل به".
لأكثر من مرة يذكر المخرج هلكوت مصطفى بانه ليس سياسياً وان اهدافه لانتاج هذا الفيلم ليست سياسية وانما للكشف عن الحقائق، وقال: "اتمنى ان يشاهد كل سياسي عراقي، عربي او كوردي، هذا الفيلم ليتعلموا دروساً عميقة عن ان المناصب لا تدوم، وأن عليهم خدمة الشعب وليس خدمة انفسهم، وان يأخذوا دروساً من صدام حسين وكيف كان والى اي وضع وصل"، منبهاً الى ان "العراق بلد غني في موارده وفي كل شيء"، متسائلاً: "لماذا يعيش الشعب العراقي هذه الاوضاع الصعبة بدلاً من ان يكون بلداً متطوراً والعراقيين ينعمون بحياة رغيدة؟".
وكانت لجنة من وزارة الثقافة العراقية، قد حضرت العرض الخاص لفيلم "إخفاء صدام حسين" في أربيل، في حين أعرب مخرج الفيلم عن أمله السماح بعرضه في بغداد.
وقال المخرج هلكوت مصطفى: "لقد تم عرض فيلمي (إخفاء صدام حسين) في إقليم كوردستان، كما تم عرضه على شاشات السينما في 13 دولة عربية، وفي عدة دول اوربية، وانتظر عرضه في بغداد وبقية المدن العراقية"، مضيفاً بأن "لجنة من وزارة الثقافة العراقية، حضرت عرض الفيلم في أربيل، من أجل مشاهدته ودراسة مسألة عرضه في بغداد من عدمه، وفي انتظار موافقة وزارة الثقافة العراقية على عرضه في بغداد وبقية المحافظات العراقية".
ونبه الى "نحن نعيش في العام 2024، إذا لم يشاهد الناس الفيلم، لماذا لا يتم عرضه في بغداد؟. دكتاتور حكم البلد 35 عاماً، فليدعوا الناس تطّلع على آخر 235 يوماً في حياته، وتأخذ العبرة منه".
وبالرغم من اشادة نقيب الفنانين العراقيين ومدير عام دائرة السينما والمسرح، جبار جودي، بفيلم "اخفاء صدام حسين" ووصفه بأنه "امتاز بحرفة عالية في التنفيذ، وبلغة سينمائية محترمة، وهنالك جهد انتاجي واضح وكبير وكان فيلماً جيداً"، وانه يرى أن أهمية الفيلم "تكمن في أنه يؤرشف لحقبة حديثة في تاريخ العراق المعاصر، وهي حقبة حساسة وملتبسة وحملت معها الكثير من التغيرات الديمغرافية والسيسيولوجية وحتى الايديولوجية على مستوى المجتمع العراقي بأكمله".
الا ان جودي قال حول امكانية عرض الفيلم في بغداد وبقية المحافظات العراقية، بعد مشاهدته مع اللجنة المرافقة له، للفيلم في عرضه الاول باربيل: "هنالك بعض التحفظات عما جاء فيه من افكار، لاسيما وأن جميع ما تم طرحه في هذا الفيلم اعتمد على شهادة واحدة لا يكتبه افراد"، موضحاً أن "هنالك بعض الالتباسات الفكرية التي جاء بها الفيلم، وهنالك حاجة للمراجعة والمناقشة، وسنخرج بنتيجة سواء سلباً او ايجاباً فهو متروك للخيار الجماعي للجنة، وسيكون هنالك اجتماع موسع في بغداد للنظر في هذا الموضوع".
وكان العرض الأول للفيلم الوثائقي "إخفاء صدام" في مهرجان "إدفا" الدولي للأفلام الوثائقية في العاصمة الهولندية، ويعد مهرجان إدفا الذي اقيم من 8 لغاية 19 تشرين الأول 2023، في امستردام من أهم المهرجانات السينمائية للأفلام الوثائقية في العالم، كما نافس في مسابقة الأفلام الطويلة في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي عُقد في الفترة من 30 تشرين الثاني إلى 9 كانون الأول 2023.
وزارة الثقافة النرويجية كانت قد اصدرت بياناً رسمياً هنأت فيه هلكوت مصطفى مخرج الفيلم، على العمل، وذكرت إنها تتوقع أن يحظى الفيلم بصدى عالمي ويجذب انتباه نقاد السينما، وأن الفيلم يمثّل العراق والنرويج، باعتبار ان هلكوت مقيم في اوسلو ويحمل الجنسية النرويجية.