لا مكان للغرور والتباهي بالكمال في عالم الفن
النرجسية التي يعاني منها بعض صناع السينما المغربية تؤدي إلى خلق جو من العداء والخصومة بين النقاد والمخرجين.
الأحد 2024/08/04
ShareWhatsAppTwitterFacebook
لكل عمل سينمائي نقاط قوة ونقاط ضعف (لوحة للفنان خالد تكريتي)
لا توجد نظرية تقول إنك على صواب أو على خطأ في النقد السينمائي، لأن النقد هو رأي الكاتب في المقال، ولا يوجد عمل سينمائي مثالي، لماذا؟ لأن كل فيلم قابل للتأويل من خلال عدة مهن سينمائية مثل السيناريو، الإخراج، الإضاءة، التصوير، المكياج، الديكور، المونتاج، والموسيقى التصويرية.
لا يمكن أن تكون كل هذه المهن مثالية في فيلم واحد، فقد تكون هناك نقاط ضعف ونقاط قوة، فالمخرج الذي يعتقد أن عمله متكامل قد يكون مصيبا من حيث القبول وليس من حيث الإبداع، وكذلك الناقد قد يرى رأيه مصيبا من حيث البرهان والحجج وليس من حيث سلطة النص، وبين هؤلاء المخرجين والنقاد، هناك جمهور يحكم في النهاية مهما اشتد الخلاف بينهم، فإن الجمهور لا ينافق ولا يجامل، سواء شاهد الفيلم كاملا أم انصرف بعد عشر دقائق من البداية.
نأتي لضجيج الطوندونس ونسب المشاهدة الافتراضية ونرجسية فيلم حصد جوائز عالمية، متى كان هذا الضجيج معيارا لجودة الفيلم السينمائي؟ ونحن نعلم أن العديد من الأفلام تُختار كأرانب سباق لا لكي تفوز بل لتخدع، وتكون هذه العملية غالبا نتيجة للمحاباة أو الواسطة، خاصة الأعمال السينمائية التي تحصل على دعم خارجي، حيث يتم توجيه المخرج غالبا لدس أيديولوجية معينة أو يسمم مجتمعا معينا، وهذا في ما يتعلق بالمهرجانات، أما نسب المشاهدة فهي تُشترى كما تُشترى بعض الأقلام النقدية المطبلة.
◄ الفن السابع ليس مجالا لتحقيق المثالية، بل هو أرضية خصبة للتعبير الإبداعي واستكشاف أعماق الإنسانية والواقع، ويجب على صناع الأفلام والفنانين الحقيقيين أن يكونوا مستعدين لاستقبال الانتقادات بصدر رحب
جملة الصحافة السينمائية الشعبوية الشهيرة “أن فيلم فلان حقق أعلى نسبة مشاهدة على نتفلكس” مثلا، لا تعني أن الفيلم جيد بقدر ما تعبر عن الفراغ والنفخ، ونذكر صناع الأفلام أن مفهوم الإبداع يتمثل في القدرة على إنتاج أفكار جديدة أو مفاهيم مبتكرة تتميز بالتفرد والجودة، أما النقد السينمائي فهو عملية تقييم وتحليل الأفكار والأعمال والأداء بغرض تقديم تقييم موضوعي أو انتقاد بناء من وجهة نظر الكاتب كمشاهد يرى الأفلام من خلال لغتها الفنية والتقنية.
ويُفترض أن يكون النقد وسيلة لتحسين الجودة الفنية والإنتاجية للأفلام في الوقت الذي أصبح النقد السينمائي في المغرب موضوعا مثيرا للجدل في السنوات الأخيرة، حيث نجد أن بعض المخرجين يتعاملون معه بشكل شخصي بدلا من قبول النقد كجزء من العملية الإبداعية، يحولونه إلى خلافات شخصية، وذلك بسبب جنون العظمة والنرجسية التي يعيشونها، إذ يعتقد بعض المخرجين أنهم عظماء وأن لا أحد يستطيع التفوق عليهم، حتى وإن كانت أفلامهم ضعيفة من الناحية الإنتاجية والفنية وهم يعرفون حدود قدراتهم و ينكرونها، ولكن الجمهور يدرك ما لا يدرك بالقلم.
ونجد بعض المخرجين المغاربة الذين يفرحون بالتطبيل والتهليل المبالغ فيه، ويغضبون بشدة من النقد الموضوعي البنّاء، حيث يحولون أي نقد يتلقونه إلى خلافات تحولها الأبواق الإعلامية إلى “بوز”، وتستخدم كوسيلة للتحايل على الجمهور، ليصوروا الناقد كأنه يريد الانتقام لأسباب شخصية، أو أنه تلقى أموالا ليكتب ضدهم، مؤكدين أن الأمر مجرد مؤامرة ضدهم، لكن الحقيقة مختلفة تماما، فلكل عمل سينمائي نقاط قوة ونقاط ضعف، ولا يوجد عمل مثالي.
ويعتبر النقد الموضوعي جزءا أساسيا من عملية التطور والتحسين في أي مجال بما في ذلك السينما، حيث إن المقارنة بين المخرجين لا يجب أن تكون مبنية على التفوق المطلق لأحدهم على الآخر، بل على الاختلافات العقلية والثقافة والرؤى الإبداعية، فكل مخرج يأتي من خلفية بيئية وثقافية وتربوية مختلفة، ما يمنح كل فيلم طابعا فريدا، ومن يظن أنه الأفضل فهو واهم، لأن الفن السابع كوكب جوهره الاختلاف وغايته الإدراك.
وتؤدي النرجسية التي يعاني منها بعض صناع السينما المغربية إلى خلق جو من العداء والخصومة بين النقاد والمخرجين. ويتجلى النضج الفني والروح الإبداعية في السينما من خلال القدرة على قبول النقد بروح مفتوحة والاستعداد للتطور والنمو، وللأسف هناك بعض المخرجين المغاربة الذين يعانون من ضعف في هذا الجانب، إذ يرفضون بشكل عنيد أي نقد لأعمالهم ويعتبرون أنفسهم الأفضل بلا منازع وأن رؤيتهم الشخصية هي الأعظم، ما يعيقهم عن التفاعل بشكل بناء مع الآراء المختلفة والنقد البناء الذي يمكن أن يعزز من جودة إنتاجاتهم السينمائية.
ومن المعروف أن كل مخرج فنان ومبدع بطبعه يكون مستعدا للاستماع إلى الآراء المختلفة والتعلم منها تلقائيا وبصدر رحب ويناقش نص الناقد، وهذا ما يفتقده المخرج التقني الذي تخرج من الورشات السينمائية، فهذه الأخيرة هي ما يعرقل استيعابه للكتابة النقدية الأكاديمية لأن منهجية مناقشة الأفكار تختلف كثيرا عن عشوائية مناقشة الأشخاص.
◄ جملة الصحافة السينمائية الشعبوية الشهيرة "أن فيلم فلان حقق أعلى نسبة مشاهدة على نتفلكس" مثلا، لا تعني أن الفيلم جيد بقدر ما تعبر عن الفراغ والنفخ
فإذا كان الناقد السينمائي قابلا للانتقاد، والأعمال السينمائية ليست مثالية بجوائزها، فلماذا هذا التنافر بين الناقد وصانع الفيلم؟ ولماذا لا يتقبل أحدهما الآخر؟ وعلى أي أساس يظهر الجانبان نوعا من المثالية وجنون العظمة في آرائهم التي تبقى أساسا مجرد وجهة نظر؟
يتسم بعض النقاد في عالم السينما المغربية بتبني مواقف صارمة تجاه الأعمال السينمائية ومخرجيها، حيث يضعون أنفسهم في موقع السلطة والتحكيم، ما يؤدي إلى إقصاء الآراء المتنافرة ورفضها إذا لم تتماش مع رؤيتهم، إذ يعتبرون أنفسهم خبراء يحملون الحقيقة النهائية في ما يتعلق بتحليل الأفلام، حيث يتجاهلون أي انتقاد يأتي من خارج دائرة تفكيرهم، وهذا السلوك الاستبدادي قد يؤدي إلى قمع الإبداع وتقييد حرية المخرجين والفنانين الذين يسعون لتقديم أفكار جديدة ومبتكرة، فالمواهب المتميزة التي تجسد روح التجديد والتحدي قد تواجه صعوبات في الوصول إلى الجمهور والاعتراف بقيمتها بسبب مواجهتها لمثل هذا النوع الذي يرفض الاختلاف ويحاول فرض وجهات نظره على الآخرين.
لا يمكن إنكار حقيقة أن كل عمل فني، سواء كان فيلما أو عرضا مسرحيا أو سيناريو، يحتوي على نقاط القوة والضعف، إن فهم هذه الحقيقة الجوهرية أمر بالغ الأهمية، حيث يكمن فيها مفتاح فهم جوهر الفن والإبداع، إذ إن الفن السابع ليس مجالا لتحقيق المثالية، بل هو أرضية خصبة للتعبير الإبداعي واستكشاف أعماق الإنسانية والواقع، ويجب على صناع الأفلام والفنانين الحقيقيين أن يكونوا مستعدين لاستقبال الانتقادات بصدر رحب، فهي تمثل فرصة ثمينة للنمو والتطور، فمن خلال قبولهم لهذه الانتقادات يمكنهم تحسين أعمالهم وتطويرها بشكل مستمر، لأن في عالم الفن لا يوجد مكان للغرور والتباهي بالكمال بل ينبغي للفنان أن يظل متواضعا ومفتوحا للتعلم والتحسين المستمر.
وإلى أن نصل إلى خاتمة هذا الجدال، فإننا ندرك وجود فئة من النقاد يتصورون أنفسهم أمراء الفن وقضاة الإبداع، رافضين بشدة أي نقد قد يستهدفهم، مغرورين بفكرة أنهم يحملون مقام السلطة الفنية، فضلا عن تجاهلهم المطاطي لأي شكوك بخصوص صحة تقديراتهم المعلنة، وليس هذا فحسب بل يضاف إلى الصورة الصناع السينمائيون المصابون بجنون العظمة، مستندين إلى سلسلة نجاحات سابقة أو يتخيلون براءة أعمالهم من العيوب، فلا يحتملون سماع النقد أو الانتقاد من أي كان.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي
النرجسية التي يعاني منها بعض صناع السينما المغربية تؤدي إلى خلق جو من العداء والخصومة بين النقاد والمخرجين.
الأحد 2024/08/04
ShareWhatsAppTwitterFacebook
لكل عمل سينمائي نقاط قوة ونقاط ضعف (لوحة للفنان خالد تكريتي)
لا توجد نظرية تقول إنك على صواب أو على خطأ في النقد السينمائي، لأن النقد هو رأي الكاتب في المقال، ولا يوجد عمل سينمائي مثالي، لماذا؟ لأن كل فيلم قابل للتأويل من خلال عدة مهن سينمائية مثل السيناريو، الإخراج، الإضاءة، التصوير، المكياج، الديكور، المونتاج، والموسيقى التصويرية.
لا يمكن أن تكون كل هذه المهن مثالية في فيلم واحد، فقد تكون هناك نقاط ضعف ونقاط قوة، فالمخرج الذي يعتقد أن عمله متكامل قد يكون مصيبا من حيث القبول وليس من حيث الإبداع، وكذلك الناقد قد يرى رأيه مصيبا من حيث البرهان والحجج وليس من حيث سلطة النص، وبين هؤلاء المخرجين والنقاد، هناك جمهور يحكم في النهاية مهما اشتد الخلاف بينهم، فإن الجمهور لا ينافق ولا يجامل، سواء شاهد الفيلم كاملا أم انصرف بعد عشر دقائق من البداية.
نأتي لضجيج الطوندونس ونسب المشاهدة الافتراضية ونرجسية فيلم حصد جوائز عالمية، متى كان هذا الضجيج معيارا لجودة الفيلم السينمائي؟ ونحن نعلم أن العديد من الأفلام تُختار كأرانب سباق لا لكي تفوز بل لتخدع، وتكون هذه العملية غالبا نتيجة للمحاباة أو الواسطة، خاصة الأعمال السينمائية التي تحصل على دعم خارجي، حيث يتم توجيه المخرج غالبا لدس أيديولوجية معينة أو يسمم مجتمعا معينا، وهذا في ما يتعلق بالمهرجانات، أما نسب المشاهدة فهي تُشترى كما تُشترى بعض الأقلام النقدية المطبلة.
◄ الفن السابع ليس مجالا لتحقيق المثالية، بل هو أرضية خصبة للتعبير الإبداعي واستكشاف أعماق الإنسانية والواقع، ويجب على صناع الأفلام والفنانين الحقيقيين أن يكونوا مستعدين لاستقبال الانتقادات بصدر رحب
جملة الصحافة السينمائية الشعبوية الشهيرة “أن فيلم فلان حقق أعلى نسبة مشاهدة على نتفلكس” مثلا، لا تعني أن الفيلم جيد بقدر ما تعبر عن الفراغ والنفخ، ونذكر صناع الأفلام أن مفهوم الإبداع يتمثل في القدرة على إنتاج أفكار جديدة أو مفاهيم مبتكرة تتميز بالتفرد والجودة، أما النقد السينمائي فهو عملية تقييم وتحليل الأفكار والأعمال والأداء بغرض تقديم تقييم موضوعي أو انتقاد بناء من وجهة نظر الكاتب كمشاهد يرى الأفلام من خلال لغتها الفنية والتقنية.
ويُفترض أن يكون النقد وسيلة لتحسين الجودة الفنية والإنتاجية للأفلام في الوقت الذي أصبح النقد السينمائي في المغرب موضوعا مثيرا للجدل في السنوات الأخيرة، حيث نجد أن بعض المخرجين يتعاملون معه بشكل شخصي بدلا من قبول النقد كجزء من العملية الإبداعية، يحولونه إلى خلافات شخصية، وذلك بسبب جنون العظمة والنرجسية التي يعيشونها، إذ يعتقد بعض المخرجين أنهم عظماء وأن لا أحد يستطيع التفوق عليهم، حتى وإن كانت أفلامهم ضعيفة من الناحية الإنتاجية والفنية وهم يعرفون حدود قدراتهم و ينكرونها، ولكن الجمهور يدرك ما لا يدرك بالقلم.
ونجد بعض المخرجين المغاربة الذين يفرحون بالتطبيل والتهليل المبالغ فيه، ويغضبون بشدة من النقد الموضوعي البنّاء، حيث يحولون أي نقد يتلقونه إلى خلافات تحولها الأبواق الإعلامية إلى “بوز”، وتستخدم كوسيلة للتحايل على الجمهور، ليصوروا الناقد كأنه يريد الانتقام لأسباب شخصية، أو أنه تلقى أموالا ليكتب ضدهم، مؤكدين أن الأمر مجرد مؤامرة ضدهم، لكن الحقيقة مختلفة تماما، فلكل عمل سينمائي نقاط قوة ونقاط ضعف، ولا يوجد عمل مثالي.
ويعتبر النقد الموضوعي جزءا أساسيا من عملية التطور والتحسين في أي مجال بما في ذلك السينما، حيث إن المقارنة بين المخرجين لا يجب أن تكون مبنية على التفوق المطلق لأحدهم على الآخر، بل على الاختلافات العقلية والثقافة والرؤى الإبداعية، فكل مخرج يأتي من خلفية بيئية وثقافية وتربوية مختلفة، ما يمنح كل فيلم طابعا فريدا، ومن يظن أنه الأفضل فهو واهم، لأن الفن السابع كوكب جوهره الاختلاف وغايته الإدراك.
وتؤدي النرجسية التي يعاني منها بعض صناع السينما المغربية إلى خلق جو من العداء والخصومة بين النقاد والمخرجين. ويتجلى النضج الفني والروح الإبداعية في السينما من خلال القدرة على قبول النقد بروح مفتوحة والاستعداد للتطور والنمو، وللأسف هناك بعض المخرجين المغاربة الذين يعانون من ضعف في هذا الجانب، إذ يرفضون بشكل عنيد أي نقد لأعمالهم ويعتبرون أنفسهم الأفضل بلا منازع وأن رؤيتهم الشخصية هي الأعظم، ما يعيقهم عن التفاعل بشكل بناء مع الآراء المختلفة والنقد البناء الذي يمكن أن يعزز من جودة إنتاجاتهم السينمائية.
ومن المعروف أن كل مخرج فنان ومبدع بطبعه يكون مستعدا للاستماع إلى الآراء المختلفة والتعلم منها تلقائيا وبصدر رحب ويناقش نص الناقد، وهذا ما يفتقده المخرج التقني الذي تخرج من الورشات السينمائية، فهذه الأخيرة هي ما يعرقل استيعابه للكتابة النقدية الأكاديمية لأن منهجية مناقشة الأفكار تختلف كثيرا عن عشوائية مناقشة الأشخاص.
◄ جملة الصحافة السينمائية الشعبوية الشهيرة "أن فيلم فلان حقق أعلى نسبة مشاهدة على نتفلكس" مثلا، لا تعني أن الفيلم جيد بقدر ما تعبر عن الفراغ والنفخ
فإذا كان الناقد السينمائي قابلا للانتقاد، والأعمال السينمائية ليست مثالية بجوائزها، فلماذا هذا التنافر بين الناقد وصانع الفيلم؟ ولماذا لا يتقبل أحدهما الآخر؟ وعلى أي أساس يظهر الجانبان نوعا من المثالية وجنون العظمة في آرائهم التي تبقى أساسا مجرد وجهة نظر؟
يتسم بعض النقاد في عالم السينما المغربية بتبني مواقف صارمة تجاه الأعمال السينمائية ومخرجيها، حيث يضعون أنفسهم في موقع السلطة والتحكيم، ما يؤدي إلى إقصاء الآراء المتنافرة ورفضها إذا لم تتماش مع رؤيتهم، إذ يعتبرون أنفسهم خبراء يحملون الحقيقة النهائية في ما يتعلق بتحليل الأفلام، حيث يتجاهلون أي انتقاد يأتي من خارج دائرة تفكيرهم، وهذا السلوك الاستبدادي قد يؤدي إلى قمع الإبداع وتقييد حرية المخرجين والفنانين الذين يسعون لتقديم أفكار جديدة ومبتكرة، فالمواهب المتميزة التي تجسد روح التجديد والتحدي قد تواجه صعوبات في الوصول إلى الجمهور والاعتراف بقيمتها بسبب مواجهتها لمثل هذا النوع الذي يرفض الاختلاف ويحاول فرض وجهات نظره على الآخرين.
لا يمكن إنكار حقيقة أن كل عمل فني، سواء كان فيلما أو عرضا مسرحيا أو سيناريو، يحتوي على نقاط القوة والضعف، إن فهم هذه الحقيقة الجوهرية أمر بالغ الأهمية، حيث يكمن فيها مفتاح فهم جوهر الفن والإبداع، إذ إن الفن السابع ليس مجالا لتحقيق المثالية، بل هو أرضية خصبة للتعبير الإبداعي واستكشاف أعماق الإنسانية والواقع، ويجب على صناع الأفلام والفنانين الحقيقيين أن يكونوا مستعدين لاستقبال الانتقادات بصدر رحب، فهي تمثل فرصة ثمينة للنمو والتطور، فمن خلال قبولهم لهذه الانتقادات يمكنهم تحسين أعمالهم وتطويرها بشكل مستمر، لأن في عالم الفن لا يوجد مكان للغرور والتباهي بالكمال بل ينبغي للفنان أن يظل متواضعا ومفتوحا للتعلم والتحسين المستمر.
وإلى أن نصل إلى خاتمة هذا الجدال، فإننا ندرك وجود فئة من النقاد يتصورون أنفسهم أمراء الفن وقضاة الإبداع، رافضين بشدة أي نقد قد يستهدفهم، مغرورين بفكرة أنهم يحملون مقام السلطة الفنية، فضلا عن تجاهلهم المطاطي لأي شكوك بخصوص صحة تقديراتهم المعلنة، وليس هذا فحسب بل يضاف إلى الصورة الصناع السينمائيون المصابون بجنون العظمة، مستندين إلى سلسلة نجاحات سابقة أو يتخيلون براءة أعمالهم من العيوب، فلا يحتملون سماع النقد أو الانتقاد من أي كان.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي