عرض نقدي وصفي متوازن فريد لمجموعة قصص "شيء مختلف" لوليد الأسطل/2024/عن دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة/:
*بقلم الكاتب مهند النابلسي/عمان-الاردن/
*نفس بوليسي شيق وبصمة هيتشكوكية متجددة وخفايا سيكلوجية القاتل المتسلسل وقراءة الأفكار وبراعة وصف المكان والأحداث : قصص غير نمطية متسلسلة ومترابطة وكأنك تشاهد شريطا سينمائيا مبتكرا وحابسا للانفاس!
*أشجار نخيل وشاطىء رملي أبيض: جواهر صغيرة من الجنة، قطع من السعادة المركزة...
*تخيلات لاجازة ابدية، كما وأضاءت شمس ناعمة امراة شابة بدت في حالة اقرب الى النشوة.
*في الصباح الباكر، وجد القطة على على سرير والديه،وكانت والدته تشخر وخزانة الملابس مفتوحة على مسراعيها، خالية من ملابس والده...
*وقد تم تقطيع الرأس نفسه الى أربع أجزاء متساوية/المقصود ربما رأس القط المنزلي الأليف/ لنلاحظ ميل الكاتب للعنف الدموي المجاني؟/.
*اشتهر البروفسور ميللر في الكلية بخصلة شعره المتمردة...
*هذه المراة جميلة في رداء الحمام الأزرق الذي لا يكاد ينغلق على ثدييها المتألقين...ثم قام وحمل جسد زوجته المخنوقة ونزل السلالم...
*انزلقت الشمس واختفت الروائح الريفية، ثم شعر أن جسدها يلين وأن تنفسها ضعيف، فقد ماتت خنقا! حيث يبدو تأثر الكاتب بمشاهد القتل السادي جليا هنا؟
*نشوة قاتل متسلسل: فقد ترك آدم الجثة تسقط على الأرض، مثل حزمة قديمة من الغسيل المتسخ...وكاد قلبه ينفجر من السعادة: ثم في المرة الثالثة، التي خنق فيها امراة، أشركها معه في الجريمة: كان اسمها ايف.: فقد رصدا طالبة شابة، كانت تمارس رياضة الجري...ثم تعقباها دون أن تشعر بهما، كحيوان غير مدرك للخطر الذي يحوم فوقه...يكمن الابتكار القصصي هنا باشراك القاتل لزوجته في جرائمه!
*طوق بيديه رقبة كيتي، وطفق يضغط ويضغط. ثم احس بالغضروف ينكسر...ثم ضحكت ايف وضحكت: وترك ىدم اللذة تغزوه كالمعتاد، اما ايف فقد كانت لا تزال تضحك.: وفي المرة الرابعة الذي خنق فيها ىدم امراة، كان قد تزوج ايف للتو، فقد كانا في شهر العسل: ثم وجدا لؤلؤة جديدة، اسمها "مالي"، علما بأنها تعني الياسمين: فتاة طيبة الخلق والرائحة، ومن دواعي السرور رؤيتها وهي تعبر شوارع المدينة: ثم امسك آدم برقبتها، وخنقها بسرعة ، وكانت تفوح منها رائحة الياسمين، ثم شعر مرة اخرى بالسعادة تخترقه...وأخبرها انه من الرائع حقا اختبار مثل هذه السعادة الشديدة، التي تتجاوز بكثير كل النشوات والمتع التي يتمتع بها البشر العاديون/ذكرني بتحفة "فرانزي" البوليسية لهيتشكوك التي تتحدث عن قاتل نساء سيكوباثي يجد متعته في قتل عشيقات صديقه لالصاق التهمة به، الا أن يتم اكتشافه بالصدفة في آخر الشريط الشيق الذي لم يلقى الصدى الكافي الموازي/: اما بالنسبة لادم فلم تكن هناك مرة خامسة، لأن زوجته وجدت السعادة اخيرا، فقد أدركت أن قتل رجل اكثر اثارة وبكثير من قتل امراة: وقد بدأت بزوجها!
*قصة ثابت العربي: يتحدث عن متخصصة في قراءة الكف والفنجان والتاروت: وهي تفرض هيبتها بالجمجمة والكرة البلورية: ثم تكشف بالتنويم المغنطيسي مشاهد اقتتال قبيلتين في الصحراء، يكشفها الزبون العربي، الذي يلفظ بعدها أنفاسه الأخيرة!...
*ثم تتحدث الرواية في الفصل الأخير عن فرانك، صاحب التسعة والسبعين، المتزوج والمطلق لخمس مرات بعدد اولاده، وعشرين حفيدا: يعاني من ضعف في عضلىة القلب ويملك مرسيدس قديمة ومنزلا، ويتحدث عن مهنته كقارىء افكار، وعن عصبيته تجاه الأشرار، واهتمامه بالروايات البوليسية: ويكشف عن سرعة غضبه وفوضويته وسعة حيلته ثم لكونه حالم وحساس ، وعن طريقة تربية الأبناء المطلوب الصبر عليهم ومحاولة اصلاحهم، او التكيف مع أخلاقهم: فعليك ان تعلم اني اينك يا صغيري /وكيف يكون ذلك؟!/...ولا يمكنك قتلي او بغضي: المقصود ربما هنا تقديم توجه تربوي عصري هادف أو مجاز آخر لم يكشف عنه الكاتب بقصد ربما!؟
*كما بالحق يؤخذ سلبا على هذه المحموعة القصصية التسمية الغير عربية للعناوين والشخصيات بالرغم من عنوانها العربي (وكون كاتبها ودار النشر عربيان)،كما أن معظم الحيثيات مشتقة من روايات وافلام وقصص "القتل الاجرامي المتسلسل " (المتفشي في الدول الغربية)، وربما قد يعجب ذلك القارىء الغربي او المتأثر بالثقافة الغربية عموما، ولكني لا اعتقد من واقع خبرتي الأدبية وحضوري للندوات الروائية والقصصية أن القارىء العربي يمكن له تذوق مثل هذه الطروحات الأدبية لأنها ببساطة صادمة وفاضحة ولا تعكس أبدا واقع حياته اليومية أو الدرامية أو حتى الترفيهية ؟! ويفضل أن يعكس الكاتب المتحمس اللبيب في قصصه ورواياته المستقبلية واقع حياة ومعاناة المهاجرين العرب العاديين وتداعيات اختلاطهم بالمجتمعات الأجنبية الكارهة لهم وربما الرافضة لوجودهم كمواطنين بحقوق متكاملة ، وليس التركيز على قصص الأثرياء العرب "اللامبالين" والمنفصلين تماما عن هموم بني جلدتهم!
*يشير الكاتب أخيرا لحقيقة أن السعادة في الأدب لا تهم أحدا: حيث يقولون أن الناس السعداء ليست لديهم حكايا يروونها وربما يؤكد هنا مجازا على اكتشاف الكاتب الفذ "جورج باتاي" بأن محور الأدب الناجح يكمن في الشر المتأصل في النفوس كما لاحظنا ضمن سياق هذه القصص الكاشفة بلا رتوش وتمويه ومكابرة وتصنع وبعد عن الواقعية كما نلاحظ بمعظم النصوص العربية الرتيبة.
النّاشر: دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة
[email protected] :إمييل
هاتف00213657300415: / 034550887
*هامش ضروري: فقد طلب مني الكاتب وليد الأسطل كتابة مقالة نقدية/تعريفية عن مجموعته القصصية الجديدة هذه بحجة انها صدرت ولم يكتب عنها أحد، وابلغته بأني ساكتب باسلوبي الفريد الوصفي المعروف، وبعد أن انجزت المقالة اعلاه ،احتج بسخرية لاذعة على طريقة فهمي وعرضي لبعض النصوص في آخر روايته ومنها تفاصيل "العرافة ومقولات الرجل المسن"، وأفاد بانه كان يفضل ارسال مسودة المقالة له قبل نشرها في المواقع، وذلك حتى يدخل ضمن السياق تفسيراته المقصودة للمجاز الوارد /حسبما ادعى/ ، وعندما خالفته الرأي ونوهت بضرورة قيامه بوضع بعض الهوامش التوضيحية ، احتج وسخر من معرفتي بأمثلة ومقولات جدلية مطولة، علما بأن الرواية او القصص أو حتى الكتاب المعرفي عندما تصدر جميعها تصبح ملكا لفهم القارىء او الناقد، وحيث يفقد الكاتب حصريا امتلاكه لمحتوى نصه وأفكاره، وهذا معروف في الأدب والسينما كذلك، وقد سبق وأهديت احد كتبي السينمائية لناقد معروف فكتب وأطال الوصف والشروحات وكذلك انتقد خلو الكتاب من الفهرس وتداخل المواضيع، وكان ذلك مصدر ترحيبي فلم "اتحسس" "غاضبا وساخرا" كما فعل الكاتب "وليد الأسطل" معي لذا قررت مقاطعته نهائيا وعدم التعامل مع اصدارته المستقبلية وقد اقتضى الأمر التنويه.