#كاتب وموقف-الروائي المصري عصام منصور
بغض النظر عن رأي البعض في جمال أو قبح الثقافة الفرنسية، التي حاول مسؤولو حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 نقلها من وجهة نظرهم الخاصة، فهم لم يحاولوا تمثيل لوحة "العشاء الأخير" إطلاقا يا قوم. حاولت التصحيح لبعض مشاهير السوشيال ميديا ومحترفي صناعة المحتوى، لكن يبدو أن الخطأ قد شاع خلال 24 ساعة حتى صار بقوة القانون. لكنها على أية حال فرصة لتذوّق الفن، وهو الغرض الذي نتفق عليه جميعا سواء كمسؤولين عن الحفل، أو متلقين.
اللوحة التي مثلوها على نهر السين هي في الواقع لوحة "مأدبة الآلهة" لڤان بيلچرت.
في أوليمبوس -منبع الألعاب الأوليمبية- اجتمعت الآلهة في مأدبة احتفالًا بزواج ثيتيس وبيليوس. على اليسار تقف مينيرفا وديانا ومارس وڤينوس برفقة كيوبيد. فلورا، إلهة الربيع، تقف خلفهم. أبولو المتوج، والذي يمكن التعرف عليه من خلال قيثارته، يترأس وسط الطاولة، وقد مثلته عازفة dj ممتلئة، ترتدي تاجا ضخما واضحا، لم يرتده المسيح في لوحة العشاء الأخير. نتعرف أيضًا على هرقل بهراوته ونبتون برمحه الثلاثي. في أقصى اليمين، وضع إيريس تفاحة الخلاف على الطاولة. بعض الآلهة مفقودة، ربما بسبب القطع الذي تعرضت له اللوحة على الجانب الأيسر؛ يشير وجود طاووس جونو إلى ذلك. كان موضوع عيد الآلهة شائعا في هولندا؛ أدى زواج النفس والحب لهندريك غولتزيوس إلى إنتاج وفير من الأعمال التي توضح هذا الموضوع.
بقي بيلچرت في روما في أوائل عشرينيات القرن السابع عشر، ومثل زملائه في أوترخت - تير بروغن، وهونثورست، وبابورين - أعجب بفن الإيطالي كاراڤاجيو. إن الساتير الذي يرقص أمام الطاولة، وباخوس الذي يرقد في المقدمة وهو يعتصر عنقود العنب فوق فمه، يذكران بطريقة مخففة الطريقة الطبعانية لهذا الأخير: لحم ذو صبغة مغرة، وأجساد تُرى عن قرب في مواقف غير تقليدية، وقد مثّل هيئة باخوس -أو إله الخمر ديونيسوس- في حفل الافتتاح، الممثل فيليب كاترين الذي رأيتموه مصبوغا بالأزرق، وصورته في تعليقي الوحيد على البوست. إلا أن التأثير الكبير الذي حظي به الرسام الإيطالي لم يدم. اختفى تأثيره تقريبًا حوالي عام 1630، حينئذ تحول بيلچرت إلى تريند جديد، وهو الكلاسيكية. تكوين الإفريز، اللون الأحادي، شيوع الرسم، اللمعان النهاري لهذه اللوحة يوحي بها.
ومن وحي اللوحة كتب عمنا صلاح جاهين: "حتحور ومناف ونبتون/ وإله بقرون وديل/ طلعوا الأولمب هيلتون/ واتعشوا في الأوتيل/زيوس اتحدى رع/ في بورصة البشر/ أبوللو قالو هع/ فشر فشر فشر/ والكل نزلوا ركبو عربيات فارهة/ إن خسروا ولا كسبوا/ الكل آلهة".
(*) مدونة كتبها الروائي المصري عصام منصور في صفحته الفايسبوكية
تاريخ اللوحة
حوالي 1635 - 1640
الفنان
جان هارمينز ڤان بيلچرت (أوتريخت، 1597 - أوتريخت، 1671)
بغض النظر عن رأي البعض في جمال أو قبح الثقافة الفرنسية، التي حاول مسؤولو حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 نقلها من وجهة نظرهم الخاصة، فهم لم يحاولوا تمثيل لوحة "العشاء الأخير" إطلاقا يا قوم. حاولت التصحيح لبعض مشاهير السوشيال ميديا ومحترفي صناعة المحتوى، لكن يبدو أن الخطأ قد شاع خلال 24 ساعة حتى صار بقوة القانون. لكنها على أية حال فرصة لتذوّق الفن، وهو الغرض الذي نتفق عليه جميعا سواء كمسؤولين عن الحفل، أو متلقين.
اللوحة التي مثلوها على نهر السين هي في الواقع لوحة "مأدبة الآلهة" لڤان بيلچرت.
في أوليمبوس -منبع الألعاب الأوليمبية- اجتمعت الآلهة في مأدبة احتفالًا بزواج ثيتيس وبيليوس. على اليسار تقف مينيرفا وديانا ومارس وڤينوس برفقة كيوبيد. فلورا، إلهة الربيع، تقف خلفهم. أبولو المتوج، والذي يمكن التعرف عليه من خلال قيثارته، يترأس وسط الطاولة، وقد مثلته عازفة dj ممتلئة، ترتدي تاجا ضخما واضحا، لم يرتده المسيح في لوحة العشاء الأخير. نتعرف أيضًا على هرقل بهراوته ونبتون برمحه الثلاثي. في أقصى اليمين، وضع إيريس تفاحة الخلاف على الطاولة. بعض الآلهة مفقودة، ربما بسبب القطع الذي تعرضت له اللوحة على الجانب الأيسر؛ يشير وجود طاووس جونو إلى ذلك. كان موضوع عيد الآلهة شائعا في هولندا؛ أدى زواج النفس والحب لهندريك غولتزيوس إلى إنتاج وفير من الأعمال التي توضح هذا الموضوع.
بقي بيلچرت في روما في أوائل عشرينيات القرن السابع عشر، ومثل زملائه في أوترخت - تير بروغن، وهونثورست، وبابورين - أعجب بفن الإيطالي كاراڤاجيو. إن الساتير الذي يرقص أمام الطاولة، وباخوس الذي يرقد في المقدمة وهو يعتصر عنقود العنب فوق فمه، يذكران بطريقة مخففة الطريقة الطبعانية لهذا الأخير: لحم ذو صبغة مغرة، وأجساد تُرى عن قرب في مواقف غير تقليدية، وقد مثّل هيئة باخوس -أو إله الخمر ديونيسوس- في حفل الافتتاح، الممثل فيليب كاترين الذي رأيتموه مصبوغا بالأزرق، وصورته في تعليقي الوحيد على البوست. إلا أن التأثير الكبير الذي حظي به الرسام الإيطالي لم يدم. اختفى تأثيره تقريبًا حوالي عام 1630، حينئذ تحول بيلچرت إلى تريند جديد، وهو الكلاسيكية. تكوين الإفريز، اللون الأحادي، شيوع الرسم، اللمعان النهاري لهذه اللوحة يوحي بها.
ومن وحي اللوحة كتب عمنا صلاح جاهين: "حتحور ومناف ونبتون/ وإله بقرون وديل/ طلعوا الأولمب هيلتون/ واتعشوا في الأوتيل/زيوس اتحدى رع/ في بورصة البشر/ أبوللو قالو هع/ فشر فشر فشر/ والكل نزلوا ركبو عربيات فارهة/ إن خسروا ولا كسبوا/ الكل آلهة".
(*) مدونة كتبها الروائي المصري عصام منصور في صفحته الفايسبوكية
تاريخ اللوحة
حوالي 1635 - 1640
الفنان
جان هارمينز ڤان بيلچرت (أوتريخت، 1597 - أوتريخت، 1671)