فاقت إيراداته في السعودية ما حققه داخل مصر..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فاقت إيراداته في السعودية ما حققه داخل مصر..

    فاقت إيراداته في السعودية ما حققه داخل مصر..
    «جوازة توكسيك» .. توليفة فنية تعتمد على المفارقات والتناقضات

    القاهرة ـ «سينماتوغراف»
    من مفارقات السينما المصرية أن بعض الأفلام التي تقدمها تحظى بنجاح جماهيري كبير في بعض الدول العربية ولا تحقق النتيجة نفسها في القاهرة وغيرها من المدن، وهو دليل جديد على اختلاف الذائقة الفنية، فيظهر تشبع هنا وعطش هناك، وقد ظهرت هذه المعادلة – المفارقة في فيلم “جوازة توكسيك” الذي عرض في دور السينما مؤخراً، وفاقت إيراداته في السعودية ما حققه في مصر.
    يشير شباك التذاكر إلى جوانب عديدة في العمل الفني، وليس بالضرورة أنه ينطوي على ملمح سلبي حول ضعف المستوى أو رداءة المحتوى، فهناك أفلام عرضت في مهرجانات دولية وحصلت على جوائز ولم تنل شعبية عند عرضها في دولها، وأخرى سقطت بمعايير العائد المادي عند طرحها، لكنها بعد وقت معين جرى اكتشاف قيمتها وأهميتها، ما يعني أن فكرة التقييم تتراوح بين النقاد والجمهور ولها حسابات معقدة يصعب حصرها في الحبكة الفنية وجودة التمثيل والتوقيت الزمني والمكان أيضاً.
    يشير عنوان الفيلم من دون تفحص كبير في محتواه إلى المعنى الاجتماعي المقصود مباشرة، حيث يتكون من كلمتين، إحداهما “جوازة”، وهي بالعربية الفصحى تعني زواج، والثانية بالإنجليزية “توكسيك” وتعني سامة أو مؤذية.
    وتدور القصة حول شاب من أسرة محافظة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة أو فوق المتوسطة، وفتاة من أسرة غنية ومنفتحة، وكلاهما تعيش الحياة بالطريقة التي اعتادت عليها وتتناسب مع بيئتها إلى أن يفكر الشاب والفتاة في الزواج، فيظهر فاصل طويل من المواقف بين العائلتين، أبطاله الأب والأم ومن حولهما والتصرفات التي يقوم بها كل شخص.
    نجح المؤلف لؤي السيد في تقديم توليفة فنية متقنة من خلال الأحداث المتتابعة سريعاً وتمر بها قصة الزواج والتفاصيل المحيطة بها، إذ مرت بفترات صعود وهبوط، ومد وجزر، وتمدد وانكماش، تجعل المشاهد منجذباً لأبطال العمل والطريقة التي سيتصرف بها كل منهم مع الموقف في السياق الدرامي الذي يمر به، واحتوى مشاهد كوميدية وساخرة وتراجيديا، وهو كوكتيل يراه الجمهور في لقطات عدة أو في مشهد واحد.
    أجاد مخرج الفيلم محمود كريم في توظيف الثنائي ليلى علوي وبيومي فؤاد، بعد أن نجحا في عملين سابقين معا قدما في الفترة الماضية، وهما “ماما حامل” و”شوجر دادي”، وجاء فيلم “جوازة توكسيك” ليؤكد ارتفاع درجة الكيمياء والانسجام النفسي بينهما في المشاهد الكوميدية التي لم تعرف بها ليلى علوي، ويصعب القطع بأن بيومي فؤاد أسهم في استخراج هذه الطاقة الكامنة داخلها، لكن القصة والعمل الجيدين وقدرة المخرج على الاستفادة من إمكانيات الممثلين عوامل حاسمة في هذه المسألة.
    عزف العمل على مفارقة الأسرة المحافظة والأسرة المنفتحة وممارسات وتطلعات وطموحات ونمط تفكير كل منهما وطريقتيهما في الحياة، وتظهر في تصرفات الأب والأم والأبناء، وتتبدل عندما يحاول كل طرف فهم الآخر ومحاولة البناء على المساحات الإنسانية المشتركة والبعد عن المتنافرة، وهو ما حاول القيام به الفنان محمد أنور الذي جسد دور الشاب كريم المنتمي إلى الطبقة المتوسط وابن حسين وقام بدوره بيومي فؤاد، ونوال وقامت بدورها ليلى علوي، في المقابل هناك الفنانة ملك قورة خطيبته وجسدت دور فريدة المنتمية إلى طبقة أرستقراطية، ووالدها مؤنس وجسده الفنان تامر هجرس، وأمها نيللي وقامت بدورها هايدي كرم، ولكل منهم عالمه الخاص به.
    قد يصعب استشفاف المعاني الاجتماعية من الأسماء، لأنها شائعة في مصر ومنتشرة في بيئات متباينة ولا تحوي مدلولات محددة، كما هو واضح في طريقة تفكير كل شخص، وأصبح كريم هو حلقة الوصل بين الأسرتين أو رمانة الميزان، من خلال امتلاكه ثقافة واسعة ساعدته في التعامل مع كل من حوله.
    مع ذلك، في مواقف معينة كان تفكيره يعود إلى جذوره، ويبدو محافظاً أكثر من اللازم، وهي دلالة على أن الشخص ابن بيئته مهما حاول التذرع بقدرته على تغيير جلده الاجتماعي عن وعي أو بدونه، فعندما اكتشف أن خطيبته فريدة كانت على علاقة بشخص من قبل ولم تخبره بالحكاية، قام بالتصرف الذي يقتضيه من ينتمي إلى بيئة اجتماعية محافظة وهو الاستنكار، وكاد ينهي علاقته معها.
    لم يضف فيلم “جوازة توكسيك” كثيراً للفنان بيومي فؤاد، إذ كرر أسلوبه السهل الممتنع في التمثيل، وعندما كان يحاول أن يبدو صارماً وشديداً لم يتخل عن الكوميديا التي عرف بها، وكرّس العمل الثيمة المعروفة عنه التي تتحرك في مساحة ضيقة ومتكررة، لكن العمل أسهم في تكوين “دويتو” أو ثنائي جيد بين بيومي فؤاد وليلى علوي في أداء دور الزوج والزوجة المليء بالتناقضات النابعة من واقع النمط الشائع في غالبية الأسر المصرية، بحيث لا يملك المشاهد سوى أن يضحك من بعض المفارقات.
    ووسط رفض حسين وفريدة زواج كريم من فريدة، بسبب التفاوت في نمط الحياة، يتبدل الحال عندما يجد حسين فتاة جميلة تعمل في منزل مؤنس ونيللي، قامت بدورها الراقصة جوهرة، وارتدت أزياء تتناسب مع نمط حياة أسرته، حيث ظهرت بـ”الهوت شورت” في غالبية المشاهد وتتعامل مع مؤنس بتلقائية كأنها زوجته، بينما هي مديرة المنزل، وهو ما شد انتباه حسين وجعل موقفه يلين من عملية الزواج، كي لا يترك جوهرة التي جسدت دور بيانكا.
    عمد الفيلم إلى عدم تقديم الأسرة المحافظة على أنها متزمتة ومنغلقة، أو الأسرة المنفتحة على أنها بلا ضوابط أو قيم أخلاقية، ونجح في هذه المهمة عندما بدأت عملية تقارب تلقائي في الجزء الرمادي بينهما، فلم يكن الأب حسين متطرفاً في أفكاره أو شاردا في أحكامه، ولم يكن الأب مؤنس تافها أو الأم نيللي بلا عمل، ولم يكن كلاهما مشمئزا أو نافرا من كريم وأسرته، على العكس أظهرا تقبلاً في كل المواقف المحرجة، ولديهما فهم للدوافع التي جعلتهما يتعاملان مع هذه الزيجة على أنها “توكسيك” أو سامة، وجاءت تصرفاتهما لتضفي عاطفة وحباً وتقبلاً لمبرراتهما الخفية للرفض.
    تمثلت نقطة الالتقاء عند يقين وحاجة الأسرتين إلى إسعاد كريم وفريدة بشتى الطرق، والتخلي عن الكثير من قناعاتهما السلبية عن الآخر مقابل البحث عن الجوانب الإيجابية، وربما يبدو القبول بالزواج اعترافاً بخطأ طريقة تفكير حسين ونوال، وعدم الحكم على الأشخاص قبل معرفتهم عن قرب وبصورة دقيقة، وهو المعنى الذي أكدته أحداث الفيلم، والهدف الرئيسي الذي أراد صناعه توعية الجمهور بأهميته، وتعزز باقتناع نوال بتغيير طريقة لبسها لتصبح أكثر عصرنة بناء على نصيحة من نيللي.
    يحفل الفيلم بالكثير من الرسائل التي يمكن استنباطها، وتتوقف النتيجة على الزاوية التي ينظر منها المشاهد وتحددها البيئة والثقافة ونمط التفكير، لذلك فهو عمل متعدد الوجوه والخصال والأهداف، ويتناسب مع جميع أفراد الأسرة، لأن إسقاطاته العاطفية والجنسية لم تكن فجة ومنفرة ومبتذلة، وظهرت ناعمة وسلسة وفي السياق الكوميدي، ما جعل فيلم “جوازة توكسيك” خلطة اجتماعية واقعية من البيئة المصرية، يمكن اكتشاف أهميتها لاحقاً إذا لم يتفاعل الجمهور بالشكل الذي يستحقه الآن.

    http://cinematographwebsite.com/

    #فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك
يعمل...
X