"البخارة".. معالجة مسرحية لأزمة التلوث في تونس
المسرحية تروي أوجاع مواطنين يرزحون تحت عبء التلوث الذي نخر الأجساد والأرواح.
السبت 2024/07/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
التلوث مشكلة العالم الآن
الحمامات (تونس) - يستمر مهرجان الحمامات الدولي المنعقد بتونس في الاحتفاء بالتجارب المسرحية التي تعالج قضايا مختلفة تهم التونسيين على غرار مشاكل التلوث البيئي، حيث عرض مسرحية “البخارة” للمخرج صادق الطرابلسي.
المسرحية هي من إنتاج مسرح أوبرا تونس، وقطب المسرح والفنون الركحية، وهي من أداء رمزي عزيز، ومريم بن حسن، وعلي بن سعيد، وبليغ مكي، وبلال سلاطنية وتناقش مشكلة التلوث البيئي الذي تعاني منه مدينة قابس.
خمس شخصيات تطل من وسط ضباب يحاكي تسرب البخارة في الأجواء، لتروي أوجاع مواطنين يرزحون تحت عبء التلوث الذي نخر الأجساد والأرواح، المولدي وابنه نضال، وابنه يحيى وزوجته دلال عائلة أنهكها التلوث، في مواجهة مالك المشروع المتسبب فيه.
وعلى الخشبة التجأت الرؤية الإخراجية إلى تقنيات سينمائية على غرار المونتاج الموازي الذي يتشابك فيه حدثان مختلفان ومتوازيان في الزمان مما خلق تأثيرا دراميا.
"البخارة" تنطلق من معضلة محلية إلا أنها تحمل بعدا كونيا يحملك إلى أي مكان يعاني من آفة التلوث
وفي مجاراة لحالة الاختناق التي تسببها “البخارة” المتصاعدة من المجمعات الكيميائية بمدينة قابس، يتخذ النص المسرحي نسقا تصاعديا توازيه الموسيقى التي تنطلق من نوتة بسيطة مسموعة إلى صخب وضجيج يؤلف تلوثا سمعيا.
مع تدفق الحكايات على الخشبة، يجد المشاهد نفسه وجها لوجه مع معضلة التلوث التي ترزح قابس تحت عبئها، وتظهر المعاناة في هيئات مختلفة؛ اختناق، أمراض تنفسية، سرطان، أجنحة مشوهة، موت.
40 سنة من التلوث سعت المسرحية إلى اختزالها في عمل حاول الحفر في قضية بيئية مستمرة، لم تنجح الحكومات المتعاقبة في وضع حد لها، واستندت في ذلك إلى وقائع ملموسة وأحداث حقيقية استقاها المخرج من مناضلين من أجل الحقوق البيئية.
وإن كانت “البخارة” تنطلق من معضلة محلية إلا أنها تحمل بعدا كونيا تجلى في السينوغرافيا التي لا تصرح بأن الأحداث تدور في قابس فقط بل تحملك إلى أي مكان في العالم يعاني من آفة التلوث.
وعلى نسق الديكور المتحرك تتكثف المعاناة ويحكي الممثلون على ألسنة الشخصيات وجع جيل ما انفك يصرخ من أجل حقه في بيئة صحية، أن يتنفس هواء نقيا وأن يسبح في بحر لا تشوبه المواد الكيميائية.
وفي نقطة فارقة في العرض ينزع الممثل رمزي عزيز الشخصية التي تقمصها ويتحدث بلسانه وهو الذي عايش أثر التلوث في قابس إذ عرفها نعيما بواحاتها وبحرها وصفاء هوائها قبل أن تنتشر فيها رائحة الموت.
هذا العمل المسرحي الذي يصور تأثيرات التلوث على الإنسان والبيئة، ينقل هواجس المتضررين من السموم التي تملأ الأجواء ويذكر بحقهم في بيئة سليمة وفي حياة خالية من الأمراض.
المسرحية تروي أوجاع مواطنين يرزحون تحت عبء التلوث الذي نخر الأجساد والأرواح.
السبت 2024/07/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
التلوث مشكلة العالم الآن
الحمامات (تونس) - يستمر مهرجان الحمامات الدولي المنعقد بتونس في الاحتفاء بالتجارب المسرحية التي تعالج قضايا مختلفة تهم التونسيين على غرار مشاكل التلوث البيئي، حيث عرض مسرحية “البخارة” للمخرج صادق الطرابلسي.
المسرحية هي من إنتاج مسرح أوبرا تونس، وقطب المسرح والفنون الركحية، وهي من أداء رمزي عزيز، ومريم بن حسن، وعلي بن سعيد، وبليغ مكي، وبلال سلاطنية وتناقش مشكلة التلوث البيئي الذي تعاني منه مدينة قابس.
خمس شخصيات تطل من وسط ضباب يحاكي تسرب البخارة في الأجواء، لتروي أوجاع مواطنين يرزحون تحت عبء التلوث الذي نخر الأجساد والأرواح، المولدي وابنه نضال، وابنه يحيى وزوجته دلال عائلة أنهكها التلوث، في مواجهة مالك المشروع المتسبب فيه.
وعلى الخشبة التجأت الرؤية الإخراجية إلى تقنيات سينمائية على غرار المونتاج الموازي الذي يتشابك فيه حدثان مختلفان ومتوازيان في الزمان مما خلق تأثيرا دراميا.
"البخارة" تنطلق من معضلة محلية إلا أنها تحمل بعدا كونيا يحملك إلى أي مكان يعاني من آفة التلوث
وفي مجاراة لحالة الاختناق التي تسببها “البخارة” المتصاعدة من المجمعات الكيميائية بمدينة قابس، يتخذ النص المسرحي نسقا تصاعديا توازيه الموسيقى التي تنطلق من نوتة بسيطة مسموعة إلى صخب وضجيج يؤلف تلوثا سمعيا.
مع تدفق الحكايات على الخشبة، يجد المشاهد نفسه وجها لوجه مع معضلة التلوث التي ترزح قابس تحت عبئها، وتظهر المعاناة في هيئات مختلفة؛ اختناق، أمراض تنفسية، سرطان، أجنحة مشوهة، موت.
40 سنة من التلوث سعت المسرحية إلى اختزالها في عمل حاول الحفر في قضية بيئية مستمرة، لم تنجح الحكومات المتعاقبة في وضع حد لها، واستندت في ذلك إلى وقائع ملموسة وأحداث حقيقية استقاها المخرج من مناضلين من أجل الحقوق البيئية.
وإن كانت “البخارة” تنطلق من معضلة محلية إلا أنها تحمل بعدا كونيا تجلى في السينوغرافيا التي لا تصرح بأن الأحداث تدور في قابس فقط بل تحملك إلى أي مكان في العالم يعاني من آفة التلوث.
وعلى نسق الديكور المتحرك تتكثف المعاناة ويحكي الممثلون على ألسنة الشخصيات وجع جيل ما انفك يصرخ من أجل حقه في بيئة صحية، أن يتنفس هواء نقيا وأن يسبح في بحر لا تشوبه المواد الكيميائية.
وفي نقطة فارقة في العرض ينزع الممثل رمزي عزيز الشخصية التي تقمصها ويتحدث بلسانه وهو الذي عايش أثر التلوث في قابس إذ عرفها نعيما بواحاتها وبحرها وصفاء هوائها قبل أن تنتشر فيها رائحة الموت.
هذا العمل المسرحي الذي يصور تأثيرات التلوث على الإنسان والبيئة، ينقل هواجس المتضررين من السموم التي تملأ الأجواء ويذكر بحقهم في بيئة سليمة وفي حياة خالية من الأمراض.