فنانون انطباعيون سحرهم معمار تونس وأضواؤها ويومياتها فتغيرت نظرتهم إلى الألوان
دايزي مارغريت فنانة أميركية فتحت لها تونس أبواب التجريب.
الأحد 2024/07/28
ShareWhatsAppTwitterFacebook
استزراع الحكايات في رحلة الضوء (لوحة لدايزي مارغريت)
مثل شمال أفريقيا وخاصة تونس قبلة العديد من الرسامين الغربيين، الذين شغفوا بالمعمار المختلف ونمط الحياة وخاصة الأضواء والظلال، ما انعكس على تجاربهم ولوحاتهم التي قدموا من خلالها وثائق فنية عن تاريخ تونس من جهة، ومن جهة أخرى رحلات ضوئية وتجريبية هامة طبعت تجاربهم وغيرت فيها بشكل لافت حتى في الأعمال اللاحقة.
أثّرت طبيعة تونس في العديد من الفنانين المستشرقين فانعكاس الأضواء والألوان تحكّم بجمالية بصرية في الأسلوب المعتمد في الفن التشكيلي باختلاف توجهاته من التعبيرية والرومنسية والتأثيرية، وبالتالي تحررت تلك الجوانب الحسيّة وتراكمات الغرابة البصرية التي التقت مع مخزون الخيالي الذي يحمله الفنان الغربي، ويلقيه على بصرياته المتماهية مع المنجز، المندمجة مع الخامات المختلفة، المتناغمة مع القماش والخشب والبلور ومع الألوان الزيتية والمائية والغرافيك.
وخلق ذلك الالتقاء التفرّد والتطوير والتماهي الأبعد في تثبيت البصمات البصرية الداعمة لحركة الضوء وتركيب اللون والظلال مثل أعمال المستشرق الروسي ألكسندر روبتسوف، الذي قدم أسلوبا زاخرا بالألوان التي تتماوج مع الأضواء والظلال، ودفعه ذلك للتماهي مع الأشكال والملامح والانتقال والتنقل بألوانه المكتشفة داخل المساحة، وكأنه يبحث في تلك الطبيعة عن منافذ لون جديدة ويجتهد ليوصل بعضا من جمالها للمتلقي.
مغامرة حسية
نذكر أيضا أعمال بول كيلي الذي تأثر بالطبيعة في تونس حيث عبر في مذكراته قائلا “في تونس تنعكس الأضواء ألوانا على الأرض كلما سطعت الشمس. تزدحم الانطباعات في ذاكرتي عن هذه المدينة حيث الإبداع والطبيعة وأنا. يبهرني هذا الانسجام بين عمارة المدينة وعمارة اللوحة..”.
دايزي مارغريت تجيد الخروج من أبواب اللون إلى بوابات الضوء ومدارات المساحات وانتصار الذاكرة في تكوين أخيلتها
لذلك اجتمع الفنانون الرسامون الذي عبروا فضاء تونس ومدنها على رؤية واحدة هي أنه لولا الضوء لما كان للون تأثير ولولا الأمكنة لما علقت المشاهد والصور في ذهن المتلقي الفضولي الباحث بشغف مندفع في أعمال الفنانين، وهو المبدأ الذي أسّست له الفنانة الرسامة الأميركية دايزي مارغريت.
لم تكتف مارغريت بالرسم كمجرد نقل للمشهد بل ارتحلت عبر المشاهد والمدن والأمكنة والحكايات لتكوّن لوحاتها بأنوثة ميزتها من خلال ألوانها واخترقت جماليات الشرق في روح تونس التي استقرّت فيها بعد تجريب السفر نحو دول جنوب المتوسط، وهي تحمل زادها الفني المتنوع وأسلوبها الانطباعي الذي قدّمته بتأملات مستشرقة حملها الحنين الداخلي إلى عوالم الأحلام والخيال وقصص ألف ليلة وليلة، لتكتشف عناصرها البصرية وخصوصياتها داخل الفكرة وتفاصيلها ومشاهدها وعاداتها.
قدّمت مارغريت ذلك الجنون اللوني كمغامرة حسيّة تعلن اشتهاء الضوء المحكم لتفاصيله الازدواجية وتناقضاته البصرية بين النور والعتمة في تكامل أعاد تكوين فكرة أحادية متحدة من جديد من خلال تماسها الحسّي، وهو ما ينتاب المتلقي لتلك اللوحات، وكأن عبير تونس وروائح الأزمنة تعاود الارتحال أعمق في الذاكرة اللامتذكرة أو اللامعيشة ارتحالا أبعد في تحليق سماوي أزرق يشبه تونس ولا يشبه سواها.
تونس الرؤى
تميزت الأعمال الفنية للمستشرقين عن تونس بالدقة المتناهية والثراء الطبيعي وبالوضوح فكل صورة ولوحة تسرد تفاصيل الماضي وتحاكي الانطباع أوّلا ثم الواقع من خلال أسلوب الحياة والتفاصيل التي قد تظهر بسيطة في زمنها، لكنها مع مرور هذه العصور تعتّقت لتصبح إرثا ووثيقة غارقة في التاريخ، وصفت العادات المتنوعة والهوية الراسخة لتونس، فحتى لو قصد المستشرقون من خلال تصويرها إبراز مجتمع مختلف، فقد حاولوا نقل تفاصيله بعلوّ وبتدقيق على ذلك الاختلاف بين الشرق والغرب.
ونجحت هذه الأعمال في أن تبرز مشاهد مميزة للحياة اليومية والنماذج البشرية المتنوعة، صورت ملامح المجتمع واهتمت بالمعمار وبكل التمازج الطبيعي والبشري الذي منح اللوحات رؤى تجريبية في عوالم الفنون التشكيلية واكتشافات في المنحى التصويري والبعد البصري واللوني والتفاعلي بين القيم الضوئية وعنصر الضوء والشمس والطبيعة، وهو ما وهبها قيمة فنية ذات أبعاد جمالية تاريخية تستوقف المشاهد لتخلق داخله اهتماما مفعما بالحنين والبحث والسفر فيها ومعها.
أعمال الرسامين الغربيين في تونس نجحت في إبراز مشاهد مميزة للحياة اليومية والنماذج البشرية المتنوعة والمعمار
هي مجموعة من اللوحات للفنانة دايزي مارغريت يعرضها المتحف اللبناني – الأميركي Farhat Art Museum، مقدما أعمالا لفنانة تختزل تلك الزيارة التي أثّرت فيها وأخذت منها رؤاها البصرية والجمالية من خلال الزاد الحسي والجمالي الذي اختارته مضمونا لأعمالها وانتعاشا لخيالها.
قدّمت الفنانة رؤاها واحتضنت انبهارها وتنقلها بكامل اندفاعها وروحها في كل عمل وكل منجز كانت تنفذه أو تحتفظ به في دفاترها، ليكون شاهدا على مرورها الشغوف وتحمّلها أعباء الترحال بين القارات لتحمل ألوانها وتضمّخها برغبة أنثى تسعى لترك بصماتها وأثرها على منحنيات الضوء وظلاله في تفاعل اللون الأزرق مع تأملاتها الشرقية الصاخبة.
رحلة الضوء
دايزي مارغريت هيوز فنانة انطباعية أميركية (1883 – 1968) تعلّمت الرسم أكاديميا وشغفت به واختصت فيه، فقد تتلمذت على يد كبار الفنانين الأميركيين أمثال جورج ألمار براون، الذي أضاف لها الكثير من المعارف الفنية التي ارتكزت على الفنون في فرنسا، وكذلك أستاذها رالف جوهنوت حيث صاغ لها تكوينات اللون ومثيراته البصرية عند رسم المشاهد الخارجية والطبيعية في الأسلوب الانطباعي.
تأملات في الحياة اليومية
انخرطت في عدة جمعيات فنية نسوية وعبّرت من خلال أعمالها عن كيانها وكينونته وحضورها المؤثر في تاريخ الفن النسوي في العالم والفن الأميركي بالخصوص، فهي لم تترك بين الأزمنة تماسا إلا وكانت فيه روحها تتداخل وتتكاثف بين اتجاهات عالمين مليئين بالتناقض، عالم الفن الذكوري والفن النسائي، حتى تبحث لها عن مكانة وحضور وتأثير، وكذلك بين عالمين اختلفا أيضا من حيث الجغرافيا والثقافة والأفكار والمجتمع، فكانت الصورة التي حملتها عن الشرق مبنية على انطباعات ما تناقله تيار أوائل المستشرقين وعلى البحث الذاتي الذي دفعها للتنقل بين الناس والأمكنة في كل تفصيل وكل منفذ بين كل منطقة وكل قرية ومدينة.
وقد وقعت مارغريت في عشق تونس فكانت لها بمثابة المرسم الواسع الذي فتح لها أبواب التجريب بين اللون والطبيعة وبين الألوان الزيتية والمائية فقد استطاعت تثبيت رؤاها الانطباعية، فكانت مثل فراشة تختار موازينها بحرية انتسابها للون مرة وهي تستدرجه نحو عمق الفراغ تفرّعا داخل المساحة تحت أقواسها في منحنيات الأزقة واكتظاظ الأسواق وبين الذاكرة وهي تتحوّل بها بصريا بين الشخوص والفضاءات وبين الطبيعة البحرية في سيدي بوسعيد والجبلية في وسط تونس وبين روحانيات القيروان وأسواق المدينة.
كانت دايزي مارغريت تجيد الخروج من أبواب اللون إلى بوابات الضوء ومدارات المساحات وانتصار الذاكرة في تكوين أخيلتها المترابطة التي تتجادل مع الأزمنة وتتحوّل مع حركتها في الملامح وهي تتداخل مع العمارة وما يميّزها بين التقاليد والعادات بين الأزقة والأبواب بكل اختلافاتها من الأسواق إلى الساحات في الفضاءات العامة والخاصة.
إن ما تفعله دايزي من خلال الرسم هو استزراع الحكايات في رحلة الضوء وتدوين صامت بالفرشاة واكتتاب مرسوم بين البياض الأبيض والأزرق المكتمل المنعكس في عمارة الفضاءات.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
بشرى بن فاطمة
كاتبة باحثة تونسية اختصاص فنون بصرية
دايزي مارغريت فنانة أميركية فتحت لها تونس أبواب التجريب.
الأحد 2024/07/28
ShareWhatsAppTwitterFacebook
استزراع الحكايات في رحلة الضوء (لوحة لدايزي مارغريت)
مثل شمال أفريقيا وخاصة تونس قبلة العديد من الرسامين الغربيين، الذين شغفوا بالمعمار المختلف ونمط الحياة وخاصة الأضواء والظلال، ما انعكس على تجاربهم ولوحاتهم التي قدموا من خلالها وثائق فنية عن تاريخ تونس من جهة، ومن جهة أخرى رحلات ضوئية وتجريبية هامة طبعت تجاربهم وغيرت فيها بشكل لافت حتى في الأعمال اللاحقة.
أثّرت طبيعة تونس في العديد من الفنانين المستشرقين فانعكاس الأضواء والألوان تحكّم بجمالية بصرية في الأسلوب المعتمد في الفن التشكيلي باختلاف توجهاته من التعبيرية والرومنسية والتأثيرية، وبالتالي تحررت تلك الجوانب الحسيّة وتراكمات الغرابة البصرية التي التقت مع مخزون الخيالي الذي يحمله الفنان الغربي، ويلقيه على بصرياته المتماهية مع المنجز، المندمجة مع الخامات المختلفة، المتناغمة مع القماش والخشب والبلور ومع الألوان الزيتية والمائية والغرافيك.
الرسامون الذي عبروا فضاء تونس ومدنها اجتمعوا على رؤية واحدة هي أنه لولا الضوء لما كان للون تأثير
وخلق ذلك الالتقاء التفرّد والتطوير والتماهي الأبعد في تثبيت البصمات البصرية الداعمة لحركة الضوء وتركيب اللون والظلال مثل أعمال المستشرق الروسي ألكسندر روبتسوف، الذي قدم أسلوبا زاخرا بالألوان التي تتماوج مع الأضواء والظلال، ودفعه ذلك للتماهي مع الأشكال والملامح والانتقال والتنقل بألوانه المكتشفة داخل المساحة، وكأنه يبحث في تلك الطبيعة عن منافذ لون جديدة ويجتهد ليوصل بعضا من جمالها للمتلقي.
مغامرة حسية
نذكر أيضا أعمال بول كيلي الذي تأثر بالطبيعة في تونس حيث عبر في مذكراته قائلا “في تونس تنعكس الأضواء ألوانا على الأرض كلما سطعت الشمس. تزدحم الانطباعات في ذاكرتي عن هذه المدينة حيث الإبداع والطبيعة وأنا. يبهرني هذا الانسجام بين عمارة المدينة وعمارة اللوحة..”.
دايزي مارغريت تجيد الخروج من أبواب اللون إلى بوابات الضوء ومدارات المساحات وانتصار الذاكرة في تكوين أخيلتها
لذلك اجتمع الفنانون الرسامون الذي عبروا فضاء تونس ومدنها على رؤية واحدة هي أنه لولا الضوء لما كان للون تأثير ولولا الأمكنة لما علقت المشاهد والصور في ذهن المتلقي الفضولي الباحث بشغف مندفع في أعمال الفنانين، وهو المبدأ الذي أسّست له الفنانة الرسامة الأميركية دايزي مارغريت.
لم تكتف مارغريت بالرسم كمجرد نقل للمشهد بل ارتحلت عبر المشاهد والمدن والأمكنة والحكايات لتكوّن لوحاتها بأنوثة ميزتها من خلال ألوانها واخترقت جماليات الشرق في روح تونس التي استقرّت فيها بعد تجريب السفر نحو دول جنوب المتوسط، وهي تحمل زادها الفني المتنوع وأسلوبها الانطباعي الذي قدّمته بتأملات مستشرقة حملها الحنين الداخلي إلى عوالم الأحلام والخيال وقصص ألف ليلة وليلة، لتكتشف عناصرها البصرية وخصوصياتها داخل الفكرة وتفاصيلها ومشاهدها وعاداتها.
قدّمت مارغريت ذلك الجنون اللوني كمغامرة حسيّة تعلن اشتهاء الضوء المحكم لتفاصيله الازدواجية وتناقضاته البصرية بين النور والعتمة في تكامل أعاد تكوين فكرة أحادية متحدة من جديد من خلال تماسها الحسّي، وهو ما ينتاب المتلقي لتلك اللوحات، وكأن عبير تونس وروائح الأزمنة تعاود الارتحال أعمق في الذاكرة اللامتذكرة أو اللامعيشة ارتحالا أبعد في تحليق سماوي أزرق يشبه تونس ولا يشبه سواها.
تونس الرؤى
تميزت الأعمال الفنية للمستشرقين عن تونس بالدقة المتناهية والثراء الطبيعي وبالوضوح فكل صورة ولوحة تسرد تفاصيل الماضي وتحاكي الانطباع أوّلا ثم الواقع من خلال أسلوب الحياة والتفاصيل التي قد تظهر بسيطة في زمنها، لكنها مع مرور هذه العصور تعتّقت لتصبح إرثا ووثيقة غارقة في التاريخ، وصفت العادات المتنوعة والهوية الراسخة لتونس، فحتى لو قصد المستشرقون من خلال تصويرها إبراز مجتمع مختلف، فقد حاولوا نقل تفاصيله بعلوّ وبتدقيق على ذلك الاختلاف بين الشرق والغرب.
ونجحت هذه الأعمال في أن تبرز مشاهد مميزة للحياة اليومية والنماذج البشرية المتنوعة، صورت ملامح المجتمع واهتمت بالمعمار وبكل التمازج الطبيعي والبشري الذي منح اللوحات رؤى تجريبية في عوالم الفنون التشكيلية واكتشافات في المنحى التصويري والبعد البصري واللوني والتفاعلي بين القيم الضوئية وعنصر الضوء والشمس والطبيعة، وهو ما وهبها قيمة فنية ذات أبعاد جمالية تاريخية تستوقف المشاهد لتخلق داخله اهتماما مفعما بالحنين والبحث والسفر فيها ومعها.
أعمال الرسامين الغربيين في تونس نجحت في إبراز مشاهد مميزة للحياة اليومية والنماذج البشرية المتنوعة والمعمار
هي مجموعة من اللوحات للفنانة دايزي مارغريت يعرضها المتحف اللبناني – الأميركي Farhat Art Museum، مقدما أعمالا لفنانة تختزل تلك الزيارة التي أثّرت فيها وأخذت منها رؤاها البصرية والجمالية من خلال الزاد الحسي والجمالي الذي اختارته مضمونا لأعمالها وانتعاشا لخيالها.
قدّمت الفنانة رؤاها واحتضنت انبهارها وتنقلها بكامل اندفاعها وروحها في كل عمل وكل منجز كانت تنفذه أو تحتفظ به في دفاترها، ليكون شاهدا على مرورها الشغوف وتحمّلها أعباء الترحال بين القارات لتحمل ألوانها وتضمّخها برغبة أنثى تسعى لترك بصماتها وأثرها على منحنيات الضوء وظلاله في تفاعل اللون الأزرق مع تأملاتها الشرقية الصاخبة.
رحلة الضوء
دايزي مارغريت هيوز فنانة انطباعية أميركية (1883 – 1968) تعلّمت الرسم أكاديميا وشغفت به واختصت فيه، فقد تتلمذت على يد كبار الفنانين الأميركيين أمثال جورج ألمار براون، الذي أضاف لها الكثير من المعارف الفنية التي ارتكزت على الفنون في فرنسا، وكذلك أستاذها رالف جوهنوت حيث صاغ لها تكوينات اللون ومثيراته البصرية عند رسم المشاهد الخارجية والطبيعية في الأسلوب الانطباعي.
تأملات في الحياة اليومية
انخرطت في عدة جمعيات فنية نسوية وعبّرت من خلال أعمالها عن كيانها وكينونته وحضورها المؤثر في تاريخ الفن النسوي في العالم والفن الأميركي بالخصوص، فهي لم تترك بين الأزمنة تماسا إلا وكانت فيه روحها تتداخل وتتكاثف بين اتجاهات عالمين مليئين بالتناقض، عالم الفن الذكوري والفن النسائي، حتى تبحث لها عن مكانة وحضور وتأثير، وكذلك بين عالمين اختلفا أيضا من حيث الجغرافيا والثقافة والأفكار والمجتمع، فكانت الصورة التي حملتها عن الشرق مبنية على انطباعات ما تناقله تيار أوائل المستشرقين وعلى البحث الذاتي الذي دفعها للتنقل بين الناس والأمكنة في كل تفصيل وكل منفذ بين كل منطقة وكل قرية ومدينة.
وقد وقعت مارغريت في عشق تونس فكانت لها بمثابة المرسم الواسع الذي فتح لها أبواب التجريب بين اللون والطبيعة وبين الألوان الزيتية والمائية فقد استطاعت تثبيت رؤاها الانطباعية، فكانت مثل فراشة تختار موازينها بحرية انتسابها للون مرة وهي تستدرجه نحو عمق الفراغ تفرّعا داخل المساحة تحت أقواسها في منحنيات الأزقة واكتظاظ الأسواق وبين الذاكرة وهي تتحوّل بها بصريا بين الشخوص والفضاءات وبين الطبيعة البحرية في سيدي بوسعيد والجبلية في وسط تونس وبين روحانيات القيروان وأسواق المدينة.
كانت دايزي مارغريت تجيد الخروج من أبواب اللون إلى بوابات الضوء ومدارات المساحات وانتصار الذاكرة في تكوين أخيلتها المترابطة التي تتجادل مع الأزمنة وتتحوّل مع حركتها في الملامح وهي تتداخل مع العمارة وما يميّزها بين التقاليد والعادات بين الأزقة والأبواب بكل اختلافاتها من الأسواق إلى الساحات في الفضاءات العامة والخاصة.
إن ما تفعله دايزي من خلال الرسم هو استزراع الحكايات في رحلة الضوء وتدوين صامت بالفرشاة واكتتاب مرسوم بين البياض الأبيض والأزرق المكتمل المنعكس في عمارة الفضاءات.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
بشرى بن فاطمة
كاتبة باحثة تونسية اختصاص فنون بصرية