إنسبشن» .. تجربة متفردة تربط الواقع بعالم الأحلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنسبشن» .. تجربة متفردة تربط الواقع بعالم الأحلام

    ريفيو | «إنسبشن» .. تجربة متفردة تربط الواقع بعالم الأحلام

    «سينماتوغراف» ـ أسامة عسل
    السينما فن ساحر يخلط ويمزج بين الواقع والخيال، غير أن واقعها ليس واقعاً محضاً وخيالها ليس خيالاً صرفاً، فكلاهما يتأرجح ويأخذ من الآخر صفاته فيثير الانتباه والوعي والتفكير لاكتشاف ما وراء الواقع والخيال، ومن ثم تكون حقيقة الحياة واضحة ومثيرة على الشاشة الكبيرة.
    فيلم «استهلال ـ Inception »، نموذج أخاذ لسحر الفن السابع ومقدرته الرائعة على النفاذ إلي عمق الحقيقة دون افتعال أو تزييف، بحيث يصبح مرآة نرى فيها أنفسنا وحياتنا وواقعنا وخيالنا حتى لو تناول زمنا آخر ومكاناً غير مكاننا، أو ذهب بالعقل البشري إلي التحكم في الأحلام والتسرب إلى عقول الآخرين للإيحاء إليها .
    ببساطة أكثر استطاع هذا الفيلم أن يوضح فكرة «غسيل المخ» التي تقوم بها بعض الجهات لتجنيد أشخاص يقومون بأعمال قد يدفعون حياتهم ثمناً لها، ولأننا كنا نستغرب من كيفية التأثير والتأثر التي تصل بهم إلي الاقتناع ودرجة الإيمان الكامل، فإن رؤية المخرج والكاتب البريطاني كريستوفر نولان تضعنا أمام إجابة لهذا الاستغراب من خلال الولوج إلى عالم اللاوعي أو وقت الحلم، عندما يكون العقل كامناً وفي كامل استرخائه، وبالتالي يمكن اقتحامه والتعامل مع معلوماته التي تكون ذات أهمية بالغة لبعض الجماعات.
    وفي هذا الإطار تأتي قصة الفيلم التي تقدم خيالاً علمياً مشوقاً مصحوباً بالأكشن إذ أن البطل (دوم كوب ـ ليوناردو دي كابريو) سارق يستطيع السطو على الأحلام، ولديه موهبة خاصة جدًا هي القدرة على الدخول إلى أحلام الناس والتسرب إلى عقول الآخرين لكشف طموحاتهم ونواياهم واستنباط معلوماتهم، وأيضاً يقوم بالتفتيش في ماضيهم عن حوادث وأسرار مخفية يمكن استغلالها لتحقيق عدة مآرب، بل والأدهى إنه يستطيع السيطرة عليهم بالإيحاء حين يكون العقل في أضعف حالاته، وبهذا يستطيع التجول في العقل الباطن بحرية بالغة.
    تتميز أحداث هذا العمل بالإثارة والمتعة لأن شخصياته تعيش في واقع يختلف عما هو مألوف ـ أي عالم الأحلام ـ فلا غريب أن تأتي معلوماته سريعة ومعقدة وغامضة في رحلة تغوص داخل العقل للإجابة عن السؤال الأبدي عن ماهية الحلم؟، حيث يتم الاتفاق بين «كوب» و«سايتو» الذي يريد تدمير (شركة كوبول الهندسية) المسيطرة على نصف الطاقة في الكرة الأرضية لمعرفة ما يدور في عقل «روبرت فينشر» الوريث الوحيد لصاحب هذه الشركة لدفعه إلي تفكيكها من خلال الإيحاء إلي عقله.
    ومن خلال فريق يضم «إيمز» المتميز في الأحلام، و«أرثر» الذي يجيد فن التنكر، والكيميائي «يوسف» الذي يبتكر الجرعات المنومة، و«أردياني» التي تصنع دوائر التمويه والخداع للحصول على المعلومات، تكون الرحلة على الطائرة المصاحبة لنقل جثمان «فينشر» المتوفى من مدينة سيدني إلي لوس انجلوس، وفي عشر ساعات يتم زرع معلومات في عقل «روبرت فينشر» لمعرفة ما يخبئه من أسرار.
    ويكون مقابلها دخول «كوب» إلي أميركا من دون تعقيدات مع مكتب الهجرة، حيث يعاني من شبهة قتل زوجته «مال» التي شاركته تجربة الدخول إلي عالم الأحلام وفقدت الإدراك بين ما هو حقيقي وما هو خيالي، فأقدمت على الانتحار بعد أن تركت لمحاميها ما يدين زوجها ويبعده عن ابنهما جيمس وابنتهما فيليبا.
    وما يميز أيضاً أعمال المخرج «كريستوفر نولان» أنه يشارك في كتابتها وهذا ما يمنحها نفساً إخراجياً مختلفاً ويجعل منها متعة بصرية وفكرية، بالإضافة إلي شهرته في كافة أفلامه بأنه يظهر لقطة من لقطات النهاية في أول دقائق الفيلم دون أن يشرح معناها للمشاهد مثلما حدث وظهر بطل فيلم «استهلال» فاقداً للوعي على أحد الشواطئ، بخلاف حرفيته على بعثرته سيناريو وأحداث الفيلم بما يضمن حداً وافياً من المتعة الفكرية للمتفرج.
    وقد تجلت هذه البعثرة وبلغت أوجها، من خلال المعلومات المتدفقة والموازية للصورة المعروضة عن عالم الأحلام وعلاقتها بالوقت البشري العادي ورحلة الفيلم المحسوبة في الواقع والأحلام بالثانية والدقيقة، ونقل شطحات الأحلام من انقلاب البيوت والشوارع والسيارات ووقوفها بشكل رأسي ثم انقلابها لتكون أعلى المشهد الرئيسي، هذا بخلاف السباحة بدون جاذبية في المباني والمصاعد وظهور رفض الشخص نفسه لما يحدث من خلال (شخصيات تدافع وقطارات تقتحم ومطاردات تتم)، تماماً مثل كرات الدم البيضاء التي تستنفر لمهاجمة أي فيروس يدخل جسم الإنسان.
    وما يثبته «نولان» في هذا الفيلم، أن للسينما سحراً يفوق سحر أي من الفنون الأخرى التي عرفتها البشرية، وهو يمارس هذا السحر على مشاهديه باقتدار عارضاً مشاهد ليست غريبة على الأحلام بتفاصيلها وألوانها ومفردات شطحاتها، دافعاً المتفرج إلي محاولة ذهنية مجهدة وممتعة لفك ارتباطات السيناريو المعقدة التي صنعها وحلها بسهوله وإقناع.
    وبالتالي لا عجب أن يتم اعتبار «نولان» من أساتذة الإخراج في السينما الأميركية حيث تدور أعماله دون استثناء حول ضبابية الحياة بشخصيات محايدة وأحلام غامضة تأخذ حيزاً في حبكات أفلامه، ومنها عمله الأول «شورت» الذي أنجزه وهو لم يتم بعد العشرين من عمره، وتبعه سلسلة من الأفلام الناجحة بدأت سنة 1998 بـ«متابعة»، وتلتها أعمال «ميمينتو» عام 2000، و «أرق» «إنسومنيا» عام 2002 ثم «بداية باتمان» عام 2005 ومروراً إلى «فارس الظلام» عام 2008.
    جاء الأداء التمثيلي الذي ظهر به أبطال الفيلم يليق بحجم أسمائهم الكبيرة، ماريون كوتيار وإلين بيج وجوزيف غوردون ليفيت ومايكل كاين، أما بطل الفيلم ليوناردو دي كابريو فهو واحد من أهم نجوم السينما الأميركية وهو من مواليد 1974، حقق شهرة مدوية بفيلمه «تايتانيك» مع جيمس كاميرون ومن أفلامه المهمة (الماس الدموي، الطيار، روميو وجولييت، أمسكني إن تمكنت من ذلك، جسد من الأكاذيب)، وهاهو يضيف من خلال فيلم «استهلال» دوراً يزيد من تألقه ويزين رحلة أعماله الممتعة.
    وللمرة الأولى أجمع النقاد الذين شاهدوا هذا الفيلم، على تميزه وتفرده، فقد وصفه ناقد مجلة (الاي جي أن) بالكمال من مخرج يثبت في كل عمل خصوصية السينما التي يحققها، ووصفته أيضاً مجلة بوكس أوفيس بأنه «مغامرة عقلية فائقة الإمتاع ومحيرة للغاية»، أما الناقد السينمائي جاستن شانج كتب في مجلة فارايتي السينمائية: «إذا كانت الأفلام التي نشاهدها كالأحلام .. فكريستوفر نولان أحد أكثر الحالمين خيالاً في هوليوود».

    http://cinematographwebsite.com/

    #فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك
يعمل...
X