اليمن، حيث الزواج المبكر يكاد أن يكون القاعدة
عبدالرحمن شكري
الخميس 25 أغسطس 201605:21 م
تزداد سنوياً نسبة زواج القاصرات في اليمن، خصوصاً بعد عام 2009. وتظهر دراسة لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج للطفولة، أن ما لا يقل عن 60% من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمرهن، في حين تتزوج أخريات بنسبة تراوح ما بين 30% و 40% قبل بلوغهن 15 عاماً.
تختلف أماكن تركز تزويج القاصرات، وتتفاوت النسب من منطقة إلى أخرى. فهذا التزويج منتشر بشكل أكبر في الريف، الذي ينتمي إليه نحو 70% من إجمالي سكان اليمن، البالغ نحو 24 مليون نسمة، غالبيتهم إناث، بحسب منظمة سياج. وأوردت دراسة ميدانية أعدها مركز دراسات المرأة والتنمية في جامعة صنعاء أن 52% من الإناث تزوجن قبل سن الـ15. وأظهر المسح القاعدي لعام 2000 أن 24.6% من النساء الريفيات في اليمن تزوجن بين سن الـ10 والـ14 عاماً.
المحامي محمد ناجي علاو رئيس منظمة هود للحقوق والحريات في اليمن، قال لرصيف22 إنه "كان هناك قانون يحدد سن زواج الفتيات في اليمن بـ15 عاماً، صدر في السبيعينات، ثم جرى تعديله عام 2000 ليبقى عمر الزواج مطلقاً، إلا أن القانون نصّ على عقوبات بالسجن بين شهرين وسنة، وغرامة تصل إلى 400 ألف ريـال يمني (1860 دولاراً)، لأي شخص غير مختص يحرر عقد زواج، وهو على معرفة بأن أحد الطرفين دون سن الـ18". وأشار علاو إلى أن "مخرجات الحوار الوطني حددت سن الزواج بـ18 عاماً". معاذ الصوفي الناشط في المجتمع المدني، قال إن "هناك عدداً من رجال الدين، من يرى أن تحديد سن للزواج لم يرد في الشريعة الإسلامية، ومن هذا المنطلق لايريدون تحديده، بحجة أنه فكر دخيل مصدره الغرب".
الطفلة آمنة الريمي، ذات الـ11 عاماً، هي ضحية 20 ألف ريال يمني (نحو 90 دولاراً)، اقترضتها أسرتها من أحد الأشخاص عام 2011، فاستغل الدائن فقر الأسرة واستعجلهم التسديد. وحين لم يتمكنوا، تزوج الطفلة آمنة بالقوة، وظل يضربها بمساعدة أسرته، وأجبروها على التسول رغماً عنها، وهذا ما دفعها للفرار إلى أسرتها طالبةً الطلاق. إلا أن الزوج رفض، وضربها وأسرتها وأعادها إلى منزله رغماً عنها، غير أنها فرت هاربة إلى منزل أسرتها مرة أخرى.
تعيش آمنة اليوم في منزل أسرتها الصغير الذي يشبه القبر، وما زالت تتمنى الموت للتخلص من العذاب الذي تعيشه، وهي تنتظر قرار المحكمة في قضية طلاقها.
حظي ملف زواج القاصرات في اليمن باهتمام عالمي بسبب قصة نجود الأهدل، البالغة من العمر 16 عاماً، والتي أجبرت على الزواج من رجل يكبرها بحوالى 20 عاماً وهي في سن العاشرة، قبل أن تصبح أصغر مطلقة في العالم. قالت عن يوم زواجها: "بعد عودتي من المدرسة جردني أبي من حقيبة الكتب وأعطاني ملابس جديدة والكثير من الهدايا والألعاب، ومنعني من الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي. وفي يوم عرسي ألبسني ملابس بيضاء وأعدوا حقائبي وذهبوا بي إلى مسقط رأسي في محافظة حجة شمال اليمن بحجة زيارة الأقارب. ثم تركوني في بيت جديد لا أعرفه". وتضيف: "عندما كنت منشغلة باللعب أتى رجل كبير وحاول اغتصابي بالقوة، فبدأت بالصراخ، ثم استدعى أمه وأخته، اللتين صارحتاني أن ذاك الرجل زوجي، لكنني لم أفهم فأمسكتا بي، وجعلتا الرجل يغتصبني حتى أغمي علي".
لم تعلم نجود ما حدث لها إلا حين استيقظت صباح اليوم التالي في المستشفى. كان جسدها مضرجاً بالدماء، ثم نقلت إلى مستشفى في صنعاء، حيث التقت المحامية شذى ناصر، التي ساعدتها للتخلص من هذا الزواج، عبر رحلة طلاق.
تعاني نجود من آثار نفسية لما حدث لها، وتقول: "غالباً ما تراودني كوابيس في المنام عن زواجي، وتنتابني قشعريرة عندما أتذكر ما حدث لي أو أتحدث عنه، ويطاردني الرعب والخوف طوال يومي". وقد روت الصحافية الفرنسية ديلفين مينوي قصتها في كتاب ترجم إلى أكثر من 16 لغة تحت عنوان “أنا نجود، أبلغ العاشرة ومطلقة”، وقد حوّل الكتاب إلى فيلم سينمائي بإخراج خديجة السالمي.
تعليق